الأخبار
ارتفاع درجات الحرارة يفاقم معاناة النازحين في غزة ويزيد من البؤس اليوميالأمم المتحدة: إزالة الركام من قطاع غزة قد تستغرق 14 عاماًتصاعد الاحتجاجات الطلابية في الجامعات الأميركية ضد الحرب الإسرائيلية على غزةتفاصيل المقترح المصري الجديد بشأن صفقة التبادل ووقف إطلاق النار بغزةإعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزة
2024/4/27
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

وسام وليس فضيحة بقلم:فهمي هويدي

تاريخ النشر : 2016-06-01
وسام وليس فضيحة بقلم:فهمي هويدي
موقف بعض الصحف المصرية من فضح صحيفة «الجارديان» البريطانية للمراسل الذي أمدها بتقارير مزورة عن مصر يدعو إلى الدهشة. أتحدث عن المراسل الذي زودها في وقت سابق ببعض التقارير التي تضمنت معلومات غير حقيقية نسبت إلى مصادر لم تتحدث إليه، وحين تلقت الجريدة شكاوى أشخاص من بين تلك المصادر، فإنها بذلت جهدا كبيرا في تحري الأمر واستأجرت محققا ليتولى المهمة. وحين تأكدت من صحة الشكاوى فإنها أوقفت المراسل ونشرت بيانا اعتذاريا لقرائها روت فيه القصة كاملة في عدد ٢٦ مايو الحالي. وما أن فعلتها حتى التقطت القصة الجهات المعنية في مصر، وانتهزتها فرصة لكي تضرب عدة عصافير بحجر واحد. من ناحية لكي تشكك في صدقية الصحف الغربية التي تنتقد مصر، ثم لكي تتهم المراسلين الأجانب بالكذب والاختلاق. وثالثا لكي تؤكد أن مصر تتعرض لمؤامرة تدبرها أيادٍ خفية أجنبية، وأن تلك المؤامرة تستهدف نظامها كما تحرص على تشويه صور الإنجازات التي تتم على أرضها. من ناحية رابعة فإن الحملة أرادت أن تحذر الصحفيين وعموم المثقفين المعنيين بالشأن العام من الاعتماد على المصادر الأجنبية «المشبوهة».



ليس عندي دفاع عن المراسلين الأجانب، ولكنني أزعم أنه ليس من الإنصاف أن يعمم الاتهام على الجميع، بسبب خطأ فرد. كما أنه ليس من الأمانة أن يتم تسييس التقرير الذي نشرته «الجارديان»، على نحو يستخدم التغليط في إيصال الرسالة إلى القارئ المصري أو العربي عموما. فقد تبين مثلا أن التقارير التي كتبها الصحفي جوزيف مايتون عن مصر نشرت في عامي ٢٠٠٩ و٢٠١٠ أثناء وجوده في القاهرة قبل انتقاله إلى الولايات المتحدة. وهو ما صرح به المتحدث الإعلامي باسم الجارديان، لموقع «صدى مصر»، حين تم التواصل معه لتحديد الفترة التي كتب فيها الرجل عن مصر. وكانت المفاجأة أن تقارير الرجل نشرت قبل ثورة ٢٠١١ ولا علاقة لها بالنظام المصري الحالي، ثم إنه تحدث في مقالات عن أوضاع البيئة والفساد في أواخر عصر مبارك. من ثَمَّ فالادعاء بأن ما نشرته «الجارديان» كان جزءا من الحملة المزعومة لتشويه مصر واستهداف نظامها يصبح بغير أساس، ولا حاجة لنا بعد ذلك لأن نذكر بما أوردته الجارديان في بيانها عن أن الرجل كان مراسلا حرا ولم يكن من المحررين المعتمدين لديها. الأمر الذي يجعل الخطأ محسوبا عليه بدرجة أكبر وليس على هيئة تحرير الجريدة وحدها.

أفهم جيدا أن الصحفيين الأجانب ليسوا منزهين عن الهوى. وقد يكون لديهم تحيزاتهم الخاصة بدرجة أو أخرى. لكننا لابد أن نعترف بأننا نحتفي بهم حين يشيد بعضهم بالنظام القائم، لكننا نلاحقهم بسيف الاتهام ونعرضهم للترحيل أو نمنعهم من دخول البلاد إذا ما انتقدوه. علما بأن أغلب انتقاداتهم تنصب على التضييق على الحريات العامة وانتهاكات حقوق الإنسان التي ترصدها المنظمات الحقوقية المستقلة في مصر. كما يحسب لهم أنهم متحللون من السقوف والضغوط التي تكبل الصحفيين المصريين وتقيد حركتهم.

لقد فوت علينا التوظيف السياسي للبيان فرصة القراءة الرشيدة له التي تتيح لنا أن نستخلص منه دروسا مهنية ثمينة تعلم صحفيينا الكثير من الفضائل التي ينبغي أن يتحلوا بها للارتقاء بأدائهم المهني. لذلك استغربت وصف بعض صحفنا وكتابنا بيان الجارديان بأنه بمثابة «فضيحة»، في حين أن القراءة الأمينة له تعتبره وساما على صدر الصحيفة، مسكونا بمعاني الأمانة والشجاعة والحرص على احترام الحقيقة والقارئ.

كان بوسع «الجارديان» أن تلملم الموضوع وتتستر على ما جرى، وأن تحاسب المراسل أو تعاقبه في هدوء ودون أن يشعر بذلك أحد. لكنها آثرت أن تطهر صفحتها أمام مصادرها وقرائها، لكي لا تهتز ثقة أي قارئ أو مصدر في جريدته. وبذلك فإنها لقنت الجميع وفي المقدمة منهم جموع الصحفيين درسا لا ينسى. وهو ما يسوغ لنا أن نقول بأن الجريدة قدمت نموذجا لاحترام القارئ وتحري الحقيقة في حين أن صحفنا قدمت نموذجا آخر للانخراط في التسييس حتى وإن تم ذلك على حساب الحقيقة.

يطول بنا الحديث لو أننا فتحنا ملف الأخبار المختلقة التي تسرب إلى الصحف المصرية (القومية بوجه أخص) لتحقيق أهداف سياسة تعبث بادراك القارئ وتشوهه. وهي التي ذهبت إلى حد الادعاء باعتقال قائد الأسطول السادس والتحاق شقيق أوباما بالتنظيم الدولي وشراء الإخوان لأغلبية البرلمان الأوروبي والإعلام الألماني وتآمر مخابرات الدول الغربية لإسقاط النظام المصري. ذلك فضلا عن سيل الأخبار المتضاربة التي تنسب إلى مصادر سيادية غامضة لا تعرف هويتها.

كان بوسعنا أن نحتفي ببيان الجارديان ونعمم دروسه على أجيال الصحفيين لكي يتعلموا منه أصول احترام الحقيقة والقارئ، إلا أننا لم نأخذه عبر محمل الجد، وآثر كثيرون أن يغمضوا أعينهم عما فيه، مفضلين الاستسلام للهزل الذي يقدمونه.. واأسفاه.
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف