الأخبار
إعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيين
2024/4/26
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

يوميات الحصار-الحلقة السادسة بقلم: د.حنان عواد

تاريخ النشر : 2016-08-27
يوميات الحصار-الحلقة السادسة  بقلم: د.حنان عواد
يوميات الحصار في البدء أنت فلسطين

الحلقة السادسة.

"إن انتصار الشعب الفلسطيني قريب،بل وقريب جدا،وأن أبا عمار

سيظل دائما رمز الوجود والكبرياء الوطني".(رئيس جمهورية مالي عمر كوناري).

"إن مقاومة الحصار تتجلى في الكتابة عن رمز فلسطين أبو عمار-

فالكلمة هي الأقوى وهي الأبقى".(مكرم محمد أحمد-رئيس تحرير مجلة المصور).

وتمر الأيام ونحن نترقب،ويأتي التاسع من أبريل والعاشر منه،ونحن نستقبل البرقيات التضامنية للرئيس،وهي تحمل روح التضامن والمساندة..أقلب صفحات البرقيات وأقرأ ما بين السطور..فتستوقفني كلمات تعزز صمودنا،ولفتت نظري برقية رقيقة موجهه من المطران اللبناني جورج خضر بعنوان"يا أبا عمار،متى تمتطي يا أخي الفرس البيضاء لتسكن إلى القدس"..

تجذبني هذه البرقية كما جذبتني برقيات عديدة وأضافت إلى روحي طمأنينة،أقتبس منها"ابق معنا على شجاعتك المذهلة،نصبح أصفياء..الحق اليوم هو فلسطين."

وتستوقفني أمسيات التضامن وبرقيات التضامن من مصر،اتحاد الفنانين المصريين،اتحاد الكتاب،الشعراء،وتستوقفني صرخات الطلاب في مصر والأردن،

في البحرين،في اليمن،في لبنان وفي الخليج،وفي أي مكان ينطق اللغة العربية، وعواصم أخرى تغلي.يتطور النداء في مواقع كثيرة،وتلتف الكوفية على الأعناق الشامخة المقاومة.

يمنعون عنك الهواء فتبقى تتنفس الكبرياء..

يمنعون عنك الماء،فتتيمم ويزداد الطهر فيك..

ويمنعونك من إطلالة الميلاد،

فتسبقك كوفيتك مطلة بأنوارها هناك...

يتجمع الشعراء مطلقين إيقاع صرخاتهم،

ويجتمع المثقفون في لبنان وفي كل مكان،وينطلق صوت التأييد من مالطا أيضا..

مظاهرة حاشدة من مكتب رئيس الجمهورية المالطي الدكتور جويدو ديماركي،

حيث يخاطب المتظاهرين مقدما دعمه وتأييده للرئيس والشعب الفلسطيني بصموده الأسطوري،وينادي المجتمع الدولي بحماية هذا الرمز المناضل الصامد،

ويدعو إلى التطبيق الفوري لقرارات الشرعية الدولية،ويسير في المظاهرة الحاشدة الآف من المالطيين بمشاركة وزراء الخارجية والعدل والبرلمانيين،وكذلك في بريطانيا وهولندا واسبانيا وغيرها من بقاع العالم.

وتتابع أيها الرجل وأنت في المقصورة الخافتة الأضواء ما يجري في جنين،وما يجري في السموع،وكنيسة المهد..وتظل على الخطوط المتقطعة متابعا المجازر ضد الشعب الفلسطيني في مخيم جنين ونابلس.

وتأتيك أرقام الإجرام والقتل الجماعي وصرخات الاستغاثة،فتصمت قليلا..قليلا..

ثم تتحصن في استجماع الموقف وما يمكن عمله،وكيف يمكن تأمين الحماية لأبنائك في كل المواقع..وتعاد الصرخات ثانية وثالثة،واصرارهم على استحضار النصر من أنياب الصعب..

وأنت في اشتعال الحزن وقرارات الموقف،تصلك برقية تضامن من رئيس الاشتراكية الدولية،وبرقيات التضامن من دولة الإمارات العربية"لا تقلق سنبني كل حجر دمره الاحتلال."ويظل الحلم يسير مع بارقة أمل تجسد موقفا على أرض الواقع.تتجمع القوى الأربع في مدريد تطالب بالانسحاب الفوري لإسرائيل،وتختصر الأشياء،ويأتينا قرار الرئيس صدام حسين بوقف ضخ النفط لمدة شهر تضامنا معكم ومع الشعب الفلسطيني،فتضيء قسمات وجهك!

أيها المنسوج إصراره بينابيع الوفاء.

يأتي صوت وزير الحرب الإسرائيلي يتهدد،وشارون يتوعد،والشعب الصامد المحاصر يواصل نضاله..وصوتك يخترق كل الأصوات الشائكة..

يقترب الزمان من ساحة الحزم،ويقترب حضور وزير الخارجية الأمريكي كولن باول وسط قساوة وضراوة المعركة.تهتز أبواب الحصار قليلا ليعبر إليك عدد من رجالاتك يضمونك إليهم،ويأتي وجهك القريب دائما إلى قلوبنا،المرتحل إلى أرواحنا،تبدو عليه ملامح الإعياء...

العين تقلب الأوراق والقرارات الصعبة دون هوادة،وترسم على الوجه ملامح الصمود الأسطوري..الشعيرات البيضاء تطوف على وجهك في رسم للموقف..

الصمت الحائل دونك يتفجر،التجربة النضالية في مقارعة الاحتلال واجب وطني

وفرض عين لكل من حمل الدم الفلسطيني وآمن بفلسطين.

المعركة النضالية تقتضي على المناضل الكاتب أو المفكر الكتابة من المعركة،والكتابة لا تتحدد بمكان المعركة فقط،بل يمكن سماع رنينها في كل المواقع،لأن المعركة شمولية تستدعي وقفة جميع الأطراف وجميع الاتجاهات تحت المظلة الشرعية الفلسطينية.

تنادي" بسلام الشجعان"وطريق الممكن الذي اقتلعناه من درب المطلق،وأنت تعي

المتطلب الشمولي للثورة الفلسطينية وللشعب الفلسطيني.

لا أحد يستطيع أن يزايد عليك أيها الرجل الذي لم يتوقف نبض فلسطين في داخله،

ولم يتجاوز لموقف شخصي أو لحياة ترفيهية..

أيها الفارس الذي حول الليل إلى نهار دائم في تاريخ النضال الوطني..

والذي أبرق من نور عينيه ومن روحه تلك الصورة النضالية المعمقة..

رجل الرجال في المعارك الفاصلة،وفي المواقف الصعبة.

تقترب الأنوار منك قليلا،وتتلقى نبأ زيارة وزير الخارجية المصري أحمد ماهر

للتضامن معكم، ولاطلاعكم على تفاصيل خطوات المشروع القادم،وتشعر بحنين القربى واستراتيجية المعركة.

يجتمع الطاقم بك وحولك،يعبرون اليك، إلى مقصورتك التي ألفوا دخولها،

ويركضون اليك في عناق أبوي..يتم مناقشة الوضع القائم،وتصدر القرارات وتعلن على الملأ،ثم يؤكد حضور وزير الخارجية إلى المقر،ويبدأ التحرك السريع،وتحول شيئا من شذرات الحزن إلى طلائع فرح..

تحركت خطواتي بسرعة غي عادية،خلتني فراشة محلقة،يسبقني قلبي ولهفتي للقاء،وأنا في حركة الصعود كأنني نسيت كل الحواجز القائمة وألغام الأحلام المزروعة في كل موقع،وكلما قطعت مسافة صغيرة، أخذت نبضات الفرح بالتناقص،ووعي اللحظة المريرة أخذ يقترب..تصورت الطريق مفتوحة،وانني بسرعة أقف عند مدخل مقر الرئيس..أسرعت كثيرا،فاستوقفني الحاجز الأول

والثاني والثالث..وعشرات من أبناء الشعب المقهورين ينزلون من السيارات

ويعبرون مشاه،ويعبر الزمن معي ومعهم ببطء شديد.

وأظل أقفز الحواجز لأصل عبر الحدود القريبة من مقر الرئاسة،أوقفت سيارتي

وإذا بإحدى الدوريات الإسرائيلية تتحرك،وبجانبها دبابة بل دبابات..وفي لحظات عبور أحمد ماهر كانت لي فرصة المحاولة وحاولت،فإذا بالجندي يومىء إلي بطرف البندقية مشيرا أن علي أن أعود فورا قبل أن يطلق النار...وظللت من بعيد أرقب اللقاء...

يصل وزير الخارجية اليك،وتبدأ خطواتك التي اعتدتها باستقبال رجالات الدول،

وإيقاع التحرك لديك يتجاوز صعوبة الموقف..يعبر الضيف على قدميه مدخل المقر،ويستقبله عدد من طواقم المكتب.

ويجلس الضيف قربك،ويقدم لك هدية محملة بعبير الإطلالات الروحية التي تعيش معك في خلوتك حينما تخلو إلى الذات في الأيام العادية،وأيام رمضان المبارك..

والآن وأنت تتوجه إلى الله في الحصار..تقرأ آيات من المصحف الشريف المهدى إليك-حماية ربانية لك.

تنظر إلى كلام الله فتطوف حول عينيك تباشير الرضا ويشع النور..

تعانق الضيف، وتعود ثانية لمراقبة ما يجري من مقاومة بطولية لجنين القسام،

الشيخ الجليل الذي أشعل بذور الثورة في البدء..وتقسم أن جنائن جنين ستبقى

 منبرا للثائرين..وخلف كل صخرة في جبال النار،وفي كل مخيم،يبقى أبناؤك يشكلون أكاليل غار الانتصار.

وعندما تعبر المخيم لتلتحم مع المقاتلين،تشتد عيناك حدة كلما اشتدت ضراوة المعركة،وترتسم ملامح الحزن على وجنتيك، وأنت تعانق طفلا يبحث عن أبيه بين الأنقاض..

وأراك على كتفيك أطفال، وبين يديك أطفال،وعلى ركبتيك أطفال يعانقونك ويتحسسون آباءهم المفقودين،ويداعبون شعيرات الوجه البيضاء التي كثفها الحصار.

وفي ساعات إطلالة الفجر ولحظة عبور الآلام ساعة الميلاد،ترى أبناءك في بيت لحم في لحظات المخاض العسيرة ينقشون اسمك وملامحك في كل كنيسة وجامع هناك.

نم قرير العين أبا عمار في مهدك،فلست إلا سجين الجسد،فروحك تحلق حرة طليقة

فوق أرواح شهدائنا الأبرار في كل مكان،وفوق أرواح مقاتلينا في الجبال والوديان

في ساحات المهد..

وفوق مساجد وكنائس القدس لتلتحم مع جميع الأحرار في كل بقعة أضاءتها قناديل الكبرياء.

وتمضي الأيام في مرارات مواكب الصعب، وعجلات الزمان المتباطئة العبور، وعبق الوجود الحتمي يضفي دلالاته في المقر .

وفي المقصورة العبقة باضاءات قناديل الكبرياء والتحدي، تنتظر وننتظر حولك زيارة وزير الخارجية- كولن باول – كان عليه أن يحضر قبل ذلك ليوقف شلالات الدم التي قامت بها يد شارون وحكومته ... ولكنه جاء ليطبق السيناريو الأمريكي الإسرائيلي ، بدقة قرر تأجيل زيارته ليعطي لحكومة شارون الفرصة لاستكمال مسلسلها الدموي لتصفية أبطال المقاومة ، وممارسة الضغط على السيد الرئيس وعلى السلطة الوطنية .

وما بين الثاني عشر من ابريل واليوم الرابع عشر زفت إلى الثرى القدسي من فلسطين إحدى عرائس مروجة محملة بالوصية . . . . وفي رحلة الالتحام مع الأرض وجذر الزيتون تتأجج المواقف، وتعبر ساعات الصمت في أنفاقها المعتمة، وتطوف الروح في أنفاق الخلود ، وتأكدت أنباء الطواف . . . فشرد ذهني بعيدا أحاول إن اقرأ دلالات ومواقف الدول عندما شاهدت صور رحلة الخلود . . . واستحضرت في الذهن رؤيا الرئيس. . . .وتوقعت حجم الضغوط التي ستنهال عليه.

وهنالك في المقصورة يجلس الرئيس صامتا ، وتدور في ذهنه كل السيناريوهات المتوقعة.

لم يكن مفاجئا للرئيس ولا للشعب الفلسطيني تأجيل زيارة وزير الخارجية ليوم واحد، ولم يكن مفاجئا للشعب الفلسطيني إن يقوم وزير الخارجية يذرف الدموع على ستة قتلى اسرائيلين، بينما المئات من الشهداء الفلسطينيين في جنين ونابلس لا يزالون تحت الأنقاض ، وصرخات الاستغاثة تعلو من كل المواقع . .

ويظلل الصبر الوجه الفلسطيني المحاصر الصابر ، وتحدد المطالب الأمريكية شروطها التعجيزية التي تفرضها على الشعب الفلسطيني ، وتتسارع الطلبات في ساعات الصفر . . والجميع يترقب . . ويطل الرئيس على الموقف الشائك بروح الحكمة والدراية المعمقة والفهم الواعي لخطورة المعركة التي يواجهها الشعب الفلسطيني ، والتي تستهدف وجوده ، ببيان هام يحمل فيه التصور السياسي للمرحلة ، يدين فيه إرهاب الدولة المنظم ضد الشعب الفلسطيني من قبل إسرائيل، ويؤكد على خيار السلام وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة ، والمطالبة بالبدء الفوري بتنفيذ القرارات الدولية والاتفاقات والتفاهمات، كما يدعو المجتمع الدولي، مجلس الأمن ، وكوفي عنان للاطلاع على المجازر التي ارتكبتها إسرائيل في مدينة نابلس ومخيم جنين وكنيسة المهد وغيرها من المناطق . .

وتتأكد زيارة كولن باول . . كنا نترقب باهتمام، وكان الشعب الفلسطيني بمختلف قطاعاته يترقب هذا اللقاء.رغم عدم تفاؤل الكثيرين من هذا اللقاء . . وفي المجتمعات واللقاءات يتساءل المجتمعون،ما الذي يحمله باول؟ هل حقا يحمل رؤيا قد تكون موضوعية، أم مزيدا من الضغوط على القيادة الفلسطينية؟

ولا أغالي إذا قلت أن الشعب الفلسطيني لم يوقف ترقبه وهو في ظل الحصار، ولم يكف عن التحليلات الهامة التي أطلقها ، والتوقعات التي تصورها . حاول الكثيرون أن يقللوا من أهمية الزيارة ، ولكنني شخصيا كنت أرى معنى وأهمية أن يلتقي الرئيس، وقيمة الاعتبارات السياسية التي قد تضع بعض الخطوات العملية القابلة للتنفيذ على أرض الواقع ، رغم جميع الصعوبات والمعوقات التي تضعها إسرائيل.

وفي اليوم التالي تدب حركة سريعة واستعدادات للقاء الرئيس .

وتبدأ سيارات باول العديدة تعبر طريقها من القدس الى رام الله-عبر طرق التفافية..

ويبدأ الاجتماع وتلتهب حرارة الموقف ، وتأخذ الساعات بالانصهار والتمدد ، ويأخذ الرئيس باطلاع كولن باول على خطورة الموقف ، وعلى الإرهاب التي قدمته حكومة الطرف الآخر ، وعلى الجرائم وعلى الإبادة وعلى الشهداء ، وكل تفاصيل ما قامت به إسرائيل . . ويمتد الحوار أكثر في تلك الغرفة البسيطة التي لا ينتشر النور فيها إلا قليلا . .

ساعات مضت . . ثم امتدت أكثر إلى أن وصلت إلى ثلاث ساعات، أتوجس الخوف وأحترف الانتظار ، والقلق يحيط بي ، وملامح من الأمل تبدو أمام ناظري . ويأتي الطلب الأمريكي من الرئيس بإيقاف النار رغم اشتعال النار فينا . . وكأن في فلسطين جيوشا جرارة تستحوذ أسلحة الدمار، وتناطح جيشا منظما!

ماذا نفعل، ورؤيا الانحياز تضع خيوط السياسة المعاصرة . وتعلن القيادة موقفها لدراسة هذا الطرح في حالة واحدة، وهي أن تقوم إسرائيل بالانسحاب الكامل من المدن والمخيمات التي احتلتها . . وينقل هذا الموقف إلى الجانب الاسرائيلي . . ولم يصمت قليلا بل أطلق اقتراحه العجيب . . بعقد مؤتمر إقليمي للسلام تحضره دول الطوق ، وبالطبع رفضته القيادة لان المرجعية هي مدريد، وعلى مبدأ الأرض مقابل السلام.

ويمكن تصور السياسة الإسرائيلية المتبعة والمستمرة في التسويف والتهميش وتقزيم القضايا الكبرى، وتقليص الزمن في الردة العكسية، في ارتداد إلى ما وراء نقطة الصفر، ولا تستغرب إذا ما ظلت إسرائيل تحاول إعادتنا إلى حدود ما قبل التاريخ لنظل نحاول إن نرسم صفحاتنا.

ثلاث ساعات لم يتم التوصل إلى اتفاق على جميع النقاط ، بل اتفقنا على مواصلة اللقاءات . ويعلن كولن باول بأن المحادثات كانت ايجابية ومثمرة ، كما يعلن أن بلاده تريد أن تعطى فرصة لعرفات ليثبت فيها أنه - حسب رأيهم- زعيم معتدل!!! ووصف المحللون الأمريكيون المحادثات بأنها شاملة ، ورجال السياسة الفلسطينيون يقولون أنها جولة محادثات أولى.

إن نتائج الاجتماعات لم تشعل أنوار الفرح في مقر الرئاسة، ولم تهد جدران الحصار ، رغم أن الرئيس عرض الموقف الفلسطيني بجانبيه ، الجانب الميداني- أي تفاصيل الجرائم التي ارتكبتها حكومة شارون ، والجانب الثاني هو العملية السياسية ومصداقيتها ، بالإضافة إلى أهم شيء هو أن يتم الانسحاب الإسرائيلي الشامل من جميع المدن والقرى ووقف العدوان.

ورغم أن كولن باول وافق على أن يسير المساران السياسي والأمني معا ، وعلى عملية سياسية ذات مصداقية ، إلا أن هناك خطوات جادة لم تتخذ لوضع خطوط التنفيذ العملي على ارض الواقع .

إن الاجتماع لم يحقق طموح الشعب الفلسطيني ، ولكن يمكن اعتبار ذلك بدءا لكينونة الوجود والاعتراف ، وعدم التجاهل ، وتأكيد الشرعية والبيعة للرئيس . رغم أنني مقتنعة تماما بأن باول يستطيع إن يفعل الكثير ، انه يستطيع أن يجبر شارون على الانسحاب ، ولكنه جاء إلى فلسطين لغرض خدمة جدول أعمال الولايات المتحدة ، وتفعيل جدي للانحياز السياسي ، ثم مواربة الموقف الذي طرحه جورج بوش بمفهوم الدولة الفلسطينية السيادية في الزمن المنصوص غير المحدد.

إن الوسطاء لا يصمتون على الظلم ، ولا يساعدون في حفر القبور ، ولا تغفو أعينهم عن الإعدام كفعل إجرام في الأسر، ولا ينظرون إلى اتجاه واحد، ولا يقبلون المساس بالإنسانية. . حتى لو فاقت بلادهم المدى، بل يقومون بحماية كرامة الإنسان وتطبيق قرارات الشرعية الدولية.

لكنني وأنا اعرف كل هذا، تمنيت لو وقف كولن باول بجرأة وشجاعة ليطبق قرار مجلس الأمن1307-،1402 ويوقف الإرهاب الإسرائيلي، ويفرض الانسحاب الفوري للتواجد العسكري الإسرائيلي ، حتى تكون نقطة بدء حقيقة لتطبيق الاتفاقات ، وتنفيذ إقامة الدولة.

فكيف يرضى ويرضى العالم بحصار الرئيس وحصار شعب بأكمله.

ان حصار الرئيس ياسر عرفات وحصار الشعب الفلسطيني
هو حصار للإنسانية جمعاء.





 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف