أسرار أبقتها القدس معي
للكاتبة الفلسطينيّة نسب أديب حسين
قراءة: نزهة أبو غوش
في كتابها عن اسرار القدس، دوّنت الكاتبة نسب أديب حسين يوميّاتها في القدس الغربيّة والشّرقية، وبلدة الرّامة الجّليليّة منذ عام 2012 حتّى 2015.
نجد أنّها قد رسمت لنا خارطة واضحة المعالم عن القدس، بحاراتها وأزقّتها، وشوارعها ، ومعالمها الأثريّة والدّينيّة. عن السّوق والعيادة والمقهى والمكتبة وبيوت الاصدقاء...وغيرها.
في يوميّاتها، حرصت نسب على أن تدخل طبيعة السّيّاسة بين كلّ مدينة من المدن الثّلاث : الرّامة/ القدس ؛ا لشّرقيّة والقدس الغربيّة؛ لذا نجدها قد عقدت مقارنة بين الأحداث الّتي كانت تواجهها نحو: معاملة الطّفل هنا ومعاملته هناك. العلاقات بين الأشخاص. توجّه المحتلّ نحو المواطنين في المدينة الغربيّة، وتوجّهه في المدينة الشّرقيّة. توجّه الأجهزة الأمنيّة، التّفرقة العنصريّة الواضحة في كلّ شيء.
لقد رصدت الكاتبة نسب الاحداث من خلال لغة بسيطة غير معقّدة وبتلقائيّة واضحة؛ فبدت النّصوص للوهلة الأولى وكأنها ببساطتها سطحية لا عمق فيها، بينما عندما ننتهي من قراءة الأحداث نجد أن الكاتبة قد ذيّلت نصوصها بعبرة، أو تساؤل، أو فكرة تطرح بها تساؤلات تحتاج لجدل طويل، أو تطرح للقارئ تساؤلًا مبنيًّا على الاستنتاج البديهي؛ لذا فإِنّ نصوص "أسرار أبقتها القدس معي" تحمل في طيّاتها مغزى وعمق .
احتلّت الثّقافة مساحة واضحة في يوميّات الكاتبة: ثقافة العربي في القدس الشّرقيّة، العادات والتّقاليد، المعايير، الأفراح الأتراح، المناسبات المختلفة؛ كذلك ثقافة أبناء الشّعب الدّرزي في بلدة الرّامة – بلد الكاتبة الأصلي- والّتي لا تختلف كثيرًا عن باقي الشّعب العربي؛ وإِنّما أشياء قد فرضت عليهم ، ليس لها أيّ ذنب فيها ، نحو النّص الّذي ذكرت فيه بأنّ هناك من انتقد كونها درزيّة يذهب أبناء طائفتها للخدمة العسكريّة، مع المحتلّ ؛ وهذا الشّيء لا يرضيها أبدًا
ظهرت الجوانب الانسانيّة واضحة في يوميّات الكاتبة من خلال معاملتها وتعاملها مع النّاس سواء كانوا عربًا أو غيرهم ، أنّها بأحد نصوصها راحت تداعب طفلًا بريئًا بعمر سنة تقريبًا تحرّش بها، فأراد أحدهم تذكيرها بأنّ هذا الطّفل اليهوديّ سيصبح جنديًّا في المستقبل سوف يسألك عن الهويّة. فأكّدت له الكاتبة بأنّها لا تستطيع أن تتخلّى عن انسانيّتها. هذا عدا عن المواقف الانسانيّة الكثيرة وتعاطفها مع الانسان في الشّارع والحارة بائع الصّحف، العم دعنة، وبائعة الخضار الّتي راحت تتلقّط منها الكاتبة ابتسامتها رغم كل شيء في المدينة المحتلّة، ربذما أشعرتها تلك الابتسامة بأنّ الدّنيا ما زالت بخير. علاقة الكاتبة بالعيادة، حيث عملها كصيدلانيّة ظهرت بها مدى انسانيّتها، ومدى معاناتها كإِنسانة عربيّة تعمل وسط شعب أرضخ شعبها للاحتلال والاذلال.
من خلال قراءتنا لنصوص نسب، لا نقدر إِلّا أن نتعاطف معها في كثير من المشاعر المؤثّرة، وأحيانًا توصلنا درجة ذرف دمعة ساخنة حين ذكرت والدها طبيب الاسنان ا لّذي فقدته وهي طفلة صغيرة ، فراحت تنبش ذاكرتها حديثًا في خارج البلاد حيث دراسته، أو في مدينة القدس أيضًا. فكانت تلك الذّاكرة حزينة ومؤلمة تؤثّر بمشاعر القارئ.
رغم صغر سنّ الكاتبة نلحظ من خلال قراءتنا لنصوصها بأنها قد حملت هموم الوطن بأسره فوق كاهلها، كرجل قد تجاوز اسنّ لثّمانين من عمره. حملت همّ القضّة، وهمّ القدس المدينة الأسيرة، وهمّ أطفالها وشهدائها، وعمّالها، وموظّفيها، وحواريها ومكان عبادتها. بين كلّ نصّ ونص كانت الكاتبة تذكّرنا ببلدتها الّتي تعتزّ بها كثيرًا وتفتخر بسكّانها وأقاربها ، نحو الشّاعر المرحوم سميح القاسم. بهذه الطّريقة نجد بأن الكاتبة قد صنعت عناقًا جغرافيًّا ومعنويًّا ما بين المدينتين رغم بعد المسافات.
للكاتبة الفلسطينيّة نسب أديب حسين
قراءة: نزهة أبو غوش
في كتابها عن اسرار القدس، دوّنت الكاتبة نسب أديب حسين يوميّاتها في القدس الغربيّة والشّرقية، وبلدة الرّامة الجّليليّة منذ عام 2012 حتّى 2015.
نجد أنّها قد رسمت لنا خارطة واضحة المعالم عن القدس، بحاراتها وأزقّتها، وشوارعها ، ومعالمها الأثريّة والدّينيّة. عن السّوق والعيادة والمقهى والمكتبة وبيوت الاصدقاء...وغيرها.
في يوميّاتها، حرصت نسب على أن تدخل طبيعة السّيّاسة بين كلّ مدينة من المدن الثّلاث : الرّامة/ القدس ؛ا لشّرقيّة والقدس الغربيّة؛ لذا نجدها قد عقدت مقارنة بين الأحداث الّتي كانت تواجهها نحو: معاملة الطّفل هنا ومعاملته هناك. العلاقات بين الأشخاص. توجّه المحتلّ نحو المواطنين في المدينة الغربيّة، وتوجّهه في المدينة الشّرقيّة. توجّه الأجهزة الأمنيّة، التّفرقة العنصريّة الواضحة في كلّ شيء.
لقد رصدت الكاتبة نسب الاحداث من خلال لغة بسيطة غير معقّدة وبتلقائيّة واضحة؛ فبدت النّصوص للوهلة الأولى وكأنها ببساطتها سطحية لا عمق فيها، بينما عندما ننتهي من قراءة الأحداث نجد أن الكاتبة قد ذيّلت نصوصها بعبرة، أو تساؤل، أو فكرة تطرح بها تساؤلات تحتاج لجدل طويل، أو تطرح للقارئ تساؤلًا مبنيًّا على الاستنتاج البديهي؛ لذا فإِنّ نصوص "أسرار أبقتها القدس معي" تحمل في طيّاتها مغزى وعمق .
احتلّت الثّقافة مساحة واضحة في يوميّات الكاتبة: ثقافة العربي في القدس الشّرقيّة، العادات والتّقاليد، المعايير، الأفراح الأتراح، المناسبات المختلفة؛ كذلك ثقافة أبناء الشّعب الدّرزي في بلدة الرّامة – بلد الكاتبة الأصلي- والّتي لا تختلف كثيرًا عن باقي الشّعب العربي؛ وإِنّما أشياء قد فرضت عليهم ، ليس لها أيّ ذنب فيها ، نحو النّص الّذي ذكرت فيه بأنّ هناك من انتقد كونها درزيّة يذهب أبناء طائفتها للخدمة العسكريّة، مع المحتلّ ؛ وهذا الشّيء لا يرضيها أبدًا
ظهرت الجوانب الانسانيّة واضحة في يوميّات الكاتبة من خلال معاملتها وتعاملها مع النّاس سواء كانوا عربًا أو غيرهم ، أنّها بأحد نصوصها راحت تداعب طفلًا بريئًا بعمر سنة تقريبًا تحرّش بها، فأراد أحدهم تذكيرها بأنّ هذا الطّفل اليهوديّ سيصبح جنديًّا في المستقبل سوف يسألك عن الهويّة. فأكّدت له الكاتبة بأنّها لا تستطيع أن تتخلّى عن انسانيّتها. هذا عدا عن المواقف الانسانيّة الكثيرة وتعاطفها مع الانسان في الشّارع والحارة بائع الصّحف، العم دعنة، وبائعة الخضار الّتي راحت تتلقّط منها الكاتبة ابتسامتها رغم كل شيء في المدينة المحتلّة، ربذما أشعرتها تلك الابتسامة بأنّ الدّنيا ما زالت بخير. علاقة الكاتبة بالعيادة، حيث عملها كصيدلانيّة ظهرت بها مدى انسانيّتها، ومدى معاناتها كإِنسانة عربيّة تعمل وسط شعب أرضخ شعبها للاحتلال والاذلال.
من خلال قراءتنا لنصوص نسب، لا نقدر إِلّا أن نتعاطف معها في كثير من المشاعر المؤثّرة، وأحيانًا توصلنا درجة ذرف دمعة ساخنة حين ذكرت والدها طبيب الاسنان ا لّذي فقدته وهي طفلة صغيرة ، فراحت تنبش ذاكرتها حديثًا في خارج البلاد حيث دراسته، أو في مدينة القدس أيضًا. فكانت تلك الذّاكرة حزينة ومؤلمة تؤثّر بمشاعر القارئ.
رغم صغر سنّ الكاتبة نلحظ من خلال قراءتنا لنصوصها بأنها قد حملت هموم الوطن بأسره فوق كاهلها، كرجل قد تجاوز اسنّ لثّمانين من عمره. حملت همّ القضّة، وهمّ القدس المدينة الأسيرة، وهمّ أطفالها وشهدائها، وعمّالها، وموظّفيها، وحواريها ومكان عبادتها. بين كلّ نصّ ونص كانت الكاتبة تذكّرنا ببلدتها الّتي تعتزّ بها كثيرًا وتفتخر بسكّانها وأقاربها ، نحو الشّاعر المرحوم سميح القاسم. بهذه الطّريقة نجد بأن الكاتبة قد صنعت عناقًا جغرافيًّا ومعنويًّا ما بين المدينتين رغم بعد المسافات.