الأخبار
حماس: ذاهبون إلى القاهرة بروح إيجابية للتوصل إلى اتفاقإعلام إسرائيلي: جيشنا انهار في 7 أكتوبر رغم تدريباته لمنع هجوم مماثلكم تبلغ تكلفة إعادة إعمار قطاع غزة؟تركيا تُوقف جميع التعاملات التجارية مع إسرائيلغزة: عطاء فلسطين تنفذ سلسلة مشاريع إغاثية طارئة للمتضررين من العدوانحمدان: إذا أقدم الاحتلال على عملية رفح فسنُوقف التفاوض.. والاتصال مع الضيف والسنوار متواصلأكثر من ألف معتقل في احتجاجات الجامعات الأميركية ضدّ الحرب على غزةرئيس كولومبيا يُعلن قطع العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيلبلينكن: نريد الآن هدنة بغزة.. وعلى حماس أن تقبل العرض الجيد جداًتركيا تقرر الانضمام لدعوى الإبادة الجماعية ضد إسرائيلالكشف عن نص العرض المقدم للتوصل لهدوء مستدام في قطاع غزةنتنياهو: قواتنا ستدخل رفح بصفقة أو بدونهاوفد حماس يغادر القاهرة للعودة برد مكتوب على المقترح الجديد لوقف إطلاق الناربلينكن: أمام حماس مقترح سخي جداً وآمل أن تتخذ القرار الصحيح سريعاًتضامناً مع فلسطين.. احتجاجات الجامعات الأميركية تتسع وسط مخاوف إلغاء مراسم التخرج
2024/5/4
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

الغداء الأخير وإميل حبيبي بقلم الدكتور محمد بكر البوجي

تاريخ النشر : 2016-05-02
الغداء الأخير وإميل حبيبي  بقلم الدكتور محمد بكر البوجي
الغداء الأخير وإميل حبيبي / بقلم الدكتور : محمد بكر البوجي .

في منتصف إبريل من عام رحيله رن هاتف المنزل ، وإذا بالكاتب إميل حبيبي ، دعوته لتناول طعام الغداء عندي في البيت ، كان لتوه قد وصل من حيفا، ذهبت إلى الفندق وصحبته إلى البيت ، كان بيتي متواضعاً وكنت في حالة بناء بيت جديد ،  جلس على فراش أرضي ، وسأل زوجتي عن كيفية عمل المفتول مشيراً بيديه إلى حركة الفتل ، يبدو أنه قد رأى في القرى العربية مثل هذه الحركة ، أخبرته أنها المرة الأولى التي تصنع بها المفتول وقد تعلمت هي  بناءً على طلبي عند أختها .

لم يكن أبو سلام بصحة جيدة ، أخبرني مرافقه الشخصي أنه يفقد الإحساس بالجوع والشبع ويفقد الكثير من أدوات الإحساس الجسدية ، أكل كثيراً إلى أن اضطر مرافقه أن يرفع الطبق من أمامه ، فقال أميل : خلاص بكفي ، ثم وضعنا طبق حلويات ساخنة فأكل وازداد في الأكل ، فرفع المرافق الطبق من أمامه ، أعرف أنه يصارع المرض وأنه يعاني . ونحن في انتظار الطعام دار بيننا حوارٌ طويل في كثيرٍ من القضايا وكان أجوبته غير متوقعة بالنسبة لي . على سبيل المثال قال :  أنا ضد التطبيع ، كيف وأنت الداعي له ، قال  : الإسرائيليون ما بستاهلوا نطبع معهم ،  خلاص ، أنا منذ فترة بسيطة ضد التطبيع إلى أن يعطوا أبو عمار حقه . سألته عن الجائزة التي أخذها من الدولة ، فقال : أنا خسرت كثيراً من وراء هذه الجائزة ، أنا أخطأت ، خسرت القارئ في الوطن العربي ، وخسرت الدارسين والنقاد ، الآن أنا أندم على قبولها ، لكن الذين رشحوني لها هم أساتذة جامعات من كبار النقاد الإسرائيليين ، هم دعاة السلام ، هم يدعون إلى قيام دولة فلسطينية ، إنهم من اليسار الإسرائيلي المتفتح ، الذين جاءوا معنا لزيارة عرفات حين حضوره إلى غزة ، قلت : نعم ولنا صور معه ، قال : القضية أنني استلمتها من شامير شخصياً ، وكانت الانتفاضة الفلسطينية في غزة والضفة في عنفوانها ، كيف أصافح وأستلم جائزة من قاتل الأطفال ؟ أنا نادمٌ الآن ، حنان عشراوي هي التي أقنعتني بأهمية هذه الجائزة واعتبرتها اعترافا إسرائيليا بوجودي ووجود أدب فلسطيني على هذه الأرض ، لكن خسارتي أكبر . سألته عن الجديد لديه  وهل هو يكتب الآن ، قال : خلاص ، آخر ما كتبت هي سرايا بنت الغول ، وقد أشرت فيها إلى أنها آخر ما سأكتب ، إنني الآن أودع الدنيا ، وقد أوصيت أن يدفنوني في حيفا ، وأن يكتبوا على قبري ( إميل شكري حبيبي ، باقٍ في حيفا ) . لكن أنت أصلاً من شفا عمر لماذا لا تدفن فيها ؟ حيفا هي حياتي ، أنا مولود فيها , هي مكان كل رواياتي ، سأخلد كل شبرٍ فيها ، وقد فعلت ذلك في رواياتي ، ليس هناك مكان معروف إلا وذكرته ووثقت اسمه وما طرأ عليه من تغيير جديد بعد النكبة ، حيفا هي حياتي وهي الرمز للباقين عام 48 قلت : وأيضاً حيفا رمز للقضية الفلسطينية مثل القدس ويافا ، قال : نعم . أزف الرحيل وأراد أن يغادر إلى مكان نزله ، على أن يلتقي غداً صباحاًً الزعيم عرفات ، وهو يعلم أنه اللقاء الأخير . طلب من ابني الكبير – بكر – وكان عمره عشر سنوات تقريباً ، قائلاً : تعال شد إيدي ، قلت : أنا ، قال : لا ، أريده هو ، إنه الجيل الجديد الذي يسندنا في المستقبل .

زار إميل حبيبي جامعة الأزهر في غزة أكثر من مرة وكانت لقاءاته جماهيرية يخطب في طلاب الجامعة ، وقد كان الطلاب خارج القاعة أكثر من داخلها ، والقاعة تتسع لألف شخص تقريباً ، في المرة الأولى اتصل بي وأخبرني أنه سيكون غداً العاشرة صباحاً في نقطة العبور إلى غزة ، وكان لقاءً حميماً معي فهي المرة الأولى التي أراه شخصياً . كتب في اليوم التالي في صحيفة القدس مقالاً بعنوان ( من يذهب إلى غزة .. ير ) معتزاً بشباب الجامعة وطالباتها حينما استمع إليهم شعراً . رحم الله أديبنا الشامخ أميل حبيبي الذي سيبقى نهراً معطاء في الرواية للأجيال القادمة ، وأعتقد أنه من الصعب حتى الآن أن أجد من يتجاوز إميل حبيبي في الفن الروائي في بلادنا فلسطين .
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف