الأخبار
حماس: ذاهبون إلى القاهرة بروح إيجابية للتوصل إلى اتفاقإعلام إسرائيلي: جيشنا انهار في 7 أكتوبر رغم تدريباته لمنع هجوم مماثلكم تبلغ تكلفة إعادة إعمار قطاع غزة؟تركيا تُوقف جميع التعاملات التجارية مع إسرائيلغزة: عطاء فلسطين تنفذ سلسلة مشاريع إغاثية طارئة للمتضررين من العدوانحمدان: إذا أقدم الاحتلال على عملية رفح فسنُوقف التفاوض.. والاتصال مع الضيف والسنوار متواصلأكثر من ألف معتقل في احتجاجات الجامعات الأميركية ضدّ الحرب على غزةرئيس كولومبيا يُعلن قطع العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيلبلينكن: نريد الآن هدنة بغزة.. وعلى حماس أن تقبل العرض الجيد جداًتركيا تقرر الانضمام لدعوى الإبادة الجماعية ضد إسرائيلالكشف عن نص العرض المقدم للتوصل لهدوء مستدام في قطاع غزةنتنياهو: قواتنا ستدخل رفح بصفقة أو بدونهاوفد حماس يغادر القاهرة للعودة برد مكتوب على المقترح الجديد لوقف إطلاق الناربلينكن: أمام حماس مقترح سخي جداً وآمل أن تتخذ القرار الصحيح سريعاًتضامناً مع فلسطين.. احتجاجات الجامعات الأميركية تتسع وسط مخاوف إلغاء مراسم التخرج
2024/5/4
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

إليكِ يا حبيبة بقلم: أحمد الحارون

تاريخ النشر : 2016-05-01
إليكِ يا حبيبة بقلم: أحمد الحارون
إليكِ يا حبيبة

بقلم: أحمد الحارون

....

كان الزوجان يعيشان في حياة أشبهُ بالمثالية، كلاهما يتفانى في خدمة الآخر، البيت تغمره ألوان الرضا، وتسير الحياة هادئة هانئة، والأولاد على خير ما يرجوان، وفجأة ودون سابق إنذار...قال الزوج لزوجته: دعيني أرحل بعيداً عنكم، فلم أعد أطيق العيش، لذا أرجو أن ننفصل في هدوءٍ، مادت الأرض بالزوجة وارتبكت وحارت في أمره، حدقت وحملقت في وجهه فلم ترَ ملامح جنون، أو تقاسيم دعابة، وضعت يدها على جبينه علها آثار سخونة مفاجئة فلم تجد، جمعت شتاتها وقالت: ماذا حدث يا زوجي العزيز؟ ألسنا زوجين سعيدين؟ ماذا بدر مني؟ إن كنت قصرت في حقك أو في حق أولادنا فأنا أعتذر، ولا مانع لدي من تقويم ما إعوج، وتعديل ما ترضيه من تصرفاتي أو هيئتي، وإن كنت عازماً على الزوج بأخرى فلا مانع لدي، فأنا أقبل بنصفك، ولا أضحي بكلك، قال: لا هذا ولا ذاك، ولكن هذا قراري وعازم عليه، عشنا بهدوءٍ، فدعينا نفترق بهدوء، ولا بديل عن ذلك ولا تحاولي.

أمام إصراره جمعت شتاتها المبعثرة وقالت له: عشتُ معكَ وكنت أبذل وسعي في سعادتكَ، وإن كان في فراقك تكملة لهذه السعادة رغم ألمها فلن أبخل عليكَ بما تحب، وخرجا معاً لتنفذ له ما أراد والهم فالق كبدها، نعم ... انتابتها الظنون والشكوك، وحارت في أمرها، واستعاذت من شيطانها الذي وجدها فرصة لينفث في روعها بأفكار غريبة، كان يمشي أمامها، وهي تسير خلفه، تتكلم وترد على نفسها وهو غير مكترثٍ، تقول: كيف أُرغمُ على أبغض الطلاق من شريكِ العمر ومصدر سعادتي وظلي في هذا الكون؟ كيف لي أن أستمر دونه؟ وكيف تستقيم بي وبأولادي الحياة؟ ليت الموتَ عاجلني قبل الآن، يبدو أن القدر منحني السعادة كلها، وهو الآن يقسو عليَّ وعلى صغاري لنتجرع الحزن ما بقي لنا حياة.

وقبل أن يصلا إلى إلى مكتب الطلاق بخطواتٍ تعثرت الزوجة ووقعت أرضاً، فجُرحت قدمها ونزفت قليلاً من الدم، وتأوهت وتألمت، انحنى الزوج على زوجته مسرعاً، قدَّ قميصه وضمد جرحها، وكانت دموعه تنهمر من عينيه قلقاً عليها، وتعجبت من تصرفه! كيف به يصرُّ على طلاقها ثم يبكي ويحنُّ ويحنو؟ ثم قال لها: ما أجملك يا شريكة عمري وأم أولادي! لنعد إلى بيتنا ونكمل معاً مسيرة الحياة، فرحت الزوجة بقوله لكنها أبت أن تغادر موضعها قبل أن تفهم، قالت: قبل أن أقع كنت عازماً على فراقي، وبعد أن وقعت وجُرحت قدمي تعود بي كالبلهاء أو السائمة، لا وربي، لن أغادر قبل أن أفهم.

جلس الزوج بجوار زوجته يربت على يديها ويقول: عشت معك طوال هذه السنوات دون أن تتذمري، ودون شكاية، ودون أن تتفوهي بكلمة غاضبة، حتى وقت المرض تتحاملين ولا تخلي بواجبك، ظننتكِ ملائكية الطبع، نسيتُ معكِ متعة اللقاء لأننا لم نتباعد، وحُرمتُ نعمة الرضى لأننا لم نتشاجر، وفقدنا شوق الحصول على شيء لأنَّ كل شيء متاحٌ، فكيف لشخص لا يغضب مع عشرة السنين؟ وكيف لا يمرض إنسان رغم تقلبات الدهر؟ وكيف لا تغير ولا تشك زوجة رغم قدم الزواج؟ الآن قد وقعتِ وغضبتِ، وجُرحتِ وتألمتِ، وشككتِ وتكدرتِ، واحتار فكركِ وضربتِ أخماسكِ في أسداسك، الآن أنت مثل كل الناس، وأنا أريدك واحدة منهم، لا أعاشر ملاكاً ولا يطيب لي العيش مع من هو فوق الآدمية ودون الملائكة. أنتِ الآن من أريد، فهذا يكفيني إن لم يكن يزيد.

وأمنا ثناء شاهين... شمعة تحترق منذ صغرها، وفتيلة المصباح الذي ينير لغيره،  تعلمنا منها قوة الإرادة في عز المحن، أليستِ الخارقة؟ وهل لخارقة أن تخور قواها؟ وتعلمنا منها نثر الحبِّ دون انتظار، تعلمنا منها معنى الاحتراقِ والبذل، فهي والشمعة صنوان، الشمعة على ضآلتها تذوب وتحترق لمنح الدفء والنور، تحترق ودموعها على جانبيها تسيل لتنسج الأمان على من حولها، وتنير درباً في ليلة مظلمة، لكنها في النهاية أم وزوجة وإنسانة تتألم، لحم وعظم وبقية من أعصابٍ، تحب وتحزن، تشعر بالعجز لأنها تريد أن تساعد الجميع، وتحل مشاكل الجميع، وحين يكون الألم فوق طاقتها، وتعجز بها السبل لمد العون لابد أن تخور وإن كانت خارقة، ولابد أن تتعصب وإن كانت هادئة، ولابد أن تنسحب في هدوء لأن القهر أتى عليها.

وأقول لها: لن يقبل أبناؤك وأحبابك أن يكونوا من العاقين، ولن يسمحوا لك بالانسحاب من بينهم، لكن لكِ أن تريحي نفسك وتجمعي شتاتك وتعودي إلينا على وجه السرعة، الآن الآن، وليس أمامكِ إلا خياران لا ثالث لهما، أن تعودي إلينا، أو تعودي إلينا، فاختاري أحدهما، فجميعنا يحتاج حضنك، ومستحيل أن تعطي الأم أمومتها ثم تتخلى، فرفقاً بصغارك يا أم، ورفقاً بأحبابك يا حبيبة، ورفقاً بالأثير يا أم الأثير.
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف