الأخبار
وفد حماس يغادر القاهرة للعودة برد مكتوب على المقترح الجديد لوقف إطلاق الناربلينكن: أمام حماس مقترح سخي جداً وآمل أن تتخذ القرار الصحيح سريعاًتضامناً مع فلسطين.. احتجاجات الجامعات الأميركية تتسع وسط مخاوف إلغاء مراسم التخرجتل أبيب تستعد لإصدار الجنائية الدولية أوامر اعتقال ضد مسؤولين إسرائيليين كبارإعلام إسرائيلي: 30 جندياً في الاحتياط يرفضون الاستعداد لاجتياح رفحقناة كان: القيادة الإسرائيلية منقسمة بشأن مستقبل الحرب في غزةارتفاع درجات الحرارة يفاقم معاناة النازحين في غزة ويزيد من البؤس اليوميالأمم المتحدة: إزالة الركام من قطاع غزة قد تستغرق 14 عاماًتصاعد الاحتجاجات الطلابية في الجامعات الأميركية ضد الحرب الإسرائيلية على غزةتفاصيل المقترح المصري الجديد بشأن صفقة التبادل ووقف إطلاق النار بغزةإعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيا
2024/4/30
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

مشوار حياتي.. (سيرة قلم فلسطيني)[الجزء الأول] 1948ـ 1975 بقلم: رفيق علي

تاريخ النشر : 2016-05-05
مشوار حياتي.. (سيرة قلم فلسطيني)[الجزء الأول] 1948ـ 1975 بقلم: رفيق علي
مشوار حياتي..(سيرة قلم فلسطيني)
[الجزء الأول] 1948ـ 1975
الحلقة الثانية والأربعون
1971ـــ 1972 [ رحلة إلى الداخل: طبرية.. الناصرة.. حيفا ]
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تسير الوظيفة التعليمية في مدارس الوكالة عندنا رتيبة مملة؛ وذلك بما يحوطها من آفات وعيوب متراكبة ومتزايدة بلا حل! فالوكالة بحسب مسماها إنما هي لإغاثة وتشغيل اللاجئين، ولم تكن للنموّ حقاً بمستواهم المادي والعلمي؛ إذ كيف بالفصل المدرسي الذي يحوي الخمسين أو أكثر من التلاميذ، وفيهم المتخلف والمتكرر الرسوب ومن يحتاج إلى إصلاحية وليس إلى مدرسة! وكيف بالمعلم الذي عليه أن يعطي ثماني وعشرين حصة في الأسبوع فضلاً عن حصص الاحتياط؟ ونعلم أنّ مدارس البلدان المتقدمة لا يزيد عدد طلاب الفصل بها عن عشرين، مع كونهم أصحّاء ومكتفين مادياً! كما أنّ عدد الحصص المقررة على المعلم لا تزيد عن ثماني عشرة! ولكنها حياة اللجوء والأوضاع غير الطبيعية التي علينا أن نتكيف معها ونصبر ونقول:" ربنا لا تزغْ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهبْ لنا من لدنك رحمةً إنّك أنت الوهّاب" ويهب الله لنا الرحمة في نماء الأسرة والصحة وعطاء البنين.. حيث رزقنا الله تعالى أوّل طفلٍ سميته(ضياء الدين) وذلك في مايو/أيار من عام 1971 وكم سررنا به وسرّت عمته الطفلة(ريم) في عمر الست من السنوات، فكانت تحفل به كلّ حين: تناغيه وتهز به السرير‘ فقلت في ذلك من أرجوزة:
الأختُ (ريم) الطفلة الصغيرة****** ماهرةٌ جذّابةٌ أميرة!
هاهيَ صارت لضياءٍ عمّة**** ويا لها من عمةٍ مهتمة!
تجيء في الصباح عنه سائلة** باحثةً في كلّ ركنٍ جاائلة
وإن تأخرت تلوم نفسها******* جامعةً بين يديها رأسها!
تقول إني يا ضياءُ آسفة***** وتدّني من مهده ملاطقة
لها إلى إرضائه فنونُ****** تقول" نِنّة" أو تصيح" نونو"
وطالما سمعتها مردّدة******* لما به ينغي ضيا مقلدة!
وإن بكى تلهيه حتى تضحكَه** تلزمه لا ترتضي أن تتركَه!
.......................
هذا وقد احتفلنا بمرور الأربعين على مولده فقلت في ذلك:
بك يا ضيا صرتُ أبا** يا مرحباً يا مرحبا!
وتحيـةً للزائـريـــن بأربـعينـــك مرحبــا
جاءوا يزفّون التهاني والدعاءَ الأطيبا
أملي ضياءُ بأن أرى** لك عن قريبٍ ملعبا
فإذا كبرتَ دخلت مدرسةً وكنت مهذّبا!
ورأيتُ في يدك اليراعَ ومن أمامك مكتبا
ونبغت مثل أبيك أو عمّيك من قد أنجبا!
لتكون يوماً هندسياً أو تصير مطبِّبا!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وما كان إلا نِسمةً أعطاها الله تعالى أجلاً محدداً " وما كان لنفسٍ أن تموت إلا بإذن الله كتاباً مؤجّلاً .. "(آل عمران145) "... فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعةً ولا يستقدمون"(النحل 61) وما كان إلا وديعةً أودعناها اللهُ ثم استردّها حين شاء، فما مضى إلا أربعة أشهر حتى توفّاه الله، وفي مقبرة خانيونس بقرب ضريح العم (علي) دفنّاه، رحمه الله الرحمن الرحيم وجعله ممن ينتظرنا على باب الفردوس يوم نلقاه!
وفي التاسع من سبتمبر/إيلول 1972 رزقنا الله تعالى بأول طفلة سمّيتها(أميمة) على اسم إحدى عمّات الرسول(صلى الله عليه وسلم) وهو أيضاً الاسم المصغّر من الأم؛ عسى أن تكون كالأم الصغرى لإخوانها القادمين بمشيئة الله العليّ القدير..
رحلة مدرسية:
منتصف يونية/حزيران 1972 اتفقت مدارسنا بمنطقة رفح على القيام برحلة مدرسية نصل فيها لبحيرة طبرية ثم نمر على بعض المدن المحتلة منذ نكبة 48 .. وحملتنا حافلة كبيرة ضمت حوالي ستين مدرساً، وإذ وصلنا البحيرة جلسنا عند شاطئها واغتسل البعض، وشاهدنا من ورائها إلى الشرق جبال هضبة الجولان التي وقعت أيضاً في أيدي الصهاينة بعد حرب 67 وفي عودتنا مررنا بمدينة الناصرة، حيث توقفنا قليلاً عند عين مريم العذراء وكنيسة البشارة، ثم عرجنا على مدينة حيفا حيث صعدنا جبل الكرمل بواسطة صاعدة كهربائية؛ فشاهدنا المدينة من علٍ بمينائها الجميل والسفن الراسية به .. وخرجت من الرحلة بانطباعات معيّنة أثبت هنا بعضها:
ــ تقدم زراعي هائل بما يسمى" المكننة الزراعية"، وهو ما لم يوجد عندنا ولا عند مضيفتنا مصر في السابق وحتى هذا التاريخ!
ــ مصانع ضخمة لتصنيع جميع اللوازم من معادن وبلاستيك ومواد بناء بما يفوق معظم الدول العربية بل الشرقية!
ــ ازدهار معيشي وانتعاش مادي لعل من أسبابه التقدم الصناعي والزراعي الهائل القائم على النكنولوجيا الحديثة !
ــ أما الانطباع الأخير فهو السفور والانطلاق واختلاط الجنسين في كل مجالات الحياة عندهم؛ ولا غرو فهم صورة من مدنية الغرب الذي يعدّ الأب الشرعي للصهيونية الغاصبة، وليست بالصورة التي نرضاها بالطبع!
يوليو/تموز 1972
بينما كنت أقف أمام إحدى المكتبات في شارع جمال عبد الناصر الذي يقطع المدينة من الشمال إلى الجنوب، التقيت صديقاً قديماً ربطتني به علاقة الفن هو الصديق جلال كتّوع، وكان قد تزوج حديثاً فسألته إن كان رُزق طفلاً، فقال: لم يجئ لي طفلٌ بعد ولكن جاءنا ضيف! قلت: من؟ قال: أخي الأستاذ (علي) الذي حضر من ليبيا! لم يكن من المستغرب حضور أستاذي القديم من ليبيا إلى قطاعنا لزيارة أهله هذا العام؛ فقد أصبح من الممكن دخول المغتربين وغيرهم للقطاع في هذا الوقت.. على أنني شعرت بالفرحة لإمكانية اللقاء بأستاذي الفنان الموسيقار (علي كتّوع) والتعرف عليه عن كثب؛ فقد عرفته في السابق معرفة التلميذ لأستاذه، أما اليوم فسأعرفه معرفة الزميل: زميل المهنة والهواية؛ فهو الفنان العازف الجيد على آلة العود، وله موهبة صوتية لا بأس بها، وقد قدم للإذاعة الليبية بضعة أغاني شعبية فلسطينية من تلحينه.. وقبل أن أفترق مع الصديق جلال وعدته بالحضور في أقرب وقت للسلام على الأستاذ والتعرف عليه أكثر.. وهكذا التقيت أستاذي وكان متواجداً معه صديقه القديم المعلم(خليل الأسطل) والذي كان يدعوه مازحاً(عود الكبريت) لشدة نحافته! كما كان هناك والده السيد (سعيد كتوع) وأخواه مصباح وجلال وآخرون.. وبعد قليل انفضّ المجلس فهممت بالخروج، ولكنّ جلال استوقفني قائلاً: وين؟ "احلوّت" ويعني أنّ المكان خلا للأُنس والسماع! وذهب سريعاً لإحضار آلة العود، وما إن عاد الأستاذ من توديع زوّاره حتى استلمه وراح يضبط أوتاره ويداعبها بأصابعه مداعبة خفيفة بينما ألاحظها بانتباهٍ شديد، فبدأ بضبط النوى ثم الكردان مطيفاً على جميع الأوتار، ثم أخذ يعزف عزفاً لطيفاً ودار على السلالم المختلفة مروراً على أنصاف النغمات وأرباعها.. ثم توقف قائلاً: هذا اسمه رومانطيقي! وراح يشرح لأخيه المجاور له منصتاً منتبهاً أنواع المقامات وطرق عزفها من الراست إلى البياتي فالسيكا فالحجاز فالكرد.. وكان شرحه سليماً حسب معرفتي.. إلا أنني طلبت منه ان يشرح مقام النهاوند فقال: نبدأ بدرجة ال(دو) قرار ثم (ري) ناترال ثم (مي) بيمول أي بخفضها نصف تون عن الناترال، ثم (فا) ناترال ف (صول) ف(لا) ناترال! عندئذٍ قلت له: عن إذنك درجة (لا) أيضاً بيمول، فراجع معلوماته وكأنه نسي ثم قال: "مزبوط" (لا) بيمول و(سي) بيمول وهنا صححت أيضاً فقلت: بل (سي) ناترال(بيكار) لتكون المسافة بين (لا) و(سي) ستة أرباع التون: أي تون كامل ونصف التون وهو الصواب! فسألني: أين تعلمت الموسيقى؟ قلت: مررت بدورة تدريب لمدة سنة دراسية أثناء دراستي الثانوية، وعندما تخرجت وصرت مدرساً أحضرت الآلة وأكملت التعلم بنفسي وباللقاء مع صديقك العازف الكبير يوسف حجاج وآخرين.. فأُعجب بذلك ثم طلبنا منه أن يعزف شيئاً للموسيقار المطرب(فريد الأطرش) فعزف وأبدع وأطرب! ثم ذكرت له شغفي بأغنية أم كلثوم الحديثة(حبيب مفيش غيره) قال: تقصد(القلب يعشق كل جميل) قلت: صحيح، لكنني أحب أن أسميها بمقصودها وهو حب الله تعالى! والآن نودّ أن نسمع الأغنية.. فناولني العود يريد أن يسمع مني.. اعتذرت بدايةً ولما ألحّ عليّ قبلت وبدأت أعزف على البياتي، وراح هو وجلال يدندنان بنغمته معي، ثم انتقلت لأعزف مقدمة الأغنية المنشودة بادئاً من درجة ال(دو) قرار وعندما انتهيت أبدى اعتراضه على نقطة معيّنة تتعلق بالسلم الموسيقي من أنه لو بدأنا بدرجة ال(صول) جواب لأمكننا إتمام السلم هبوطاً، على العكس من البدء بدرجة ال(دو) قرار وهنا ناولته العود لأسمع منه فأتثبت من وجهة نظره.. وكان على صواب من حيث ضرورة إتمام نغمات القرار! لكنني شعرت أنّ نغمة البدء أعلى درجةً مما نسمعها في الأغنية؛ وكان السبب هو الفارق الديواني ما بين آلة العود وآلة البيان أو القانون؛ مما يضطرنا مع العود أن نبدأ بالدرجة الأعلى! وقد تفهّم الأستاذ وجهة نظري، وتوقف النقاش حول الموسيقى بحضور بعض المعارف، وإذا هو إحسان محمد من أبناء عمومتي وكان عديلاً للأستاذ! فتشاطرنا بعض الذكريات والأحاديث.. وكان الأستاذ صاحب نكتة فحكى قائلاً: دخل صديقان السينما ثم جلسا يتفرجان، وكان يجلس أمام أحدهما شاب ناهض الجسم بحيث يحجب عنه مجال الرؤية؛ فشعر بالضيق واشتكى إلى صديقه ناشداً له أن ينتقلا من المكان! فقال له صديقه:" واللي يخلّيه هو اللي يقوم! قال له صديقه: كيف؟ قال: سترى.. ودنا من الشاب وصفعه على رقبته من الخلف! فالتفت الشاب غاضباً متسائلاً! ولكنّ الصافع بادره قائلاً: آسف كنت أظنك صديقي محمد! فقبل الشاب العذر وعاد للمشاهدة.. وبعد قليل صفعه مرةً أخرى! فالتفت محنقاً، فردّ عليه الصافع: إنت هان يا محمد ونا بدوّر عليك! فسكت الشاب وقد أحسّ بالخدعة وأنّ عليه أن ينتقل من المكان وإلا تلقّى مزيداً من الصفعات الخادعة! وهكذا قضينا مع أستاذنا ساعة ممتعة، ثم استأذنت لأغادر بعدما طلبت منه تشريفي مع أخيه بزيارة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ يتبع
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف