الأخبار
غزة: عطاء فلسطين تنفذ سلسلة مشاريع إغاثية طارئة للمتضررين من العدوانحمدان: إذا أقدم الاحتلال على عملية رفح فسنُوقف التفاوض.. والاتصال مع الضيف والسنوار متواصلأكثر من ألف معتقل في احتجاجات الجامعات الأميركية ضدّ الحرب على غزةرئيس كولومبيا يُعلن قطع العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيلبلينكن: نريد الآن هدنة بغزة.. وعلى حماس أن تقبل العرض الجيد جداًتركيا تقرر الانضمام لدعوى الإبادة الجماعية ضد إسرائيلالكشف عن نص العرض المقدم للتوصل لهدوء مستدام في قطاع غزةنتنياهو: قواتنا ستدخل رفح بصفقة أو بدونهاوفد حماس يغادر القاهرة للعودة برد مكتوب على المقترح الجديد لوقف إطلاق الناربلينكن: أمام حماس مقترح سخي جداً وآمل أن تتخذ القرار الصحيح سريعاًتضامناً مع فلسطين.. احتجاجات الجامعات الأميركية تتسع وسط مخاوف إلغاء مراسم التخرجتل أبيب تستعد لإصدار الجنائية الدولية أوامر اعتقال ضد مسؤولين إسرائيليين كبارإعلام إسرائيلي: 30 جندياً في الاحتياط يرفضون الاستعداد لاجتياح رفحقناة كان: القيادة الإسرائيلية منقسمة بشأن مستقبل الحرب في غزةارتفاع درجات الحرارة يفاقم معاناة النازحين في غزة ويزيد من البؤس اليومي
2024/5/2
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

دكتاتورية الأعراف الاجتماعية بقلم:عائشة التاج

تاريخ النشر : 2016-07-30
دكتاتورية الأعراف الاجتماعية بقلم:عائشة التاج
لعل أكثر تمظهرات الثقافة المجتمعية دلالة هو تلك الطقوس الاجتماعية المكررة هنا والآن داخل مجتمع ما ,والتي تفرض سلطتها القهرية على كل الفئات الاجتماعية خارج منطق التفاوض أو التغيير , وإن حدث تجديد ما فإنه يصب في اتجاه تقوية هذه السلطة وتعقيد مساطرها بجبروت يفرض سلطة المحاكمة والتصنيف وحتى بعض أنواع العقاب المجتمعي للمارقين والمارقات ,
من خلال النميمة التي تسري سريان النار في الهشيم محطمة صورة المعنيين الاجتماعية ومعرضة إياهم لقسوة المحاكمات غير العادلة لمجتمعات مريضة 
لا تقبل غير الاستبداد خيارا في مختلف الواجهات , 
ضمن هكذا أعراف هناك طقوس تأثيت البيوت وترتيبها ، وطقوس استقبال الضيوف من أكل وما يصاحبه من طقوس استعراضية تعكس تلك الواجهة الاجتماعية من الطقوس اليومية والمكررة و التي تتربع على عرشها بشكل حصري "النساء " ,
وما وراء الوظائف العملية لهذه الأمور التي تجيب عن حاجتنا إلى الراحة 
والدفء الأسري والعائلي ,,الخ هناك وظيفة جد أساسية يتم الحرص عليها بالكثير من الجهد والاهتمام وحتى المكابرة ألا وهي وظيفة التعبير عن مكانة اجتماعية يرجى أن تحظى بالقبول لدى الزائرين ومن خلالها إرسال وتكريس صورة عن مركز اجتماعي "موهوم " يتم التعبير عنه من خلال نوع التمظهرات الخارجية : السكن واللباس والأثاث و كل الأكسسوارات المادية أو الرمزية التي يتم الحرص على التباهي بها للتأكيد على نوعية الانتماء الاجتماعي , 
هناك عبارة مكررة تخرج من أفواه الكثيرين بدون التفكير فيها وفي كل المناسبات للتأكيد على هذا النزوع الاجتماعي نحو التفوق على الآخرين ,او على الاقل عدم الخروج عن "النمطية " ولو تطلب الأمر الاقتراض والمعاناة 
"فلان يسكن حي نقي" ،"دراري نقيين " "سيارة نقية ,,,,حيث يتم الحرص على نفي "العفن " , و"الوسخ" ,,
يفترض من خلال هذه العبارة أن العفن بكل أنواعه يرتبط بالفقر والفقراء ,لذلك يسعى الجميع لإعلان الانتماء لعالم "النقاء " البورجوازي والتمسك بتمظهراته الخارجية ,
والغريب أن الكل ينسى بأن جزءا مهما من الأغنياء وصلوا بطرق غير نقية 
وبيضوا حياتهم بتلك الأكسسوارات البراقة التي تضفي عليهم وقار الثروة و تبهر المحرومين بهبتها القوية , 
من ثمت يتم تصنيف أهمية الناس" ليس بما يتصفون به من مقومات في ذواتهم 
الغنية أصلا بالصفات الإنسانية الباذخة ولكن بما يملكون من أشياء مادية ,
"إنها الحكرة " الطبقية التي يتم تصريفها من خلال الأعراف الاجتماعية ,
وبما ان النساء هن الحارسات الأمينات على الأعراف فيحرصن بكثير من 
الجهد على "العناية بصورة المركز الاجتماعي العائلي من خلال نوعية أثاث البيت وترتيبه و إعادة إنتاج الطقوس المرتبطة به " لعلهن يكسبن الحظوة الاجتماعية من خلال ذلك ,
و الأكثر طرافة في الامر هو تلك السلطة الرقابية التي تمارسها النساء على بعضهن البعض ضمانا لاحترام "الأعراف "القديمة منها و"الجديدة التي أصبحت تعمم عبر اليوتوب من خلال مصطلحات تسمى "الروتين اليومي أو الأسبوعي أو ,,,, في اقتناء مستلزمات البيت وترتيبه والطبخ والعناية بالجمال ,,,,واستقبال الضيوف ,,,,الخ ,
المصيبة العظمى أنهن لم يبتكرن "روتينا "للقراءة أو الإبداع ضمن سلسلة الروتينات داخل الثقافة النسوية المرتبطة بمهام البيت و الاهتمام بالأطفال والزوج والرشاقة و الجمال ,,,

والتي يبدو أنها ستحملهن في اتجاه المزيد من التنميط على أهميتها في تعميم أساليب جديدة و مبتكرة , 

ما يهمنا هنا ليست الأساليب التنظيمية ولكن الطابع شبه الإكراهي , ذلك ان نوعا من النساء لهن ثقافة مجيدة في هذا الاتجاه , حيث يمارسن باسمها "رقابة صارمة " على بعضهن البعض , مهما كانت المناسبات ,
فزيارات بعض النساء لبعضهن البعض غالبا ما تتخللها تلك العين الناقدة التي تتفحص البيت بكل مرافقه وتخضعه للمساءلة القاسية حتى وإن كانت المناسبة 
وفاة عزيز ،فأن هذا النوع يحرص على استغلال مناسبة "زيارة مريض "أو حتى "العزاء " لإجراء الفحص ثم تعميم ملاحظاته داخل الوسط المهني أو داخل الحي ,,,,
معرضا سمعة المعنية بالأمر لنميمة قاسية قد لا ترحم ظروف الألم أو المرض 
أو غيرها من الشروط التي لم تسمح لربة البيت من احترام "السقف النمطي" 
المطلوب في نوعية الفراش أو التنظيم أو التنظيف أو اللباس أو ,,,,,,,
ولا تنجو المارقات اللواتي لا يخضعن لنمطيتهن من العقاب الاجتماعي عبر النميمة ,القاسية فسنتقمن منهن شر انتقام ,,,,
لذلك نجد تقهقرا في العلاقات الاجتماعية لأن الكثير من النساء لا تكن مستعدات للزيارات المفاجئة وتبعاتها داخل ضغوط برنامج يومي جد مكدس وحالة صحية قد لا تسمح دائما يتحقيق المطلوب من واجبات ضيافة تبدو جد ثقيلة وغير متناغمة مع حياة عصرية لها مقومات وإكراهات جديدة , 
و نظرا لهذا الضغط الجديد من أعراف أضحت أكثر هجانة مع ما جد في نمطها الإكراهي من الملاحظ أنه أصبح لا يتم إعلان وفاة أحد أعضاء الأسرة قبل إعداد البيت وتنظيمه ،
وحتى شراء بعض الاكسسوارات وربما لباس خاص باستقبال المعزين وفي موازاة ذلك تهييء شروط وليمة الاستقبال المسماة عشاء الميت " وإكرام المعزين بما لذ وطاب من لحوم وفواكه ومشروبات وابتلاع الحزن والألم ومعاناة فراق عزيز أو عزيزة بكل حيثياتها النفسية والوجدانية لفائدة " أعراف مجتمع يفرض عليه "القيام بالواجب .
هذا الواجب الذي لا يرحم ألمك ووجعك ومرضك وتعبك وإمكانياتك البشرية والمادية في تقديم "وليمة لبشر مفروض أنهم جاءوا لمواساتك ,,,لا لاعتصارك إلى أبعد مدى ,,,,
وعلى مدى أيام ينضاف التعب المتراكم لركامات الأحزان وأوجاع القلب و الذاكرة وهي تسرد احداثا مع الراحل أو الراحلة ,,,,,
قالت محدثتي التي صادفتها تبكي في المطار فسألتها عن السبب :
أتيت من فرنسا لجنازة أمي ,,,,تكرفسوا عليا العائلة ,,,,,بعض النساء ,كن يتظاهرن بالذهاب للوضوء فيتنقلن بين طوابق البيت و يقتحمن الغرف كي يعرفن ما فيها ,,,,ويتناولن مواضيع الإرث في ظرف كنا نلملم فيه شدة الألم والفراق ,,,,
لن أرجع أبدا للمغرب ،دفنت تلك التي كنت أذهب عندها ,,,,
قد يمتزج العزاء بالوليمة ’وتتحول هذه الأخيرة فرصة للقهقهة وتبادل الأحاديث 
وكل التفاعلات الإنسانية المحتملة داخل تجمع بشري يكون المشرفون عليه 
في قمة الحزن والألم والمعاناة والإرهاق ,
قد يمتزج العزاء بالسياحة المقنعة فهو فرصة للاستفادة من استقبال يمنح بعضهم فرصة زيارة مكان كانوا يرغبون فيه بدون مصاريف ,فقط تظاهر بالمواساة والحزن ومجاملات اجتماعية قد تخلو من الشحنة الانفعالية اللازمة , 
قد يمتزج العزاء بشفقة تخفي اقتحاما لمواضيع جد خاصة وقد تثير قلاقل في غير موعدها ,,,كالخوض في التركة والإرث ووو ,
قمة المفارقة أن يتحول العزاء لوليمة تزداد طقوسها تعقيدا مع تطور الأعراف الاستهلاكية ويبقى الرافد هو : ثقافة الاستبداد , التي تغير فقط مساحيقها من مجال لآخر ,
فهل نحن أرحم من حكامنا ؟؟؟؟

‏21‏-04‏-2016 عائشة التاج ,
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف