الأخبار
قناة كان: القيادة الإسرائيلية منقسمة بشأن مستقبل الحرب في غزةارتفاع درجات الحرارة يفاقم معاناة النازحين في غزة ويزيد من البؤس اليوميالأمم المتحدة: إزالة الركام من قطاع غزة قد تستغرق 14 عاماًتصاعد الاحتجاجات الطلابية في الجامعات الأميركية ضد الحرب الإسرائيلية على غزةتفاصيل المقترح المصري الجديد بشأن صفقة التبادل ووقف إطلاق النار بغزةإعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاق
2024/4/28
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

كنت أعرف هذه المرأة بقلم:منال شوقي

تاريخ النشر : 2016-07-30
كانت إحدي خالاتي لا تنجب ثم كان أن أجرت عملية تلقيح مجهري فحملت و كان عليها أن تتجنب المجهود و خاصة في شهور الحمل الأولي ثم حدث في إحدي زياراتنا لها أن قابلت هيام عندها للمرة الأولي .
كانت هيام و هي فتاة في الرابعة عشر من عمرها و تكبرني بعام واحد تقوم بأعمال التنظيف في بيت خالتي بعد إنتهاء اليوم الدراسي .
علمت من أمي أنها أكبر إخوتها الكثيرون و أن ظروف عائلتها المادية صعبة و لذا فقد بدأت تعمل في بيت خالتي في أثناء الإجازة المدرسية و استمرت في العمل مع الدراسة لتساعد عائلتها فاقترح زوج خالتي الذي كان يريد مساعدتهم علي ما يبدو و لمدح خالتي لنشاطها و هدوءها أن تقوم الفتاة بشغل البيت بعد خروجها من المدرسة .
و مر عامان كنت أراها خلالهما كلما ذهبنا لزيارة خالتي حيث كنت أجدها دائماً منهمكة في عمل ما و في إحدي زياراتنا لخالتي أخذت معي كتاب الرياضيات لأحل بعض التمارين التي كانت المعلمة قد طلبت منا حلها و لكني واجهت صعوبة في حل مسائل الهندسة فطلبت العون من خالتي و زوجها و كانا خريجي كليتين علميتين ففشلا هما أيضاً .
بعد الغذاء دخلت هيام المطبخ لتغسل الأطباق بينما كنا نحن نشاهد التليفزيون و في أثناء ذلك ذهبت إلي المطبخ لأحضر زجاجة مياة غازية فقالت لي هيام الصامتة دوماً ( أنا ممكن أساعدك في حل المسائل بتاعتك ) .
في الحقيقة لقد إندهشت جداً و لسببين أولهما أن هيام كانت تتكلم بالقطارة كما يقولون و لم أكن أسمعها تتكلم إلا لتجيب علي سؤال و ثانيهما أن تلك الفتاة التي تقف أمام تل من الأطباق و الأواني و تعصب رأسها بمنديل رث تعرض عليّ مساعدتي فيما فشل فيه الكبار خريجي الجامعة و التي تعمل هي عندهم و لكني رغم دهشتي تمنيت فعلاً أن تستطيع مساعدتي في فهم ما لم أفهمه .
قالت لي أن أنتظر إلي أن تنتهي من غسل الأواني و سوف تناديني هي و لكنني لم أطق صبراً فقد كان الفضول ينهشني لمعرفة ما إذا كانت قادرة فعلاً علي حل المسائل أم أنها ستتجمد أمامها و تفقد النطق كما فعل الأخرون فهرعت إلي خالتي أستئذنها أن تسمح لهيام ببريك لأنها عرضت أن َتساعدني في حل المسائل و هو ما أدهش أمي و خالتي التي نادتها و طلبت منها أن تترك ما تفعله و تجلس معي قليلاً .
و للمفاجأة فقد وجدتها متمكنة جداً من الدرس و كأنها قد شرحته لأخرين مئات المرات فشرحت لي ما استغلق عليّ فهمه بطريقه سلسه و مُبَسّطه و حَلّت أمامي بعض المسائل لتُريني طريقة التفكير في إيجاد الحل ثم طلبت مني أن أحل الباقي بمفردي أمامها و هو ما فعلته بمنتهي السهولة بفضلها و كان أن تركت أمي و أختي و خالتي و زوجها مشاهدة التلفاز و جاءوا جميعاً يحضرون الدرس معي و علي وجوه الجميع علامات الدهشة و الإنبهار .
علمت من هيام في ذلك اليوم أنها تكبرني بعام واحد و لكنها تدرس معي في نفس السنة الدراسية و أنها تخلفت عن الدراسة في إحدي السنوات لأنها كانت مريضة و قد صححت لي خالتي المعلومة لاحقاً و قالت لي بل لأن أمها كانت قد أنجبت توأم و كان لديها إخوة صغار كثيرون هي أكبرهم فأجبراها والديها علي ترك المدرسة لتساعد في تربية إخوتها و لكنها عادت للدراسة في السنة التالية بعد كثير من البكاء و التوسل .
لاحقاً ، كنت أذهب لخالتي مخصوص لتشرح لي هيام ما استعصي عليّ فهمه في جميع المواد الدراسية فقد كانت متمكنة منها جميعاً و لم تكن تبخل أبداً بالمساعدة .
بعد دخولها الجامعة ، توقفت هيام عن العمل في بيت خالتي و عملت في إحدي كافتريات وسط البلد في الفترة المسائية و كنت أراها من حين لأخر في الجامعة ، كما هي ، مبتسمة و صامتة .
ثم جائتني أخبارها بالصدفة بعد عدة سنوات فعلمت أنها تزوجت من أحد أقاربها ثم طُلِقت لأن زوجها أراد منها أن تتوقف عن دراسة الماجستير و تنتقل معه للعيش في مسقط رأسهما في إحدي القري ، و أميل أنا لتفسير موقفه من دراساتها العُليا بأنه ربما شَعُرَ بالغيرة أو لم يَتَقبَل أن تتفوق زوجته عليه علمياً و أكاديمياً .
علمت أيضاً أنها أنجبت طفل و أن زوجها رفض الإنفاق عليه بعد الطلاق و أنها إمتنعت عن مقاضاته لدفع نفقة للطفل و تكفلت هي بالإنفاق عليه وحدها و كانت مع ذلك تساعد والديها مادياً .
ثم مرت سنوات سقطت خلالها هيام من ذاكرتي تماماً لأعلم بالأمس فقط و أثناء مكالمة هاتفية مع خالتي، أن هيام قد هاتفتها منذ بضعة أيام من نيويورك حيث تعمل و يدرس إبنها لتهنئها بشهر رمضان .
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف