الأخبار
قطر تُعيد تقييم دورها كوسيط في محادثات وقف إطلاق النار بغزة.. لهذا السببالمتطرف بن غفير يدعو لإعدام الأسرى الفلسطينيين لحل أزمة اكتظاظ السجوننتنياهو: هدفنا القضاء على حماس والتأكد أن غزة لن تشكل خطراً على إسرائيلالصفدي: نتنياهو يحاول صرف الأنظار عن غزة بتصعيد الأوضاع مع إيرانمؤسسة أممية: إسرائيل تواصل فرض قيود غير قانونية على دخول المساعدات الإنسانية لغزةوزير الخارجية السعودي: هناك كيل بمكياليين بمأساة غزةتعرف على أفضل خدمات موقع حلم العربغالانت: إسرائيل ليس أمامها خيار سوى الرد على الهجوم الإيراني غير المسبوقلماذا أخرت إسرائيل إجراءات العملية العسكرية في رفح؟شاهد: الاحتلال يمنع عودة النازحين إلى شمال غزة ويطلق النار على الآلاف بشارع الرشيدجيش الاحتلال يستدعي لواءين احتياطيين للقتال في غزةالكشف عن تفاصيل رد حماس على المقترح الأخير بشأن وقف إطلاق النار وتبادل الأسرىإيران: إذا واصلت إسرائيل عملياتها فستتلقى ردّاً أقوى بعشرات المرّاتإعلام الاحتلال: نتنياهو أرجأ موعداً كان محدداً لاجتياح رفحإصابة مطار عسكري إسرائيلي بالهجوم الصاروخي الإيراني
2024/4/18
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

قراءة نقدية في رواية طوق الياسمين 3 بقلم:د. حسين رحيّم الحربي

تاريخ النشر : 2016-08-28
قراءة نقدية في رواية طوق الياسمين 3 بقلم:د. حسين رحيّم الحربي
قراءة نقدية في رواية ”طوق الياسمين “لواسيني الأعرج. (3)

1. وصف الفضاء المكاني في رواية  "طوق الياسمين".

الدكتور/ حسين رحيّم الحربي

عندما نقول الفضاء المكاني، لانقصد هنا الفضاء الكوني بمجمله وما يحوي من كواكب ومجرات وأجرام وغيرها، ولكن نقصد الفضاء الذي تدور فيه أحداث الرواية بشكل عام، سواء كان هذا الفضاء وَاقِعيِّاً، أو مُتخيلاً.

فالمكان ههنا يشير إلى المَوْضِع الذي تعيش فيه شخوص الرواية وتتفاعل مع بعضها البعض ومع محيطها، وهذا المَوْضِع يشمل مواقع سَكنَها، وعَملها، وتنزُّهاتها وخلواتها، وكل ماتقوم به من نشاطات أو علاقات إنسانية، ويتسع أكثر ليشمل الطبيعة التي تحيط بهذه الشخصيات من أنهار وأشجار وغيرها.

لكن لابد لنا من تعريف محدد نضعه كي نكون على بيِّنة ما المقصود بالمكان في الرواية بشكل عام وفي رواية "طوق الياسمين" بشكل خاص.
تشير الدلالة اللغوية في المعاجم العربية، إلى أن المكان هو: الموضع، وتعني التوسع المكاني، وتطلق على وكنات الطير والمنازل ونحوها. وأيضا تعني الاستقرار والوجود والثبات في مكان ما وجمعها أمكنة وأماكن، وبالتالي، فإن المعنى هنا يتفق مع الدلالة المُبتغاة؛ أي ما نودّ تتبعه ودراسته في رواية "طوق الياسمين"، فنحن لن ندرس المكان من الناحية الفلسفية مثلاً.  فمصطلح المكان مستخدم في الدراسات النقدية والأدبية العربية منذ عقود ليشير إلى: موضع العيش والإقامة، وموضع السفر والهجرة، وهو الحيِّز الذي يحوي الإنسان وأنشطته.

المكان رُكنٌ أساسي في بناء العمل السَردي بشكل عام وفي الرواية والقصّة بشكل خاص، فهناك كثير من الأعمال السرديّة يكون بطلها المكان نفسه.

إن المكان "ليس عنصراً زائداً في الرواية، فهو يتخذ أشكالاً ويتضمن معاني عديدة، بل إنه قد يكون فى بعض الأحيان هو الهدف من وجود العمل كله" ([1]).

قد يدور تساؤلٌ في أذهان بعضنا أحياناً؛ بماذا يمكن أن يفيد أو يسهم رسم المكان في السياق الروائي أو السردي؟

وصف المكان في السياق الروائي له فوائد عدّة نذكر منها الآتي:

1.   إيهام القارئ أو المتلقي بواقعية الأحداث وأنها حقيقية، حيث يصف الكاتب فضاءً أو مكاناً يعرفه القارئ أو سمع عنه حقيقة أو يستطيع أن يتخيل وجوده واقعياً، وهذا يجعل القارئ يتخيل أن مايقع من أحداث ممكناً. على الرغم من أن المكان الذي يشير إليه الكاتب في العمل الأدبي لاينطبق حرفيّاً على المكان الواقعي الذي يعرفه المتلقي، وإن كان أمام عينيه، فالمكان في العمل الأدبي مهما كان واقعياً يختلف عن حَرْفيِّة المكان كما هو. فروايات نجيب محفوظ جلّها تتناول المكان بدقّة، وتصوره بكاميرا محترف، مما يوهم القارئ بأن الأحداث وقعت بالفعل لأنه يعرف المكان جيداً أو سمع عنه، والشخصيات التي تتحرك فيه هي من لحم ودم، ونلمس ذلك بوضوح في ثلاثية نجيب محفوظ؛ (بين القصرين- وقصر الشوق- والسكريّة)، حيث سمّى الأجزاء الثلاثة بأسماء أماكن معروفة. وواقعية المكان أيضاً طرقها حنّا مينة في معظم رواياته، ومنها ثلاثية ﺍﻟﺒﺤﺭ: (حكاية بحّار، الدقل، ﺍﻟﻤﺭﻓﺄ البعيد)، حيث يشكل البحر المكان الأساسي في هذه الثلاثية، وما له من انعكاسات على الشخصيات داخل العمل الروائي، فهو المكون لها فكرياً ونفسيّاً وجسدياً ووجدانيّاً.

2.   وَصْفُ المكان ينبيء عن الشخصيات وطبيعتها، فوجود مكتبة تغصّ بالكتب، وطاولة مُثقلة بالأوراق والأقلام، يَشي بأن من يشغل هذا المكان أستاذ جامعي أو كاتب، أو ممن يهتم بالشأن الثقافي. كذلك وجود الإنسان في خيمة في الصحراء، يعني أنه بدوي يقيم في هذا المكان، إلا إن كان زائراً. ووجود الإنسان في حي شعبي مثلاً، يعطي طابعاً بأن الشخصيّة تختلف عن تلك التي تسكن في أرقى الأحياء. إذاً هناك تأثير للمكان على الإنسان من جهة، وطبعه بطابعه الخاص من جهة أخرى.

3.   يمتلك المكان بعداً دلالياً، فإذا كان المكان ضيقاً أو واسعاً، مغلقاً أو مفتوحاً، قديماً أو حديثاً، ملوثاً بدخان المصانع أو المعامل، أو قمم جبال فيها متنزهات وغيرها، كل ذلك يسهم في إضاءة جوانب الرواية، لأن لكل صفة من صفات المكان انعكاساتها على المستوى النفسي والاجتماعي على تفاعل شخصيات الرواية مع المكان أو مع بعضهم البعض. ففي رواية "طوق الياسمين" عندما يعيش الراوي البطل في حي شعبي قديم "سوق ساروجا"، تقفز إلى ذهن القارئ بأن ساكن هذا المكان على قدر متواضع من الناحية المادية، أو في أحوال نادرة جدّاً من المهتمين بالتراث، والأماكن الشعبية، أما إن كان طالباً في جامعة فبكل تأكيد إن السبب يعود إلى الإمكانات المادية. فلو قال البطل إنه: سكن في حي "أبو رمّانة" أو "المالكي" أو "المهاجرين"، لاستنبط القارئ بأنه ممن يمتلكون الملايين، خصوصاً إذا كان المتلقي ملمّاً بأحياء دمشق أو لديه فكرة مسبقة.

4.   في أحايين كثيرة يكون المكان محدداً لسلوك الشخصيات وردود أفعالها، فسكان الأحياء الشعبية هم أناس بسطاء عادة، ربما تكون ردود أفعالهم سريعة، لكنهم طيبون، يهرعون لمساعدة الآخرين، لأنهم تربوا على ذلك، وكسبوا هذه الصفة من محيطهم، أي المكان ومافيه من بشر. فسكان الأحياء الشعبية تكون الأواصر بينهم قوية متينة عادة، يتفقدون بعضهم البعض، ويعتبرون ذلك واجباً اجتماعياً وأخلاقياً، على عكس سكان الأحياء الراقية مثلاً، فقد يسكن الشخص سنين طوال ولايعرف جاره الذي يسكن البيت المقابل له، أو الذي تحته.

5.   قد يتطوّر دور المكان أحياناً إلى أن يحتلّ دور البطل الرئيس في العمل، بحيث تدور أحداث الرواية لتعكس الأثر الذي يمكن أن يفعله المكان في الشخصيات، وتأثيراته على جوانب الشخصيات المختلفة. 

في المقال القادم سنتناول : أهمية المكان الروائي 
--------------------------------------------------

([1] )   بحراوى، حسن، بنية الشكل الروائى، المركز الثقافى العربى، بيروت، الدار البيضاء، 1990. ص 33

 

 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف