أصالة...
ابنتي التي لم تكنْ من المهتمين كثيراً لموضوع الأدب، كانت تعتقد بأنه لا يوجد في قائمةِ أصدقائي من غيرِ الأدباء أحداً إلاّ من هُم من الأقارب المقربين دون الأم التي توفاها الله قبل أن تنشئ لها حساباً على الفيس بوك.
لاحظتْ على المنشور الخاص بحفلة تخرجها تعليقاً لإحدى السيدات، فسألتني:أهي كاتبة..؟
قلت: إنها الرواية التي لا نهاية لها.
قالت: شاعرة..؟
قلت: هي القصيدة بحد ذاتها.
هزت رأسها بإعجاب وتساءلت بما يشبه التأكيد قائلة: إذن هي قريبتنا..؟.
قلت: إنها الأم.
انتفضت معالم الابنة، فأردفتُ سريعاً: وأنتِ حفيدتها.
قالت: لقد تُهت.
فقلت: عندما كانت أم طلعت تعيش في قريتنا كنتُ صغيراً، ولم يخطر ببالي بأنها من غيرِ أهل القرية، ولم أعرف سبب وجودها إلاّ من أمي التي أوصتني ببرها أيضاً، وعرفتُ من شموخها جرزيم وعيبال، وبدأتُ أعرف عمق مصر أيضاً دون عناء دراسة ولم أحتاج إلى مدرس جغرافيا ليشرح لي تضاريس البلدين فقد استحضرت النيل بعطائها والأهرامات بشموخها ونابلس بعزتها وكانت واثقة، راسخة، تشبه أبو الهول بذلك، يافعة كأشجار الزيتون، عالية كما السد في المقام، وكانت بالنسبة للجميع تمثل امتداد للأصالة والانتماء، وصمتُ راحلاً بذاكرتي إلى زمنٍ كنت أراها فيه وهي متوجهة إلى البيوتِ التي ولد فيها الفرح والتي كانت ترتقبه بفارغ الصبر وتستعجل أم طلعت وبركة الله فتسمع بسملتها وتهليلها وابتساماتها للأم الوليدة وهي ترفع في أذن المولود الأذان، وكانت لاتغادر إلاّ بأجملِ الكلام، ولم يكن أحد من الرجال يشعر بأي حرج وهو يحييها أو يدعو لها بطول العمر ويردد: سلمتْ يداك.
طلبت مني ابنتي أن أكمل، فحدثتها عن رحلة الذكرى ورسمتُ لها ابتسامة أم طلعت لأي مولود كانت لا تراه أمه قبلها، وأضفتُ كيف أنها غابتْ كما تغيب الشمس، وعادتْ مثلها أيضاً، فتفقدتْ مواليدها وتساءلت عنهم و ترحمتْ على من رحل منهم وتبسمتْ لحياةِ من بقوا واعتزت بنجاح الغالبية منهم، فغمر قلبها الفرح والعزة بالنفس، تبسمت ابنتي وقالت: وأين هي الآن..؟.
قلت: عادت إلى كلِّ بيتٍ من بيوتِ البلد، وصارت قريبة على الجميع أكثر، وهي في قلوب من أحبت، قالت: ومَنْ أحبها مثلنا..؟
قلت: مَنْ أحببناها مثلها.
عرفت ابنتي قيمة مصر وبأن لي فيها أماً، فقالت:ولي فيها جدة أيضاً.
ابنتي التي لم تكنْ من المهتمين كثيراً لموضوع الأدب، كانت تعتقد بأنه لا يوجد في قائمةِ أصدقائي من غيرِ الأدباء أحداً إلاّ من هُم من الأقارب المقربين دون الأم التي توفاها الله قبل أن تنشئ لها حساباً على الفيس بوك.
لاحظتْ على المنشور الخاص بحفلة تخرجها تعليقاً لإحدى السيدات، فسألتني:أهي كاتبة..؟
قلت: إنها الرواية التي لا نهاية لها.
قالت: شاعرة..؟
قلت: هي القصيدة بحد ذاتها.
هزت رأسها بإعجاب وتساءلت بما يشبه التأكيد قائلة: إذن هي قريبتنا..؟.
قلت: إنها الأم.
انتفضت معالم الابنة، فأردفتُ سريعاً: وأنتِ حفيدتها.
قالت: لقد تُهت.
فقلت: عندما كانت أم طلعت تعيش في قريتنا كنتُ صغيراً، ولم يخطر ببالي بأنها من غيرِ أهل القرية، ولم أعرف سبب وجودها إلاّ من أمي التي أوصتني ببرها أيضاً، وعرفتُ من شموخها جرزيم وعيبال، وبدأتُ أعرف عمق مصر أيضاً دون عناء دراسة ولم أحتاج إلى مدرس جغرافيا ليشرح لي تضاريس البلدين فقد استحضرت النيل بعطائها والأهرامات بشموخها ونابلس بعزتها وكانت واثقة، راسخة، تشبه أبو الهول بذلك، يافعة كأشجار الزيتون، عالية كما السد في المقام، وكانت بالنسبة للجميع تمثل امتداد للأصالة والانتماء، وصمتُ راحلاً بذاكرتي إلى زمنٍ كنت أراها فيه وهي متوجهة إلى البيوتِ التي ولد فيها الفرح والتي كانت ترتقبه بفارغ الصبر وتستعجل أم طلعت وبركة الله فتسمع بسملتها وتهليلها وابتساماتها للأم الوليدة وهي ترفع في أذن المولود الأذان، وكانت لاتغادر إلاّ بأجملِ الكلام، ولم يكن أحد من الرجال يشعر بأي حرج وهو يحييها أو يدعو لها بطول العمر ويردد: سلمتْ يداك.
طلبت مني ابنتي أن أكمل، فحدثتها عن رحلة الذكرى ورسمتُ لها ابتسامة أم طلعت لأي مولود كانت لا تراه أمه قبلها، وأضفتُ كيف أنها غابتْ كما تغيب الشمس، وعادتْ مثلها أيضاً، فتفقدتْ مواليدها وتساءلت عنهم و ترحمتْ على من رحل منهم وتبسمتْ لحياةِ من بقوا واعتزت بنجاح الغالبية منهم، فغمر قلبها الفرح والعزة بالنفس، تبسمت ابنتي وقالت: وأين هي الآن..؟.
قلت: عادت إلى كلِّ بيتٍ من بيوتِ البلد، وصارت قريبة على الجميع أكثر، وهي في قلوب من أحبت، قالت: ومَنْ أحبها مثلنا..؟
قلت: مَنْ أحببناها مثلها.
عرفت ابنتي قيمة مصر وبأن لي فيها أماً، فقالت:ولي فيها جدة أيضاً.