الأخبار
إعلام إسرائيلي: جيشنا انهار في 7 أكتوبر رغم تدريباته لمنع هجوم مماثلكم تبلغ تكلفة إعادة إعمار قطاع غزة؟تركيا تُوقف جميع التعاملات التجارية مع إسرائيلغزة: عطاء فلسطين تنفذ سلسلة مشاريع إغاثية طارئة للمتضررين من العدوانحمدان: إذا أقدم الاحتلال على عملية رفح فسنُوقف التفاوض.. والاتصال مع الضيف والسنوار متواصلأكثر من ألف معتقل في احتجاجات الجامعات الأميركية ضدّ الحرب على غزةرئيس كولومبيا يُعلن قطع العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيلبلينكن: نريد الآن هدنة بغزة.. وعلى حماس أن تقبل العرض الجيد جداًتركيا تقرر الانضمام لدعوى الإبادة الجماعية ضد إسرائيلالكشف عن نص العرض المقدم للتوصل لهدوء مستدام في قطاع غزةنتنياهو: قواتنا ستدخل رفح بصفقة أو بدونهاوفد حماس يغادر القاهرة للعودة برد مكتوب على المقترح الجديد لوقف إطلاق الناربلينكن: أمام حماس مقترح سخي جداً وآمل أن تتخذ القرار الصحيح سريعاًتضامناً مع فلسطين.. احتجاجات الجامعات الأميركية تتسع وسط مخاوف إلغاء مراسم التخرجتل أبيب تستعد لإصدار الجنائية الدولية أوامر اعتقال ضد مسؤولين إسرائيليين كبار
2024/5/4
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

الحوار و ( جمجمة الحمار )بقلم:عادل بن مليح الأنصاري

تاريخ النشر : 2016-07-01
الحوار و ( جمجمة الحمار )بقلم:عادل بن مليح الأنصاري
الحوار و ( جمجمة الحمار )
لعادل بن مليح الأنصاري

في البدء كان حدث , ثم اختلاف , ثم حوار, لم يكن إنهاء الحوار بزهق روح المخالِف معروفا أو مطروحا كبند من بنود الحل , ولكن أحد المتحاوريْن أدرك أن إنهاء الخلاف غير ممكن حسب ما تهواه نفسه , فلجأ إليه بدءً كتهديد , ولكن الطرف الآخر لم يخضع , وترك له حرية اتخاذ القرار بطريقة إنهاء الحوار أو الحرص على استمراره مع محاولة فرض وجهة نظره بالمنطق , ولكنه نبهه على أن إنهاء الخلاف بزهق الروح هو إثمٌ ليس له جزاء إلا النار , فلم يجد ذلك الظالم إلا (جمجمة حمار) لينهي ذلك الحوار .
وبدأ الدرس الأول , أن كل ظالم يعجز عن إدارة الحوار بالمنطق وطرح الحجج والبراهين سيلجأ حتما لهكذا قرار , وهو التخلص من محاوره بإنهاء الحوار بأقصر الطرق ولو كانت إزهاق الروح .
هي سنة أوجدها الخالق منذ أن كان البشر على هذه الأرض مجرد متحاورين اختلفا وتحاورا ثم قرر أحدهما إزهاق روح الأخر ليصل لمبتغاه بأقصر الطرق حتى لو كانت ظالمة وستورده نار جهنم .
والغريب في القصة أن القاتل خطط ونفذ ولم يفكر في كيفية محو جريمته بطريقة مناسبة , وفي هذه الوقفة ندرك أن التسرع والغضب وسرعة اتخاذ القرار يؤدي حتما لقرارات خاطئة ونهايات غير مكتملة وربما كارثية , فالقاتل لم يفكر بعد قيامه بجريمته ماذا يفعل بجثة رجل , بل هو أخاه الذي سيُسأل عنه حتما عند عودته , ولم يكن له سابق معرفة بطريقة الدفن والتخلص من الجثة , فبعد قيامه بجريمته وهدأ الغضب وعرف أنه تسرع ولم يترك للحوار وقتا كافيا لإنهاء الخلاف الواقع , جلس وقد عرف شعورا جديدا وهو الندم ومحاسبة النفس , ولكن بعد فوات الأوان , وهنا يشاهد الطائر الذي لا يعقل ولا يملك أن يتخذ قرارات متسرعة , وليس له القدرة على التفكير وقياس الأمور , يعلمه كيفية مداراة تلك الجريمة بطريقة صحيحة .
هو يمتلك القدرة على النقاش والقتل , وابتداء الكارثة , ولكنه لا يملك القدرة على نهايتها نهاية صائبة !
لماذا ؟
ليدرك الإنسان أن القدرة على افتعال الحدث لا تعني القدرة على السيطرة عليه أو إنهاؤه بالطريقة الصحيحة , وهنا تحفيز منطقي ودعوة نبيلة للتفكير في عواقب الأفعال , وتركُ حيزٍ كافٍ للمرونة في التحكم بقراراتنا ودراسة البدايات والنهايات والأرباح والخسائر , وما ورد في القصة من تسرع ثم ظلم وقتل وفشل في احتواء النتائج لهو خير دليل على أهمية تحكيم المنطق وإفساح المجال للحوار الهادئ ما أمكن , وعدم اللجوء لقرارات متسرعة غير مدروسة نعجز بعدها من احتواء الحدث وتداعياته .
وورثنا تلك الجينة "الخبيثة" من ذلك الجد , وتسببت في كوارث لا انتهاء لها بين البشر , ولعل في قصة سيدنا ابراهيم عليه السلام شاهد أخر عندما عجز قومه عن مجاراته في حواره ومناقشته لهم بخصوص عبادتهم للأصنام , فقرروا إنهاء الحوار بإزهاق روحه "حرقا " .
تعود البشر على اللجوء للقتل كحل سهل في مقابل الوقت الطويل في الحوارات وإرهاق العقل في جمع وعرض الحجج والبراهين , فتعود أن يقتل قديما لسرقة غيره أو بسبب الجوع أو لأسباب لا نهاية لها , ثم ظهر القتل "للفخر والمباهاة" وباسم البطولة والرجولة والزعامة , فعرف الإنسان الحروب البدائية للتوسع أو لإخضاع الغير , أو للثأر , أو للبحث عن مرعى أو وطن أو طعام , والكثير من الأسباب .
ثم تكونت الدول , وتطورت الحضارات , وظهرت الممالك , وتعقدت الاقتصاديات , وظهرت النظريات والخطط والأطماع , ولجأ الإنسان للبحث عن الموارد والغذاء عند غيره , تارة بالتجارة , وتارة بالحرب , وتارة بالاستعمار , وعرف الإنسان الثراء والجوع , الخوف والأمان , الرغبة والرهبة , وزاد حجم الأسرة , وكثر الأولاد وكثرت المطالب , وظهرت المنظمات الدولية لتنظم علاقات الدول والشعوب , وغرق البشر في حوارات شتى , وكانت مساحات الاختلاف أكبر من مساحات الاتفاق , ولم يعد القتل صفة للظلم والتعدي , بل أصبحت ممارسة بديهية عند أول اختلاف بين البشر كجماعات أو فرادى , وظهرت الحروب الكبيرة والصغيرة بين مختلف أجناس البشر , وقُتل الملايين عبر تلك الحروب , ولم تفرق تلك الجريمة بين رجلٍ أو طفل أو امرأة أو شيخ أو حيوان أو جماد , فدُمرت مدنٌ وشُرّدت شعوب , وكل ذلك بقرارات بشرية لا ترى خطأً أو ظلما أو حرجا من ذلك .
وإن كان الجد الأكبر وقف مذهولا نادما معترفا بالكارثة التي ارتكبها , إلا ان الأحفاد خرجوا من طور الندم إلى طور التفاخر وربما الاحتفالات بقتل الآخرين !
ما عادت اللعبة بسيطة , يتحاور خصمان , ويبغي أحدهما على الآخر فيقتله , أصبحت اللعبة أدهى وأعظم وأقذر , يتحاور مجموعة من الرجال , فيختلفون , وبكل بساطة قرروا أن يموت الألاف بل ربما الملايين نيابة عنهم , ولماذا ؟
لأنهم عجزوا عن الحوار !
دُمرت مدن , وقتلت شعوب , وبادت موارد كانت تكفي الجميع , وأُلحق الأذى الكبير بالبيئة الأرضية , وسُخرت موارد الشعوب ووُجهت من تأمين الغذاء والسكن والصحة والتعليم , لتشغيل مصانع الدمار والموت , وشراء الذمم , واستعباد الناس , لأن بعض الرجال لم يتمكنوا من إنهاء حواراتهم بقدر من المنطق والإنسانية والتعقل .
هل سيتوقف الإنسان عن إطعام آلة القتل ؟
بالطبع لا !
فمصانع الموت تعمل , والموارد تشح , والبشر يتزايدون , والأفكار تتباعد , وصناعة الموت أيا كانت وأيا طريقتها تتطور , وربما ستعرف قريبا " الموت عن بعد " , وربما تصبح طائرات الموت بلا طيار والصواريخ الموجهة من الأقمار الصناعية أدوات قتل بدائية , وسنعرف قتل الشعوب بشكل جماعي , ومحو الدول بكبسة زر , وربما سنصل لتلك النهاية المأساوية دون حوارات ربما .
ربما بدأ هذا العالم بشخصين يتجادلان ولم يقتنع أحدهما بمنطق الآخر فقتله لينهي حوارا فشل في خوضه , وربما سينتهي هذا العالم بشخصين أيضا تحاورا ولم يقتنع أحدهما بمنطق الآخر فيقتله , ولن يكون عندها محتاجا لغراب يريه كيف يواري سوأة أخيه , بل لمن ينهي حياته هو حتى لا يكون وحيدا في هذا العالم .
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف