قراءة موضوعية في اتفاق المصالحة بين إسرائيل وتركيا
د.إبراهيم فؤاد عباس
يبدو من الواضح أن اتفاق المصالحة بين إسرائيل وتركيا لا يأتي في خطوة منفصلة عن غيره من الأحداث ذات الصلة بما يعكس مرحلة جديدة في سياسة أنقرة الخارجية تشكل البرجماتية أهم ملامحها، لاسيما وأن الاتفاق تزامن مع إبداء تركيا أسفها لروسيا عن إسقاط طائرتها الحربية العام الماضي بما يفتح المجال أمام موسكو لرفع عقوباتها الاقتصادية على تركيا. وليس من الصعب تفهم دواعي هذه التغيرات في تركيا أردوجان الآن والتي يأتي على رأسها محاولة التخفيف من عزلة أنقرة على المسرح الدولي وإعادة المتانة للاقتصاد التركي خاصة على صعيد السياحة التي تضررت كثيرًا بسبب توتر العلاقات بين تركيا وكل من إسرائيل وروسيا. ويمكن الاستدلال على أهمية الدافع الاقتصادي من خلال تصريحات أردوجان ونتنياهو عقب إبرام الاتفاق، فقد قال أردوغان: "بهذا الاتفاق ستبدأ العلاقات الاقتصادية في التحسن" ، وقال نتنياهو إن الاتفاق سيكون له "تأثيرات هائلة" على الاقتصاد الإسرائيلي.
بيد أن الدافع الاقتصادي الذي يقوم على أساس (تبادل المنفعة) ليس الدافع الوحيد، فهناك أيضًا الدافع الأمني : تركيا تحتاج إلى دعم إسرائيل في المجال الأمني بعد تعاظم التحديات الأمنية التي تواجهها على أكثر من صعيد، وإسرائيل تحتاج من تركيا إلى لجم حماس. ويمكن القول إن الاتفاق لم يأت مفاجئًا، إلا من زاوية أنه جاء في خضم انقسامات حادة تشهدها المنطقة أبرزها الانقسام الفلسطيني – الفلسطيني.
ووفق التحليل الذي كتبه عاموس هاريل في هآرتس اليوم - الثلاثاء (28/6/2016) - حول الاتفاق، فإن الفائدة الكبرى منه (للجانبين)، إضافة إلى تصدير الغاز الطبيعي الإسرائيلي إلى أوروبا عبر تركيا، والتوسع في السياحة، تتمثل في فتح قناة وساطة تركية بين إسرائيل وحماس. كما يتيح الاتفاق لتركيا المساعدة في نقل البضائع عبر ميناء أسدود تحت إشراف الأمن الإسرائيلي، وحيث ينتظر أن تصل أول سفينة مساعدات إلى القطاع قبل حلول عيد الفطر، وأيضًا دعم احتياجات غزة من مياه الشرب - وإن كان ذلك على نطاق ضيق- وبناء مستشفى (تركي) جديد في القطاع، وهي إجراءات "يمكن أن تساعد في تجنب اندلاع حرب إسرائيلية جديدة على القطاع" على حد قوله، ويمكن أن تساعد أيضًا مستقبلا في بناء جزيرة اصطناعية لتكون بمثابة ميناء لغزة وفق مقترح وزير المواصلات الإسرائيلي إسرائيل كاتز. وقول هاريل إن الاتفاق سيضع نهاية للقطيعة بين إسرائيل وتركيا التي كانت من أفضل حلفاء تل أبيب في المنطقة، تلك القطيعة التي دامت 6 سنوات لن يعيد العلاقة بين البلدين في مرحلتها الجديدة إلى سابق عهدها، يكتسب أهمية كبيرة، لأنه يرسم ملامح وأفق تلك العلاقة الجديدة. فما هو متوقع أن يؤدي الاتفاق إلى تحسين التنسيق بين البلدين في موضوعات مثل النجاحات العسكرية في سوريا ضد نظام الأسد، لكن المصالحة لن تشمل التدريبات المشتركة للقوات الجوية بين البلدين كما كان الوضع في التسعينيات، كما أنه من الأرجح أن لا يتم عقد صفقات أسلحة (كبيرة) جديدة في ظل هذه العلاقة الجديدة. وجاء تساؤل هاريل في نهاية تحليله: هل بإمكان تركيا المساعدة في استعادة إسرائيل اثنين من مدنييها وجثتي اثنين من جنودها اللذين ما زالت تحتفظ بهما حماس على جانب كبير من الأهمية أيضًا لأنه يحدد أفق ومستقبل العلاقات بين إسرائيل وحماس في ظل هذا الاتفاق لاسيما في ضوء إجابة هاريل: "لا يبدو ذلك محتملاً، فإضافة إلى مطالبة حماس بالإفراج عن عدد كبير من معتقليها في المقابل، فسوف يجد نتنياهو صعوبة في تقديم (تنازلات إضافية) وسط انتقادات متزايدة من اليمين المتطرف- بما في ذلك وزير الدفاع أفيجدور ليبرمان- بسبب الاتفاق"، وهو ما يعني أن أردوجان سيواجه تحديًا صعبًا في تنفيذ بعض بنود الاتفاق على الأرض. ويمكن القول في المحصلة إن الاتفاق إن لم يستفد منه أهالي القطاع فإنه لم يضرهم!.
د.إبراهيم فؤاد عباس
يبدو من الواضح أن اتفاق المصالحة بين إسرائيل وتركيا لا يأتي في خطوة منفصلة عن غيره من الأحداث ذات الصلة بما يعكس مرحلة جديدة في سياسة أنقرة الخارجية تشكل البرجماتية أهم ملامحها، لاسيما وأن الاتفاق تزامن مع إبداء تركيا أسفها لروسيا عن إسقاط طائرتها الحربية العام الماضي بما يفتح المجال أمام موسكو لرفع عقوباتها الاقتصادية على تركيا. وليس من الصعب تفهم دواعي هذه التغيرات في تركيا أردوجان الآن والتي يأتي على رأسها محاولة التخفيف من عزلة أنقرة على المسرح الدولي وإعادة المتانة للاقتصاد التركي خاصة على صعيد السياحة التي تضررت كثيرًا بسبب توتر العلاقات بين تركيا وكل من إسرائيل وروسيا. ويمكن الاستدلال على أهمية الدافع الاقتصادي من خلال تصريحات أردوجان ونتنياهو عقب إبرام الاتفاق، فقد قال أردوغان: "بهذا الاتفاق ستبدأ العلاقات الاقتصادية في التحسن" ، وقال نتنياهو إن الاتفاق سيكون له "تأثيرات هائلة" على الاقتصاد الإسرائيلي.
بيد أن الدافع الاقتصادي الذي يقوم على أساس (تبادل المنفعة) ليس الدافع الوحيد، فهناك أيضًا الدافع الأمني : تركيا تحتاج إلى دعم إسرائيل في المجال الأمني بعد تعاظم التحديات الأمنية التي تواجهها على أكثر من صعيد، وإسرائيل تحتاج من تركيا إلى لجم حماس. ويمكن القول إن الاتفاق لم يأت مفاجئًا، إلا من زاوية أنه جاء في خضم انقسامات حادة تشهدها المنطقة أبرزها الانقسام الفلسطيني – الفلسطيني.
ووفق التحليل الذي كتبه عاموس هاريل في هآرتس اليوم - الثلاثاء (28/6/2016) - حول الاتفاق، فإن الفائدة الكبرى منه (للجانبين)، إضافة إلى تصدير الغاز الطبيعي الإسرائيلي إلى أوروبا عبر تركيا، والتوسع في السياحة، تتمثل في فتح قناة وساطة تركية بين إسرائيل وحماس. كما يتيح الاتفاق لتركيا المساعدة في نقل البضائع عبر ميناء أسدود تحت إشراف الأمن الإسرائيلي، وحيث ينتظر أن تصل أول سفينة مساعدات إلى القطاع قبل حلول عيد الفطر، وأيضًا دعم احتياجات غزة من مياه الشرب - وإن كان ذلك على نطاق ضيق- وبناء مستشفى (تركي) جديد في القطاع، وهي إجراءات "يمكن أن تساعد في تجنب اندلاع حرب إسرائيلية جديدة على القطاع" على حد قوله، ويمكن أن تساعد أيضًا مستقبلا في بناء جزيرة اصطناعية لتكون بمثابة ميناء لغزة وفق مقترح وزير المواصلات الإسرائيلي إسرائيل كاتز. وقول هاريل إن الاتفاق سيضع نهاية للقطيعة بين إسرائيل وتركيا التي كانت من أفضل حلفاء تل أبيب في المنطقة، تلك القطيعة التي دامت 6 سنوات لن يعيد العلاقة بين البلدين في مرحلتها الجديدة إلى سابق عهدها، يكتسب أهمية كبيرة، لأنه يرسم ملامح وأفق تلك العلاقة الجديدة. فما هو متوقع أن يؤدي الاتفاق إلى تحسين التنسيق بين البلدين في موضوعات مثل النجاحات العسكرية في سوريا ضد نظام الأسد، لكن المصالحة لن تشمل التدريبات المشتركة للقوات الجوية بين البلدين كما كان الوضع في التسعينيات، كما أنه من الأرجح أن لا يتم عقد صفقات أسلحة (كبيرة) جديدة في ظل هذه العلاقة الجديدة. وجاء تساؤل هاريل في نهاية تحليله: هل بإمكان تركيا المساعدة في استعادة إسرائيل اثنين من مدنييها وجثتي اثنين من جنودها اللذين ما زالت تحتفظ بهما حماس على جانب كبير من الأهمية أيضًا لأنه يحدد أفق ومستقبل العلاقات بين إسرائيل وحماس في ظل هذا الاتفاق لاسيما في ضوء إجابة هاريل: "لا يبدو ذلك محتملاً، فإضافة إلى مطالبة حماس بالإفراج عن عدد كبير من معتقليها في المقابل، فسوف يجد نتنياهو صعوبة في تقديم (تنازلات إضافية) وسط انتقادات متزايدة من اليمين المتطرف- بما في ذلك وزير الدفاع أفيجدور ليبرمان- بسبب الاتفاق"، وهو ما يعني أن أردوجان سيواجه تحديًا صعبًا في تنفيذ بعض بنود الاتفاق على الأرض. ويمكن القول في المحصلة إن الاتفاق إن لم يستفد منه أهالي القطاع فإنه لم يضرهم!.