حاورته: أسيل عمران
• في البدء بودنا أن نسأل سؤالا تقليديا: من هو عبد الكريم العامري..؟
- هو انسان قبل ان يكون ما وصفتيه بمقدمتك الرائعة، ابن العراق والبصرة والفاو المدينة الجنوبية التي شهدت اولى نتاجاته.. قرأت في سنوات مبكرة من عمري كتبا كثيرة خارج نطاق المنهج الدراسي وتأثرت في بداياتي بالشاعر الكبير بدر شاكر السياب الا انه مع تقدم السنوات والتحاقي بالدراسة الثانوية ابهرني بودلير وآرثر رامبو وت.س اليوت وغيرهم من الكتاب فاتجهت لقصيدة النثر واول قصيدة نشرت لي في جريدة المرفأ البصرية التي كانت تصدر في السبعينيات كانت قصيدة نثر عنوانها (خطاب عكاشة في سوق الثلاثاء).. في تلك الفترة كنت قد اطلعت على المسرح العربي وبدأ حب المسرح فكنت كاتبا للنص المسرحي وممثلا واحيانا مخرجا.
• ما السر في اشتغالك بمعظم الاجناس الادبية، فأنت شاعر ولك ثلاثة كتب شعرية وقاص وروائي ولك ثلاث روايات مهمة ومن ثم كاتب مسرحي متميز..؟
- لا سر في ذلك، انما اجد بداخلي طاقة كبيرة لا يمكنني اخراجها بنمط واحد، ولا جنس أدبي واحد، اجدني موجودا في كل الاجناس الادبية مثلما اجدني موجودا في المسرح، هناك قدرة لا استطيع السيطرة عليها تمكنت مني في كل كتاباتي، وهناك عشق كبير للكتابة بكل الاجناس ولا يعني هذا اني مشتت بين هذا وذاك انما اهتم كثيرا فيما اكتبه وأتأنى كثيرا في ذلك..احياناً اجد ان الفكرة لا يمكن كتابتها شعرا فاجربها بالنص المسرحي بالرغم من ان هناك فرق كبير بين الاثنين ولهذا فأن اغلب نصوصي المسرحية قد كتبتها شعرا مثل مسرحية كاروك او قيد دار او جعبان او غيرها. اعتقد ان الاديب الجيد لا يقف عند عتبة واحدة من عتبات الكتابة او اجناسها.
• لكنك ابدعت في جميعها واثبت انك اديب شامل..؟
- الشمولية لا تعني النجاح في مكان ما على حساب مكان آخر، الشمولية هي ان تستطيع حمل كل الكرات بيد واحدة دون ان تُسقط واحدة، الحمد لله ما زالت كراتي بيدي ولم تسقط واحدة وهذا بشهادة كثير من النقاد. لكي تنجح في مشروعك الكتابي لا بد ان تكون ثقتك بنفسك كبيرة وتلك امتلكها وأقصد الثقة. وفي جانب آخر حين أمارس فعل الكتابة أجدني سائرا نحو جنس أدبي معين، هو ما يختارني ولست أنا..وتبقى مسألة الأديب الشامل موجودة في كل التاريخ الادبي الانساني وهذا يعتمد على طاقة الاديب نفسه وقدرته على الاتيان بشيء جديد ومغاير.
• في المسرح حصدت جوائز عديدة لكنك لم تصدر الا كتابا واحدا..
- مشكلتي في كتابة النصوص المسرحية تكمن في عدم احتفاظي بالنص، كان هذا في السبعينيات وما تلاها لهذا فقد طلبت من زملائي الذين شاركوا بمسرحياتي ان يزودونني بنسخة منها لكن للاسف الشديد لم احصل على واحدة بسبب هجرة بعضهم ووفاة آخرين..اما في السنوات الاخيرة فقد حرصت على طباعة نصوصي بنفسي والاحتفاظ بها وتجاوزت مسألة فقدان النصوص الامر الذي جعلني اصدار كتابي المسرحي قبل عام. هناك مسرحيات عرضت لي في دول عربية الا اني لم اعلم بها الا عبر الانترنت لهذا اطلب من زملائي المخرجين على وجه الخصوص ان يعلمونني اذا ما اختاروا نصا لي واعتقد هذا جزء من حقي.
• نعود الى الرواية، في رواياتك، عنبر سعيد والطريق الى الملح وغزو، تبدو المرأة أقل قوة مما هي عليه في نصوصك المسرحية هل هذا يجعلنا ان نقول انك تريد ان تقدم انموذجين للمرأة العراقية الأول ضعيف والآخر قوي..؟
- ليست نماذج بقدر ما هي حالات انسانية، العمل الروائي اوسع مساحة من النص المسرحي واستطيع من خلاله رسم ملامح شخصية متكاملة بكل ما تحمله من احاسيس ومشاعر وعقد ايضا عكس ما هو في النص المسرحي الذي اراه اضيق مساحة من الرواية حيث احاول ان اخلق شخصية بملامح عامة ولهذا يجد المتابع لاعمالي فرقا بين شخصيتي المرأة في الرواية وفي النص المسرحي. المرأة العراقية بالنسبة لي قوية بكل شيء قادرة على التعبير عن نفسها في اصعب الظروف لكنها ككائن بشري يحمل في داخله كثيرا من الرغبات والعقد.
• في منشوراتك بصفحتك لشخصية بالفيسبوك تشعرنا انك في حرب دائمة. من هم خصومك..؟
- لا خصوم لي ابداً لكني احياناً اتضايق من توغل الطارئين للحياة الفنية والثقافية، يغضبني جدا الواقع السيء الذي نعيشه حيث يتجرأ الواهمون انهم مبدعون بالحديث غير اللائق عن اساتذتهم..هم يخدعون الناس بملبسهم وثرواتهم ويطبل لهم من هم اردأ منهم، وهم فارغون، فارغون جدا.. اعتقد ان مثل هؤلاء لا يشكلون عقبة امامي قدر ما يحفزونني على العمل.. الحرب التي تتحدثين عنها هي حرب ضد الزيف الذي لحق بواقعنا الثقافي.