الأخبار
وفد حماس يغادر القاهرة للعودة برد مكتوب على المقترح الجديد لوقف إطلاق الناربلينكن: أمام حماس مقترح سخي جداً وآمل أن تتخذ القرار الصحيح سريعاًتضامناً مع فلسطين.. احتجاجات الجامعات الأميركية تتسع وسط مخاوف إلغاء مراسم التخرجتل أبيب تستعد لإصدار الجنائية الدولية أوامر اعتقال ضد مسؤولين إسرائيليين كبارإعلام إسرائيلي: 30 جندياً في الاحتياط يرفضون الاستعداد لاجتياح رفحقناة كان: القيادة الإسرائيلية منقسمة بشأن مستقبل الحرب في غزةارتفاع درجات الحرارة يفاقم معاناة النازحين في غزة ويزيد من البؤس اليوميالأمم المتحدة: إزالة الركام من قطاع غزة قد تستغرق 14 عاماًتصاعد الاحتجاجات الطلابية في الجامعات الأميركية ضد الحرب الإسرائيلية على غزةتفاصيل المقترح المصري الجديد بشأن صفقة التبادل ووقف إطلاق النار بغزةإعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيا
2024/4/30
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

التجربة التركية هل تعرف طريقها الى العرب ؟!بقلم: إلهام الحدابي

تاريخ النشر : 2016-05-24
التجربة التركية هل تعرف طريقها الى العرب ؟!

قبل أن يكمل العام رحل أوغلو عن السلطة دون أن يوضح الأسباب الحقيقية، كلما وصل للرأي العام مفاده أنه لا يمكن لقبطانين أن يقودا سفينة واحدة، أردوغان الذي يفضل النظام الرئاسي حماية لتركيا من تأثير الدولة العميقة كان يحمل وجهة نظر مختلفة عن رفيق دربه أوغلو الذي قرر أن يطبق ما يؤمن به من قيم، ليتخلى عن منصبه حتى لا يتخلى عن رفاق مسيرة النهضة.

ودع داؤود اوغلو حياة المناصب بابتسامته المعهودة، ولم يزد على خطاب قصير اختار فيه كلماته بعناية، وبرحيل منظر وفيلسوف تركيا الجديدة أصبح مكانه فارغاً، وعلى الرغم من علمه أنه ليس ثمة شخص آخر سيحمل وزنه، لم يعترض على التنازل المبكر سعياً منه للحفاظ على وحدة الصف، وحدة الصف التي تحفظ تركيا ذات الدور الاستراتيجي كما نظر لها سابقاً، المشهد التركي يحمل خصائصه السياسية والاجتماعية والتارخية الخاصة به، وعلى الرغم من اشتراكه في كثير من القواسم  مع تاريخ الدول العربية إلا أن الفرق الجوهري بين التاريخين، هو أن الأتراك –بعد جهد- تمكنوا من القفز فوق مربع الخلافات الجانبية ليحموا الوطن، الوطن الذي ان ذهب لا يوجد شيء يعوضه.

لا زالت جروح الانقلابات العسكرية طرية في الذاكرة التركية، فحزب العدالة والتنمية ليس قديماً كقدم الجمهوريات والملكيات الهشة التي تعشعش فوق بلاد العرب، ومع ذلك تمكن الحزب من فهم المعادلة بسرعة، الإنسان وتلبية احتياجاته هي مفتاح النجاح الذي حققه الحزب منذ بداياته الأولى في الاهتمام بالخدمات التي تقدمها البلديات، اضافة إلى أن التجربة الديمقراطية التركية لا زالت ناشئة كونها لم تحقق كل مقتضيات الديمقراطية وعلى رأسها حماية الحقوق والحريات، ومع ذلك تعتبر تجربة الحزب الأخيرة ناجحة الى حد ما، لكن السبب الرئيسي في نجاح الحزب هو تفاعل الشعب التركي نفسه مع التجربة الديمقراطية في تركيا، إذا انه قرر وفي لحظة معينة ألا يصوت لنفس الحزب بسبب بعض الاخطاء التي كان يجب أن تصحح، وبعد أن جاءت نتائج الانتخابات مقلقة لم تفضي لتشكيل حكومة موحدة، تم اعادة الانتخابات التركية وتعلم الحزب الدرس الذي أراده الشعب.

في المقابل نقف أمام قصص الشعوب العربية التي تاقت إلى أن تسمع صوتها على مدار قرون، وليس فقط في الثورات الأخيرة، الشعوب التي وصلها مفهوم الديمقراطية مشوهاً، بسبب تدليس الديكتاتوريات، وبسبب العقول المتشددة التي ألغت فكرة الاستفادة من الآخر بدعوى الاكتفاء بالذات، الشعوب التي صفت طوابيرها في قيض الشمس ، وزمهرير الشتاء لتصوت للحاكم الفرد، الحاكم الذي أصبح صنماً يقتل كل أحلام الحرية والانعتاق، لم تكن جريمة الشعوب العربية أنها لم تفهم الديمقراطية وحسب، بل ذنبها الأكبر أنها لم تستفد من اخطائها، لازال جلادي اليوم يستخدمون نصف الشعب ليستعبد النصف الآخر كما نرى في كثير من دول الثورات العربية.

بالطبع لا يوجد قواسم كثيرة مشتركة للمقارنة بين التجربة التركية والتجارب العربية لوجود اختلافات جوهرية بينهما، لكن يمكننا أن نعقد مقاربات من أجل الاستفادة ، حزب العدالة والتنمية خرج من رحم المجتمع، المجتمع الذي تبنى قيم أتاتورك نفسه، هذا لا يعني أن تركيا اليوم ليست دولة اسلامية، بل هي كذلك لكن وفق نموذج حضاري، بينما النماذج الأخرى وإن كانت اسلامية إلا أنها لم تصل بعد إلى نستوى يمكننا أن نصفه بالحضاري، ويوضح المفكر الإسلامي القدير علي عزت بيجوفتش الحضارة باعتبارها تفاعل الإنسان مع الطبيعة، التفاعل الذي ينتج صناعات وتقدم ملموس على مختلف الجوانب المادية، بينما تأتي الثقافة لتهذب الجانب الروحي والقيمي للمجتمعات وتخلق التوازن في المجتمع الحضاري، تركيا التي استطاعت أن تحول موقعها من مشكلة إلى موقع استراتيجي ، تمكنت من القفز بمستواها الاقتصادي بشكل كبير أهلها لان تحمل مشروعها الخاص في المنطقة.

حتى الآن لا يوجد أي مشروع(عربي) في المنطقة، لا في امبراطوريات النفط، ولا في الملكيات البالية، كلها تقع في هامش المشروع الأمريكي حتى اللحظة، المشروع العربي غاب لعدة أسباب، أبرزها غياب مفهوم (الإنسان أولاً) من كل المشاريع القديمة والحديثة على حد سواء، المشروع الأمريكي البرغماتي انطلق من هذا المنطلق لكن وفقه سياسة الرأسمالية، التي تصنف الناس على حسب قدراتهم المالية، ولهذا لا بأس عندها من موت آلاف البشر في المناطق العربية التي تقع تحت اطار مشروعها، باعتبارها وسيلة ليس إلا، وما يؤكد على هذا هو الانقلاب المفاجئ والكبير في الموقف الأمريكي بعد توقيع اتفاق لوزان مع ايران خلال العام المنصرم.

لا ينبغي أن يطول بنا الحال إلى مالا نهاية، فالقتل ليس أسواء ما يوجه الشعوب العربية كما قد نظن، بل هو الاستلاب الحضاري الذي نعاني منه منذ قرون، فشل المجددون الأوائك الذين دعوا إلى ارتداء البنطلون الغربي ونبذ الرداء العربي بالمرة، لأن ذلك البنطلون ليس بالضرورة ان يكون على مقاساتنا، كما أنه ليس من المعقول أن نبتدي عصر القرون الوسطى بتجريم دور العقل، وتعليقه تحت ذريعة (انا وجدنا آباءنا على أمة وانا على آثارهم مقتدون)، ما يتحتم علينا في هذه اللحظة التاريخية هو أن نفتح أعيننا جيداً لنتعلم، ونفقه الواقع، ونستفيد من تلك التجارب القريبة لنا، التجارب التي تحمل بعض هويتنا، علنا نتمكن من فهم مداخلها ومخارجها فنعرف كيف نصل إلى الطريق الصحيح.

لا نزعم أن تركيا هي النموذج الأفضل، فهناك نماذج عديدة ورائعة منها النموذج الماليزي والأندنوسي وغيرها من النماذج الجيدة، لكن العبرة في النموذج التركي أنه يحمل كثير من ملامح المعاناة التي خاضتها الشعوب العربية من انقلابات سياسية واضطرابات اقتصادية، ومن هنا  يمكننا أن نتعلم أكثر.

علينا ألا ننسى أن أوغلوا صاحب نظرية (العمق الاستراتيجي)رحل بكل سلام وصمت من السلطة، لم يسقط قطرة دم واحدة، رغم أنه كان قادر على أن يفعل ذلك، لم يفكر حتى في ان يثأر لكرامته أو يشوه سمعة الآخرين ان جاز لنا التعبير، رحل وعلى وجهه ابتسامة نفتقدها كشعوب عربية لم ترحل زعاماتها الشمعية حتى اللحظة، ولا زالت تسفك دم شعوبها من أجل البحث عن مجد لن يأتي أبداً.
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف