ملاحظة : أحداث القصة مأخوذة من واقع عايشه الكاتب إبتداءاً من تاريخ ٢٠-٨-٢٠١٤ حتى النهاية بتاريخ ١٣-٤-٢٠١٦ و الكثير الكثير قد تم حذفه من أحداث خاصة...
ثائر ، شابٌ عشريني ،طالبٌ جامعيٌ مثقفٌ و يساري ، أمضى حياته في سبيل قضيته و حب الوطن و التضحية من أجله ، عنيفٌ جداً و عنيد لدرجة غير معقولة و مخيفة، فمزاجه خليطٌ مرعب من وحشية المقاتل السوفيتي و عقلية الثائر الفلسطيني، و لكن كان ذاك مجرد قشرةٍ خارجية لحماية الإنسان الهش بداخله ، لإخفاء ثائر الطيب البسيط المُحب .
ميرا ، صبية ٌ ذات ال١٧ ربيعاً ، ذات الجمال الملائكي ، الناتج عن مزج سحر الروح الفلسطينية البسيطة، بالجمال السوفيتي الغير معتاد ، الطالبة الطموحة لدراسة الطب لتصبح فرداً مفيداً منتجاً في وطنها ، لتكون ملاكَ رحمةٍ للجميع دون إستثناء .
ثائر و ميرا هما أبطال هذه القصة ، و التي يبدو من خلال تفاصيل شخصياتهما أن دروبهم لن تتقاطع ، و لن يلتقيا و لو لمجرد الصدفة ، و لكن هذا ما حصل ، فقد حدث الأمر خلال آخر عدوان قام به الصهاينة على غزة ، حيث سافرت ميرا برفقة والديها لوطنها الأم "روسيا" ، هروباً من ضربات المدافع الشرسة و صواريخ الطائرات العمياء ، التي لا تميز بين عسكريٍ و مدني ولا حجر أو شجر .
ثائر أيضاً خرجت عائلته كما هو حال باقي العائلات الأجنبية عن طريق الإجلاء للعودة ل "روسيا" ، و لكن ثائر رفض الخروج ، أصرّ على البقاء مدافعاً عن تراب فلسطين ، بكل ما أوتي من قوة و إنتماء لهذا الوطن الذي إستنشق هوائه و أكل من خيراته و إستلقى تحت أشجار زيتونه منذ نعومة أظفاره، فكان يعود من أرض المعركة ليومٍ أو يومين يستريح فيهما من إرهاق القتال المستمر ، و يمارس حياته بشكلٍ طبيعي مثله مثل أي شابٍ في عمره، كي لا يكتشف أحد شخصيته كمقاوم في وجه الإحتلال ، فلم يكن أحدٌ يعرف ذلك و يعرف ماهية ثائر الحقيقية .
و في منتصف العدوان الغاشم ، في يومٍ كان ثائر جالساً على أحد مواقع التواصل الإجتماعي ، يطمئن على أصدقاءه و صديقاته الذين غادروا القطاع لينجو بحياتهم ، و كان قد تعرف على ميرا منذ مدة قصيرة، و أُعجبا بأفكار أحدهما الآخر ، و لفارق السن و زيادةً في الدلع كان يناديها يا إبنتي ، و كانت تناديه يا أبي ، و كان يغيب ثائر لأيام دون الدخول و الحديث مع أحد لإنشغاله بعمله ، تنامت العلاقة بشكل سريعٍ جداً ، و حدثت المفاجأة ، لقد وقعا في الغرام ، روحين التقيتا دون إلتقاء الأجساد ، و لكن أخفيا مشاعرهما لإنشغال ثائر الدائم و لخوف ميرا من بدء أول علاقة حب في حياتها .
ليلة الأربعاء ، الموافق ٢٢-٨-٢٠١٤ ,في تمام الساعة ١١ ليلاً ، يعود ثائر للمنزل ، يقلع زيَّهُ العسكري الممزق ، يستحم ، يسرع لفتح الإنترنت للإطمئنان على ميرا ، التي أصبح هوساً يلاحقه في صحوته و منامه، في راحته و حتى قتاله في الميدان ، أصبحت دافعه الأقوى للبقاء صامداً في أرض المعركة ، و كان قد إتخذ قراره بالبوح لها بحبه الشديد ، و اذا به يتفاجأ خلال حديثه معها ، بأنها تبدأ الثورة على قلبه ، و أعلنت قلبه ولايتها الخاصة ، و نطقت بكلمات الحب أول مرة ، و هنا توقف قلب ثائر لثواني ، يا إلهي ، ما هذه الفرحة ، هل سيكون حقارةً لو طلبت من الله شيئاً أكثر من هذا ؟ طبعا سيكون حماقةً كذلك ! ، اعترف ثائر تلقائياً بولعه بها ، و أصبحا بذلك حبيبين أبعدتهما الحرب و سيجمعهما الوطن ...
و كما هو متعارف في بلاد الشرق الرجعية ، فإن الحب محرم ، و الغرام مذموم ، و الصداقة بين الجنسين مكروهة ، فقد علم والد ميرا بالعلاقة البريئة التي وُلدت بينهما ، فقام بالتهديد و الوعيد ، و فرق بينهما رغماً عنهما لأول مرة .
بعد مرور ٤ اشهر من المعاناة و لوعة و ألم الإشتياق ، و إحتراقهما بنار الوحدة و الفراق الظالمة ، و في لحظةٍ مثلت لهما عودة الروح للجسد ، رن هاتف ثائر من رقمٍ غريب ، فقام بالرد ، إنها ميرا !
نعم كانت ميرا تبكي فرحاً ، و بكى هو فرحاً كذلك ، يا إلهي كيف يستطيع أثير صوتٍ بسيط ، يخترق المسافات بلحظة ، أن يعيد الفرحة لقلبين إحترقا بفعل الفراق .
بعد أسبوعٍ كان اللقاء في عيد ميلادها ، كانا سيشاهدا بعضهما البعض لأول مرة ، فذهب ثائر مسرعاً نحو مدرستها الثانوية ، و كان يبحث عن الرمز المميز الذي ميزت نفسها به " حقيبة جلدية زهرية اللون ذات زركشات زرقاء بسيطة" ، و يبحث بين مئات الفتيات عن معشوقته سماوية العينين ، فإذا بالعيون تلتقي لترسم البسمة على شفاه العاشقين ، كم إنتظرا هذه اللحظة ، ليس ليتكلما أو ليسيرا سوياً ، أو حتى ليقَبِلا بعضهما البعض كما يحدث في افلام الغرام ، بل انتظرا لحظة اللقاء الأولى ، لينظرا في وجهي بعضهما البعض لدقائق ، و عن بعد مسافةٍ لم تتجاوز المترين ، شعرا كأنها ملايين الأمتار ..
مر شهرين على خير ، إلى أن إكتشف والدها علاقتهما مجدداً ، ليعيد بسطوته و رجعيته الألم لقلبي العاشقين ، و فرقهما دون رحمة أو أدنى تفاهم ، ليعودا يفترشا السماء أرضاً خصبةً لتأملاتهم ، ليزرعا الأحلام أملاً في اللقاء مجدداً و البقاء سوياً للأبد ...
مرّ شهرين و نصف الشهر ، كأنها مئتين و خمسون عاماً ، كان يذهب ثائر مرةً او مرتين في الشهر ليلقي نظرةً من بعيد على معشوقته الفاتنة ، و عادا للحديث ،و إستمرا معاً و عاشا أسطورة حبٌ شكسبيرية مؤلمة و عذبة ، في أحد الأيام إكتشف والدها للمرة الثالثة أمرهم ، فقام بالتهديد و الوعيد ، فقام ثائر بإخبار والديه بالحقيقة الكاملة، و برغبته الجنونية بالزواج من ميرا و أنه لن يقبل يغير هذا الحل و لن يقبل التأجيل مهما حصل ، فذهب والديه في اليوم التالي لطلب يدها له ، و إتفقا مع والديها على أن تتم خطبتهما رسمياً في الصيف المقبل ، بعد الإنتهاء من الإختبارات الثانوية أي بعد ثلاثة أشهر فقط ...
شعر العاشقين أن كل شيء حلما به قد تحقق ، فها هما سيكونان زوجين كما أرادا منذ سنتين ، سنة و نصف إمتلئتا بالدموع و المخاطرة و الإختباء ، و الآن سيصبحان زوجين أمام الملأ ، و لكن ذلك لم يتم ..
للأسف ،و بشكلٍ صادمٍ و غير متوقع ، قام والدها بشكلٍ مفاجىء بفسخ خطبتهما ، و التراجع عن وعوده بتزويج ميرا لثائر ، دون الإفصاح عن أي سبب ، فلم يستسلم ثائر ، و حاول فعل كل ما يستطيع ، لإرجاع معشوقته الوحيدة ، و لكن دون جدوى .
في ليلة أحد الأيام قرر أن يواجه والدها ، و يحاوره و يحاول إقناعه و معرفة دوافعه لحرمانهما من بعضهما البعض بعد أن كانا شبه مخطوبين . فارسل له رسالة طالباً منه اللقاء ، فما كان الرد سوى بالرفض ! ، لربما كان خوفاً من اللقاء أو لإخفاء الملامح و المشاعر الحقيقية عن ثائر لذلك رفض والدها مقابلته رفضاً تاماً ، و فضّل أن يتحدثا على الهاتف ، فكان له ما يريد ، تحدثا لمدة ربع ساعة ، أحس ثائر فيها أنها ربع قرن ، شرح خلالها والدها أسبابه كاملةً ، رغم عدم إقتناع ثائر بما قاله والدها بتاتاً و لكنه وافقه لإحترامه له ك والده لا أكثر ، كيف يمكن لشخص متعلم و يحمل شهادةً رفيعةً في الطب أن يتحجج بسبب تافه، ذاك السبب الحقير ، الذي لطالما دمر العلاقات الإجتماعية في مجتمعنا ، و ربطه و إيعازه للعادات و التقاليد الحقيرة ، التي إنتهت و لكن ما زال يتمسك بها بعض الرجعيين ، كان سببه أنه " عائلتي بترفض نزوج بنتنا لمهاجر و نطلعها برا المدينة يلي احنا ساكنين فيها و المدينة يلي انتا فيها بعيدة " ، يا لها من حِجة تعيسة ، حاول ثائر أن يقنعه لكنه فشل في ذلك ، فكيف يمكنه أن يُجابه رجعية مستشرية في عقل شخص بعمر والده و يكن له بعض الإحترام ...
صراعه الذي استمر لسنة و نصف مع رفيقته و معشوقته في وجه الرجعية لأجل الحب قد قُتل ، قُتل بسلاحٍ صدىء ، إسمه العادات و التقاليد ، و التمييز بين المواطن و المهاجر ، إنه التعصب الأعمى ، الذي لن يزول عن تلك الفئة الضالة من المجتمع حتى و إن كانوا من حملة شهادات الطب و الهندسة و أعلى المراتب التعليمية ، فالرجعية ستبقى رجعية لطالما لم يتحرر من تحتها بإرادتهم ...
بقلم: تامر سلامة " أبو جيفارا"
ثائر ، شابٌ عشريني ،طالبٌ جامعيٌ مثقفٌ و يساري ، أمضى حياته في سبيل قضيته و حب الوطن و التضحية من أجله ، عنيفٌ جداً و عنيد لدرجة غير معقولة و مخيفة، فمزاجه خليطٌ مرعب من وحشية المقاتل السوفيتي و عقلية الثائر الفلسطيني، و لكن كان ذاك مجرد قشرةٍ خارجية لحماية الإنسان الهش بداخله ، لإخفاء ثائر الطيب البسيط المُحب .
ميرا ، صبية ٌ ذات ال١٧ ربيعاً ، ذات الجمال الملائكي ، الناتج عن مزج سحر الروح الفلسطينية البسيطة، بالجمال السوفيتي الغير معتاد ، الطالبة الطموحة لدراسة الطب لتصبح فرداً مفيداً منتجاً في وطنها ، لتكون ملاكَ رحمةٍ للجميع دون إستثناء .
ثائر و ميرا هما أبطال هذه القصة ، و التي يبدو من خلال تفاصيل شخصياتهما أن دروبهم لن تتقاطع ، و لن يلتقيا و لو لمجرد الصدفة ، و لكن هذا ما حصل ، فقد حدث الأمر خلال آخر عدوان قام به الصهاينة على غزة ، حيث سافرت ميرا برفقة والديها لوطنها الأم "روسيا" ، هروباً من ضربات المدافع الشرسة و صواريخ الطائرات العمياء ، التي لا تميز بين عسكريٍ و مدني ولا حجر أو شجر .
ثائر أيضاً خرجت عائلته كما هو حال باقي العائلات الأجنبية عن طريق الإجلاء للعودة ل "روسيا" ، و لكن ثائر رفض الخروج ، أصرّ على البقاء مدافعاً عن تراب فلسطين ، بكل ما أوتي من قوة و إنتماء لهذا الوطن الذي إستنشق هوائه و أكل من خيراته و إستلقى تحت أشجار زيتونه منذ نعومة أظفاره، فكان يعود من أرض المعركة ليومٍ أو يومين يستريح فيهما من إرهاق القتال المستمر ، و يمارس حياته بشكلٍ طبيعي مثله مثل أي شابٍ في عمره، كي لا يكتشف أحد شخصيته كمقاوم في وجه الإحتلال ، فلم يكن أحدٌ يعرف ذلك و يعرف ماهية ثائر الحقيقية .
و في منتصف العدوان الغاشم ، في يومٍ كان ثائر جالساً على أحد مواقع التواصل الإجتماعي ، يطمئن على أصدقاءه و صديقاته الذين غادروا القطاع لينجو بحياتهم ، و كان قد تعرف على ميرا منذ مدة قصيرة، و أُعجبا بأفكار أحدهما الآخر ، و لفارق السن و زيادةً في الدلع كان يناديها يا إبنتي ، و كانت تناديه يا أبي ، و كان يغيب ثائر لأيام دون الدخول و الحديث مع أحد لإنشغاله بعمله ، تنامت العلاقة بشكل سريعٍ جداً ، و حدثت المفاجأة ، لقد وقعا في الغرام ، روحين التقيتا دون إلتقاء الأجساد ، و لكن أخفيا مشاعرهما لإنشغال ثائر الدائم و لخوف ميرا من بدء أول علاقة حب في حياتها .
ليلة الأربعاء ، الموافق ٢٢-٨-٢٠١٤ ,في تمام الساعة ١١ ليلاً ، يعود ثائر للمنزل ، يقلع زيَّهُ العسكري الممزق ، يستحم ، يسرع لفتح الإنترنت للإطمئنان على ميرا ، التي أصبح هوساً يلاحقه في صحوته و منامه، في راحته و حتى قتاله في الميدان ، أصبحت دافعه الأقوى للبقاء صامداً في أرض المعركة ، و كان قد إتخذ قراره بالبوح لها بحبه الشديد ، و اذا به يتفاجأ خلال حديثه معها ، بأنها تبدأ الثورة على قلبه ، و أعلنت قلبه ولايتها الخاصة ، و نطقت بكلمات الحب أول مرة ، و هنا توقف قلب ثائر لثواني ، يا إلهي ، ما هذه الفرحة ، هل سيكون حقارةً لو طلبت من الله شيئاً أكثر من هذا ؟ طبعا سيكون حماقةً كذلك ! ، اعترف ثائر تلقائياً بولعه بها ، و أصبحا بذلك حبيبين أبعدتهما الحرب و سيجمعهما الوطن ...
و كما هو متعارف في بلاد الشرق الرجعية ، فإن الحب محرم ، و الغرام مذموم ، و الصداقة بين الجنسين مكروهة ، فقد علم والد ميرا بالعلاقة البريئة التي وُلدت بينهما ، فقام بالتهديد و الوعيد ، و فرق بينهما رغماً عنهما لأول مرة .
بعد مرور ٤ اشهر من المعاناة و لوعة و ألم الإشتياق ، و إحتراقهما بنار الوحدة و الفراق الظالمة ، و في لحظةٍ مثلت لهما عودة الروح للجسد ، رن هاتف ثائر من رقمٍ غريب ، فقام بالرد ، إنها ميرا !
نعم كانت ميرا تبكي فرحاً ، و بكى هو فرحاً كذلك ، يا إلهي كيف يستطيع أثير صوتٍ بسيط ، يخترق المسافات بلحظة ، أن يعيد الفرحة لقلبين إحترقا بفعل الفراق .
بعد أسبوعٍ كان اللقاء في عيد ميلادها ، كانا سيشاهدا بعضهما البعض لأول مرة ، فذهب ثائر مسرعاً نحو مدرستها الثانوية ، و كان يبحث عن الرمز المميز الذي ميزت نفسها به " حقيبة جلدية زهرية اللون ذات زركشات زرقاء بسيطة" ، و يبحث بين مئات الفتيات عن معشوقته سماوية العينين ، فإذا بالعيون تلتقي لترسم البسمة على شفاه العاشقين ، كم إنتظرا هذه اللحظة ، ليس ليتكلما أو ليسيرا سوياً ، أو حتى ليقَبِلا بعضهما البعض كما يحدث في افلام الغرام ، بل انتظرا لحظة اللقاء الأولى ، لينظرا في وجهي بعضهما البعض لدقائق ، و عن بعد مسافةٍ لم تتجاوز المترين ، شعرا كأنها ملايين الأمتار ..
مر شهرين على خير ، إلى أن إكتشف والدها علاقتهما مجدداً ، ليعيد بسطوته و رجعيته الألم لقلبي العاشقين ، و فرقهما دون رحمة أو أدنى تفاهم ، ليعودا يفترشا السماء أرضاً خصبةً لتأملاتهم ، ليزرعا الأحلام أملاً في اللقاء مجدداً و البقاء سوياً للأبد ...
مرّ شهرين و نصف الشهر ، كأنها مئتين و خمسون عاماً ، كان يذهب ثائر مرةً او مرتين في الشهر ليلقي نظرةً من بعيد على معشوقته الفاتنة ، و عادا للحديث ،و إستمرا معاً و عاشا أسطورة حبٌ شكسبيرية مؤلمة و عذبة ، في أحد الأيام إكتشف والدها للمرة الثالثة أمرهم ، فقام بالتهديد و الوعيد ، فقام ثائر بإخبار والديه بالحقيقة الكاملة، و برغبته الجنونية بالزواج من ميرا و أنه لن يقبل يغير هذا الحل و لن يقبل التأجيل مهما حصل ، فذهب والديه في اليوم التالي لطلب يدها له ، و إتفقا مع والديها على أن تتم خطبتهما رسمياً في الصيف المقبل ، بعد الإنتهاء من الإختبارات الثانوية أي بعد ثلاثة أشهر فقط ...
شعر العاشقين أن كل شيء حلما به قد تحقق ، فها هما سيكونان زوجين كما أرادا منذ سنتين ، سنة و نصف إمتلئتا بالدموع و المخاطرة و الإختباء ، و الآن سيصبحان زوجين أمام الملأ ، و لكن ذلك لم يتم ..
للأسف ،و بشكلٍ صادمٍ و غير متوقع ، قام والدها بشكلٍ مفاجىء بفسخ خطبتهما ، و التراجع عن وعوده بتزويج ميرا لثائر ، دون الإفصاح عن أي سبب ، فلم يستسلم ثائر ، و حاول فعل كل ما يستطيع ، لإرجاع معشوقته الوحيدة ، و لكن دون جدوى .
في ليلة أحد الأيام قرر أن يواجه والدها ، و يحاوره و يحاول إقناعه و معرفة دوافعه لحرمانهما من بعضهما البعض بعد أن كانا شبه مخطوبين . فارسل له رسالة طالباً منه اللقاء ، فما كان الرد سوى بالرفض ! ، لربما كان خوفاً من اللقاء أو لإخفاء الملامح و المشاعر الحقيقية عن ثائر لذلك رفض والدها مقابلته رفضاً تاماً ، و فضّل أن يتحدثا على الهاتف ، فكان له ما يريد ، تحدثا لمدة ربع ساعة ، أحس ثائر فيها أنها ربع قرن ، شرح خلالها والدها أسبابه كاملةً ، رغم عدم إقتناع ثائر بما قاله والدها بتاتاً و لكنه وافقه لإحترامه له ك والده لا أكثر ، كيف يمكن لشخص متعلم و يحمل شهادةً رفيعةً في الطب أن يتحجج بسبب تافه، ذاك السبب الحقير ، الذي لطالما دمر العلاقات الإجتماعية في مجتمعنا ، و ربطه و إيعازه للعادات و التقاليد الحقيرة ، التي إنتهت و لكن ما زال يتمسك بها بعض الرجعيين ، كان سببه أنه " عائلتي بترفض نزوج بنتنا لمهاجر و نطلعها برا المدينة يلي احنا ساكنين فيها و المدينة يلي انتا فيها بعيدة " ، يا لها من حِجة تعيسة ، حاول ثائر أن يقنعه لكنه فشل في ذلك ، فكيف يمكنه أن يُجابه رجعية مستشرية في عقل شخص بعمر والده و يكن له بعض الإحترام ...
صراعه الذي استمر لسنة و نصف مع رفيقته و معشوقته في وجه الرجعية لأجل الحب قد قُتل ، قُتل بسلاحٍ صدىء ، إسمه العادات و التقاليد ، و التمييز بين المواطن و المهاجر ، إنه التعصب الأعمى ، الذي لن يزول عن تلك الفئة الضالة من المجتمع حتى و إن كانوا من حملة شهادات الطب و الهندسة و أعلى المراتب التعليمية ، فالرجعية ستبقى رجعية لطالما لم يتحرر من تحتها بإرادتهم ...
بقلم: تامر سلامة " أبو جيفارا"