الأخبار
إعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيين
2024/4/24
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

نظرية التطور عند علماء المسلمين ؟!بقلم : محمد احميمد

تاريخ النشر : 2016-05-29
لن أتحدث عن صحة نظرية التطور من عدم صحتها، فهذا ليس مبحثي هنا، وإنما سأتحدث عن نسبة القول بنظرية التطور لعلماء المسلمين وفلاسفتهم وتحقيقا لنصوصهم التي أوردوها، ومدى صحة نسبة القول بالتطور إليهم، حيث ينسب التطوريون المسلمون اليوم إلى المفكرين المسلمين القدامى قولهم بالانتخاب الطبيعي أو ما يعرف في المجال التداولي بنظرية التطور، وذلك من خلال ما جاء في كلامهم المدون في كتبهم والذي يوحي ظاهره بذلك، لكن بالرجوع إلى أصل النصوص المثبتة في كتبهم نجد معنى آخر غير الفهم الذي فهمه التطوريون، وهم في الحقيقة يوجِّهون النصوص توجيها يخدم قناعاتهم ليس إلا، وليس البحث عن الحقيقة كما هي.
والصحيح أن هؤلاء المفكرين القدامى إنما تحدثوا عن ترتيب الكائنات (النبات بدرجاته، الحيوان بدرجاته، الإنسان المدرك، الملائكة) حسب أهميتها وأفضليتها، وهذا بيّن لمن درس الفلسفة اليونانية والإسلامية وعرف سلم تصنيف الكائنات الحية عندهم، وليس أنهم تحدثوا عن التطور، فالتطور بمعناه الدرويني غير وارد أصلا، ولا يمكن أن نفهم من نصوصهم تلك هذا المعنى الذي فهمه التطوريون، وهم في الحقيقة إما فهموا النصوص خطأ أو أنهم حرفوا معانيها لتخدم رأيهم في التطور الإسلامي الدرويني.
وعلم التصنيف فرع من علم الأحياء يعنى بتقسيم الكائنات الحية ودرجتها، وقد أسهم العلماء المسلمون في تصنيف الكائنات الحية، كالجاحظ في كتابه الحيوان، والدميري في كتاب حياة الحيوان الكبرى، وابن البيطار وغيرهم.
وسأذكر هنا بعض النصوص لهؤلاء المفكرين القدامى التي استند عليها التطوريون المسلمون اليوم لتثبيت نظريتهم، موضحا معناها.
- مسكويه: هذا نص يقول فيه: "فأما اتصال الموجودات التي نقول أن الحكمة سارية فيها حتى إذا أوجدتها وأظهرت التدبير المتقن من قِبَل الواحد الحق في جميعها، حتى اتصل آخر كل نوع بأول نوع آخر، فسار كالسلك الواحد الذي ينظم خرزاً كثيراً على تأليف صحيح، وحتى جاء من الجميع عقد واحد".
في هذا النص يصف مسكويه أصناف الكائنات وترتيبها على بعضها، فشبهها بعقد الخرز مصفوف ليكون منظومة واحدة.
- إخوان الصفا: وقد جاء في رسائلهم: "تركبت على طول الزمان أنواع التراكيب، فالمعادن أشرف تركيبا في الأركان الأربع والنبات أشرف تركيبا من المعادن والحيوان أشرف تركيا من النبات, والإنسان أشرف تركيبا من جميع الحيوان".
وفيها أيضا: "آخر مرتبة النبات متصلة بأول مرتبة الحيوانية، وآخر مرتبة الحيوانية متصل بأول مرتبة الإنسانية، وآخر مرتبة الإنسانية متصل بأول مرتبة الملائكة".
لست أدري إن كانت الملائكة تطورت عن الإنسان فالنص يقتضي هذا، فلماذا لا يذكر التطوريون صنف الملائكة؟
- ابن سينا: حيث يقول في كتابه الإشارات والتنبيهات: "ما يحدث في عالمنا، إنما يجب عنه بمعاضدة الأفلاك. فالأفلاك تتحرك تحركا شرقيا فيلزم من قرب الكواكب وبعدها، خصوصا الشمس : الحرارة والبرودة، فتحدث الأبخرة والأدفئة وتتصاعد منها وتحدث منها الآثار العلوية وما يبقى في الأرض إذا لم يجد نفعا ووجد امتزاجا تحصل منه المعادن وإن وجد امتزاجا أكثر يحدث النبات وإن وجد امتزاجا أخر يحصل الحيوان غير الناطق وإن وجد امتزاجا آخر وأحسن وأعدل يحدث الإنسان.". فابن سينا هنا يتحدث عن امتزاج العناصر الأرضية، فبامتزاجها تتكون المعادن ثم بامتزاجها أكثر (أي العناصر) يكون النبات، ثم بامتزاج آخر لــ(العناصر) يكون الحيوان، ثم إن كان امتزاج أحسن لـتلك (العناصر) يكون الإنسان. وليس يفهم منها امتزاج تلك المتحصلات وإنما المقصود هو امتزاج تلك العناصر الأرضية، فابن سينا هنا يقول بالأصل الأرضي لكل الكائنات ولا يفهم منه أنه يقول بالتطور.
- الجاحظ: في كتاب الحيوان يقول: "إن المادة الواحدة مكونة من عناصر كثيرة تكمن فيها، فإذا ظهر عنصر واحد من هذه العناصر أمام أنظارنا، فهذا يعني سيطرته على العناصر الأخرى وتغلبه عليها". هذا النص يفهم منه أن الجاحظ يتكلم عن العناصر المكونة للمادة وإذا سيطر عنصر كان هو السيمة البارزة للمادة، فهذه محاولة لتوجيه النص إلى ما يفيد التطور دون أن يقصد صاحب النص ذلك.
- ابن خلدون: وهو أهم نص من النصوص القديمة التي يستندون عليها من خلال فقرة منزوعة من السياق ويذكر فيها (القردة) وفي نسخ أخرى (القدرة)، لكن سنكون علميين ونقول بأن المهتمين بمراقبة الكتب المطبوعة غيروها من (القردة) إلى (القدرة) ظنا منهم أنها تصحيف، ورغم ذلك فإن الكلمة لا تحقق غرض التطوريين المسلمين بالمرة، حيث يقول في كتاب المقدمة: "ثم انظر إلى عالم التكوين كيف ابتدأ من المعادن ثم النبات ثم الحيوان على هيئة بديعة من التدريج. آخر أفق المعادن متصل بأول أفق النبات مثل الحشائش، وما لا بذر له، وآخر أفق النبات مثل النخل والكرم متصل بأول أفق الحيوان مثل الحلزون والصدف، ولم يوجد لهما إلا قوة اللمس فقط ومعنى الاتصال في هذه المكونات أن آخر أفق منها مستعد بالاستعداد الغريب لأن يصير أول أفق الذي بعده. واتسع عالم الحيوان وتعددت أنواعه، وانتهى في تدريج التكوين إلى الانسان صاحب الفكر والروية، ترتفع إليه من عالم القردة الذي اجتمع فيه الحس والإدراك، ولم ينته إلى الروية والفكر بالفعل، وكان ذلك أول أفق من الإنسان بعده. وهذا غاية شهودنا.". إنتهى النص.
فهذا النص وحده لا يسعف التطوريين فكيف إذا أعدناه إلى سياق كلام ابن خلدون كله، إذ يقول: "اعلم أرشدنا الله وإياك، أنا نشاهد هذا العالم بما فيه من المخلوقات كلها على هيئة من الترتيب والإحكام، وربط الأسباب بالمسببات، واتصال الأكوان بالأكوان، واستحالة بعض الموجودات إلى بعض، لا تنقضي عجائبه في ذلك ولا تنتهي غاياته.
وأبدأ من ذلك بالعالم المحسوس الجثماني. وأولاً عالم العناصر المشاهدة كيف تدرج صاعداً من الأرض إلى الماء ثم إلى الهواء ثم إلى النار متصلاً بعضها ببعض. وكل واحد منها مستعد إلى أن يستحيل إلى ما يليه صاعداً وهابطاً، ويستحيل بعض الأوقات.
ثم انظر إلى عالم التكوين كيف ابتدأ من المعادن ثم النبات ثم الحيوان على هيئة بديعة من التدريج. آخر أفق المعادن متصل بأول أفق النبات مثل الحشائش، وما لا بذر له، وآخر أفق النبات مثل النخل والكرم متصل بأول أفق الحيوان مثل الحلزون والصدف، ولم يوجد لهما إلا قوة اللمس فقط ومعنى الاتصال في هذه المكونات أن آخر أفق منها مستعد بالاستعداد الغريب لأن يصير أول أفق الذي بعده. واتسع عالم الحيوان وتعددت أنواعه، وانتهى في تدريج التكوين إلى الانسان صاحب الفكر والروية، ترتفع إليه من عالم القردة الذي اجتمع فيه الحس والإدراك، ولم ينته إلى الروية والفكر بالفعل، وكان ذلك أول أفق من الإنسان بعده. وهذا غاية شهودنا.
ثم إنا نجد في العوالم على اختلافها آثاراً متنوعة: ففي عالم الحس آثار من حركات الأفلاك والعناصر، وفي عالم التكوين آثار من حركة النمو والإدراك، تشهد كلها بأن لها مؤثراً مبايناً للأجسام. فهو روحاني ويتصل بالمكونات لوجود اتصال هذا العالم في وجودها، وذلك هو النفس المدركة والمحركة. ولا بد فوقها من وجود آخر يعطيها الإدراك والحركة، ويتصل بها أيضاً، ويكون ذاته إدراكاً صرفاً وتعقلاً محضاً، وهو عالم الملائكة. فوجب من ذلك أن يكون للنفس استعداد للانسلاخ من البشرية الى الملكية لتصير بالفعل من جنس الملائكة وقتاً من الأوقات في لمحة من اللمحات، وذلك بعد أن تكمل ذاتها الروحانية بالفعل كما نذكره بعد، ويكون لها اتصال بالأفق الذي بعدها، شأن الموجودات المرتبة كما قدمناه.".
أنظر السياق الذي ورد فيه النص كيف يخرج عن المعنى الذي أوردوه، وهذا ليس من البحث العلمي في شئ، فالبحث العلمي يقتضي البحث عن الحقيقة والإيمان بها كما هي.
كل تأويل لهذه النصوص إلى ما يفيد القول بالتطور فهو تأويل فاسد، وكل كلام ينسب لهؤلاء المفكرين قولهم بنظرية التطور فهو كلام فارغ لا أساس له من الصحة.
أقول هذا ليس نقضا لنظرية التطور، فهذا ليس مبحثي هنا، بل تبيانا للحق وإظهارا لعملية تزييف النصوص التي يقوم بها أصحاب نظرية التطور الإسلامية-الدروينية خدمة لآيديولوجيتهم وليس بحثا عن الحقيقة.


محمد احميمد
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف