المرأةُ و الحياةُ و الحرية.. في زمان الهمجية
ـــ
محمد عزت الشريف
***
(1)
ساءلتُ صديقي المتخصص في القضية:
هل البندقية ـ حقاً ـ رجل؟
ـ ردّ عليَّ: إذن فالشجاعة امرأة!
...
بين الفجر و صلاة العيد في موقف ميكروباصات الإسكندرية الجديد،
رأيتُ المرأة العجوز؛ و قد حملتْ على رأسها، ما يفوقُ احتمالها من الزاد و الهموم
و قد انفرطتْ لِتوّها من بين يديها أكياسَ الزاد
فراحت تُفرِغُ بدورها على مسامعي أكداسَ الهموم
وأنا أُلملم لها و معها ما تبعثر من الأكياس هنا و هناك على الأرضِ بين السيارات وفي أرجاء المكان.
• أصلْ يا "إبني" أنا رايحة لـ "إبني"
صحيح دي مش أول زيارة لِيْه، بس ده أول عيد ييجي عليه بَرّه البيت
و حبّيْتْ أشوفه و أسلِّم عليه و أعطيه العيدية
و يِمكِن ياابني يقبلوا أقعد جنبه شوية..
و طبعاً جايباله الأكل اللي كان بيحبه:
يعني كحك و بسكوت و شوية سوداني و حلبة و ترمس
و جايبة معايا كمان بالمرّة إزازتين مايّة
إيييه يالللا.. كله يا ابني محصّل بعضه
الأبعادية زيّ برج العرب، و برج العرب زيّ الأبعادية
والله يا "إبني" عمره ما "إبني" لا عمل حاجة ولا محتاجة
" لكين.. أخَدُوووه"!!
• أيوه يا إبني صح كلامك، بسّ ياريت!
و ياريت ياابني، إبني التاني كان موجود..
آهوو أبسطها بردو يا ابني كان جا معايا
بسّ يا إبني ـ و ربّْ خالقني ـ إبني التاني هًوّ كمان ما عمل حاجة
" لكين.. قتلوووه"!!
ـ إيييه.. وَحِّدوووه"
***
(2)
ساءلتُ صديقتي اليعربية:
مَنْ غَرَّ أبناءَ الوطئِ المُفَدّى
بالوطنِ؛ و قد أضحى
تَسُودُهُ الفوضى
و تَسُوسهُ بندقيّة؟!
...
بعد الإنفجار الكبير
تقولُ صديقتي الكاتبة العراقية عن مواطنتها "خالدة" الحرةِ الأبيَّة:
بعدما عرَّتْها النيرانُ عن آخر قطعةٍ من ثيابها
و لمّا لمْ تجد ما تستُر به نفسها
دفعها حياؤها أن تدخل مرة أخرى إلى السيارة
لتأتي النيران هذه المرة على كامل جسدها!
و لتخسر "الحرة" عمرها.. و تُقَدِّم نفسها ضحية
لكن، تُراها قد خسرَت القضية؟!!
ـ هكذا يا سادتي "شموخ العراقية" في زمان الفوضى و حكم الهمجية !!
***
(3)
ساءلوني .. في مستقبل القضية؟
و يا صديقي..
لا تَنْظُرَنَّ إلى طالِعِ النخل شجاعاً مقداماً، مِسراعاً نحو العُلا..
انظُرّنَّ إلى النارِ تَرعى في الجُذور!!
...
و في ميدان الحرية والخلود..
ساءلوها عن شعورها "المرأة المجاهدةَ الصابرةَ المصرية" بعد دقائقَ من استشهاد ابنها الثاني؟
قالت: أشعرُ أنه لمّا يزل لديّ ابنان آخران و بنيّة صغيرة
و حتى لو ماتوا جميعاً؛ فلا زال الله موجوداً
و قد كنت أنا و أبوهما قبل عشرينَ عاماً وحيدين بلا أولاد
و حتما؛ قبلَ أو بعد عشرينَ أخرى سنكون بلا أولاد
و لن يبقى منّا جميعاً في هذه الدنيا من ذكرى
غيرَ أنَّ الشهداء.. أحياء.
***
ـــ
محمد عزت الشريف
***
(1)
ساءلتُ صديقي المتخصص في القضية:
هل البندقية ـ حقاً ـ رجل؟
ـ ردّ عليَّ: إذن فالشجاعة امرأة!
...
بين الفجر و صلاة العيد في موقف ميكروباصات الإسكندرية الجديد،
رأيتُ المرأة العجوز؛ و قد حملتْ على رأسها، ما يفوقُ احتمالها من الزاد و الهموم
و قد انفرطتْ لِتوّها من بين يديها أكياسَ الزاد
فراحت تُفرِغُ بدورها على مسامعي أكداسَ الهموم
وأنا أُلملم لها و معها ما تبعثر من الأكياس هنا و هناك على الأرضِ بين السيارات وفي أرجاء المكان.
• أصلْ يا "إبني" أنا رايحة لـ "إبني"
صحيح دي مش أول زيارة لِيْه، بس ده أول عيد ييجي عليه بَرّه البيت
و حبّيْتْ أشوفه و أسلِّم عليه و أعطيه العيدية
و يِمكِن ياابني يقبلوا أقعد جنبه شوية..
و طبعاً جايباله الأكل اللي كان بيحبه:
يعني كحك و بسكوت و شوية سوداني و حلبة و ترمس
و جايبة معايا كمان بالمرّة إزازتين مايّة
إيييه يالللا.. كله يا ابني محصّل بعضه
الأبعادية زيّ برج العرب، و برج العرب زيّ الأبعادية
والله يا "إبني" عمره ما "إبني" لا عمل حاجة ولا محتاجة
" لكين.. أخَدُوووه"!!
• أيوه يا إبني صح كلامك، بسّ ياريت!
و ياريت ياابني، إبني التاني كان موجود..
آهوو أبسطها بردو يا ابني كان جا معايا
بسّ يا إبني ـ و ربّْ خالقني ـ إبني التاني هًوّ كمان ما عمل حاجة
" لكين.. قتلوووه"!!
ـ إيييه.. وَحِّدوووه"
***
(2)
ساءلتُ صديقتي اليعربية:
مَنْ غَرَّ أبناءَ الوطئِ المُفَدّى
بالوطنِ؛ و قد أضحى
تَسُودُهُ الفوضى
و تَسُوسهُ بندقيّة؟!
...
بعد الإنفجار الكبير
تقولُ صديقتي الكاتبة العراقية عن مواطنتها "خالدة" الحرةِ الأبيَّة:
بعدما عرَّتْها النيرانُ عن آخر قطعةٍ من ثيابها
و لمّا لمْ تجد ما تستُر به نفسها
دفعها حياؤها أن تدخل مرة أخرى إلى السيارة
لتأتي النيران هذه المرة على كامل جسدها!
و لتخسر "الحرة" عمرها.. و تُقَدِّم نفسها ضحية
لكن، تُراها قد خسرَت القضية؟!!
ـ هكذا يا سادتي "شموخ العراقية" في زمان الفوضى و حكم الهمجية !!
***
(3)
ساءلوني .. في مستقبل القضية؟
و يا صديقي..
لا تَنْظُرَنَّ إلى طالِعِ النخل شجاعاً مقداماً، مِسراعاً نحو العُلا..
انظُرّنَّ إلى النارِ تَرعى في الجُذور!!
...
و في ميدان الحرية والخلود..
ساءلوها عن شعورها "المرأة المجاهدةَ الصابرةَ المصرية" بعد دقائقَ من استشهاد ابنها الثاني؟
قالت: أشعرُ أنه لمّا يزل لديّ ابنان آخران و بنيّة صغيرة
و حتى لو ماتوا جميعاً؛ فلا زال الله موجوداً
و قد كنت أنا و أبوهما قبل عشرينَ عاماً وحيدين بلا أولاد
و حتما؛ قبلَ أو بعد عشرينَ أخرى سنكون بلا أولاد
و لن يبقى منّا جميعاً في هذه الدنيا من ذكرى
غيرَ أنَّ الشهداء.. أحياء.
***