الأخبار
سرايا القدس تستهدف تجمعاً لجنود الاحتلال بمحيط مستشفى الشفاءقرار تجنيد يهود (الحريديم) يشعل أزمة بإسرائيلطالع التشكيل الوزاري الجديد لحكومة محمد مصطفىمحمد مصطفى يقدم برنامج عمل حكومته للرئيس عباسماذا قال نتنياهو عن مصير قيادة حماس بغزة؟"قطاع غزة على شفا مجاعة من صنع الإنسان" مؤسسة بريطانية تطالب بإنقاذ غزةأخر تطورات العملية العسكرية بمستشفى الشفاء .. الاحتلال ينفذ إعدامات ميدانية لـ 200 فلسطينيما هي الخطة التي تعمل عليها حكومة الاحتلال لاجتياح رفح؟علماء فلك يحددون موعد عيد الفطر لعام 2024برلمانيون بريطانيون يطالبون بوقف توريد الأسلحة إلى إسرائيلالصحة تناشد الفلسطينيين بعدم التواجد عند دوار الكويتي والنابلسيالمنسق الأممي للسلام في الشرق الأوسط: لا غنى عن (أونروا) للوصل للاستقرار الإقليميمقررة الأمم المتحدة تتعرضت للتهديد خلال إعدادها تقرير يثبت أن إسرائيل ترتكبت جرائم حربجيش الاحتلال يشن حملة اعتقالات بمدن الضفةتركيا تكشف حقيقة توفيرها عتاد عسكري لإسرائيل
2024/3/29
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

انتخابات حماس القادمة بقلم:د. أحمد يوسف

تاريخ النشر : 2016-07-11
انتخابات حماس القادمة بقلم:د. أحمد يوسف
ليس من السهل على أي شخص حمساوي أن يتحدث بهذا الموضوع المتعلق بالانتخابات الداخلية للحركة، وإذا امتلك أحدنا الشجاعة فإن عليه أن يوغل فيه برفق، حتى لا يستفز إطارات قيادية في الحركة، ويظهر وكأنه يذيع سراً ما كان ينبغي له.!!

لغز الانتخابات: أسئلة برسم الإجابة والتقدير

إذا سألتني كشخص ملتزم بهذه الحركة منذ أكثر من أربعة عقود ونصف العقد، وتوسدت فيها الكثير من المواقع في مؤسساتها القيادية، ما هو الشكل الذي اتطلع لرؤيته في الانتخابات الداخلية القادمة لحركة حماس؟ وما هي المواصفات التي أميل لتوافرها في قيادة المكتب السياسي؟ وهل من الضروري أن تظهر الحركة بإطلالة جديدة وببرنامج سياسي واضح الرؤية والأهداف؟ وهل لنا أن نرى فيما يتم تداول أسمائهم من قيادات الحركة ما يميز بعضهم عن البعض الآخر، أم أن الخيارات سيظل يغلب عليها طابع الشخصانية والكاريزما؟ وهل ستحسم البرامج والواقعية السياسية آفاق الاختيار؟ وما هي حظوظ الوجوه القائمة في الداخل والخارج؟ وهل ستفسح الحركة للانتخابات أن تجري في أجواء تنافسية حرة، أم سيغلب عليها طابع السرية والعزلة الشعورية؛ أي ممنوع على أحد أن يفتح الحديث في الموضوع مع أحد آخر؛ لأن القاعدة التي تحكم سلوكياتنا تحظر علينا التناجي في أهلية من يتصدر مراكز القيادة، وضرورة الابتعاد عن الذات، لاعتبارات قيميِّة تتعلق بفهم البعض لمنطوق (ولا تزكوا أنفسكم).!!

أسئلة كهذه ليس من السهولة بمكان تقديم إجابات لها، ولكن حولها سيكون لنا رأي ودندنة.

قبل عدة سنوات، وبعد انتخابات عام 2008، وما جرى فيها من "كولسات" أثارت ردود فعل سلبية داخل الحركة، وتعهدت – وقتذاك - القيادة الجديدة بإجراء مراجعات وفحص قضائي، ومحاسبة المسئولين عما حدث من تجاوزات لم يكن أحدٌ يتوقعها، نظراً للشفافية والطهارة التي تعودنا عليها في كل ما سبق من انتخابات داخلية للحركة.. إن الذي جرى ما كان يمكن أن يقع لو كانت الانتخابات تجري بالشكل الذي يسمح لمن ينافس على الترشح بالتحرك لحشد الأنصار خلف برنامجه، وكسبهم باتجاه مواقفه، ويمنحه التنظيم واللوائح حق اللعب على المكشوف، ولكن – للأسف – ما تزال الأطر واللوائح فيها الكثير من التقييد، والذي يقدمه البعض ضمن قواعد فقهية وأخلاقية تمنع مثل هذه السلوكيات أن تسود في أدبياتنا الانتخابية، كما أن ثقافاتنا الإسلامية التي تربينا فيها على منطق "لا تسأل الإمارة"، تحظر على المرء أن يقوم بتزكية نفسه وتقديمها للمناصب، وقد اجتهد الشهيد سيد قطب (رحمه الله) بتوضيح هذه المعاني في موسوعته التفسيرية "في ظلال القرآن"، حيث أشار إلى أن الناس في "المجتمع المسلم" لا يحتاجون لشيء من هذا لإبراز أفضليتهم وأحقيتهم، كما أن المناصب والوظائف في هذا المجتمع إنما هي تكليف ثقيل لا يغري أحداً بالتزاحم عليه، اللهمَّ إلا ابتغاء الأجر بالنهوض بالواجب والخدمة الشاقة ابتغاء رضوان الله، ومن ثمَّ لا يسأل المناصب والوظائف إلا المتهافتون عليها لحاجة في نفوسهم، وهؤلاء يجب أن يمنعوها.

وفي محاولته التعليق على هذا الرأي، وتوضيح الفكرة في سياق تغير معطيات الزمان، وغياب "المجتمع المسلم" الذي يصلح لإسقاط مثل هذه الأحكام عليه، كتب د. يوسف رزقة؛ القيادي الحمساوي المخضرم ووزير الإعلام السابق، في دراسة داخلية له - غير منشورة - عام 2012، بعنوان: (الانتخابات الداخلية في الجماعات الإسلامية: بين النظرية والممارسة)، وقام بنشرها مؤخراً، وتوزيعها على عدد محدود من القيادات والكوادر الحركية، حيث أوضح فيها بأن المجتمعات المعاصرة تختلف عن مجتمع النشأة، وتختلف أيضاً عن مجتمع الخلافة الأموية والعباسية، والخلافة العثمانية اختلافاً كثيراً، من حيث "إن المجتمعات الإسلامية المعاصرة قد دخلت عليها ثقافات ليبرالية وأخرى يسارية، وكثر فيها الحديث عن الديمقراطية، والانتخابات وآلياتها، وتفننت الأحزاب في نظريات الدعاية والترشيح، وأعطت الديمقراطية نتائج إيجابية في المجتمعات الغربية أغرت المجتمعات العربية الإسلامية على تقبلها، واللجوء إليها في مواجهة استبداد الحكام وطغيانهم، واستئثار أسرهم بالحكم بلا أهلية راجحة غير الوراثة والنفاق والحكم الجبري، وارتضت الجماعات الإسلامية ومن بينها جماعة الإخوان؛ كبرى الحركات الإسلامية المعاصرة، وجماعة السلفيين، وغيرهم باللعبة الديمقراطية، والمشاركة في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية والشورية، واستخدموا الأدوات نفسها التي تستخدمها الأحزاب العلمانية، من ترشح ودعاية وتزكية المرشحين، والطعن على خصومهم ومنافسيهم في الدوائر، وفعل خصومهم الأمر نفسه، بل ربما كانوا هم البادئين والمؤصلين لهذا المنهج والسلوك، الذي لم يعرفه مجتمع النشأة الأول للأسباب التي ذكرها سيد قطب رحمه الله". ويضيف د. رزقة: "لم يعد بمكنة أيٍّ من الجماعات الإسلامية التي تهتم بالشأن السياسي أن تخرج عن هذا الواقع المفروض أو أن تعتزله بادعاء حرمته، ولا أحسب أن التحريم والاعتزال سيحقق خدمات أفضل للإسلام، بل سيريح العلمانيين، ويُمكِّن لهم"، وينتهي بالقول: إن العمل بما هو قائم في الديمقراطيات المعاصر هو ابداع إنساني وحضاري وليس هناك حرجٌ في الاقتداء به.. وعليه؛ يشير د. يوسف رزقة بأن الحركات الإسلامية ومن بينها حركة حماس، قد أخذت بمبدأ (الدورة الانتخابية) ذات المدة الزمانية المحددة سلفاً، والتي قدَّرت - أخيراً - بأربع سنوات، لشغل المناصب القيادية والشورية والقضائية والإدارية وهي فكرة غربية حديثة، وليست سلفية، وهي مدة كافية يختبر فيها الناخب الأداء ويقيمه، ويحدد موقفه منه عند التجديد لدورة ثانية، فيأتي حكمه هنا بناء على قناعته هو، لا بناء على دعاية المرشح طالب التجديد؛ لأن سنوات العمل الأربع أبلغ في تحديد الموقف من الدعاية والتزكية"، ويضيف موضحاً: "هب أن الناخب خُدع بالدعاية في الدورة الأولى، فإنه لن يخدع بها في الدورة الثانية، إن كان صاحب عقل وبصيرة، ومن ثمَّة قيل إن صندوق الاقتراع هو الذي يمنح الثقة، كما أنه هو نفسه الذي يعاقب وينزع الثقة".

