الأخبار
حماس: انتهاء جولة المفاوضات الحالية ووفدنا يغادر القاهرة للتشاور مع قيادة الحركةهنية يكشف أهم شروط حركة حماس للتواصل لاتفاق مع إسرائيلمقتل ثلاثة جنود إسرائيليين بقصف المقاومة الفلسطينية لمعبر (كرم أبو سالم) العسكريالحكومة الإسرائيلية تغلق مكتب الجزيرة تحت ذريعة أنها "قناة تحريضية"الخزانة الأمريكية : بيانات الاقتصاد تؤكد وجود تباطؤ بالتضخممسؤولون أمريكيون: التوصل إلى اتفاق نهائي بغزة قد يستغرق عدة أيام من المفاوضاتالمستشفى الأوروبي بغزة يجري عملية إنقاذ حياة لطبيب أردنيتحذيرات أممية من "حمام دم" في رفحالمقاومة الفلسطينية تكثف من قصفها لمحور (نتساريم)غارات إسرائيلية مكثفة على عدة مناطق في قطاع غزةحماس تتمسك بوقف إطلاق النار وضغوط أميركية على نتنياهو للمشاركة بالمفاوضاتمسؤول ملف الأسرى الإسرائيليين السابق: حماس جادة بالتوصل لاتفاق وإسرائيل لا تريدإعلام إسرائيلي: نتنياهو يصدر بيانات ضد إبرام الصفقة تحت مسمى مسؤول دبلوماسيحماس: ذاهبون إلى القاهرة بروح إيجابية للتوصل إلى اتفاقإعلام إسرائيلي: جيشنا انهار في 7 أكتوبر رغم تدريباته لمنع هجوم مماثل
2024/5/6
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

بناء الانسان الصحراوي و قوته ..بقلم حمدي حمودي

تاريخ النشر : 2016-05-30
المرأة الصحراوية من أبرع النساء و أكثرهن قدرة على البناء و التفكيك و البناء , و الخيمة الصحراوية هي البيت السريع والسهل التركيب, فوق الأرض و على ظهر الجمل , حيث تتخد المرأة عادة الهودج كخيمة او بناء على سنام الجمل لراحتها و راحة أبنائها…
وتعتبر المرأة الصحراوية في بناء مستمر و تعمير للمكان والفضاء الذي تتنقل فيه , و يعتبر البناء المتحرك و المتنقل اصعب بكثير من البناء الثابت , و اكثرها تمرينا للذهن و نشاطا للمخيلة , و حركة للجسد , و بحكم ان الاشياء الثابتة اسهل على الانسان فهما من الاشياء المتحركة …
و ليس خفي على اي من الدارسين الجدد ان تجارب الانسان السابق وأُثبت بالتجربة , انها لم تأت ابداً جزافا , بل تشكّلت عبر مراحل وحقب زمنية طويلة من الممارسة , وتلك تراكمات ترسبت ببطء في عقل صحيّ و ناضج يقيس الامور و يزنها بمقياس الملاحظة و التأمل والفطنة و يطرحها على بساط التجربة التي تنقيها كما تنقى حبات القمح من الشوائب قبل طحنها ,ثم يعمد الى اعتمادها او اختبار بدائل لها او اجراء تغييرات عليها , حسب اختلاف ظروف الانسان نفسه من ناحية نسيج تركيبته الاجتماعية و الدينية و الاخلاقية و الامنية و الثقافية و غيرها… , و من ناحية تفاعله مع البيئة التي يعيش فيها و مواجهته لتحدياتها المستمرة منها والفجائية التي تأتي فقط من وقت لآخر…
ان البحث في أسلوب بناء الخيمة , ليس الا مدخلا بسيطا يقودنا الى نبذ عقلية التحضر التي تلغي فكر أجيال و أجيال عاشت على هذه الأرض و أعطت دروسا تطبيقية متقدمة , تجاوزت التنظير و التفكير و الفلسفة الى المسلمات و الممارسات اليومية على الأرض و صنفت في طرق تحفظها و تصونها من الزوال و الاندثار و في قوالب حسب الحالة , نجدها في اوعية مختلفة تحفظها كما تحفظ الكنوز , كالشعر و القصص و الاحاجي و النوادر الى الامثال و الحكم و حتى المحاظير “كأمحالي” و ترقى الى ربطها بالمقدسات كالسيرة النبوية و كلام الخالق جل علاه …
و في مجال البحث عن القوة التي ظلت تشغل بال العالم لا شك ان الدراسات الأخيرة انتبهت الى الدراسات الإنسانية , التي تبحث عن افضل السبل لتقوية الانسان لا من ناحية كسب لقمة البطن , بل كسب لقمة الفكر , و هناك شعوبا اندثرت عن آخرها و عصفت بها التيارات الحديثة السطحية التفكير التي انتجت منظومة فكرية ضعيفة و هشة و بلا امتدادات عميقة…
ان المنظومة الفكرية ان لم تكن متجذرة في أعماق الأرض فإن اجتثاثها يكون اسهل ما يكون , و لعل ذلك ينبهنا الى الاتفات الى تسميد الأرض و تغدية الجذور و إعطائها ما تستحقه من عناية و انتباه …
ان الاتجاه الى الثقافة بمفهوما الواسع هو السبيل الوحيد لحفظ الأمم من الزوال و لن يتأتى ذلك الى بالاعتناء بالذات بالنبش عن منابع ثقافتنا و الارتواء منها و الاقتات إليها و استخدام الطرق التعليمية الحديثة في البحث عنها و الاستفادة منها ..
و انه من البداهة بمكان ان نبني على الثقافة الاصيلة التي تمدنا بهيكل آمن , من ان نبني على ثقافة الغير التي لا نعطي موروثنا الأصلي ما يستحقة بل يجب الانكباب في تفسير تلك الظواهر التي ظلت تنتقل الينا و نجدها في ذواتنا و انفسنا و نستشعرها في حياتنا…
ان عجز المدارس الحديثة عن الاستفادة من تجارب الانسان الأسبق هي التي تدفعنا الى ضرورة انتهاج أساليب جديدة لتوصيل فكر اهل الصحراء و عقولهم و تجاربهم وما اكثرها وما اثراها وما اعمقها , وانها لمسؤولية تقع على عاتق الجميع , إن كنا فعلا نفكر في انسان قوي و صلب و متجذر يدرك و يحترم و يثمن تاريخه و تراثه و عبقرية اجداده التي لم تترك السلاح بتاتا و لم تذق جيوش الاستعمار الراحة ابدا على ارضه و حتى على ارض جيرانه , و اننا نتذكر ان سنة 1932 كانت معركة ام التونسي و ان 1957 و 1958 كانت أوكوفيون و ان الكفاح المسلح الذي قاده الشعب الصحراوي كان 1973 و انتهى مؤقتا بتركيع الغزاة و أخذهم بتلابيبهم و كسر كبريائهم و جرهم الى المنابر و المحافل الدولية رغم انفهم… ان تلك الروح و ذلك النفس الطويل , لم يأت صدفة , بل من طباع و مميزات و صفات نادرة متأصلة في كيان الانسان الصحراوي عصية على الذوبان و مصدر ثري لدراسة قوة الانسان على الثبات و مصدر فكر قد يقتات عليه العالم الجائع فكريا اليوم…

و ان الربط بين حركة البناء للبيت الصحراوي و ما للامر من مرونة و قدرة فائقة على الحركة و امتصاص الضغوط و التحول من وضعية الى أخرى بكل اريحية , الا امتدادا لحالة استمرت في التكوين العميق لفكر ذلك الانسان , و ما التحول السريع في سنوات قليلة من مجتمع ذي عقلية قبلية الى مجتمع دولة الا احدى تطبيقات حالة قوة المرونة هذه التي كانت و لا تزال تنجح دائما لان الانسان الصحراوي مهيأ لها أصلا و نرجوا ان تكون هذه فائدة لنا ندرسها و ننميها و نستفيد منها و هي جزء من قوى أخرى يمكن ان يكون هذا المقال المتواضع فاتحة لنقاشها و اثرائها و رؤيتها من زوايا أخرى…

بقلم حمدي حمودي كاتب من الصحراء الغربية
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف