الأخبار
سرايا القدس تستهدف تجمعاً لجنود الاحتلال بمحيط مستشفى الشفاءقرار تجنيد يهود (الحريديم) يشعل أزمة بإسرائيلطالع التشكيل الوزاري الجديد لحكومة محمد مصطفىمحمد مصطفى يقدم برنامج عمل حكومته للرئيس عباسماذا قال نتنياهو عن مصير قيادة حماس بغزة؟"قطاع غزة على شفا مجاعة من صنع الإنسان" مؤسسة بريطانية تطالب بإنقاذ غزةأخر تطورات العملية العسكرية بمستشفى الشفاء .. الاحتلال ينفذ إعدامات ميدانية لـ 200 فلسطينيما هي الخطة التي تعمل عليها حكومة الاحتلال لاجتياح رفح؟علماء فلك يحددون موعد عيد الفطر لعام 2024برلمانيون بريطانيون يطالبون بوقف توريد الأسلحة إلى إسرائيلالصحة تناشد الفلسطينيين بعدم التواجد عند دوار الكويتي والنابلسيالمنسق الأممي للسلام في الشرق الأوسط: لا غنى عن (أونروا) للوصل للاستقرار الإقليميمقررة الأمم المتحدة تتعرضت للتهديد خلال إعدادها تقرير يثبت أن إسرائيل ترتكبت جرائم حربجيش الاحتلال يشن حملة اعتقالات بمدن الضفةتركيا تكشف حقيقة توفيرها عتاد عسكري لإسرائيل
2024/3/28
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

حمزة وخالد وجارتي الجديدة بقلم حسين جمعة

تاريخ النشر : 2016-08-25
وبينما أجلس على شرفتي لأرتشف قهوتي من مساء يوم الجمعة,التاسع عشر من شهر آب 2016...,تختلط الأصوات القادمة من كلِ حدبٍ وصوب...!
هذا المساء,صوت الصواريخ القادم من خلف الجبال شديداً وقوياً,ولو كان لهذة الجبال التي رفضت الأمانة يوم عرضت عليها أقدام,لهربت وفرت من الرعب المُخَيِم,ومن تلك الحمم المُلقاةِ عليها منذ أعوام ستة من الأحزان...!
المَلَل,لا يعرف سبيلاً لنظراتي الراحلة الى ما بعد الحدود,وأنا أنتظر صديقي كما إعتدنا معاً كل مساء,كي يظهر من خلف التلال والجبال ويشاركني قهوتي ونتبادل أطراف الحديث,لعل وعسى وجدنا حلاً لأمة تختلف وتتقاتل على لا شيء ومن أجل كل شيء,كي أحدثة كيف ضاعت هذة الأمة بين الأقدام,وعن كِبر حزني وآلامي مما أسمع وأشاهد وأراقب,إلا أن هذا المساء تأخر عن موعده, بينما صوته ومناجاته كان يعم أرجاء السماء والفضاء المحيط وهو يردد:
إلى من تكلني ، إلى عدو يتجهمني ، أو إلى قريب ملكته أمري ، إن لم يكن بِكَ غضبٌ علي فلا أبالي... ،
وبين عسر المخاض,وعصيان المؤتمرات عن إيجاد حَل,وعجز أمم وإهتزاز كل شيء حولي وفي داخلي,جاء صوت جارتي الجديدة,القادم من الطابق الثالث والأخير حيث مكان سكني الجديد والذي إنتقلتُ للعيش فيه منذ شهر ونصف ليس أكثر,في بناية موسى شوباصي,الواقعة في محلة سعدنايل بالقرب من بئر سكاف...
كانت تصرخ ملء صوتها وبكل ما أوتيت من قوة,خالد...,خالد..., يا كلب يا وسخ...!!!
كان صوتها أشد رعبا من صوت القذائف والصواريخ القادم من وراء الحدود,نظرت حولي وفوقي لأتبين ما يحصل,حتى أجد خالد ينهال ضرباً على حمزة,بعدما إختلفوا على أحقية اللعب بالدراجة الهوائية...!
كان خالد وحمزة بعمر الخمسة عشر ربيعاً,بينما جارتي الجديدة أم حمزة البيروتية,تقترب من العقد الخامس...,وفي ثوانٍ سريعة وقليلة,أمست على الأرض وِسط خالد وحمزة,حيث كان هبوطها من الطابق الثالث الى الشارع المؤدي الى حَيِنا,أسرع من سقوط القذائف والصواريخ على منطقة بلودان والزبداني المجاورتين للحدود البائسة...!!!
حاولت ام حمزة أن تضرب خالد,لكنها لم تستطع وعَلا صوتها وعم أرجاء الحي والمنطقة,بينما خالد ذهب الى منزله القريب..., إلا أن جارتي لحقت به وبرفقتها الشاب حمزة,وعَلا صوت الشجار من جديد ولكن بقوة هذة المَرة,ومعه بدأت الكراسي البلاستيكية تتطاير في الهواء,خارج حدود الوطن ومنزل خالد....!
كانت معركة بين الشجاعة والخنوع المُذل,حيث تمكن خالد من إشباع إبنها حمزة ضرباً دون هواده...,خرج حمزة من منزل خالد وحيدا,مهددا,ومتوعدا بالويل والثبور وعظائم الأمور باللهجة واللكنة البيروتية,بينما خالد يتبعة ويمشي وراءه دون إنتباهٍ من حمزة وأمه ما زال صوتها يملأ الحي تشكوه الى أهلة وجيرانة الذين إجتمعوا كإجتماع جامعة الدول العربية ومجلس الأمن المفكك إلا من مصالحه ونفوذه...!
كنت أنا والجيران وخالد,نسمع ما يقوله حمزة من عبارات تهديدية مثل :
الآن سأجعل دماؤك تسيل على الأرض...!.
الآن سأكسر رأسك يا خالد ...!
الآن سترى...
قلتُ : الآن الآن وليس غداً ستبدأ المعركة الحقيقية بين حمزة وخالد,معركة التحرير والإنتصار المنتظر منذ عقودٍ مضت.
إقترب خالد من حمزة وسألهٌ :
هل هذا الكلام موجهٌ لي يا حمزة ؟
إلتفت حمزة الى الوراء وهنا كانت دهشتي ودهشة حمزة عظيمتين,عندما إكتشف حمزة ووجد خالد أمامه كتمثال أبو الهول,وكان الذهول قد فعل فعله بحمزة حين أجابه : لا...,أبداً...
أنا أحدث نفسي,وأنا ذاهب في مشوار الى خارج الحي...!!!
ظللت دقائق معدودة وأنا مشدوها,أراقب حمزة الذي إستمر بالمشي حتى غاب عن الحي ومعه غاب كل أثر لحمزة,حيث مضى يجر خيبتهِ وإنكساره المشين...!
إستمر هدير صوت جارتي وعاد من جديد يقترب ويقترب حتى إستقر على شرفة الطابق الثالث فوق شرفتي,وانا أسمعها تهاتف أحد معارفها كي يذهب ويبحث عن المقدام حمزة...!
كان شيئاً في داخلي محفزاً,يهتف ويقول ما أحلى الرجولة,ما أحلى الرجولة...
لحظات قليلة ودراجة نارية تدخل الحي,يستقلها شخصان,إستطعت أن أعرف وأميز من بينهما حمزة,بعدما حفظت ملابسة وشكلة الذي لن أنساه ما حييت...
صعد حمزة درجات البناية,مسربلاً بالإنكسار والهوان الى شقته وجلس مع أمه على الشرفة,ورحت أسترق السمع والبث المباشر,ليس حباً ولا فضولاً مني بذلك,بل كي أجمع نهاية فصول هذه القصة الطارئة على سجلاتي وأرشيفي العابق بِحمل الجبال والتلال المثقلة بالصواريخ وأنين الأطفال...,وقضية شعب تتطلب مِني الكثير من العمل عليها,شعب نال ما نال من الظلم والمعاناة ما لم تستطيع أن تتحملة أمة أو بشر,عبر مسيرة التاريخ الزاخم بآلام الشتات واللجؤ اليومية,بحرمانه من أبسط حقوق الإنسان والبشر,
قضية صراعهِ ومقاومتةِ للمحتل الغاشم,ومن خلفه أمم تدعي الإنسانية وتلبس ثياب العفة والعدالة,لا أدري,لماذا مشكلة خالد وحمزة أخذتني الى فلسطين والإنتفاضة,وأطفال فلسطين البواسل....!
كنت أحسبها قصة قصيرة,إلا أنها باتت تشبه المسرحية الفكاهية بعدما سمعت كيف أم حمزة تلقن أطفالها وترضعهم حليب الرجولة والنخوة العربية الضائع,في زمن إختلطت فيه كل الأشياء والكرامات وأفعال النذالة والخيانة...!
كان البث والإرسال صافياً وقوياً عبر فضائية شرفة الطابق الثالث الى شرفة الطابق الثاني,وليس هنالك من عوائق طبيعية إلا الأخوة العربية والتربية الساقطة وظلم الإنسان لأخيه الإنسان.
كان حواراً ممتعاً وشيقاً,وكان إلى حَدٍ كبير وبعيد,يشبه حوارات فيصل القاسم,عندما بدأت جارتي بالصراخ على إبنها حمزة وتسأله لماذا لم تضربه على "خصيتيه",ولماذا لم تضربه بالحجر على رأسهِ,ألم أدخلك النادي,أين دورة "البوكسينج" التي تعلمتها..., لماذا لم تطبق ما تعلمته على خالد؟؟؟!!!.
كل هذه الأسئلة كانت تنزل على حمزة مثل زخات المطر والرصاص,وتستطيع أن تلتمس حب جارتي للثأر وشفاء قلبها بالإنتقام,وهنا صاحَ حمزة مقاطعاً: أنا ضربتهُ يا أمي,لكنك لم تكوني ولم تشاهدي ماذا فعلت به!!!.
سادَ صمتٌ رهيب,وغاب صوت الصواريخ والقذائف القادم من خلف التلال والحدود,وفيما لو كنت معي لشعرت بأن الشرفة العلوية غابت عن الوجود...!,حينها رحت أسائل نسيمات المساء المنشودة من صيف شديد الحَرّعَن مكان وجود حمزة وجارتي وهذا الغياب المفاجئ عن ساحة المعركة...!
لم ينتهي البرنامج,وفيصل القاسم لم يصافح كِلا الإتجاهين ولم يعلن عن إنتهاء الحوار,وإذ بحمزة يقطع كل هذا الصمت مخاطباً أمه مستئذناً إياها منحه فرصة النزول مجدداً الى الشارع كي يلعب ويقود دراجتة الهوائية,وإذ بأمة تصرخ لا,لا...,لا يا حمزة,ربما يسرقون دراجتك الآن وكأنها تقول له: أرجوك يا أمي إبقى في المنزل حتى لا يقوم خالد بضربك من جديد,ويكفينا ما نلنا منه حتى الآن...!
وعاد الصمت...,وعدتُ أحاول أن أسترق إرتشافات قهوة باردة,وأراقب صديقي الذي تأخر عن زيارتي في هذا المساء الحافل بإختلاط أصوات شَتّى,فربما كان صديقي يحصي أعداد الصواريخ والقتلى,وظلم بلاد الشمال وألاعيب الجبابرة والطامعين بمناطق نفوذ جديدة ورسم خرائط طرق لعرب كي لا يحيدوا عنها بعدما تكالبت عليهم الأمم....
لم أنتبة الى السيدة أم حمزة,وذهابها مرة ثانية الى منزل خالد...!,
لم أنتبه إلا وهي تعود برفقة خالد وتصعد به الى شرفة محطتها الفضائية,كنت أسمعها تقول له كما يقول الزعماء المشاركون في القمم العربية والإسلامية لنا من بعد كل مؤتمر إسلامي أو قمة عربية:
إنتَ حبيبي يا خالد,ونحن جيران,وحمزة صديقك...!,إلا أن لسان صدق حالها كان يقول :
يا خسارة البوكسينج يا حمزة,
يا خسارة البوكسينج...!!!
حسين جمعة _ بعلبك لبنان
[email protected]
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف