صلاحيات مجلس الأمن أمام المحكمة الجنائية الدولية.
بقلم الكاتب : عمر توفيق حبيب
إن فكرة إنشاء هيئة جنائية دولية ليست فكرة جديدة، فهي تمتد إلى فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية، حيث جرى إنشاء محكمتين دوليتين مؤقتتين هما : محكمة نورمبرغ لمحاكمة ومعاقبة مجرمي الحرب من دول المحور، ومحكمة طوكيو لمحاكمة ومعاقبة مجرمي الحرب من اليابانيين، و قد اجتهد المجتمع الدولي بعد ذلك كثيرا من أجل إنشاء محكمة جنائية دولية دائمة، و يبدو أن هذه الفكرة قد ترسخت وتوطدت بعد إنشاء مجلس الامن التابع للأمم المتحدة محاكم جنائية خاصة او مؤقتة لمحاكمة و معاقبة عدد من مرتكبي الجرائم الدولية، و قد ساهمت هذه المحاكم المؤقتة بتطوير مفاهيم عديدة في مجال القانون الدولي الجنائي، و قد نتج عن ذلك انه في عام 1998 و خلال مؤتمر الأمم المتحدة الدبلوماسي للمفوضين المعني بإنشاء محكمة جنائية دولية – المنعقد في روما – النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية و الذي دخل حيز النفاذ في الاول من تموز عام 2002، وتنقسم المحاكم الدولية المتاح التقاضي أمامها لكافة الدول إلى محاكم ذات اختصاص عام مثل محكمة العدل الدولية، و إلى محاكم دولية متخصصة ينحصر اختصاصها النوعي بحقل معين من الحقول و مثالها، المحكمة الجنائية الدولية[1]، ولكن يخرج عن ذلك النطاق ما أعطي لمجلس الأمن من صلاحيات أمام هذه المحكمة، فالأخير تربطه علاقة بالمحكمة ، هذه العلاقة تعتبر بمثابة تطبيق لسلطة مجلس الأمن كما هي محددة في ميثاق الامم المتحدة و بخاصة الفصل السابع منه، والذي يعطي للمجلس سلطة فيما يتعلق بالأمور التي تنطوي على ما يهدد السلم و الامن الدوليين بحجة الحفاظ عليه، و نتيجة لذلك فإن لمجلس الامن الحق في أن يحيل حالة للمحكمة الجنائية الدولية لتباشر التحقيق و إقامة الادعاء النهائي فيها، كما و أنه يجوز لمجلس الأمن أن يطلب وقف إجراءات التحقيق أو التقاضي أمام المحكمة الجنائية الدولية، وبما أن ميثاق روما يقر لمجلس الامن بتلك الصلاحيات المنصوص عليها في الميثاق، فإنه يحق لمجلس الأمن إصدار قرارات ملزمة لكل الدول الأعضاء في الأمم المتحدة " الإحالة "، وكذلك له حق في إرجاء التحقيق أو المقاضاة في حالة معينة معروضة أمام المحكمة و بمعنى أخر له أن يوقف التحقيق أو المقاضاة بناء على تلك الصلاحيات .
من الواضح أن هذه السلطة الممنوحة لمجلس الأمن تشكل قيداً يُكَبِّل يَد المحكمة من الاستمرار بممارسة اختصاصها في نظر أَيَّةِ دعوى ، فنرى هنا أن هناك تدخل لجهاز سياسي في بنيان قضائي مما يفرز مجموعة من الآثار التي لا بد من الوقوف عليها.
-------------------------------------
[1], محمد خليل الموسى" الوظيفة القضائية للمنظمات الدولية: الهيئات المعنية بتسوية نزاعات حقوق الإنسان والبيئة و التجارة الدولية ",الطبعة الأولى, عمان, دار وائل للنشروالتوزيع,2003, ص.13ص59.
بقلم الكاتب : عمر توفيق حبيب
إن فكرة إنشاء هيئة جنائية دولية ليست فكرة جديدة، فهي تمتد إلى فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية، حيث جرى إنشاء محكمتين دوليتين مؤقتتين هما : محكمة نورمبرغ لمحاكمة ومعاقبة مجرمي الحرب من دول المحور، ومحكمة طوكيو لمحاكمة ومعاقبة مجرمي الحرب من اليابانيين، و قد اجتهد المجتمع الدولي بعد ذلك كثيرا من أجل إنشاء محكمة جنائية دولية دائمة، و يبدو أن هذه الفكرة قد ترسخت وتوطدت بعد إنشاء مجلس الامن التابع للأمم المتحدة محاكم جنائية خاصة او مؤقتة لمحاكمة و معاقبة عدد من مرتكبي الجرائم الدولية، و قد ساهمت هذه المحاكم المؤقتة بتطوير مفاهيم عديدة في مجال القانون الدولي الجنائي، و قد نتج عن ذلك انه في عام 1998 و خلال مؤتمر الأمم المتحدة الدبلوماسي للمفوضين المعني بإنشاء محكمة جنائية دولية – المنعقد في روما – النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية و الذي دخل حيز النفاذ في الاول من تموز عام 2002، وتنقسم المحاكم الدولية المتاح التقاضي أمامها لكافة الدول إلى محاكم ذات اختصاص عام مثل محكمة العدل الدولية، و إلى محاكم دولية متخصصة ينحصر اختصاصها النوعي بحقل معين من الحقول و مثالها، المحكمة الجنائية الدولية[1]، ولكن يخرج عن ذلك النطاق ما أعطي لمجلس الأمن من صلاحيات أمام هذه المحكمة، فالأخير تربطه علاقة بالمحكمة ، هذه العلاقة تعتبر بمثابة تطبيق لسلطة مجلس الأمن كما هي محددة في ميثاق الامم المتحدة و بخاصة الفصل السابع منه، والذي يعطي للمجلس سلطة فيما يتعلق بالأمور التي تنطوي على ما يهدد السلم و الامن الدوليين بحجة الحفاظ عليه، و نتيجة لذلك فإن لمجلس الامن الحق في أن يحيل حالة للمحكمة الجنائية الدولية لتباشر التحقيق و إقامة الادعاء النهائي فيها، كما و أنه يجوز لمجلس الأمن أن يطلب وقف إجراءات التحقيق أو التقاضي أمام المحكمة الجنائية الدولية، وبما أن ميثاق روما يقر لمجلس الامن بتلك الصلاحيات المنصوص عليها في الميثاق، فإنه يحق لمجلس الأمن إصدار قرارات ملزمة لكل الدول الأعضاء في الأمم المتحدة " الإحالة "، وكذلك له حق في إرجاء التحقيق أو المقاضاة في حالة معينة معروضة أمام المحكمة و بمعنى أخر له أن يوقف التحقيق أو المقاضاة بناء على تلك الصلاحيات .
من الواضح أن هذه السلطة الممنوحة لمجلس الأمن تشكل قيداً يُكَبِّل يَد المحكمة من الاستمرار بممارسة اختصاصها في نظر أَيَّةِ دعوى ، فنرى هنا أن هناك تدخل لجهاز سياسي في بنيان قضائي مما يفرز مجموعة من الآثار التي لا بد من الوقوف عليها.
-------------------------------------
[1], محمد خليل الموسى" الوظيفة القضائية للمنظمات الدولية: الهيئات المعنية بتسوية نزاعات حقوق الإنسان والبيئة و التجارة الدولية ",الطبعة الأولى, عمان, دار وائل للنشروالتوزيع,2003, ص.13ص59.