إن الحقيقة التي عليها إجماع متقدم اليوم بين الكثير من قيادات الحركة ونخبها الفكرية، هي أن التغيير في اللوائح الانتخابية بات ضرورة ملحة لحماية الحركة، والتمكين لها، وحتى لا يحدث لها ما وقع من انشقاقات في بلدان عربية مثل الأردن والجزائر، وقبل ذلك في سوريا والسودان.

إن حركة حماس هي الأقوى في تماسكها بين كل الحركات الإسلامية على الساحة العربية، وهي تملك الأهلية التنظيمية لتطوير عملها المؤسسي، والحفاظ على قوة الحركة وإطاراتها العاملة في الداخل والخارج، وسنشهد خلال السنوات القادمة ما يدلل على ذلك من حيث الرؤية الفكرية واللوائح التنظيمية.

المرشحون الأوفر حظاً؟

عندما يتم الحديث عن المرشح القادم لخلافة الأخ خالد مشعل (أبو الوليد) في قيادة المكتب السياسي للحركة، فإن هناك بعض الأسماء التي أوردتها وسائل الإعلام بكثرة، والتي يقف على رأسها: د. موسى أبو مرزوق والأخ إسماعيل هنية، وهما من أهم الشخصيات التي تحظى بتغطية إعلامية شبه دائمة، نظراً لطبيعة المواقع والملفات التي تمنحهما حضوراً دائماً في المشهد السياسي، فالأول؛ هو المسئول عن ملف المصالحة الوطنية، وهو أول رئيس للمكتب السياسي لحركة حماس، وله تاريخ في قيادة العمل الإسلامي (الإخواني) على المستوى الإقليمي والدولي، حيث كان الرجل الأول لتنظيم بلاد الشام؛ الذي يمثل تجمع "الإخوان المسلمين" في فلسطين والأردن ولبنان وبعض الدول الغربية، ثم كان مسئولاً عن النشاط الإسلامي لفلسطين في أمريكا، وأسس العديد من المؤسسات الدعوية والإعلامية والإغاثية هناك، ثم انتخب لقيادة تنظيم الإخوان المسلمين العام على مستوى القارة الأمريكية للعديد من السنوات.. ومن المعروف عن د. أبو مرزوق بين إخوانه أنه أهم عقل استراتيجي بالحركة، وله دائرة علاقات واسعة بقيادات إسلامية على طول العالم العربي والإسلامي، وهذا يمنحه أفضلية على مستوى العلاقات مع دول المنطقة، كما أن علاقاته مع مصر ليست متوترة، وليس معروفاً عنه أنه تناولها في الإعلام بأي إساءات، وهو حقيقة ربما يتمتع بقبول أفضل من الآخرين لدى المستويات السياسية والأمنية المصرية، كما أنه كان لوقت قريب على علاقة وثيقة بإيران، وكان يحظى بمكانة خاصة لدى القيادة الإيرانية وحزب الله، إلا أن هذه العلاقة تأثرت سلباً، وشهدت انتكاسة خلال الشهور الماضية، بعد الشريط الذي ظهر فيه د. أبو مرزوق في حديث هاتفي خاص مع أحد قيادات الحركة بالداخل، وكان يقلل فيه من شأن الدعم الذي تقدمه إيران للحركة، والذي يبدو أنه تمَّ رصده من قبل أجهزة استخبارات بعض الدول الخليجية، والتي قامت بتسريبه لتوتير علاقة الحركة مع إيران، عندما أخذت هذه العلاقة تشهد تحسناً ملحوظاً ولقاءات، بعد قطيعة طالت بسبب الخلاف حول الموقف من الملف السوري، وإن كان د. أبو مرزوق قد اجتهد في تصريحاته الأخيرة بالعمل على إعادة تصويب البوصلة، والاعتراف لإيران بفضلها المتقدم والمتميز في دعم المقاومة الفلسطينية، الأخ أبو مرزوق معروف بتواضعه وحبه وتقديره لإخوانه وهو رجل كريم في طباعه وأخلاقه، وهو شخص متصالح مع نفسه، ومدونة سلوكه تشهد له بالمرونة والقدرة على الحسم والإقناع، كما أن علاقاته بالعسكر متميزة، وأيضاً وسط الصف القيادي في قطاع غزة .

أما الأخ إسماعيل هنية (أبو العبد) فهو رئيس الوزراء السابق، وهو حالياً نائب الأخ خالد (أبو الوليد) في المكتب السياسي، والرجل الأول في قطاع غزة، وهو يتمتع بقدرات خطابية مميزة، وعلاقاته ممتازة مع الجميع في فصائل العمل الوطني والإسلامي، وشخصية محبوبة بشكل عام لدى الفلسطينيين كما نشاهد ذلك في استطلاعات الرأي التي تجريها من حين لآخر مراكز بحثية في الداخل، ويحظى أيضاً بالقبول لدي كل من قطر وتركيا وإيران، كما أنه يمتلك كاريزما عالية، ومعروف عنه أنه الرجل الذي يحسن إمساك العصا من المنتصف؛ أي أنه رجل توافقي، وثقله في قطاع غزة وازن، وربما يتقاسم المكانة مع د. أبو مرزوق، ولكن الموقف منه في الضفة الغربية - كما الأخ موسى أبو مرزوق - من المبكر والصعب التكهن به.

الأخ خالد مشعل: المرجح وبيضة القبان

مع كل ما أوردناه عن الأخوين الكريمين بما لهما من حظوظ السبق في الفوز بقيادة الحركة والمكتب السياسي، إلا أن الذي سيحسم السباق ليس الداخل، ولكنه صوت الأخ خالد (أبو الوليد) والمجموعة التي يمثلها، وهي كتله كبيرة من القيادات التي تمتعت بمواقع قيادية على مدار عقدين من الزمن، ولها مساحة تأثير واسعة على الكتلة الانتخابية للحركة في دائرة الخارج.

لا شكَّ بأن الخيار لن يكون سهلاً على الأخ خالد (أبو الوليد) وما يمثله من كتلة ترجيحية، ولكن طبيعة المرحلة القادمة بتحدياتها وأعبائها الكبيرة تتطلب أن تظل قيادة الحركة بالخارج، وأن يظل ثقل الأخ خالد (أبو الوليد)؛ كضابط ايقاع، قريباً من الشخص الذي سيتولى مهام الرجل الأول في مكتبها السياسي.

إن الحقيقة التي - ربما - لا تغيب عن حسابات الأخوين الأوفر حظاً بالفوز، أن الأخ خالد (أبو الوليد) سيبقى هو الشخص الأهم حضوراً في أي قرارات تتعلق برؤية الحركة واستراتيجيتها في المرحلة القادمة، وهو الثقل الذي يريده كلٌّ منهما لتعزيز شرعية مكانته القيادية، وتأثيره في الداخل والخارج.

لا شكَّ أن المطلوب في المرحلة القادمة هو تعزيز مكانة الحركة في علاقاتها الإقليمية والدولية، وهذه ميزة ينفرد بها الخارج، لطول تحركاته في هذا المجال لقرابة ثلاثين سنة، ومطلوب لهذه العلاقات أن تتطور وتتجذر، كما أن وجوه قيادات الخارج مألوفة لمعظم التيارات والحركات الإسلامية في العالمين العربي والإسلامي، وخطوط تواصلها مع الواجهات الإسلامية في العواصم الغربية عريقة، وأطنابها ممتدة حتى قبل نشأة حركة حماس في ديسمبر 1987.

لذلك، فإن قناعاتي ومعرفتي بالخريطة الحركية والتنظيمية تجعلني أميل للقول بأن الأخ خالد (أبو الوليد) سيكون هو "بيضة القبان" في انتخابات رئيس المكتب السياسي الذي سيخلفه، وتقديراته للموقف في ظل ما هو قائم من تحديات ستكون هي بوصلة خياره ونبض ضميره؛ لأن ما ستؤول إليه الأمور بعد ذلك سيكون هو – شاء أم أبى - شريكاً فيها من ناحية المغنم أو المغرم.

واستكمالاً لقراءة المشهد القائم حول الأخوين الكريمين الأفضل حظاً في الفوز، فإن الأول وهو د. موسى أبو مرزوق يبرز دائماً في لقاءات المصالحة أو اتفاقات التهدئة وحتى في مفاوضات تبادل الأسرى، واجتماعات الفصائل والإطار القيادي المؤقت، وتاريخياً كان مشاركاً في اللقاءات التي كانت تجريها الحركة في التسعينيات مع الأخ ياسر عرفات (رحمه الله) لدخول منظمة التحرير، ولذلك يظهر في المشهد الحركي أنه الأكثر أهلية للقيادة السياسية. أما الأخ إسماعيل هنية (أبو العبد) فإن كثرة ظهوره على المنبر وفي سياق الوعظ والارشاد، تجعله في سياقات التقدير أقرب للقيادة الدعوية، التي تتطلبها وضعية الداخل أكثر منها ساحات الخارج وعلاقات الدول.

وماذا عن غزة؟!

لا شكَّ أن قطاع غزة وحجم التنظيم الكبير فيه، والذراع القوي للمقاومة؛ ممثلة بكتائب القسام، وما تتمتع به مكانة مرموقة واحترام وتقدير كبيرين بين الفلسطينيين، والإسلاميين على وجه الخصوص، والطبيعة التي عليها غزة، من حيث ثقل كتلتها التنظيمية، والتي تتطلب اعطاءها منزلة أكبر في عملية "صناعة القرار"، مما يستدعي ضرورة زيادة حصتها في المكتب السياسي؛ باعتبار أنها – في نظر البعض - تدير شبه دولة محررة، وتتحمل تبعات المناجزة العسكرية مع العدو الإسرائيلي، وعلى كاهلها تقع مسئولية إدارة شئون القطاع الإدارية والمالية والأمنية، كما أن العبء الأكبر في مشروعنا الوطني للتحرير والعودة معقود بنواصي رجالها وتضحيات أهلها.

إن خطوة كهذه – بلا شكٍّ - تتطلب تعديلات في اللوائح واتخاذ قرارات من مجلس الشورى العام، وهذه كلها تحتاج لبعض الوقت، وقد لا يكون من السهل التعجيل بها قبل الانتخابات القادمة.

إن حركة حماس - اليوم - ليس تنظيماً لجماعة صغيرة، يمكن إدارتها بعقلية "الشيخ والمريد"، فهذه محطة تجاوزناها يوم انتقلنا لمشهد الحكم والسياسة، ولم تعد - بصراحة - تلك الهيكليات التي نظمت علاقاتنا منذ الستينيات تستوعب أو تصلح لتأطير وجودنا السياسي والحركي الواسع، بل هي بحاجة لنفض شبه كامل، والبحث عن هيكليات عصرية تناسب مكانة الحركة وقدراتها الهائلة على مستوى حشودها ومواقعها في السياسة والفعل المقاوم، وهذه خطوة لا بدَّ منها وقد تتدبرها القيادة القادمة، كي تظل الحركة قادرة على استيعاب كل هذه الأحمال، وتهيئة الخيول لكسب ما ينتظرها من معارك سياسية أو مواجهات عسكرية مع دولة الاحتلال.

نعم؛ هناك همس داخلي يتحدث عن هذه المسائل في سياق ما هو مطلوب من مراجعات، وما تطرحه رؤية مفكري الحركة وكوادرها من تساؤلات.

ما قبل الختام: اعتبارات الجغرافيا والتاريخ

هناك كلمة تتعلق بالموقع الجغرافي لرئيس المكتب السياسي، حيث إن وجود مركز ثقل الحركة في الخارج يسمح بفضاءات أوسع للمناورة التكتيك، ويجعلها بعيدة عن الاستهداف المباشر من جهة طيران العدو الإسرائيلي، وبمنأى عن الرصد والمراقبة من قبل أجهزته الأمنية، وأفضل لعمليات السيطرة والتحكم في السياسات والمواقف.

كما أن توفر وجود أعداد كثيرة ونوعية من القيادات التاريخية بالخارج، وتوازن وعيها السياسي والحركي، وتواصلها بالعمق الاستراتيجي للقضية في الدول العربية والإسلامية، يعطيها الأفضلية للحفاظ على مكانة فلسطين كقضية مركزية للأمة.

هذه هي قراءات المشهد بشكله العام، اتفقنا مع هذه التقييم أم اختلفنا، فالكمال لله وحده، ولكل أخ منهما ما له وما عليه، حيث إن السيرة الذاتية والحركية والتجربة التاريخية الميدانية ستكون هي الأخرى حاضرة في لحظة المفاضلة والاختيار، إضافة لحسابات أخرى لا يعلمها إلا الله، ومن سيصلون لتمثيل مناطقهم في المكتب السياسي .
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف