الأخبار
بلومبرغ: إسرائيل تطلب المزيد من المركبات القتالية وقذائف الدبابات من الولايات المتحدةانفجارات ضخمة جراء هجوم مجهول على قاعدة للحشد الشعبي جنوب بغدادالإمارات تطلق عملية إغاثة واسعة في ثاني أكبر مدن قطاع غزةوفاة الفنان صلاح السعدني عمدة الدراما المصريةشهداء في عدوان إسرائيلي مستمر على مخيم نور شمس بطولكرمجمهورية بربادوس تعترف رسمياً بدولة فلسطينإسرائيل تبحث عن طوق نجاة لنتنياهو من تهمة ارتكاب جرائم حرب بغزةصحيفة أمريكية: حماس تبحث نقل قيادتها السياسية إلى خارج قطرعشرة شهداء بينهم أطفال في عدة استهدافات بمدينة رفح"عملية بطيئة وتدريجية".. تفاصيل اجتماع أميركي إسرائيلي بشأن اجتياح رفحالولايات المتحدة تستخدم الفيتو ضد عضوية فلسطين الكاملة بالأمم المتحدةقطر تُعيد تقييم دورها كوسيط في محادثات وقف إطلاق النار بغزة.. لهذا السببالمتطرف بن غفير يدعو لإعدام الأسرى الفلسطينيين لحل أزمة اكتظاظ السجوننتنياهو: هدفنا القضاء على حماس والتأكد أن غزة لن تشكل خطراً على إسرائيلالصفدي: نتنياهو يحاول صرف الأنظار عن غزة بتصعيد الأوضاع مع إيران
2024/4/20
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

هلوسات د. يوسف زيدان ..عن المسجد الأقصى بقلم: د. سامي عطا حسن الجيتاوي

تاريخ النشر : 2016-03-25
هلوسات د. يوسف زيدان ..عن المسجد الأقصى
روّج الروائي المصري د. يوسف زيدان، لادعاءات صهيونيّة تتعلق بالقدس الشريف وعلاقة العرب والمسلمين بها، خلال حلقة في برنامج 'هنا القاهرة' مع الإعلامي عمرو أديب. وقال في تعليق على زيارة بابا الإسكندرية، تواضرس للقدس الشريف، أن 'لا قدسَ في المسيحيّة، حيث عاش اليهود، قبل المسيحيّة بمئتي عام على أمل المخلّص، أسموه ماشيح، وهي كلمة بالعبريّة تقابلها بالعربيّة، الممسوح بالزيت المقدّس، مما سبّب جلبةً داخل الدولة الرومانيّة؛ فقام عدد من اليهود بالتواطؤ مع الدولة الرومانية لإخبارهم بكل من يدّعي النبوة، حتى جاء الملك إليانوس، وقرر تدمير عاصمة اليهود، أورشليم، أو كما يسميّها اليهود بيت همقداش (بيت المقدس)، وأمر بمسحها عن الوجود، وكان ذلك. وفي العام 70 ميلاديّة، ركّز المسيحيّون على المدينة التي بناها إليانوس، وأسموها إيلياء، حتى عندما فتحها عمر بن الخطاب – رضي الله عنه - كان اسمها كذلك، وقال إن ما نسميها بـ 'العهدة العمريّة' هي تعهد بن الخطاب لأهل إيلياء، وهي لا تحتوي كلمة القدس. وتبنى يوسف زيدان طرح الكاتب الصهيوني مردخاي كيدار، حرفًا بحرف، حيث يدّعي زيدان أنه بعد الفتح الإسلامي للقدس الشريف، ومع ظهور الثورة الزبيرية، التي حرمت بني أميّة الحج، اضطر بنو أمية لبدء تشييد صرح ديني لإضفاء صبغة دينية على حكمهم وقاموا 'بتركيب' قصّة الإسراء والمعراج على القدس، حيث ذكر الإسراء في القرآن الكريم، أما المعراج 'فمعرفش جابوه منين'. ؟! قام عمرو أديب بالتساؤل: 'انت عايز تقنعني إن القدس مش مدينتنا؟' فأجاب زيدان 'مقداش (المقدس) كلمة عبريّة، ومفهوم بيت المقدس مفهوم عبراني؟ وفي ما بعد، تبنّى زيدان رأي البروفيسور الصهيوني نيسيم دانا، رئيس وحدة العلوم الاجتماعية في جامعة أرئيل الاستيطانيّة، القائل إن الإسراء والمعراج 'كان إلى المدينة المنورة لا إلى القدس الشريف .وقال زيدان إن القدس لم تكن يومًا قبلة المسلمين أبدًا في صلاتهم، حيث أن الرسول الكريم اتجه شمالًا، مثلما تتجه اليهود إلى الشمال، أي يهود يثرب.؟؟
وقال زيدان إن الصراع العربي-الإسرائيلي قائم على لا سبب ، حيث أن القادة في الجانبين يضحكون على شعوبهم. الغريب أن يترادف مع انتشار كتابات اليهود وباحثيهم حول هذا الموضوع ظهور مقالات لكتّاب يحملون أسماء عربية!! أمثال يوسف زيدان ، يقتبسون للأسف من مقالات اليهود وكتاباتهم ويعيدون نشرها بأسمائهم ، ليشككوا كذلك في مكانة المسجد الأقصى عند المسلمين، وبعضهم تجاوز ذلك ليكتب أن المسجد الأقصى هو حق لليهود ولا يجوز منازعتهم في شأنه !! وسيلحظ القارئ الكريم من غير عناء أن اليهود قد وفروا للعلمانيين والعملاء المادة لكتاباتهم المشككة في مكانة المسجد الأقصى عند المسلمين! وقد تصدى لافتراءات د. زيدان مجموعة من المفكرين المصريين ، سنوردها باختصار : 1- رد أستاذ الأدب العبري بجامعة عين شمس د. إبراهيم البحراوي : قال الاستاذ د. إبراهيم البحراوي : " يا د. يوسف زيدان .. أتبيع لنا حجج مردخاي لتنكر حقوقنا بالقدس″ ؟ ثم قال : ” كنت أتمنى أن تؤدى مساهمة د. يوسف زيدان فى مجال اختصاصى العلمى، وهو الدراسات الإسرائيلية والعبرية، إلى تقديم إضافات نافعة علمياً وقومياً ووطنياً، تثري معارفنا وتعمّق التزاماتنا الوطنية والقومية. غير أن النتائج- للأسف- لم تكن كذلك، بل جاءت بأضرار عديدة ، وقد ظهرت هذه الأضرار فى حواره مع الأستاذ خيرى رمضان على قناة «سى. بى. سى»، وقنوات فضائية أخرى، وهو الحوار الذى نفى فيه حقوقنا العربية فى القدس، وتبنَّى حججاً إسرائيلية المنشأ تدَّعي أن الإسراء للمسجد الأقصى لم يكن بالقدس، لينكر حقنا فى الحرم القدسى الشريف، وهو ما يدعوني إلى كتابة هذا المقال.. وتابع البحراوي : سأضع الآن أمام الدكتور زيدان الأفكار التى يواصل الدكتور مردخاى كيدار، أستاذ الدراسات العربية والإسلامية بجامعة بار إيلان، طرحها منذ سنوات بهدف واضح، هو نفي وإنكار أي حق للعرب والمسلمين فى القدس والمسجد الأقصى، وإثبات حق منفرد لإسرائيل فيهما، وسيدهش د. زيدان عندما سيلاحظ درجة التطابق المذهلة بين كلامه مع خيري رمضان وأقوال مردخاي كيدار. وإني لأرجو أن ينتبه الدكتور زيدان إلى خطورة تقليد ومحاكاة وتكرار أفكار الإسرائيليين النافية للحقوق العربية، وهي خطورة تتضاعف عندما يتبناها متحدث من وزن د. زيدان مع إخفاء مصدرها عن المتلقي العربي. أولاً : يقول د. مردخاي كيدار إن على الإسلام أن يعود إلى الصحراء. ويقول بالنص في محاضراته العلنية باللغة العبرية: لديكم أيها العرب والمسلمون مكان مقدس في مكة، اذهبوا إليه. ترى هل يختلف هدف هذا الكلام عن مرمى كلامك يا د. يوسف. ثانياً: يدَّعي مردخاي، دون أي سند- تماماً كما نقلت أنت عنه يا د. زيدان- أن المسجد الأقصى المقصود في سورة الإسراء كان بين مكة والطائف وليس فى القدس. ولاحظ عزيزي د. يوسف أن كلامه أسبق من كلامك زمنياً، وهذا يجعلنا أمام أحد احتمالين ؛ الأول : أنك اطلعت على كلامه فأعجبك لسبب في نفسك فرحت تبيعه لنا وتكرره من شاشة فضائية لأخرى.. والثانى : أنك لم تطلع عليه ووصلك منه عن طريق الإلهام.؟!! ومع ذلك أقول لك وله إن هذا كلام فارغ يعتمد على مغالطة تاريخية مفضوحة، وتفسير معتل لسورة الإسراء، ولا يقوم عليه أي دليل. ثالثاً: يقول مردخاي كيدار بالنص: ( إن قصة المسجد الأقصى الذى بناه عبدالملك بن مروان أنه نشأ لسبب سياسي). هنا أرجوك أن تلاحظ يا د. يوسف مدى دقتك في النقل عن كيدار حيث سألك الأستاذ خيري رمضان قائلاً لك: هل معنى هذا أن المسجد الأقصى لا يمثل قدسية عند المسلمين؟ وأجبت سيادتك يا د. يوسف زيدان قائلاً: «لا، المسجد الأقصى يمثل لعبة سياسية عملها عبدالملك بن مروان». هل تلاحظ يا د. زيدان أي فرق بين كلامك عن اللعبة السياسية وكلام كيدار عن السبب السياسى. إنك حتى يا عزيزي لم تحاول إجهاد نفسك في تغيير ألفاظه وأنت تنقل عنه. ولكي أكون منصفاً معك أعترف لك بأنك بذلت مجهوداً في تزيين كلام كيدار، بل أبدعت في الإضافة إليه بما لم يقله هو، فقد قلت لخيرى رمضان بالنص: ( اليهود بيوصفوا القدس في العبرى بيت همدراش، إنت أخدت الكلمة العبرية وبتتخانق مع اليهود). هنا أرجعك إلى النقوش السامية لتعلم أن هذا الاسم أقدم من العبريين. إننى أقدم لك ولمردخاي كيدار درساً في التاريخ يفيد أن لنا حقوقاً عربية تاريخية ورثناها عن قبيلة يبوس العربية التي خرجت من شبه الجزيرة العربية حوالي القرن الثلاثين قبل الميلاد إلى فلسطين، وكانت أول من أسس مدينة في موقع القدس، وهو ما يعني أن العرب اليبوسيين هم أصحاب المدينة الأصليون وليس بني إسرائيل أو العبريين. ولعلمك فإن العرب اليبوسيين أنشأوا القدس قبل ظهور قبائل بني إسرائيل على وجه الحياة وفي أرض فلسطين بقرون وقبل ميلاد يعقوب، أي إسرائيل بن إسحق بن إبراهيم، الذين سموا إسرائيليين نسبة إليه. ولكى تتأكد من هذا عليك أنت ومردخاي كيدار أن تراجعا سفر التكوين بالتوراة الإصحاح رقم ١٤ االفقرات من رقم ١٧ إلى رقم ٢٠ لتعلما أن التوراة نفسها تعترف بأن القدس كانت قائمة قبل ظهور العبريين منذ أيام سيدنا إبراهيم ، بل قبل وصول إبراهيم نفسه مهاجراً من أور كلدان بالعراق إلى فلسطين والشام فى القرن العشرين قبل الميلاد. لقد زار إبراهيم القدس قبل عشرة قرون من احتلال داوود للقدس بحد السيف ، وفرض سيطرته على العرب اليبوسيين حيث احتل داوود المدينة في القرن العاشر قبل الميلاد، وهذا يعني أن القدس ليست مدينة داوود بل مدينة الله العلي كما بين أستاذي الدكتور حسن ظاظا. عندما تقرأ هذه الفقرات فى التوراة ، ستعلم يا د. زيدان بنصوص الكلمات العبرية أن ملك القدس فى القرن العشرين قبل الميلاد كان عربياً يبوسياً اسمه ملكي صادق، ولاحظ اسمه العربي الوارد بالتوراة، وأنه استقبل إبراهيم وباركه. ستعلم أيضاً أن ذلك الملك كان بنص التوراة «كاهناً لله العلي، مالك السماوات والأرض»، وأنه بارك إبراهيم باسمه. الخلاصة يا د. مردخاي كيدار ويا د. يوسف زيدان أن القدس كانت عربية قبل ظهور بنى إسرائيل والديانة اليهودية بعشرة قرون، وبالطبع قبل ظهور المسيحية والإسلام بأكثر من هذا، وأنها كانت مدينة عربية لله العلى قبل داوود وسليمان ولن يستطيع مردخاي كيدار ولا من ينقل عنه ويسوق لنا حججه الواهية أن يغير هذه الحقيقة. لا يا زيدان .. القدس عربية اسلامية : الحقيقة منذ نشرنا مقالنا تخاريف يوسف زيدان حول الأقصى والإسراء والمعراج والاتصالات لم تنقطع سواء من مصر اوخارجها مستنكرة هذه الهجمة الشرسة على الاسلام بهدم ركن إسلامي مؤكد ؛ رواه القرآن والمصطفى - عليه أفضل الصلوات والسلام - عن رحلة الاسراء والمعراج ؛ واليوم نقدم لقارئنا الكريم باختصار تاريخ القدس العربي والاسلامي ودور مصر في امنها وامانها . فقد بناها اليبوسيون وهم من أصل عربي كنعاني نزحوا اليها من الجزيرة العربية 3000 عام ق.م ويشهد بذلك ألواح تل العمارنة ؛ وكانت تسمى يبوس وتغير اسمها فيما بعد الى سالم أو أورشالم نسبة الى أحد الملوك المؤسسين ويدعى سالم .وظلت تحت حكمهم 1500 عام الى 1100عام ق.م ؛ حتى تمكن داوود (عليه السلام ) من تحقيق رغبة موسى (عليه السلام) واليهود احتلالها ؛ واقام داوود وابنه سليمان (عليه السلام) مملكة القدس ؛ وقاما ببناء الهيكل والذي يزعم اليهود الآن أنه تحت المسجد الاقصى . وبوفاة سليمان 975 ق.م انهارت المملكة ؛ واستطاع فرعون مصر آئنذاك من احتلالها واعادة الكنعانين العرب إليها ؛ وأمر اليهود بدفع الجزية ، وتعدد الغزاة من آشوريين ورومان عليها حتى ميلاد السيد المسيح (عليه السلام) وظل الرومان والبيزنطيون بالقدس لاكثر من 1500 عام ؛ حتى جاء الفتح الاسلامي وفتحت القدس عام 636 م (15هجرية) وظلت تحت الحكم الاسلامي حتى الانتداب البريطاني 1917 ؛ والجميع ملتزم بالعهد ة العمرية ( وثيقة الامان لبطريرك النصاري صفرونيوس سنة 637 م وثيقة محفوظة في كنيسة القيامة بالقدس حتى الان ..وقد ذكرنا نصها في الصفحات الأولى من هذا الكتاب )... واختتم البحراوي مقاله بالقول : الخلاصة يا د. مردخاى كيدار ويا د. يوسف زيدان أن القدس كانت عربية قبل ظهور بني إسرائيل والديانة اليهودية بعشرة قرون، وبالطبع قبل ظهور المسيحية والإسلام بأكثر من هذا، وأنها كانت مدينة عربية لله العلي ، قبل داوود وسليمان ، ولن يستطيع مردخاى كيدار ولا من ينقل عنه ويسوق لنا حججه الواهية أن يغير هذه الحقيقة”......
2 – زيدان وإلقاء اليهود في البحر- بقلم: د. عصام الدين فرج:
آثار الدكتور يوسف زيدان استاذ الفلسفة الاسلامية قضية الاسراء والمعراج والمسجد الاقصي مرتكزا علي ترتيب سور القرآن الكريم بينما معلومات عامة المسلمين الاولية تعتمد علي ان «اقرأ» هي أول اية أنزلها الله سبحانه علي الرسول الكريم وهي اول سورة العلق التي تحمل في ترتيب القرآن رقم 96 وليس رقم 1 ، أي: ان ترتيب القرآن لا يعني ترتيب لنزول سوره وآياته. وقد أفاض الدكتور علي جمعة في الرد والتفنيد لما طرحه الدكتور زيدان بشأن قضية الاسراء والمعراج والتي تثير تساؤلات حول جدوى إثارة هذه القضية الان بينما تقوم جحافل الصهاينة باقتحام المسجد الاقصى تحت حماية قوات الاحتلال الاسرائيلية ، مما يصب لصالح هؤلاء الصهاينة ويحبط العرب في مواجهتهم.
إلا أنه قد لفت انتباهي أن الدكتور زيدان لم يكتف بإثارة هذه القضية بل ألمح إلى أن الضباط الاحرار- ثوار يوليو 52- هم الذين أثاروا قضية القدس لاستثمارها وهم الذين قالوا «بإلقاء اليهود في البحر» على حد قوله!
وهو أمر يمس تخصصي إذ أن رسالتي للدكتوراه من إعلام القاهرة عام 1996 م قد تضمنت عرضا ونقدا لهذه الاكذوبة وقد ناقشتني فيها لجنة شرفتُ أن كان من أعضائها الراحل العظيم الدكتور اسامة الباز والرسالة بعنوان ( الوظيفة الاتصالية لمنظمة التحرير الفلسطينية) . وأكذوبة إلقاء اليهود في البحر صناعة صهيونية مائة بالمائة ، ضمن مقولات يجيد الصهاينة صناعتها والقاءها إلى العرب ليتداولوها ويرددوها وكأنها حقائق ، لتدخل إلى كتبهم وأحاديثهم وتندس حتى على علمائهم. وأول من الصقت بهم هذه الاكذوبة كان المفتي أمين الحسيني عندما واجهته لجنة شو البريطانية للتحقيق في اعقاب حدوث اشتباكات بين العرب واليهود أمام حائط البراق الشريف عام 1929 وسألته اللجنة عن الاحداث فعبر المفتي أمام اللجنة بأن اليهود المهاجرين ليسوا مواطنين شرعيين دخلوا البلاد بغير حق من غير ارادة الشعب الفلسطيني ، فسأله محامي الوكالة اليهودية وهل تريد يا سماحة المفتي إلقاء اليهود بالبحر فنفي المفتي (نحن لا نريد القاء اليهود بالبحر، بلادنا لنا واليهود المهاجرون يعودون إلى بلادهم). كذلك سأل الرئيس اليوغوسلافي تيتو عام 1966م الرئيس الراحل جمال عبدالناصر عن أنه متهم بالقول بالقاء اليهود بالبحر فنفى له عبدالناصر ذلك «انني لم استعمل هذا الشعار في حياتي وانا لست متحمسا له» وطلب عبدالناصر وقتها إجراء تحقيق لمعرفة أصل هذه الاكذوبة ومصدرها ، وتم التحقيق على نطاق واسع وشاركت فيه كل أجهزة رئاسة الجمهورية ووزارة الارشاد القومي ووزارة الخارجية ، وأسفر التحقيق أن مصريا مسئولا أو غير مسئول لم يطلق هذا الشعار ، بل إن أحدا من المسئولين العرب لم يطلقه كذلك. وألصقت الأكذوبة أيضا بعبد الرحمن عزام عام 1947 م عندما التقى الصحفي البريطاني وودروف مندوب التلجراف البريطانية وسأل الصحفي عزام عن سبب معارضته لقرار تقسيم فلسطين وعن مصير المهاجرين اليهود ، فكان رد عزام ( لقد جاءوا بالبحر ويستطيعون أن يعودوا منه إلى حيث جاءوا ).... كما أن الأستاذ وحيد الدالي رحمه الله وكان مديرا لمكتب عزام وقتها قد ذكر لي شخصيا أن عزام قام بصياغة مذكرة عام 1941م بجمع المطالب التي وجهها الملك عبدالعزيز آل سعود إلى مؤتمر أقطاب دول الحلفاء والذي حضره الرئيس الامريكي روزفلت ، ورئيس وزراء بريطانيا ونستون تشرشل في بحيرة التمساح بقناة السويس ، وأوضح فيها الملك عبدالعزيز أنه يرى بالنسبة لليهود الذين هاجروا إلى فلسطين أن يعود هؤلاء اليهود المقصون عن بلادهم ليعيشوا في البلدان التي أخرجوا منها ، أما اليهود الذين دمرت أوطانهم تدميرا تاما والذين لا تواتيهم الفرص لأن يعودوا للعيش في أحضانها ، فيجب أن يعطوا اماكن يعيشون فيها في ارض المحور التي اضطهدتهم. كما تم توجيه هذه الأكذوبة ونسبتها إلى أحمد الشقيري رئيس منظمة التحرير الفلسطينية في أول يونيو عام 1967م في مؤتمر صحفي في عمان قبيل اندلاع حرب 1967 م ، وسأله أحد الصحفيين عن مصير اليهود في الارض المحتلة في رأيه ، فقال : «يعودون كما جاءوا لقد جاءوا بالبحر وبالبحر يعودون ونحن مستعدون أن نساهم مع الامم المتحدة في تسهيل عودتهم إلى أوطانهم الاولى ، فنقلت وكالات الأنباء في اليوم التالي للمؤتمر الصحفي خبرا بعنوان « الشقيري يعلن من عمان أن العرب يحاربون لالقاء اليهود بالبحر).
وتطوع البعض ونسب هذه الاكذوبة ايضا للمذيع الوطني أحمد سعيد رئيس اذاعة صوت العرب اثناء حرب 1967م ... وفي أعقاب لجنة التحقيق التي شكلها عبدالناصر كتب البريطاني كريستوفر مايهيو مقالا أعلن فيه عن مكافأة مالية لمن يستطيع نسبة شعار المقولة إلى أي مسئول عربي أو مصري ، ورفع أحد الصحفيين الإسرائيليين في لندن قضية ضد مايهيو ولم يتمكن الصحفي من تقديم أية ادلة ، ورفضت المحكمة البريطانية الدعوى لتؤكد بذلك عدم صحة نسبة هذه المقولة لعربي. وبينما لم تنجح اسرائيل في إثبات إلصاق المقولة بأحد محدد ، فإن هناك من العرب كتابا وصحفيين وأساتذة جامعات ، يتطوعون لترديد هذه الاكذوبة كحقيقة وإلصاقها بشخصيات بعينها بينما مصدر هذه المقولة هو ماكينة الدعاية الصهيونية التي تستهدف كسب تعاطف الغرب وتقديم تبرير لضم أراض عربيةللكيان الغاصب . وكان آخر هذه الاكاذيب هي ما اطلقه رئيس وزراء اسرائيل النتن ياهو بأن المفتي امين الحسيني هو الذي اقترح علي هتلر حرق اليهود فأثار سخرية العالم من اختراع هذه الأكذوبة التي توضح كيف يفكرون في صناعة الأكاذيب ، وتلفيقها للآخرين وترسيخها كحقائق ، وهي لا تعدو أن تكون أكذوبة.......
3- أسباب عدم اقتناعى برأى د. يوسف زيدان -بقلم : د. أيمن الجندي
1 - يقول د. زيدان إن المسجد المدعو بالأقصى على طريق الطائف. فمتى أسلم أهل الطائف حتى يقيموا مسجدا.. وقد كانوا أغلظ على النبي من أهل مكة؟ وإذا كان المقصود بالمسجد أنه مكان تهيئة روحية قبل دخول مكة في الجاهلية، حين كانت تُنصب الأصنام، فهل كانت هناك قداسة لمثل هذا المكان الوثني، بحيث يؤكد القرآن أنه بارك حوله؟ 2 - - الطائف هي أقرب المدن لمكة، وذهاب الرسول ليلا إلى مسجد في طريقها ليس بالمعجزة الخارقة التى يمهد لها القرآن بقوله: ( سبحان). 3 - يؤكد د. زيدان أن المسجد الأقصى في فلسطين لم يكن موجودا وقتها. ولكن الكعبة المشرفة لم تكن موجودة أيضا حين قال إبراهيم «رَبَّنَا إِنِّى أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِى بِوَادٍ غَيْرِ ذِى زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ المُحَرَّم». لأن الكعبة بنيت بعد ما كبر إسماعيل «وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ القَوَاعِدَ مِنَ البَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ العَلِيمُ». الشاهد هنا أن موضع الكعبة مكان مشرف قبل وضع قواعد البيت، فما المانع أن يُعظم المسجد الأقصى الذى شهد عبادة أنبياء بني إسرائيل؟ 4 - هناك نقطة غامضة بالنسبة لي، وهي منهجية د. زيدان فى ترجيح بعض الآراء على البعض الآخر. لماذا رجّح رواية الإسراء فى الطائف عن عشرات الروايات الأخرى؟ التساؤل نفسه خطر لي حين كتب في جريدة الوفد عام ٢٠٠٦ م أن اسم النبي الأصلي كان (قثم بن عبد اللات) وتم تغييره بعد ذلك إلى (محمد بن عبدالله) واستند في ذلك إلى أن ابن الجوزية ذكر اسم قثم (بمعنى المعطاء) كأحد أسماء النبي مرجحا ذلك على مئات الأخبار الأخرى! فليت أستاذنا العظيم يوضح لنا منهجيته في ترجيح رواية عن روايات لنتعلم ونستفيد.
5 - الدكتور زيدان رومانسي جدا حين يتصور أن السلام يمكن أن يحل بمجرد أن تنتفي دعاوى اليهود في الوعد الإلهى لذرية إبراهيم من النهر إلى النهر ومكانة القدس لدى المسلمين. فالموضوع أكبر من هذا بكثير. إسرائيل التي تضافرت جميع القوى العالمية على حمايتها هي مجرد أداة لضبط إيقاع المنطقة ونهب موارد الشعوب، والدكتور أدرى بذلك مني. 6 - ثم هب أننا نزعنا الرمزية الدينية عن مدينة القدس، هل تنتفي أسباب الصراع بيننا وبين إسرائيل ، وترفرف روح السلام كما يبشر الدكتور زيدان؟ وأين الدافع القومى في الصراع؟ وهل نقبل أن تُحتل القاهرة مثلا، - وهي بدون رمزية دينية كالقدس- ويحكمها غرباء؟ أم أننا سنبذل أرواحنا رخيصة في سبيل استردادها؟ وسواء حدث الإسراء فى القدس أو الطائف فإن العدو واحد .
4 - د. ليلى أبوالمجد في حوار خاص لـ«الوطن »: حديث يوسف زيدان عن يهودية القدس :
قالت الدكتورة ليلى أبوالمجد، أستاذ الدراسات ( التلمودية) والأدب العبري بجامعة عين شمس، إن حديث الأديب المعروف الدكتور يوسف زيدان عن يهودية القدس «كلام فارغ»، مشيرة إلى أن إسرائيل تستغل هذا الكلام لخدمة أهداف الصهيونية العالمية. مؤكدة أن لوحات «تل العمارنة» ذكرت القدس منذ 35 قرناً، ومعتبرة أن دعوى «زيدان» ليست بريئة من حملة «استرداد أملاك اليهود حول العالم».. وإلى نص الحوار:
■ فى البداية.. كيف ترين تصريحات «زيدان» عن القدس وعدم أحقية المسلمين فيها؟ – هذا «كلام فارغ» وليس له أي أساس من الصحة، وذلك لاعتبارات كثيرة، أولها أن القدس بقعة مقدسة سكنها أبو الأنبياء إبراهيم - عليه السلام - قبل دخوله أرض كنعان «فلسطين الحالية»، وكانت تسمى حينها بـ«شاليم»، وتعنى السلام، و«أورشليم» تعنى أرض السلام. وذلك طبقاً لإصحاح «14/18» من سفر التكوين فى العهد القديم. وثانى هذه الاعتبارات التي تنفي كلام «زيدان» أن «أورشليم» اسم كنعاني وليس عبرياً ورد قبل ستة قرون في عهد الإمبراطور الأشوري «سنحدريد»( سنحاريب ) . وثالثها : أنها وردت باسم «القدس» في وثائق المؤرخ اليونانى هيرودوت قبل 2500 عام، وكما ظهرت فى نقوش الإسكندر الأكبر قبل ثلاثة قرون من ميلاد المسيح، ووردت في لوحات تل العمارنة في وثائق ترجع إلى عهد الفرعون «أمينوفيس» الثالث من سنة 1411 لـ1375 قبل الميلاد، أي أن القدس وفقاً لكل تلك المعلومات واللوحات عمرها على الأقل يتخطى 3500 عام، وكان لها أسماء عديدة، فسميت باسم «مدينة الله»، و«القدس» فى المزامير «48/1»، كما سميت بـ( مدينة الحق ). – مسمى «إليا» هذا ظهر في العهد الروماني، وتحديداً في القرن الأول الميلادي، حينما قام «بار كوخبا» بتمرد مسلح ضد حكم الرومان، وحينها حاصر الإمبراطور الروماني «إيليوس هادريان» ما بقي من القدس وهدم كل شيء في المدينة، ولم يترك فيها يهودياً واحداً، وبنى هادريان بها معبداً لإله الرومان وغير اسم المدينة إلى «إليا كابتولينا» أى معبد (إليا)، ومنع اليهود من دخولها نهائياً، ما يعنى أن تلك التسمية جاءت فى وقت متأخر، وأن تسمية «أورشليم» سبقتها بأكثر من 15 قرناً. ولا ننسى أيضاً أن كلمة «صهيون» ليست عبرية أصلاً، و«جبل صهيون» فى القدس ليس تسمية يهودية، وأن بنى إسرائيل أنفسهم حينما دخلوا القدس كان يعيش بها الـ«يبوسيين» وكان اسم الجبل «صهيون» قبل مجيئهم، وهناك عائلات مصرية وعربية لقبها «صهيون»، فهو اسم كنعاني الأصل.
■ إذا كان الأمر كذلك فكيف خرجت تلك التصريحات من الأديب الشهير؟ – من يتابع تصريحات «زيدان» جيداً سيجد أنها تندرج تحت مسمى «الجيل الرابع للحروب»، وما يقوله أداة من أدوات هذه الحرب، فهو يردد نفس الحديث الذي يقوله الصهاينة، وهم يستغلون كونه أديباً مشهوراً ومسلماً، وكانوا يعلمون أن تصريحاته ستحدث صدى كبيراً على اعتبار أنه أكثر مصداقية من شخص يهودي أو مسيحي، وبالتالي تحدث البلبلة والانقسام، وتلك هي «حروب الجيل الرابع»، أن تخرج النخبة المثقفة لتضليل الشعب، واللعب على عقائده، من خلال تمرير أفكار ومعلومات تخدم العدو. ■ وماذا عن «إليا» الذى قال «زيدان» إنه اسم القدس التاريخى؟ ■ ألا ترين أن توقيت التصريحات جاء متزامناً مع مطالب اليهود باسترداد ممتلكاتهم حول العالم؟ – هذا صحيح.. وهو يؤكد صحة وجهة نظري بشأن فكرة المؤامرة، كما يثبت أن هناك علاقة بين يوسف زيدان وبين الإسرائيليين،؟! ولكونه يقول إنه ليس هناك حق لا للمسلمين ولا للمسيحيين فى القدس، إذن فإن الحق لليهود، حسب مزاعمه المغلوطة ؟؟!!. ( )
5 - قال الاستاذ : صلاح أبو بكره ، من المستفيد من أكذوبة يهودية القدس؟! – :
لن نتوقف كثيراً في الرد على ترهات البعض، من الممتلئين جهلاً حول تاريخية عروبة القدس وإسلاميتها، إذ أن العلماء والمؤرخين الثقاة كفونا عبء هذا الأمر ، وامتلأت كتبهم الرصينة بحقائق قاطعة تثبت ذلك، وتكشف ضحالة بعض الكتاب الجهلة بالتاريخ الفلسطيني. والمستندين إلى نصوص تورتاتية مزيفة تدعي أن القدس يهودية وأن المسجد الأقصى ليس موجوداً بها ولكنه موجود بالطائف في السعودية، كما فعل ذلك الأديب أو الباحث الغاوي للشهرة ، وللعودة بعد أن انقطع عن الكتابة لأسباب تتصل بتضخم في الذات، إثر قيام رئيس الحكومة المصرية باختيار أحد المنافسين له كمستشار، أراد هذا المغرور بجهله العودة بعد أن نسيه الناس، ولكنه عاد بطريق الخطايا، وتزوير التاريخ.. علي أية حال دعونا نقترب من أصل القضية والتي تدور حول السؤال المركزي : من المستفيد من أكذوبة (يهودية) القدس التي روجها من قبل غلاة الصهاينة ثم جاء هذا الأديب الممتليء جهلاً ليرددها وكأنه صاحب نظرية جديدة، من المستفيد؟!.
أولاً : من المؤكد أن المستفيد الأول من ترديد هذا الادعاء هو الكيان الصهيوني ذاته، خاصة هذه الأيام التي بدأ فيها المخطط العملي لهدم المسجد الأقصى بعد أن تم تهويد أغلبية المدينة وزرعها بالمستوطنات ، فإسرائيل تبحث عن (سند) تاريخي تغطي به جريمتها الكبري تجاه (أولى القبلتين) وهذا السند لن يكون له مصداقية إذا كان يهودياً ، لأنه ساعتها سيكون بمثابة تحصيل حاصل، أما أن يأتي (الاعتراف) والتأكيد من مؤرخ أو باحث عربي، وله حظ من الشهرة (حتي لو كانت قائمة علي غير أساس علمي متين) فإن هذا هو (عز الطلب) الصهيوني، حيث سيسهل كثيراً مسألة هدم الأقصى ، وتغيير معالم المدينة المقدسة وطرد أهلها الأصليين. ثانياً : إن الترهات التي تلفظ بها البعض من مثقفينا حول القدس والمسجد الأقصى، فضلاً عن استفادة إسرائيل منها كغطاء لهدم الأقصى، فإنها متهافتة تاريخياً وعلمياً، حيث القول بأن المسجد الأقصى لم يكن موجوداً في القدس إبان فترة الإسراء والمعراج ، هو فهم خاطيء للآية الكريمة (سُبْحَانَ الَذِي أَسْرَي بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ المَسْجِدِ الحَرَامِ إلَي المَسْجِدِ الأَقْصَا الَذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ) هذا فهم خاطيء لكلمة (المسجد) حيث كان المقصود بها (كل الحرم المكي) وكل (الحرم القدسي) وليس فقط كلمة (مسجد)، والأخطر من هذا هو أن أول من ادعى بوجود (المسجد الأقصى) في الطائف بالسعودية وليس بفلسطين، هو أستاذ يهودي يدعى د.موردخاي كيدار، وهو أستاذ بجامعة بارإيلان الإسرائيلية وكرر هذا القول عدة مرات آخرها عام2009 م في الكنيست الإسرائيلي وردد وقتها نفس ما قاله لاحقاً د. يوسف زيدان الكاتب المعروف؛ وادعى (كيدار) أن النبي محمد - صلى الله عليه وسلم- كان يصلي بمسجد يدعي (الأقصى) ويقع بين الطائف ومكة ، ومن ثم المسجد الأقصى الحالي ليس هو المذكور في القرآن.؟؟! هذه الترهات أساسها إذن : يهودي صهيوني ، وهو يعد طبيعيا جداً من غزاة وقتلة أقاموا دولتهم على دماء الفلسطينيين ومقدساتهم، أما أن يكررها بعض مثقفينا فهذا هو (الجهل) و(الاستهجان) ، وأحياناً التآمر مع المشروع الصهيوني لخدمة أهدافه، هؤلاء إن حسنت فيهم النية فهم جهلاء بالتاريخ وضيوف عليه ، وضحايا لأكاذيب مؤرخين يهود أقاموا تاريخهم علي حجج توراتية زائفة، وإن لم تحسن فيهم النية فهم متواطئون مع الرؤى الصهيونية ، وبمثابة وكلاء لها وخلايا نائمة تستيقظ عند الحاجة الصهيونية لها، وهي اليوم كما نرى في أمس الحاجة لهذه الخلايا النائمة. ثالثاً : قبل أيام نشرت هاآرتس الإسرائيلية دراسة وثائقية هامة للخبير الاستراتيجي الإسرائيلي (نداف شرجاي) أكد فيها أن الإسرائيليين بدأوا يتحدثون عن تغيير المصطلح التاريخي الشائع والذي لاكته ألسنة عربية طيلة الربع قرن الماضي، بأنهم يسعون إلى (القدس الموحدة) تحت سيطرة الصهاينة، إنهم الآن يتحدثون عن (القدس اليهودية القوية الكبيرة الموحدة !!) ماذا يعني المصطلح الجديد، يعني أن يعاد تقسيم المدينة بما يخليها ويفرغها تدريجياً من العرب، ومن آثارهم، كنائس ومساجد، وفي قلبها (الأقصى الشريف) الذي يتمنى الصهاينة أن يصحوا من نومهم فلا يجدونه ويجدون ( الهيكل ) المزعوم مكانه !!. أصبحت الخرائط مُعدة كما يقول نداف شرجاي، وهي مثل سابقاتها خططها أفراد في معهد القدس لبحوث (إسرائيل ) وهو الذي يقف منذ ثلاثة عقود وراء أكثر الخطط التهويدية التي تتصل بالقدس.الخطير في الأمر أن هذا المركز وغيره من مؤسسات أمريكية وأوروبية تربطه علاقات وطيدة بهذا النفر من مثقفينا الذين قالوا بيهودية القدس وبعدم وجود المسجد الأقصى بها؛ وبعضهم دائم الزيارة والتدريس بتلك المؤسسات ومنهم ذلك المؤرخ والأديب الممتليء جهلاً وغروراً الذي أثار زوبعة قبل أيام بأحاديثه حول القدس والأقصى؟؟!! إن الهوى والمصلحة، وأحياناً الارتباط بالمشروع الصهيوني هو المحرك لهؤلاء؟؟!! ومهما ادعوا أنهم علماء ومؤرخين فهذا لا يشفع لهم لأن المؤرخ حسب علمنا ينبغي له أن يقرأ، ويفهم ويقارن ثم ينظر إلى ما يؤرخ له في سياق مصلحة الأمة، وقضاياها، أما أن يملأه الغرور، مصحوباً بالجهل والهوى، فإن ذلك مقلب لا يليق بالمثقف الحر أن يقع فيه، حفظ الله عروبة القدس وأعادها لأهلها محررة، طاهرة، هي ومسجدها الأقصى الشريف الذي يصرخ ليس فحسب من حفريات وطعنات الصهاينة التي توالت عليه في المائة عام الأخيرة، ولكن من طعنات ذوي القربي من المؤرخين « الجهلة » ومن الخلايا الصهيونية النائمة .. آمين !! ........... 6 - على طريق الطائف- بقلم : أسامة غريب : أدلى الأستاذ يوسف زيدان مؤخراً بأحاديث أثارت لغطاً كثيراً عندما تناول، بدون مناسبة، وضعية المسجد الأقصى الذي يحظى بأهمية كبرى فب نفوس المسلمين. قال زيدان إن المسجد الموجود بالقدس، والذى تسعى إسرائيل لحلْحلته وهدمه منذ عقود، ليس هو المسجد الأقصى، وذكر أن المسجد الذى تهفو إليه الأفئدة ويدافع عنه الفلسطينيون بأرواحهم ليس مقدساً ولا يحزنون، ذلك أن المسجد الأقصى الحقيقي الذى ورد ذكره فى سورة الإسراء يقع على طريق الطائف.. وساق زيدان للتدليل على نظريته ما ارتآه أدلة على صحة ما يقول، وهو الأمر الذى أوقع الناس في حيرة وجعلهم لا يفهمون أسباب هذا الكلام العجيب أو دواعيه.
فى واقع الحال لست أهتم بما إذا كانت معلومات زيدان فى هذا الصدد تمثل الحقيقة أم لا، كما أنني لست على استعداد لأن أنشغل بهذا الأمر التافه.. نعم التافه، لأنه ببساطة يشبه أن يقوم أحد البلطجية باقتحام شقة أخيك واحتلالها، ثم نفاجأ بسيادتك تخرج على الناس لتعلن لهم أن النجفة المعلقة بصالة الشقة والتي صارت فى حوزة البلطجي ليست مصنوعة من الماس ، وإنما هي ماركة كريستال عصفور!.. ماذا يعنينا إذا كانت النجفة من بوهيميا أو من درب البرابرة إذا كانت فى كل الأحوال ملكاً لنا؟ وهل التقليل من قيمة النجفة مقصود به التهوين من الجريمة التى ارتكبها البلطجى بحق الشقيق.. هل هذا هو المقصود؟. أما بالنسبة للمسجد الأقصى الذى بشّرنا زيدان بوجوده على طريق مكة – الطائف فإننى أهيب بالإخوة السعوديين القاطنين بهذه المنطقة أن يفيدونا لماذا أخفوا عنا طوال القرون الماضية حقيقة قبوع المسجد الأقصى بين ظهرانيهم دون أن يخبرونا بوجوده، على الأقل لمنحه ما يستحق من تقديس وزيارات تجلب البركة لنا وتدر البنكنوت على أهل المنطقة!. لقد قيل كلام كثير عن أن يوسف زيدان يسعى برسالته هذه إلى نيل رضا إسرائيل، يتصور أن كلامه الذي يريح الصهاينة قد يقرّب إليه جائزة نوبل، لكننى لا أميل لتصديق هذا النوع من الافتراءات بحق الرجل، لأنه هو نفسه يعلم أن نوبل فى الأدب قد تخرج أحياناً وبها رائحة السياسة، إلا أن حداً ضرورياً من التميز الأدبى لابد أن يكون متوفراً في من تذهب إليه الجائزة !.
ولقد وصل البعض إلى أن زيدان يريد أن ينزع القداسة عن المسجد الأقصى الذى يعرفه المسلمون بالقدس، حتى يتم تفكيك آخر ما يربطنا بقضية فلسطين، إذ تصبح الأرض المحتلة حينئذ أرضاً متنازعاً عليها بين طرفين لا نعلم أيهما على حق، وقد يكون ابن العم الإسرائيلي هو صاحبها ونحن لا ندري ، مثلما ظللنا دهوراً لا ندري أن الحرم القدسي لا حرمة استثنائية له إلا بسبب الجهل واعتناق الخرافة!.. لست أجزم إذا كان يوسف زيدان يقصد شيئاً من هذا، لكنه فتح الباب لخصومه ليتقوّلوا عليه ويطعنوا في أهدافه، ومع كلٍ .. فمن المعلوم أن الفلسطينيين سيدافعون عن أرضهم المحتلة حتى لو لم تكن لها قدسية دينية، كما فعل الجزائريون ضد الاحتلال الفرنسى ودفعوا مليون شهيد دون أن يكون بأرضهم أقصى أو أدنى، وكما حارب شعب فيتنام الفرنسيين ثم الأمريكان وملأوا بدمائهم نهر الميكونج دون أن يكون لهذا النهر قداسة لديهم.. لكن ربما يكون من عوامل النصر المؤزر للفييتناميين أنه لم يوجد لديهم أديب حاول إقناعهم بأن نهر الميكونج الحقيقى الجدير بالحب والنُّصرة يوجد على طريق الطائف!. ..........
7 - : كتب الاستاذ عبد الناصر سلامة بضع مقالات ردا على هلوسات د. يوسف زيدان ، نوردها بعضها باختصار :
أ - جدلية الأقصى.. والتمهيد للهدم : هدم المسجد الأقصى في العقيدة اليهودية، هو السبيل لبناء الهيكل الوهمي الذى صدَّعوا به العالم، ولن يتأتى ذلك إلا من خلال مغامرة قوية، حتى لو أدت إلى حرب شاملة مع العالم الإسلامي في أعقاب عملية الهدم، التى يستتبعها طرد العرب تماماً من فلسطين التاريخية، ثم يظهر المسيح للمرة الأولى، كما يعتقد اليهود، وللمرة الثانية فى العقيدة المسيحية . فمنذ منتصف عام 1600م، بدأ البروتستانت تدوين معاهدات تؤكد أن على جميع اليهود، مغادرة أوروبا إلى فلسطين، حيث أعلن (أوليفر كرمويل) راعي الكومنولث البريطاني آنذاك، أن الوجود اليهودي في فلسطين، هو الذي سيُمهّد للمجيء الثاني للمسيح، ومن هنا بدأت فكرة الدولة الصهيونية الحديثة في الانتشار. قبل ذلك كان الراهب الألماني وأستاذ اللاهوت، مارتن لوثر (١٠ نوفمبر ١٤٨٣-١٨ فبراير ١٥٤٦) بدأ حياته بالدفاع عن اليهود ضد الكنيسة، وتفنيد فكرة غضب الله عليهم، وبين أن الله أمهلهم إلى يوم القيامة، حين يستجمعهم إلى أرض الميعاد، وأنهى حياته يصب جام غضبه عليهم، لرفضهم التوجه إلى أرض الميعاد. التوقعات اليهودية وغير اليهودية، تؤكد أن نسف المسجد الأقصى بيد المتطرفين اليهود بات وشيكاً، وأن عام ٢٠١٧ م تم تحديده لتحقيق هذا الهدف، نظراً لحالة الضعف العام التي يمر بها العرب في الوقت الحالي، وانهماكهم في حروبهم الداخلية، التي تم التخطيط لها مبكراً جداً أيضاً، والأهم من ذلك أن أدوات بناء المعبد أو الهيكل في نفس موقع الأقصى جاهزة تماماً، بما فيها العمال، والإداريون، والحاخامات الذين سوف يديرون العمل بالهيكل عقب اكتماله، بما فيها ملابسهم الرسمية وأدوات الطقوس، فيما يشير إلى أن المؤامرة كاملة لن يستغرق تنفيذها سوى ساعات قليلة في أعقاب عملية الهدم، عندها تكون النبوءات التوراتية قد تحققت.
من هنا يمكن تفسير تلك الحملة التى ظهرت فجأة، في مصر تحديداً، ودون أسباب واضحة للرأي العام، والتي تدّعي أن المسجد الأقصى، ليس هو المسجد الأقصى، وأنه ليس الذى يوجد في القدس أساساً، أو أنه موجود فى الطائف بالجزيرة العربية، وغير ذلك من الادعاءات الأخرى التى أخذت تشكك حتى في حادث الإسراء والمعراج ذاته، ومن المنتظر أن تتسع رقعة هذه الحملة في الأسابيع والشهور المقبلة، بما يستهدف التمهيد لهدم أحد أهم المقدسات الإسلامية، وبذلك تصبح حالة الوهن، أو الضعف العربى، لا تتعلق بالعامل العسكرى، أو المعنوي فقط، وإنما بصلب العقيدة أيضاً. من هنا نتوقع أن يخرج علينا خلال الأيام المقبلة من يؤكد عدم أهمية المسجد الأقصى أساساً، سواء تواجد هنا أو هناك، أو عدم أهمية المقدسات بصفة عامة، وأن الإيمان هو ما وقر فى القلب، ولا يحتاج إلى معابد أو مقدسات، دون تبرير بناء هيكل مزعوم للعبادة اليهودية، ولا تلك الجرائم الإسرائيلية والغربية بصفة عامة، وقتل الآلاف من البشر، لتحقيق هذا الغرض.
ليس مصادفة إذن، ذلك التحرش من قوات الاحتلال بالمواطنين الفلسطينيين خلال الأسابيع الماضية في القدس تحديداً، وعمليات القتل والمداهمات المتفاقمة، بالتزامن مع اقتحام المسجد سواء من تلك القوات بأحذيتهم وأسلحتهم، أو من المتطرفين اليهود في آن واحد، وذلك في محاولة لتأجيج الأوضاع وتهيئتها لتنفيذ المخطط، وليس مصادفة أن يخرج من مصر تحديداً، ذلك الطرح الخاص بالتشكيك في مكان الأقصى، وذلك لأن الأقطار الأخرى منغمسة في مواجهاتها العسكرية والطائفية، أي أن بها ما يكفيها من القلاقل التى سوف تجعل من الممارسات الإسرائيلية أقل أهمية، مما هو متوقع من شعب مصر. بالفعل، نحن أمام مخطط واضح، ربما هو الأخطر فى تاريخ الأمتين العربية والإسلامية، نحن لا نتحدث الآن عن احتلال القدس، أو تغيير هويتها، أو بناء مزيد من المستعمرات، أو منع المصلين من الوصول إلى المسجد الأقصى، أو حتى إحراقه، كما حدث عام ١٩٦٩م، نحن هنا نتحدث عن هدم مسرى الرسول- عليه الصلاة والسلام- في ظل غيبوبة عربية، ليس فقط، بل مشاركة بدأت إعلامياً، ونخشى أن تجد قبولاً سياسياً، وهو الأمر الذي لن يغفره التاريخ، حتى لأولئك الذين قد تخرس ألسنتهم، فلا نجد منهم سوى الشجب والاستنكار. يقول المبشر (هال لندسى) فى كتابه (آخر أعظم كرة أرضية) الذي صدر في سبعينيات القرن الماضى، وبيع منه وقتها مباشرة ١٨ مليون نسخة: إن الجيل الذي ولد عام ١٩٤٨م سوف يشهد العودة الثانية للمسيح، ولكن قبل هذا الحدث علينا أن نخوض حربين، الأولى منهما مع يأجوج ومأجوج، ويقصد الروس، والثانية (هيرمجدون)، ويضيف قائلاً: لم يبق سوى حدث واحد ليكتمل المسرح تماماً أمام إسرائيل، لتقوم بدورها في المشهد العظيم الأخير من مأساتها التاريخية، وهو إعادة بناء الهيكل القديم في موقعه، ولا يوجد سوى مكان واحد يمكن بناء الهيكل عليه، استناداً إلى قانون موسى، في جبل موريا، حيث الهيكلين السابقان.
ب - جدلية الأقصى.. والتمهيد للهدم : التمهيد لهدم المسجد الأقصى من الطبيعى أن يسبقه ذلك التشكيك الحاصل الآن في مكانه ومكانته، وأنه ليس المسجد المتعارف عليه الآن بالقدس المحتلة، هي حيلة يهودية صهيونية في الأساس، بدأت مبكراً، إلا أنها أخذت في الشيوع منذ احتلال المدينة المقدسة، وقالوا إنه في مكان آخر، ويجب على المسلمين أن يبذلوا جهدهم للبحث عنه بعيداً عن إسرائيل، وفي مقال بصحيفة يديعوت أحرونوت، كتب يهودا ليطانى، عام ٢٠٠٥م أن هناك تفسيرات إسلامية أخرى لعبارة المسجد الأقصى على أنه في مناطق أخرى، ربما كان يقصد منها أنه بالقرب من المدينة المنورة، حسبما كانوا يرددون، أو بعض معتقدات شيعية، تشير إلى أنه في السماء الرابعة.
الإمام القرطبي في تفسيره قول الله تعالى (إلى المسجد الأقصى) فى آية، سبحان الذى أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذى باركنا حوله، قال: سُمى الأقصى لبعد ما بينه وبين المسجد الحرام، ثم قال (الذى باركنا حوله) بالثمار ومجارى الأنهار، وبمن دُفِن حوله من الأنبياء والصالحين، وبهذا جعله مقدساً.
وفى تفسير القرطبي ما ينفي وقوع المسجد الأقصى بالقرب من المدينة المنورة، أو بالجزيرة العربية أساساً، التي كانت صحراء جرداء، لا كلأ فيها ولا ماء، كما أنها لم تكن أبداً ملتقى لدفن الأنبياء، بل إن هذه وتلك تنطبق تماماً على القدس، وما حولها من أرض فلسطين تحديداً، كما أن قول الرسول - صلى الله عليه وسلم - أن الصلاة فيه تعادل خمسمائة صلاة فى غيره، يدحض المعتقد الشيعى أيضاً. الإمام ابن كثير قال فى تفسيره إن المسجد الأقصى هو إيلياء القدس، معدن الأنبياء، من إبراهيم الخليل، ولهذا جُمِعوا له (للرسول) هنالك، فأَمهم في محلتهم ودارهم، وكانت في الإسراء دلالة على أن آخر صبغة للمسجد الأقصى، وهو المعبد العريق فى القدم، هي الصبغة الإسلامية، فاستقر نسب المسجد الأقصى إلى الالتصاق بالأمة التي أمّ رسولها سائر الأنبياء. وقد سميت السورة التى ذكر فيها المسجد الأقصى، سورة (الإسراء)، وجاء فيها قول الله تعالى لبني إسرائيل (عسى ربكم أن يرحمكم وإن عدتم عدنا وجعلنا جهنم للكافرين حصيرا)، أي إن عدتم للإفساد، عدنا عليكم بالعقوبة، ففي هذه الحادثة إلغاء أبدي لصفحة بنى إسرائيل، من سجل التفضيل والاصطفاء. ومن هنا، فإن تحرير بيت المقدس، يصبح فريضة، لا يجوز لأحد التنازل عنها، بعد أن أصبحت أرضاً إسلامية منذ الفتح الإسلامي فى عهد عمر بن الخطاب- رضي الله عنه - ، وتسلمه مفتاح المدينة، وأن أي تنازلات، أو حتى مفاوضات حول حلول وسط في هذا الشأن، هي إنكار لما هو معلوم من الدين بالضرورة، يُعاقب فاعله. كيف نفسر إذن، وكيف نتعامل مع تلك الحملة التى تتبنى وجهة النظر اليهودية بالتشكيك فى مكان المسجد الأقصى، وهي الحملة التى وجدت آذاناً صاغية، ولم تجد مواجهة من رجال الدين، أو من الأزهر تحديداً على القدر الذى تمثله من خطورة في هذا التوقيت بالذات، والذى تتهيأ فيه الدولة الصهيونية المغتصبة إلى هدم المسجد بالفعل، تحت مزاعم واهية، وفي ظل ضعف عربي وإسلامي عام، وتواطؤ دولي صارخ. أعتقد أن الأمر في مجمله يحتاج إلى وقفة رسمية قبل فوات الأوان، خاصة أن الأوضاع الراهنة لا تتحمل وقفات شعبية من أي نوع. ؟؟!! ج - جدلية الأقصى.. والتمهيد للهدم : سُئِل الرسول- صلى الله عليه وسلم- عن تاريخ بناء المسجد الأقصى، فقال: بعد أربعين عاماً من بناء المسجد الحرام، في أحاديث صحيحة لا تقبل التأويل، رواها أبوذر الغفارى- رضى الله عنه- إضافة إلى الأحاديث الأخرى التي تؤكد فضل الصلاة فيه، ناهيك عن أن قِبْلة المسلمين الأولى كانت جهة المسجد الأقصى، واستمرت كذلك نحو ١٧ شهراً إلى أن جاء الأمر الإلهي بتحويلها تجاه الكعبة، فهو بذلك أولى القبلتين، وثالث الحرمين، منذ ما قبل الفتح الإسلامي للقدس، وقد كان الصحابة يكثرون من سؤال الرسول عن المسجد الأقصى، فيما يشير إلى أنه لو كان على مقربة منهم، ما كانوا في حاجة إلى ذلك. فى كتاب الفلسطينى بسام جرّار (زوال إسرائيل عام ٢٠٢٢: نبوءة أم مصادفة رقمية؟)، الذى أعده خلال عملية النفي الشهيرة إلى مرج الزهور، على الحدود اللبنانية، عام ١٩٩٢م، جاء ما نصه: «قبل الهجرة النبوية بسنة، كانت حادثة الإسراء والمعراج، فكانت زيارة الرسول- صلى الله عليه وسلم- للأرض المباركة، المسجد الأقصى الذى بارك الله حوله، وانطلق الرسول من (للذي ببكة مباركاً) إلى المسجد (الذى باركنا حوله)، من أول بيت وضع للناس، إلى ثاني بيت وضع للناس، في ذلك الوقت كانت القدس محتلة من قبل الرومان، وكان المسجد الأقصى مجرد آثار قديمة ومهجورة، وعلى الرغم من ذلك فقد بقيت له مسجديته، التي ستبقى إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها. وفي هذا الصدد تجدر الإشارة إلى أنه لم يكن لليهود وجود يُذكر في القدس منذ عام ١٣٥ ميلادية، عندما دمَّر (هدريان) الرومانى الهيكل الثاني، وحرث أرضه بالمحراث، وشرد اليهود وشتتهم في أرجاء الإمبراطورية الرومانية، وحرَّم عليهم العودة إلى القدس والسكنى فيها، وعندما أُسْرِى بالرسول كان قد مضى على هذا التاريخ ما يقارب الـ٥٠٠ عام، وهي مدة كافية كي ينسى الناس أنه كان هناك يهود سكنوا الأرض المقدسة. السؤال هو: ما علاقة الطائف، أو حتى شعوب الجزيرة العربية عموماً بكل ذلك؟ وهل سكان الطائف أو الجزيرة العربية مازالوا من اليهود الذين نزلت بشأنهم هذه الآيات؟ وما هى المرة الأولى، أو الثانية، بالنسبة لمسجد فى الطائف، أو حتى في أى مكان آخر بالعالم، بخلاف المسجد الأقصى؟ وأين هو الصراع الأزلى حول مسجد الطائف أو غير الطائف؟ وهل هناك أرض مقدسة، أو ورد بشأنها ما يجعلها مقدسة أو مباركة، بخلاف مكة والمدينة، والمسجد الأقصى (الذي باركنا حوله)؟ يؤكد ذلك أيضاً ما جاء فى سورة المائدة على لسان سيدنا موسى عليه السلام (يا قوم ادخلوا الأرض المقدسة). على أى حال، فإن أصحاب الحملة الإعلامية التى تُمهد وتُسَوِّق للمخطط الإسرائيلى بهدم المسجد الأقصى كان على أصحابها أن يعوا جيداً أن زوال دولة إسرائيل، وعد إلهي قطعي، (فإذا جاء وعد أولاهما بعثنا عليكم عباداً لنا أولى بأس شديد فجاسوا خلال الديار وكان وعداً مفعولاً)، لاحظ تكرار الوعد مرتين فى الآية الواحدة، فسواء هدموا المسجد الأقصى أم لا، قتلوا، نهبوا، سرقوا، احتلوا، استعمروا، عاثوا فى الأرض فساداً، فعلوا ما فعلوا، نحن أمام وعد إلهي، تاريخ الزوال محدد سلفاً، اجتهادات تتحدث عن عام ٢٠٢٢م، وأخرى ٢٠٢٧م، الحقيقة الوحيدة المؤكدة هي أن نصر الله قريب. الغريب أن هناك بين الحاخامات اليهود من يعي ذلك جيداً، وبين الرهبان البروتستانت من يدرك هذه الحقيقة، أما وقد اعتدنا الانبطاح والهزيمة، فمن الطبيعي أن يكون بيننا من يشكك في ذلك، حتى لو كان قد ورد في نصوص قرآنية. د - جدلية الأقصى.. والتمهيد للهدم :
لماذا اتسعت رقعة الهرتلة ( ) في هذه الآونة، شُرْب الخمر ليس حراماً، الزنى كذلك، الحجاب ليس من الشريعة، النقاب حرام، المسجد الأقصى ليس هو، الإسراء والمعراج خرافة، صحيح البخارى أيضاً، الأحاديث النبوية عموماً، حتى تفسير القرآن أصبح على الأهواء، نواقض الوضوء اختلفت هي الأخرى، لا توجد لديهم نواقض، كيفية وعدد مرَّات الطلاق أصبحت محل خلاف، الخوض في الصحابة بما لا يليق أصبح أمراً شائعاً، بآل بيت النبوة كذلك، الذات الإلٰهية لم تَسْلم! ما القضية؟ وما ذلك الذى يجري؟ هل هذا هو المقصد من تجديد الخطاب الديني؟ بالتأكيد لا، لأن الإجابة لو كانت نعم، فنحن أمام كارثة، بالتأكيد هناك شىء ما خطأ، قد تكون أشياء كثيرة خطأ، العملية بدأت بهجوم شديد ومنظم على الأزهر وشيخه، من خلال برامج التوك شو تحديداً، المخطط آتى أُكُلَه، توارى الأزهر وتوارى شيخ الأزهر، لم تعد هناك مواجهة من أي نوع ضد المغرضين المتطاولين على الدين طوال الوقت، كان هذا هو المقصود منذ البداية: تحييد الأزهر.
دور الأزهر اغتصبته مجموعات من الانتهازيين، مشايخ الفضائيات، الفتاوى أصبحت هوائية، حسب الطلب، فتاوى للفنانات، وأخرى لرجال الأعمال، وثالثة للعرب، وغيرها للشهرة، وميزو، وبيزو، وزيزو، وكل المطلوب موجود ومتوافر، مولانا الشيخ صباحاً بالجِبَّة والقفطان، وظهراً بالجينز، والسهرة بالبدلة والكرافه، هم الخطر الأكبر على الدين والدنيا على السواء. أرى أن المشكلة الحقيقية في من يدَّعون المشيخة، طُغمة الملحدين لا يمثلون أي مشكلة، الناس تحتقرهم طوال الوقت، مجرد بلالين يفجِّرونها بين الحين والآخر، لا تدوم طويلاً، على امتداد التاريخ الإسلامي كانت هذه الفئة موجودة، الخوض في الدين بما لا يليق كان دائماً أقصر الطرق للشهرة، باسم حرية الفكر والإبداع انتُهِكت كل المحرمات، هكذا اعتادوا، وهكذا تعوَّدنا، مزبلة التاريخ تجمعهم في النهاية. لا يمكن بأى حال أن يكون لهذه الهرتلة أى علاقة بتجديد الخطاب الديني، كان يجب أن يتولى هذا الأمر من البداية إلى النهاية الأزهر وفقط، شيخ الأزهر بصفة شخصية، ليس كل من هبَّ ودبَّ، أيضاً كان يجب أن يظل الأزهر خطاً أحمر، لا يزال الأزهر يمثل الوسطية بكل معنى الكلمة، لم يكن مطلوباً جرُّه إلى معتركنا السياسى، لم يكن من الحصافة الزج به في أتون الفتن، لم يكن من الحكمة إطلاق الأبواق الخاصة عليه، كل هذا كان خصماً من رصيده فى الداخل والخارج على السواء، فى النهاية كلنا خاسرون. لنا أن نتخيل كل هذه الفتنة الدائرة حول المسجد الأقصى، حول أولى القبلتين وثالث الحرمين، حول مسرى الرسول- صلى الله عليه وسلم- والأزهر فى سبات عميق، كأن القضية لا تعنيه، ربما لأنه لم يُطلب منه رسمياً التدخل، كوزارة الأوقاف تماماً، التى أصبح شغلها الشاغل الإعداد لخطبة الجمعة الموحدة، حتى لا يخرج أحد على النص، حتى لا يطيل هذا عن المدة الزمنية المقررة، أو لا ينقص ذاك فى الدعاء بطول العمر، أو حتى طول القامة. أعتقد أن الأمر يحتاج إلى إعادة نظر من كل الوجوه، القضية الفلسطينية أيها السادة ليست السلطة الفلسطينية أو حركة فتح، والمسجد الأقصى ليس حركة حماس أو كتائب القسام، خلط الأوراق ليس في صالح أحد، القدس المحتلة أرض عربية، شئنا أم أبينا، والمسجد الأقصى في صُلب عقيدتنا، ليس لدينا حرية الاختيار، وإسرائيل نبت شيطاني، جسم غريب في المنطقة، دولة احتلال، سوف تظل هكذا، أياً كان حجم الاتفاقيات أو العلاقات معها، أياً كان حجم مريديها. ما نثق به هو أن الرأي العام، سواء فى مصر أو العالم الإسلامي ككل، يدرك حجم المؤامرة جيداً، سواء على الإسلام، أو المسلمين، أو حتى المقدسات، لم يعد من السهل العبث بأدمغة الناس هنا، أو هناك، لن يقبل أحد يوماً ما بهدم المسجد الأقصى، حتى لو كان من معتادي الإجرام، أما معتادي العربدة، عبَدة الغرائز، فلنحتسبهم سقط متاع، ولنضع نصب أعيننا دائماً قول الله تعالى: ( ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين) صدق الله العظيم.
8 - مؤرخون مصريون يفندون هلوسات ليوسف زيدان:
تصدى بضعة مؤرخين مصريين ليوسف زيدان وفندوا أخطاءه ، منهم : أ- قال د. مختار الكسباني (الاستاذ في كلية الآثار – جامعة القاهرة ) : نعم المسجد الأقصى بني في العصر الأموي ولكنه"مقدس إن الكاتب يوسف زيدان بتصريحه الأخير حول قدسية المسجد الأقصى فقد صوابه، وعليه أن يعود لرشده، مضيفا أن ما قام به هو مجرد فرقعة إعلامية لتضليل الرأي العام حول القضية الفلسطينية، وتضليل ذاكرة الشعوب العربية حول تاريخ وقدسية المسجد. وأضاف الكسباني في تصريحات خاصة لـ" اليوم السابع" أن القضية التي آثارها زيدان هو مخطط مصري صهيوني لتعميم قضية القدس؟ وجاءت في وقت ترتكب فيه إسرائيل الانتهاكات سواء ضد الفلسطينين أو المسجد الأقصى نفسه، مؤكداً على أن جميع مساجد المسلمين تم بناؤها فى العصر الأموي حتى مسجد الرسول - صلى الله عليه وسلم - ، حيث كانت المساجد في العصر الإسلامي بدائية للغاية، نظرا لانشغالهم بالفتوحات الإسلامية والغزوات. وتابع أن تصريحات يوسف زيدان تهدف إلى طمس هوية المسجد الأقصى، حتى إذا تم هدم المسجد لا يحدث تأجيج لمشاعر المسلمين حول العالم . ب - وأكدت الدكتورة زبيدة عطا: أستاذ التاريخ بجامعة حلوان، إن المسجد الأقصى تم بناؤه في العصر الأموي إلا أنه لايمكن إنكار واقعة الإسراء والمعراج التى وردت في القرآن الكريم، مضيفة : " مقدرش أنكر الإسراء والمعراج لأنهما ذكرا في نص قرآني" . وأضافت "عطا" في تصريحات لـ" اليوم السابع" أن العصر الأموي شهد العديد من الصراعات والنزاعات الدينية بين عبد لله بن الزبير ويزيد بن معاوية، وانتهت بمقتل الحسين، مطالبة بتحري الدقة قبل النطق بالكلام.
ج - وقال الدكتور رأفت النبراوى- عميد كلية الآثار الأسبق- : إن الكاتب يوسف زيدان أخطأ بالتشكيك حول قدسية المسجد الأقصى، وأن حديثه مخالف للحقيقة وللواقع، وعليه أن يراجع نفسه، قائلا: " لا يجوز من مسلم مثقف يقول هذا الكلام". وأوضح رأفت النبراوى، فى تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع"، أن المسجد الأقصى بناه الخليفة عبد الملك بن مروان سنة 72 هـ ، وسجل عليه اسمه في بداية عصره بشريط، ثم جاء من بعده الخليفة المأمون وقام بتجديده ، ومحا الشريط الخاص بالخليفة عبد الملك بن مروان . وأكد رأفت النبراوى، أن المسجد الأقصى له قدسية دينية كما ذكر فى القرآن والأحاديث النبوية الشريفة، التي تعطي للمسجد مكانة دينية خاصة بعد الحرمين الشريفين، مضيفا أنه لا يصح لإنسان مسلم أن يشكك في قدسية الأقصى، والحديث عن التشكيك وإثارة الجدل حول قدسيته غير مقبول .
د - قال المؤرخ د. أسامة الشاذلي ( الثلاثاء, 29 ديسمبر 2015 م ( مفندا مغالطات يوسف زيدان : استمعت إلي حديث الدكتور يوسف زيدان بخصوص المسجد الاقصى ووجدت فيه الكثير من المغالطات التاريخية ، وعدم الدقة في الاقتباس ونقل المعلومة التاريخية ، فوجدت من الضروري أن أرد على بعض ما جاء في هذا الحوار....... ثم قال : وعموماً فإن الهدف من هذا المقال هو مناقشة تاريخية لما ورد على لسان الدكتور يوسف زيدان بخصوص تاريخ المسجد وقدسيته والتي يقول عنها الكاتب أنها قد أقحمت على الفكر الإسلامي في عام ٧٣ هجريا ، حينما قام الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان ببناء المسجد كمناورة سياسية لصرف الناس عن السفر الى الحجاز ، والتي كانت تحت سيطرة عبد الله بن الزبير الثائر على حكم بني أمية. وقال الكاتب بالنص "إن المسجد الأقصى الموجود حالياً في بيت المقدس لم يكن له وجود وقت أن نزلت آية " سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير " “ ، لأن المسجد ببساطة قد بُني عام ٧٣ هجريا أي بعد نزول الآية بستة عقود. ثم استدل الكاتب علي رأيه برواية ذكرها أبو عبد الله الواقدي - وهو مؤرخ عاش في القرن الحادي عشر الهجري - تتحدث عن مسجد آخر اسمه المسجد الأقصى موجود في مدينة تسمى بالجعرانة تقع علي بعد ستين كيلومتر من المدينة المنورة . ثم ربط الكاتب في خلط عجيب بين هذا المسجد والمسجد الأقصى المذكور في آية سورة الإسراء ليدلل على رأيه، وطالب الجمهور بأن يقرأ ويفهم ما ورد في كتب في التاريخ أولا قبل أن يستمعوا إلى آراء رجال الدين.؟؟ والحقيقة أن الكاتب قد استدل استدلالاً خاطئاً وغير مفهوم على رأيه بالحديث المرفوع عن الواقدي. فالواقدي لم يشر من قريب أو بعيد إلى أن مسجد الجعرانة هو المسجد المقصود في سورة الإسراء. وكل ما ذكره الرجل أن الرسول- صلى الله عليه وسلم - قد أحرم في عمرته الثالثة من مسجدٍ أقامه في منطقة الجعرانة عند العدوة القصوى؟!! سماه الناس باسم المسجد الأقصى تمييزاً له عن مسجد بني لاحقاً عند العدوة الدنيا، وبناه رجل من قريش اسمه عبد الله بن خالد الخزاعي وأطلق عليه الناس اسم المسجد الأدنى . وكل ما ذكره الواقدي عن هذين المسجدين ـ الأقصى والأدنى ـ إنما كان يتعلق بتحديد مكان الإحرام الذي أحرم منه النبي - صلى الله عليه وسلم - في تلك العمرة. وهذا هو نص ما ذكره الواقدي في كتاب المغازي – تحقيق مارسدن جونس – مكتبة الأسكندرية – الطبعة الثالثة : ( انتهى رسول الله إلى الجعرانة ليلة الخميس ، فأقام فى الجعرانة ثلاث عشرة ليلة، فلما أراد الانصراف إلى المدينة خرج من الجعرانة ليلاً فأحرم من المسجد الأقصى الذى تحت الوادى بالعدوة القصوى، وكان مصلى رسول الله إذا كان بالجعرانة (أي كان الرسول يصلي فيه إذا نزل بالجعرانة )، وأما المسجد الأدنى فقد بناه رجل من قريش اسمه عبدالله بن خالد الخزاعى). هذا نص ما ذكره الواقدي في كتاب المغازي . وكما نرى لم يذكر فيه الرجل من قريب أو بعيد قصة الإسراء ، فمن أين أتى الدكتور يوسف زيدان بهذا الاستدلال ؟ وماذا وجد في هذا النص كي يفترض أن الرسول قد أسري به إلى الجعرانة بدلاً من بيت المقدس؟. وأعود إلي لب الحوار والفرضية التي يفترضها الكاتب عن تاريخ المسجد الأقصى وقدسيته ، والتي يدعي أنهما لم يكن لهما وجود قبل عام ٧٣ هجرياً. وهنا أقف متحيراً مرة أخرى أمام استنتاج الكاتب العالم في التاريخ. فلو كان المقصود بالمسجد الأقصى تلك الجدران التي أقامها عبد الملك بن مروان والقبة الصفراء التي تزين مسجد الصخرة لاعتبرنا أن فرضيته صحيحة . ولكنه يعلم جيداً أن قدسية المسجد مرتبطة بقدسية المكان وبقعة الأرض التي بني عليها وليس لجدران بن مروان شأن في ذلك. ولا أدل علي ذلك من القياس علي الكعبة المشرفة والمسجد الحرام. فجدران الكعبة المشرفة قد هدمت وبنيت أكثر من مرة على مدار تاريخها والمسجد الحرام تتغير معالمه عاماً بعد عام ، ولكن تبقى قدسيتهما مرتبطة بقدسية الأرض التي تحمل البناء. والحق أن ما ردده الكاتب بخصوص استغلال بني أمية لقدسية المسجد كي يصرف الناس عن الحج الي أرض الحجاز هو اتهام روجه المؤرخون العباسيون ضد بني أمية. وهو كلام يؤخذ منه ويرد. فقد ذكر المؤرخ عارف باشا العارف المولود في القدس عام ١٨٩٢ م في كتابه "تاريخ القدس " : أن أول من ردد هذا الاتهام هو المؤرخ العباسي أبو العباس أحمد بن اسحق المعروف باليعقوبي ( المتشيع ) والمتوفي عام ٨٧٤ م وردده من بعده مؤرخون آخرون " ومعروف العداء التاريخي بين العباسيين وبني أمية. ولو افترضنا جدلاً بأن بني أمية قد روجوا لفكرة قدسية المكان لتدعيم ملكهم ضد خصومهم ، فإنما يعد هذا دليلاً على أن للمكان قيمة روحانية و دينية مستقرة عند الرعية من قبل بني أمية ، وإلا لما استطاع بنو أمية أن يحققوا مأربهم هذا ، وأن ينتصروا على خصومهم بتأجيج هذه المشاعر إن لم تكن موجودة سلفاً. وقبل أن أتحدث عن تاريخ المسجد الذي بناه عبد الملك بن مروان وما سبقه من مقدسات بنيت على نفس البقعة من الأرض قبل أن يحل محلها البناء الحالي ، سوف أقوم بسرد جزء يسير من تاريخ مدينة القدس منذ نشأتها وحتى الفتح الإسلامي لها . و لهذا السرد أهمية في فهم بعض ما جاء علي لسان الدكتور يوسف زيدان بخصوص أسماء المدينة التي تغيرت علي مر العصور . وهو الأمر الذي اتخذه الكاتب مدخلاً كي يؤكد نظرية "القدسية الإسلامية المزعومة للمدينة من أجل أهداف سياسية " وليت الكاتب تطرق إلى المزاعم اليهودية في القدس بنفس القدر ، ولكنه خصص كل وقته كي ينفي وجود مقدسات إسلامية فيها. ناسياً أن الأمر لا يتعلق ببناء حجري فحسب ، وإنما بعقيدة يؤمن بها المسلمون منذ صدر الإسلام ، وهي أن القدس كانت أولى القبلتين ، وأن االرسول قد أسري به إلى بيت المقدس وليس إلى الطائف. وحيث أن الدكتور يوسف زيدان قد طالبنا بأن نحادثه بأسانيد تاريخية وليست دينيه . فسأبدأ بهذا السرد السريع لتاريخ القدس. يعود تاريخ القدس إلي عام ٣٠٠٠ قبل الميلاد . وأول أسم عرفت به المدينة هو "أور سالم " أو "مدينة سالم " وسالم هو إله الكنعانيين حامي المدينة ، والذي يعني اسمه بالعربية "السلام" ولهذا عرفت المدينة في الأدبيات القديمة والوثائق المصرية القديمة باسم " مدينة السلام " وهذا ما أثبتته رسائل تل العمارنه . ومن هذا الاسم اشتق الاسم العبري " أور شاليم " مع تغيير طفيف في المعنى عند ترجمته إلي العبرية حيث تعني كلمة أور في العبرية: مكان مخصص لعبادة الرب وخدمته أما كلمة "شاليم" فتعني أيضاً "سلام " ولهذا فإن الترجمة العبرية لاسم المدينة "هو مدينة الرب السلام " والذي لا يختلف كثيرا عن المعني الكنعاني الأصلي . أما الاسم العبري بيت ها-مقداش أو بيت المقدس الذي تحدث عنه الدكتور يوسف زيدان فقد اشتق من لفظ آرامي يترجم في العبرية إلي كلمة “الكنيس" أو بيت الاجتماع - ومنه كلمة "الكينيست " المعروفة حاليا. و كلمة بيت الاجتماع هذه تشير إلى الهيكل المقدس الذي بناه نبي الله سليمان كما سنذكر لاحقاً (انظر Jerusalem, the Holy City ، Stephen J. Binz, 2005) وللمدينة طابع خاص يتسم بالقدسية منذ نشأتها و قد يستشفه الانسان من الأسم الكنعاني القديم لها . فهلا يثير الدهشة أن تسمي مدينة باسم "مدينة السلام" منذ أكثر من خمسة آلاف عام ؟! وتقول التوراة أن إبراهيم - عليه السلام - قد بني بيتا للرب في هذه المدينة وكذلك فعل يعقوب - عليه السلام - . ولما هاجر بنو إسرائيل إلي مصر في زمن يوسف - عليه السلام - وظلوا بها طوال حكم الرعاة (الهكسوس) و بدايات حكم الرعامسة لم يكن لهم بيت يقيمون فيه شعائرهم . فلما خرج بهم موسي - عليه السلام - في الرحلة إلي الأرض المقدسة أنزل عليه الرب تشريعاً جديداً فأمره أن يقيم هيكلاً متنقلاً اسمه "خيمة الاجتماع " أو "خيمة الشهادة" به قدس الأقداس الذي يحوي تابوت العهد (وهو صندوق يحوي ألواح الشهادة وبعضاً من المن والسلوى " وكذلك المذبح ، وساحة لتلاوة الصلوات. وظلت خيمة الاجتماع تتنقل من مكان إلى مكان في جميع منازل التيه التي مر بها بنو إسرائيل في أرض سيناء ، إلى أن وصلوا إلى شرقي نهر الأردن في أرض موآب. وهناك توفي موسى - عليه السلام - بعد أن أوصى فتاه يشوع بن نون ، بأن يقيم بيت للرب فوق جبل أورشليم. وتذكر المصادر التاريخية أن اسم المدينة قبل الفتح العبراني مباشرة كان "يبوس " ولهذا عرف سكان هذه المدينة من الكنعانيين باليبوسيين. وهو اسم نجده أيضاً في الوثائق والرسائل المصرية القديمة. وقد حاول " يشوع بن نون " دخول يبوس بعد أن عبر ببني إسرائيل نهر الأردن وبعد أن احتل " أريحا" و " الجلجال " و "شيلوح" ولكنه لم يستطع دخولها لشدة تحصين المدينة. وتكررت محاولات بني إسرائيل لاحتلال يبوس بعد يشوع بن نون لعقود ولكنها كانت دائما ما تنتهي بالفشل. إلى أن ُمسِح "داواد" - عليه السلام - ملكاً على بني إسرائيل في عام ١٠٤٩ ق.م. وكان يومئذ يقيم في مدينة حبرون (الخليل). فزحف بجيش قوامه ثلاثون ألف مقاتل يقوده ابن أخته (يوآب)، وبعد مقاومة عنيفة من اليبوسيين سقطت المدينة في يد بني إسرائيل واتخذها داود -عليه السلام - عاصمة لملكه. وكانت المدينة قبل احتلالها ذات حضارة ومنازل متقنة البناء بها أسباب الرفاهية ، فاقتبس بنو إسرائيل منهم هذه الحضارة ، فسكنوا في بيوت كبيوت الكنعانيين ، ولبسوا ملابس كملابسهم. وحينما تولي "سليمان بن داود " - عليه السلام - الملك ، أزدهرت المدينة في عهده أكثر ، وأقام معاهدات مع جيرانه من الفينيقيين والفراعنة ، وتوسعت المملكة في عهده وازدهرت ، وبنى فيها القصور والمحاريب كما ذكر لنا القرآن الكريم. وأهم هذه المحاريب كان الهيكل المقدس الذي بدأ بنائه في عهد داود - عليه السلام - واكتمل في عهد سليمان -عليه السلام.- ولما مات " سليمان " -عليه السلام- عام ٩٧٥ ق.م. تقسمت المملكة إلي مملكتين ، مملكة يهوذا في الجنوب ، وعاصمتها أورشليم ، ومملكة إسرائيل في الشمال وعاصمتها "شكيم ". وظل النزاع علي أشده بين المملكتين لعقود ، ضعفت خلالها قوة المملكتين ، كما ضعفت عقيدة بني إسرائيل ، وتسللت العبادات الوثنية الفينيقية إلى عبادتهم اليومية ، حتى أنهم أقاموا معبداً للآله “بعل “ في قلب أورشليم. وحذرهم النبي إيليا (إلياس ) من مغبة ذلك الأمر . وقد أشار القرآن الكريم إلى ذلك في قول الله تعالي : “ وإن إلياس لمن المرسلين. إذ قال لقومه ألا تتقون. أتدعون بعلا وتذرون أحسن الخالقين . الله ربكم ورب آبائكم الأولين " وقد أدى ذلك الضعف السياسي والعقائدي إلى تعرض المملكتين للغزو أكثر من مرة ، تارة على يد شيشنق فرعون مصر،وتارة على يد شلمنصر ملك آشور . إلى أن دمرت المملكة الشمالية تماما على يد "سنحاريب بن شلمنصر " في عام ٧١٣ ق.م. وتم تشريد أهلها تماما وتفريقهم في بقاع الأرض ، وسبي بعضهم الي آشور فيما عرف بالسبي الآشوري . وظلت المملكة الجنوبية وعاصمتها أورشليم باقية قرابة القرن وربع من الزمان بعد سقوط المملكة الشمالية، وتحديداً حتي عام ٥٨٦ ق.م. حينما قام الملك البابلي نبوخذ نصر بغزو المدينة ودك أسوارها، وتدمير الهيكل تماما ، وقام بسبي بني إسرائيل إلي بابل، وهذا السبي عرف بالسبي البابلي لبني إسرائيل. وفي هذه المرة فقد اليهود تابوت العهد والألواح نهائيا ولم يعثروا عليها مرة أخرى ، وظل بنو إسرائيل تحت نيران السبي قرابة السبعين عاماً ، تغيرت خلالها خريطة العالم السياسية ، وبرزت حينها مملكة الفرس التي أزاحت مملكة بابل علي يد ملكها "كورش" العظيم ، والذي تزوج من يهودية اسمها "إستير" ، ثم سمح لليهود بالعودة إلي أورشليم وبناء الهيكل الثاني على أنقاض الهيكل الأول . وبالفعل عاد اليهود إلى أورشليم مرة أخرى وقاموا ببناء الهيكل الثاني وتم ذلك في عام ٥١٥ ق.م. وظلت المدينة تابعة لملوك الفرس قرابة قرنين من الزمان تنعم بالسلام مقابل أن تؤدي الخراج الذي عليها لملوك الفرس ، وتسهيل عبور الجيوش الفارسية إلى مصر وأفريقيا . ولكن هذا السلام قد تعكر صفوه في نهايات القرن الرابع قبل الميلاد ، حينما اشتدت الحروب والمعارك بين ملوك الفرس واليونان ، والتي انتهت بهزيمة الفرس وسقوط المدينة في يد الاسكندر الأكبر المقدوني في عام ٣٣٢ ق.م. وتوجس بنو إسرائيل خيفة من الأسكندر الأكبر في بادئ الأمر، ولكنه أظهر لهم تسامحاً دينياً لم يتوقعوه . فقد أعفاهم من الضرائب وسمح لهم بإقامة شعائرهم ، وسك النقود الخاصة بهم. فطوى اليهود صفحة الفرس وتعاونوا مع الحليف الجديد الذي اتجه شرقاً كي يستكمل فتوحاته في الهند ، ولكن القدر لم يمهله طويلاً ومات في طريق العودة ، وتقسمت مملكته على قواده ، وكانت أورشليم من نصيب البطالمة . ولم يحدث وفاق بين اليهود والبطالمة بسبب تمرد اليهود على بطليموس أكثر من مرة ، لشعورهم بضعفه مقارنة بسلفه الأسكندر الأكبر . وقام اليهود بثورة كبيرة في عام ٣٢٠ ق.م وتعاونوا مع أعداء بطليموس من أجل الانفصال. فأرسل إليهم بطليموس جيشاً كبيراً دك حصون أورشليم وبطش بأهلها بطشاً شديداً ، وأسر ما يزيد عن مائة ألف يهودي حملهم معه أسرى إلى مصر. واستغل اليهود فترة الاضطراب التي حدثت بين الحكام في آواخر حكم البطالمة ، فعقدوا المؤتمرات وأججوا نار الخلاف بين القوى المتصارعة حتى نجحت مجموعة عسكرية من اليهود تسمي بالمكابيين من الاستقلال بالحكم في عام ١٥٠ ق.م. فيما عرف بثورة المكابيين. ولكن سرعان ما دب الخلاف بين المكابيين أنفسهم وقامت بينهم حرب أهليه طاحنة استعان فيها قادة العسكر اليهود بخصوم الدولة اليهودية للانتصار على منافسيهم. وعقد بعضهم اتفاقات مع دولة الرومان الطامحة في التوسع . وكنتيجة حتمية لهذا الصراع سقطت أورشليم تحت الاحتلال الروماني علي يد القائد بومبي عام ٦٣ ق.م. وكان أول شئ فعله الرومان هو التخلص من حلفائهم من المكابيين ، وقام هيرودس بذبح آخر قادة المكابيين عام ٣٧ ق.م. وظلت علاقة اليهود بالرومان تتأرجح ما بين الهدوء والاضطراب ردحاً من الزمن ، فتارة يأخذهم الرومان بالرأفة وتارة بالبطش ، وإن كان الميل الي البطش أكثر ، نظراً لكره اليهود للرومان بعد أن قاموا بالفتك بالمكابيين. وكانت أشد الفترات توترا هي عام ١٣٨ م حينما تولى الامبراطور أدريانوس (Hadrian) عرش روما . والذي اعتزم أن يقضي على الشعب اليهودي الذي كان لا يهدأ له بال دون أن يقوم بنوع من أنواع الشغب. فحظر على اليهود الاختتان ، وقراءة التوراة ، واحترام يوم السبت كنوع من الاستفزاز . فقام اليهود بثورة دموية على تلك الاحكام عام ١٣٥ ، فأرسل إليهم أدريانوس جيشاً بقيادة يوليوس سيفيروس احتل المدينة وقهر الثوار ، وقتل مئات الألوف بحد السيف فضلاً عمن ماتوا بالحرق والجوع والمرض. ورغبة منه في استئصال شأفة اليهود حظر عليهم دخول المدينة مرة أخرى ، ثم أمر بتحطيم الهيكل الثاني وحرقه وردمه بالتراب والحجارة ، وأمر بمحو كل أثر لليهود في المدينة وقرر تغيير اسم المدينة من أورشليم إلي "إيلياء كابتولينا " حتي ينزع ذكراها من القلوب. وهذا الدمار الثاني الذي ألحقه أدريانوس بالمدينة بعد الدمار الأول الذي قام به نبوخذ نصر ، وجدير بالذكر أن المسيحيين لم يسلموا أيضا من اضطهاد الامبراطور الوثني أدريانوس، فقد دمر لهم كنيسة أورشليم ، وأمر بردم القبر المقدس بالتراب والحجارة ، وبني فوق القبر هيكلين وثنيين وتمثالين للمشتري والزهرة. ولكنه على أية حال لم يقم بتهجير المسيحيين مثلما فعل مع اليهود. وقد ظل اسم المدينة " أيلياء" هو الاسم المتداول منذ أن أطلقه أدريانوس عام ١٣٥ وحتى دخول عمر بن الخطاب إليها في عام ٦٣٦ م (أي لمدة خمسمائة عام كاملة) وحينما اعتنق البلاط الروماني الديانة المسيحية ، وتولى الامبراطور قسطنطين عرش الأباطرة عام ٣١٣ م ازدهر الوجود المسيحي في القدس ، وبلغ الأمر أشده حينما زارت هيلانة والدة قسطنطين مدينة إيلياء ، وأزالت عن قبر المسيح الحجارة والبناء الذي أقامه أدريانوس. ثم قامت ببناء كنيسة القيامة محل الكنيسة القديمة. ولكن الأمر لم يتحسن بالنسبة لليهود ، فقد خير قسطنطين اليهود بين العودة إلى المدينة مع اعتناق المسيحية أو البقاء خارجها إلى الأبد. ولم يدم الأمر طويلاً ، ففي عام ٣٦٠م تولى الحكم الامبراطور "جوليان فلافيوس " والمعروف بـ"جوليان المرتد " (Julian the Apostate) والذي تتهمه الكتابات المسيحية بالردة ومحاولة إحياء الوثنية ، بينما يصفه اليهود بالحاكم العادل ، حيث ألغى جوليان جميع الأحكام التي صدرت ضد اليهود وسمح لهم بالعودة إلى المدينة مرة أخرى. وجرت محاولة لبناء الهيكل لثالث مرة ولكنها باءت بالفشل لأسباب غير محددة ، أحالها المسيحيون إلى تدابير السماء وأحالها اليهود إلى مؤامرة مسيحية. ومهما يكن السبب وراء فشل تلك المحاولة ، فإن تلك المحاولة كانت هي المحاولة الأخيرة لبناء الهيكل منذ عام ٣٦٠ م وحتى الآن. وعلى هذا فإن موضع الهيكل ظل خراباً منذ هدمه أدريانوس عام ١٣٥ م وحتى الفتح الإسلامي للمدينة. وبعد أن انقسمت الكنيسة إلى كنيسة شرقية وأخرى غربية لاختلافات مذهبية اتبعت إيلياء حينئذ الكنيسة الغربية ، وفي عام ٥٣٠ م قرر المجلس الكنسي أن يجعل إيلياء مقراً للبطريركية ، وأنشئت كنائس متعددة في المدينة ، ولكن هذه الكنائس لم تفلح في رأب الخلافات المذهبية التي نخرت في جسد الدولة العجوز. ومع بدايات ظهور الدعوة الإسلامية وبعثة النبي محمد - صلى الله عليه وسلم - كانت دولة الروم في أشد درجات الضعف بسبب تلك الخلافات ، واشتدت النزاعات السياسية مما منح الفرس فرصة الهجوم علي إيلياء بقيادة كسرى ملك الفرس عام ٦١٤ م ، وكان ذلك في عهد هرقل ملك الروم. كان دخول الفرس كاسحاً مدمراً .فقد ذُبِح فيه تسعون ألف مسيحي بنصل السيف ، وهدمت فيه كنيسة القيامة وجميع الكنائس الأخرى . واستولى الفرس على الصليب الخشبي المقدس الذي صلب عليه المسيح (في اعتقاد النصارى) وحملوه إلى بلادهم ومعه البطريرك زخريا أسيراً . وجدير بالذكر أن المؤرخين المسيحيين يشيرون في كتبهم بأصابع الاتهام إلى يهود إيلياء، وينصون صراحة على أن اليهود قد شاركوا في أعمال التخريب والتدمير التي وقعت بالمدينة ، وتعاونوا مع الفرس في قتل النصارى انتقاما منهم. وعموما فقد أصيب العالم المسيحي بالحزن بسبب الدمار الذي وقع في المدينة وأيضاً لفقدان الصليب المقدس. وانتقلت أصداء الهزيمة إلى جزيرة العرب . ونزل الوحي على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يخبره بأن الروم قد غلبت ولكنها ستعاود الانتصار مرة أخرى في نبوءة أشبه بالمعجزة نقرأها في قول الله تعالي : "غُلِبَتِ الرُّومُ * فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ * فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ" وبالفعل استجمع هرقل قواه وانتصر على الفرس عام ٦٢٧ م ، وأعاد الصليب المقدس إلى موضعه بعد أن أعاد بناء كنيسة القيامة . وانتقم من اليهود شر انتقام . ولكن الضعف كان قد حل بمملكته ، فلم يستطع أن يصد الفتح الإسلامي الذي أسقط مدنه الواحدة تلو الأخرى ، حتى فتحت إيلياء عام ٦٣٦ ميلادياً على يد القائد المسلم أبو عبيدة عامر بن الجراح في خلافة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب . وقبل أن أتحدث عن الفتح الإسلامي لإيلياء أو بيت المقدس أود منك عزيزي القارئ أن تتأمل معي هذه المفارقات التي تستطيع أن تقرأها بين السطور السابقة....
أولاً : أن المدينة التي كانت تسمي بمدينة السلام أو "أور-سالم " قبل الفتح اليهودي لم تنعم بالسلام قط علي مدار التاريخ اليهودي باستثناء فترة وجيزة هي فترة حكم الملك سليمان -عليه السلام -، والتي لا تزيد عن ٤٤ عاماً طبقاً لنصوص التوراة. وفيما عدا تلك الفترة فإن أديم هذه الأرض قد صنع من دماء و أجساد ملايين البشر والأبرياء.
ثانياً : أن المدينة المقدسة التي وصفها القرآن الكريم بالأرض المقدسة وأمر اليهود بأن يقيموا فيها بيتاً للرب، قد انتهكت قدسيتها على مدار التاريخ اليهودي. تارة على يد اليهود أنفسهم حينما عبدوا الاله "بعل " داخل الأرض المقدسة ، وحينما انقسموا على أنفسهم وتعاونوا مع أعدائهم ، وتارة أخرى على أيدي الغزاة من الآشوريين والبابليين والبطالمة والرومان والفرس.
ثالثاً- لم تسلم أورشليم المسيحية من كيد يهود المدينة . كما لم تشفع عقيدة المسيحيين التي تعتبر العهد القديم جزء أساس من الكتاب المقدس في السماح لليهود بإعادة بناء بيت الرب. وظل مكان البيت خراباً مطموراً بالحجارة ومدنساً بروث الخيل طيلة الحكم المسيحي للمدينة المقدسة.
رابعا : لم تسلم المقدسات المسيحية من الإعتداء والتدمير ، ولم يسلم المسيحيون أنفسهم من القتل والتعذيب على أيدي الرومان في بادئ الأمر ، ثم الفرس لاحقاً. ولم يكن اليهود ببعيد عن إلحاق الأذي بالمسيحيين في جميع الأحوال ، حتى أن أذاهم قد طال المسيح عيسى بن مريم - عليه السلام - نفسه. وجدير بمن يتأمل هذه النقاط أن يشعر بحتمية ظهور طرف آخر بعيد عن أطراف الصراع ، يمكنه أن يعيد الأمور إلى نصابها . فيعيد السلام إلى أرض السلام ويعيد القدسية إلى الأماكن المقدسة ، ولا تستباح في عهده كنيسة ولا معبداً . وكان هذا الطرف هم الفاتحون المسلمون. وأعود إلي الفتح الإسلامي لبيت المقدس ، وإلى الدكتور يوسف زيدان ، الذي تلا علينا نص العهدة العمرية ، ليدلل فقط علي أن اسم المدينة في زمن الفتح الإسلامي كان " إيلياء " ، رغم أنها قضية معروفة لم ينازعه فيها أحد. وليت الدكتور يوسف زيدان أكمل الرواية التي قرأها والتي تتحدث عن دخول عمر بن الخطاب إلى إيلياء . وهي رواية ذكرها الواقدي في كتاب فتوح الشام ، والطبري في تاريخه ، وابن كثير في البداية والنهاية ، ولم يخل منها كتاب من الكتب الحديثة التي تتحدث عن تاريخ القدس. و الرواية المكتملة تنقض كل ما جاء به الدكتور يوسف زيدان على مدار ساعتين ، وتنفي أن المسلمين الآوائل - ومنهم عمر بن الخطاب - كانوا يعتقدون بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد أسري به إلي الجعرانة ، كما تنفي أن المسجد الأقصى الموجود في بيت المقدس كان شيئا مجهولا بالنسبة للمسلمين الأوائل . ومختصر الرواية أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - بعد أن دخل بيت المقدس كان أول ما قام به أن أعطى عهد الأمان لأهل إيلياء . في وثيقة عرفت بالعهدة العمرية .. وبعد أن أعطاهم عمر العهد كان أول عمل قام به أن زار كنيسة القيامه ، فلما حان وقت صلاة العصر أشار عليه البطريرك صفرونيوس “Sophronius “ أن يصلي في الكنيسه فأبى عمر بن الخطاب خشية أن يتخذها المسلمون من بعده مسجدا . فخرج عمر وصلى العصر هو وأصحابه في أرض فضاء تبعد حوالي خمسمائة متر عن الكنيسة . فجاء المسلمون من بعده وبنوا في هذا المكان مسجداً تم تجديده وتوسعته حتى وصل إلى شكله الحالي في عهد الأفضل بن صلاح الدين الأيوبي . ولا يزال المسجد حتى الآن موجوداً في الفناء الخلفي لكنيسة القيامة في حارة النصارى واسمه مسجد عمر . ولا علاقة له بالمسجد الأقصى. واتفقت الروايات علي أن عمر - رضي الله عنه - سأل أثناء إقامته عن مكان المسجد الأقصى. واختلفت الروايات فيمن سأله عمر . فذكر بعضها اسم اليهودي المسلم "كعب الأحبار " وذكر آخرون أنه سأل البطريرك صفرونيوس.المهم أن الناس قد أشاروا إلى الموقع الذي كان يقدسه اليهود. فذهب عمر إلى ذلك المكان فوجده في حالة خراب ودمار شديدين ، وتجمعت فيه الأحجار والأقذار بفعل الرومان. فراح عمر يزيل التراب والقاذورات عن أرض المكان هو وأصحابه. وكشف عن صخرة في وسط المكان أعتقد أنها الصخرة التي عرج منها النبي إلى السماء ، فأقام حولها مسجد خشبياً بدائياً اتسع وقتها لألف مصلي ، وكان هدفه - رضي الله عنه - أن يعيد إلي المكان قدسيته وهيبته ، حتى لا يتجرأ عليه أهل إيلياء بموجب عهد الأمان الذي أعطاه لهم. وظل هذا البناء الخشبي قائماً حتي زمن معاوية بن أبي سفيان . وفي عام ٤١ هجرياً قام معاوية بن سفيان بتغيير هذا البناء الخشبي إلي بناء حجري ، وقام بتوسعته كي يستوعب ثلاثة آلاف مصلي. ولا يزال مسجد معاوية الذي أقامه على آثار مسجد عمر قائما حتى الآن ضمن أسوار المسجد الأقصى ويسمي بالمسجد القبلي. ويذكر المؤرخ الشهير " المقدسي " أن أكبر التوسعات التي حدثت في المسجد حتى وصلت إلى شكلها الحالي كانت في عهد عبد الملك بن مروان والذى بدأ في مشروع التوسعة عام ٦٥ هجرياً أي في السنة الأولى من حكمة. وقد يكون االرجل المخضرم قد أراد أن يبدأ حكمه بمشروع عملاق يجتذب حوله قلوب الرعية ، لا سيما وأن حكمه كان مزعزعاً في الجنوب بثورة عبد الله بن الزبير وفي الشام بمحاولة انقلاب بن عمه عمرو بن سعيد الأشدق الذي كان يرى نفسه أحق بالخلافة. ولكي يبدأ بن مروان مشروعه نذر له خراج مصر سبع سنين ، وعهد بإدارة العمل فيه الى أحد أعلام العصر في ذلك الوقت وهو رجاء بن حياة بن جود الكندي . وبدأ بقبة الصخرة المذهبة ، وبعدها بقبة السلسة حتي اكتمل البناء و صار أقرب إلى الشكل الحالي . وجدير بالذكر أن المسجد الأقصى تهدمت بعض أجزاؤه مرتين بفعل الزلازل. الأولى في بدايات حكم الخليفة العباسي أبو جعفر المنصور وقام بتجديده مرة أخرى ، والثانية في عهد الخليفة الفاطمي الظاهر لإعزاز دين الله والذي قام أيضاً بتجديده. وهذا يوضح أن للمسجد قيمة كبيرة عند العباسيين والفاطميين رغم اختلاف المذاهب والمطامح السياسية . وبعد : فإنه يتضح من تلك الدراسة الموجزة أن الفتح الإسلامي لبيت المقدس قد حقق ما لم يحققه التواجد اليهودي والمسيحي لتلك المدينة المقدسة على مدار عشرات القرون ، منذ نشأتها عام ٣٠٠٠ ق.م. وحتى عام ٦٣٦ م . فقد صد عنها بطش الفرس والرومان ، وأعطى الأمان لأهل إيلياء ، وأعاد الى المقدسات قدسيتها. وأخيرا أسأل الله أن يكون هذا العمل خالصاً لوجه الكريم. ( صحيفة الوفد الثلاثاء, 29 ديسمبر 2015 م (
9- أدلة د. محمد عمارة للرد على زيدان في إنكاره مكان المسجد الأقصى :
انتقد الدكتور محمد عمارة عضو مجمع البحوث الإسلامية ، ورئيس تحرير مجلة الأزهر سابقًا تصريحات يوسف زيدان الروائي عن المسجد الأقصى، قائلاً: "زيدان قال عن المسجد الأقصى ما لم يقله أي من علماء المسلمين ، أو حتى المستشرقين الذين درسوا تاريخ الإسلام .
وأضاف عمارة خلال تصريحات صحفية له: "ما قاله يوسف زيدان مصدره وثيقة نشرتها "رابطة الدفاع اليهودية" وكتبها مؤسسها.. ونُشرت هذه الوثيقة بمجلة الأهرام العربي بتاريخ 18إبريل سنة 1999 وأنا رددت عليها في المجلة نفسها يوم 15 مايو من السنة نفسها "حسب قوله ،
وأردف: "الشبهة التي جاءت في هذه الوثيقة والتي رددها الأخ يوسف زيدان تستند إلى أنه عندما نزلت الآية الكريمة عن المسجد الأقصى {سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى} في سنة 621 ميلاديًّا لم يكن هناك مسجد جامع في القدس يسمى المسجد الأقصى.. وهذه الشبهة مردها عدم الفهم لكلمة "مسجد"، فالرسول أسري به من المسجد الحرام ولم يكن نائمًا ولا مقيمًا في المسجد الحرام، بل كان مقيمًا في مكة أي أسري به من الحرم المكي إلى الحرم القدسي؛ فالقرآن لا يتحدث عن بناء أو جدار وشبابيك اسمها "المسجد الأقصى" أو "المسجد الحرام" وإنما يتحدث عن الإسراء من الحرم المكي -لأن كل مكة حرم- إلى الحرم القدسي".
وأردف: "الأمر الثاني هو كلام الأخ يوسف زيدان أن المسجد الأقصى موجود بالسعودية وليس بالقدس.. هذا الكلام قاله أستاذ يهودي اسمه "الدكتور موردخاي كيدار" وهو أستاذ في جامعة بار إيلان الصهيونية، وقال هذا الكلام في الكنيست الإسرائيلي في يوليو عام 2009 ، وقال يومها ما قاله زيدان بالحرف الواحد، وقال: إن القدس يهودية ، وعلى المسلمين أن يحملوا أحجار قبة الصخرة إلى مكة ، لأن المسجد الأقصى مكانه "الجعرانة" بين مكة والطائف ، وكان يصلي فيه الرسول أحيانًا، وأحيانًا أخرى في المسجد الأدنى القريب منه، وهذا الأستاذ اليهودي استضافته إذاعة "المستوطنين أمناء بناء الهيكل" ورددوا هذا الذي قاله "حسب قوله".
وأضاف: " والرسول في رحلته من مكة للطائف نعرف كيف استقبل، ولم يقل عاقل أو حتى نصف عاقل أنه قد بني مسجد في هذا المكان.. ويجب أن نفرق في حياتنا بين كاتب يصنعه العلم ، وكاتب يصنعه الإعلام.؟؟!!
ثم قال: " نشرت تلك الوثيقة كاملة، ورددت عليها في كتابي "القدس بين اليهودية والإسلام" سنة 1999م.. ورددت على شبهة "مردخاي" في كتاب آخر عام 2011 م، لكن الغريب أن يأتي من ينقل عن الصهاينة ، ولا ينقل عن العلماء الذين كتبوا في الدين أو حتى التاريخ".
10 – رأي الرويبضة المصري توفيق عكاشة في المسجد الأقصى : وما دمنا ذكرنا رأي بعض المتخلفين حول المسجد الأقصى فلنذكر رأي الرويبضة توفيق عكاشة فهو يفوقهم في تفاهته ، فقد ذكر توفيق عكاشة أنه قد قام بزيارة المسجد الأقصى، وتعرض لمحاولة اختطاف أثناء هذه الزيارة، كما تعرض لمحاولة تصفيته ؟! وأكد أن المسجد الأقصى يتواجد على عمق من 8 إلى 12 متر تحت الأرض، وأن ما يُبَثُّ على شاشات التليفزيون ما هو إلا مسجد بناه الوليد بن عبد الملك بن مروان، أما المسجد الأقصى المتواجد تحت الأرض فقد بناه الله ؟؟!! . وأضاف إن الرئيس الراحل محمد أنور السادات لم يصلِّ في المسجد الأقصى، بل صلى في مسجد الوليد بن عبد الملك، وأكد أنه كان يتعرض للمراقبة من عدة جهات أمنية خلال زيارته للمسجد الأقصى، منها الموساد والمخابرات الأردنية.؟؟ ( )
10 – رأي الشيخ الأزهري د . مصطفى راشد في المسجد الأقصى :
يتهم " يوسف زيدان" بسرقة بحثه عن المسجد الأقصى : أكد الدكتور مصطفى راشد ، رئيس الاتحاد العالمى لعلماء الإسلام من أجل السلام ورفض العنف ، فى تصريح خاص لـ " المطرقة " أنه فوجئ بظهور الدكتور يوسف زيدان مع الإعلاميان خيري رمضان، وعمرو أديب ، وقال فى حواره معهما إن المسجد الأقصى موجود بالسعودية ، وهذا الكلام هو بحث لى منذ 18 عاما بالأزهر وقال د. مصطفى راشد إن البحث منشور فى موقع الحوار المتمدن يوم منذ عام 2012 تحت عنوان " ( المسجد الأقصى موجود بالسعودية ) وهو نفس الكلام الذى ذكره الدكتور يوسف زيدان حرفيا والمنشور فى بحثى ، وهذا يعد سرقة لبحثى بشكل علني فاجر ، معتمدا على وجودي خارج مصر، وإقامتي في استراليا.
وكان الكاتب والروائي يوسف زيدان، قد قال في خلال لقائه في برنامج " ممكن " المذاع على قناة "سي بي سي" إن "المسجد الموجود في مدينة القدس المحتلة ليس هو المسجد الأقصى ذو القدسية الدينية الذي ذُكر في القرآن الكريم والذي أسرى الرسول إليه"، وأضاف ، إن المسجد الأقصى الحقيقي الذي ذكر في القرآن يوجد على طريق "الطائف"، ولكن المسجد المتواجد في فلسطين لم يكن موجودًا من الأساس في عهد الرسول محمد، وأن من بناه هو عبد الملك بن مروان في العصر الأموي.... ؟! مؤكدا أن الحرب مع إسرائيل حول القدس لا معنى لها، قائلا: "ما يحدث حاليًا هو صراع سياسي حول أرض، ولا يوجد علاقة للدين به .. ؟!
وكان الشيخ الدكتور مصطفى راشد قد نشر بالفعل بتاريخ 12/ 8 / 2012 بحثا بعنوان " المسجد الأقصى موجود بالسعودية " قال فيه : لماذا يقدس المسلمون المسجد الأقصى ؟ وماهى الحقيقة التاريخية لهذا المسجد الذى بسببه يدور منذ عشرات السنين صراع دموي بين العرب وإسرائيل ومن هو الأحق ؟ هذا السؤال ورد إلينا من السعودية ، وللإجابة على هذا التساءل نقول : - إن المسجد الأقصى الموجود بالقدس بناه الخليفة الأموي الخامس عبد الملك بن مروان عام 73 هجرية لأسباب سياسية محضة ، ذكرها وبيّنها وفصلها عُلماء مسلمون كبار عاصروا بني أمية ، من أمثال الكلبي والواقدي واليعقوبي.,وايضا الطبري والحلبي والكواكبي وابن رشد وغيرهم ؟! ، وقد ذكر هؤلاء أن بني أمية بدأوا يستشعرون أن حكمهم وسلطانهم الذي انتظروه طويلا بات مهدداً بالزوال ، بعد أن بايع أهل الحجاز عبد الله بن الزبير، فيما بايع أهل الشام بني أمية، ليشهد العالم الإسلامي وجود خليفتين في آن واحد: أمير المؤمنين في الشام ، وأمير المؤمنين في الحجاز، في سابقة هي الأولى منذ عهد الخلفاء الراشدين. وقد لجأ بنو أمية الذين عرف عنهم الدهاء والحنكة إلى بناء مسجدين في محاولة منهم لتعزيز مُلكهم العضوض في بلاد الشام، حيث بُني المسجد الأول في إيلياء (القدس) فيما شرعوا في بناء مسجد كبير في دمشق عرف بالجامع الأموي.؟؟ وأما جامع إيلياء فقد أرادوا له أن تُشد إليه الرحال لمضاربة المسجد الحرام في مكة والمسجد النبوي في المدينة، وكان لهم ما أرادوا من تحويل الحجيج الى مسجد إيلياء ، فالتاريخ يشهد ان المسلمين حجوا الى بيت المقدس ثلاث سنوات!! لأسباب سياسية( ) .
ومن المعروف أن بناء مسجد إيلياء ( القدس ) قد تم في فترة إحتدم فيها الصراع بين القطب الأموي والقطب الحجازي، ومن السذاجة بمكان القول إن بني أمية إنما أرادوا بناء مسجد في بيت المقدس عملا بالآية القرآنية رقم 1 من سورة الإسراء قوله تعالى (سبحان الذي اسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام الى المسجد الاقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا انه هو السميع البصير )
التي تتحدث عن "المسجد الأقصى"، او إقتداء بالاحاديث النبوية التي تذكر بيت المقدس، ففي مثل هذه الفترة العصيبة وفي ظل هذا الصراع الدامي، وتأليب المسلمين ضد بني أمية بعد مقتل الحسين حفيد الرسول ( ص )، وخشية بني أمية من تحوّل الناس عنهم لو أنهم سمحوا لهم بشد الرحال الى مكة والمدينة ، حيث يصبحون آنذاك في قبضة أهل الحجاز الموالين لعبد الله بن الزبير فيحرّضوهم على بني أمية ، أو حتى يفتكوا بهم انتقاما لمعركة كربلاء التي قتل فيها الحسين بن علي ، ووقعة الحرة التي إستباح فيها جند يزيد المدينة المنورة ثلاث ليال ، قتلا وسبيا ونهبا. ( ) وفي خضم هذا الوضع العصيب وعندما أصبح بنو أمية في وضع لا يحسدون عليه، تفتق ذهن بني أمية عن القيام ببناء صرح عظيم لتحويل الحجيج إلى بلاد الشام بدلا من الحجاز، وعندما بحثوا عن مكان مناسب لاقامة هذا الصرح، لم يجدوا أفضل من مدينة ايلياء التي عُرفت ايضا باسم بيت المقدس ، الذي كان يطلقه اليهود على المدينة لاحتواءها أقدس مقدسات اليهود ، "بيت المقدس" اليهودي الذي كان حطاما في ذلك الزمان منذ هدمه الرومان إبان القرن الأول الميلادى . أقدمَ الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان عام 73 هجرية على بناء مسجد قبة الصخرة في باحة بيت المقدس، ثم تابع إبنه الوليد البناء من بعده فأضاف المسجد القبلي وإنتهى البناء عام 96 هجرية ، ثم شُرع في زمن الوليد ببناء المسجد الأموي في دمشق.
وظل مسجد ايلياء يسمى بهذا الاسم طوال العصر الأموي، فيما ظل اسم ايلياء يطلق على المدينة، ولم يتغير هذا الوضع إلا في عصر المأمون العباسي الذي صك نقوداً نقش عليها اسم "قدس" لأول مرة في التاريخ الإسلامي، ومن ثم شرع علماء المسلمين بالربط بين مسجد ايلياء وبين المسجد الأقصى ، الذي ورد ذكره في سورة الإسراء، لكن اسم ايلياء ظل يدور على الألسن حتى العهد المملوكي، حيث صار المسلمون يطلقون على مسجد ايلياء اسم "المسجد الأقصى"، كذلك حلّ اسم "القدس" بصورة نهائية محل اسم "ايلياء" إضافة الى "بيت المقدس"، وساهم في ذلك الصراع الذى دار بين المسلمين والصليبيين ، والذي بدأ في زمن الحكم الفاطمي مرورا بالعصر الأيوبي وإنتهاء بالعهد المملوكي. وأضيفت إلى ذلك عبارة "القدس الشريف" و "الحرم القدسي" التي انتشرت في العهد العثماني.
وبتأثير كتابات الفقهاء بالعصر العباسي حول فضائل بيت المقدس الذي ورد ذكره في الأحاديث النبوية، والمسجد الأقصى الذي ورد ذكره في القرآن دون تحديد لمكانه ، إرتفع شأن مسجد بني أمية في إيلياء وصار يظهر في المراجع الإسلامية ويتداوله العامة على أنه المسجد الأقصى المذكور في سورة الإسراء وبيت المقدس الذي ورد ذكره في الأحاديث النبوية.. وشاعت بين المسلمين الأحاديث النبوية التي تذكر شد الرحال إلى مسجدي مكة والمدينة ومسجد بيت المقدس في ايلياء، كما إنتشرت الأحاديث التي تذكر أن المسجد الأقصى بني بعد الكعبة بـ 40 عاما ؟؟ ، وهى أحاديث غير متواترة أى غير صحيحة ؟؟، ولم تقف الأساطير؟! عند هذا الحد ، بل ذهب البعض إلى أن مسجد اليهود "بيت الممقدس" في أورشليم "ايلياء" الذي بناه ملوك اسرائيل داوود وسليمان هو مسجد إسلامي! قائلين إن داوود وسليمان كانوا أنبياء مسلمين! زاعمين أن اليهود حرّفوا توراتهم وأن المسجد الأقصى "بيت المقدس" اليهودي هو حق خالص للمسلمين ، وهو كلام لا سند له فى الدين الإسلامي !!
وتمادى هؤلاء في أساطيرهم حتى زعموا أن بيت المقدس اليهودي الذي بناه داوود وسليمان ما هو إلا حلقة في تاريخ المسجد الأقصى الإسلامي! منذ بناه آدم النبي المسلم! وسخّر الله لهذا المسجد من عباده الصالحين من قام على تجديد بنائه وإقامة شعائر الله في مسجده على مر العصور!
وإزاء هذه المزاعم والأباطيل نحن نتسائل: اذا كان آدم قد طاف في أرجاء الكرة الارضية عندما كانت مقفرة.. وخلال تجواله بنى الكعبة... ثم واصل ترحاله الى بيت المقدس فبنى المسجد الأقصى... فمتى حصل كل هذا؟ وما هي الأدلة الشرعية والأثرية والتاريخية على ذلك ؟ هل هذا تاريخ غيبي ام تاريخ موثق؟ و لماذا لم يذكر النبي (ص) انه زاره خلال رحلاته التجارية إلى الشام قبل البعثة علما أن النبى (ص) كان تاجراً يٌكثر من الرحلات التجارية إلى الشام؟ ( ) طيب المسلمين ؟ بعد ما فتحوا بيت المقدس لماذا لم يسافروا أفواجا أفواجا للصلاة في المسجد الأقصى الذي بناه آدم!؟ لم يذكر التاريخ شيئا من هذا؟! بل من الثابت ان المسلمين لم يلتفتوا الى هذا المكان ولم يولوه اي اهتمام قبل بناء المسجد الحالي في زمن عبد الملك الأموي؟! فأين قدسية مسجد آدم طالما أنه كان موجودا قبل ذلك!؟ ولماذا لم يتسابق الخلفاء الراشدون على كسب شرف إعمار مسجد آدم ، بل ظل المكان مقفرا لا يعيره المسلمون اي اهتمام حتى فطن إليه الخليفة الأموي الخامس لأسباب سياسية محضة!؟ ألم يعلم أسلافه أن ثمة مسجد بناه آدم للمسلمين ينتظر الإعمار!؟ ولماذا لم يُصلّ به الخليفة عمر بن الخطاب عندما دخل بيت المقدس ودعاه البطرك صفرونيوس إلى الصلاة في كنيسة القيامة فرفض الخليفة عمر، وخرج فصلى خارج الكنيسة. كان بإمكان الخليفة عمر أن يقول لصفرونيوس عندنا مسجد بناه آدم للمسلمين وهو يبعد على مسافة بضعة أمتار من هذا المكان سأذهب لأصلي به ثم أعود...؟!!
أما التسائل( ) التالي يأتي من القرآن الكريم الذي لم يذكر فلسطين مرة واحدة وذكر إسرائيل 43 مرة ، مما يعني أن هذه المنطقة حتى تمام القرآن كانت خالصة لشعب إسرائيل ومقدساته متفقاً فى ذلك مع ماسبقه من كتب سماوية مثل الإنجيل والتوراة ، هذا بالاضافة الى كون الديانة الإسلامية لم تنشأ في فلسطين ( (أرض اسرائيل) ولم تدوّن فيها المراجع الدينية. بمعنى أن القدس تقع في المرتبة الثالثة من حيث درجة التقديس لدى المسلمين ، فيما تحتل المرتبة الاولى لدى اليهود والمسيحيين؟!
في حين أن المسجد الأقصى المذكور فى سورة الإسراء كان موجوداً في شمال السعودية ، وكان يوجد مسجد آخر في الجنوب منه ، يسمى المسجد الأدنى ، والكثير من الأثريين يعلمون ذلك .
والتسائل( والصواب : والتساؤل ) الثالث : - إذا كان المسجد الأقصى بنى عام 73 هجرية ، مما يعنى أن المسجد الأقصى بنى بعد وفاة الرسول (ص) بحوالي 63 سنة ، فكيف يتم الإسراء بالرسول (ص) إلى مسجد ويصلى فيه مع الأنبياء وبناءه غير موجود ؟ ( وقد رد د. محمد عمارة على هذه النقطة وغيرها في رده على زيدان ) وما زلنا لا نفهم كيف كان المسجد الأقصى موجودا قبل بناءه ( والصواب : بنائه) بـ 70 عاما علما ان المسجد الأقصى الحالي بني في العهد الأموي بعد حوالي 70 عاما من نزول سورة الاسراء في الحقبة المكية؟؟! وكيف ظل مكان المسجد الأقصى الذي بناه آدم مجهولا وغامضا حتى اكتشفه عبد الملك بن مروان؟!! هل أجرى حفريات أثرية؟؟! كيف كان المسجد الأقصى قائما قبل بناءه ( والصواب بنائه ) في العصر الأموي؟! ولا أحد من المفسرين المسلمين يعلم في أي سنة كانت رحلة الإسراء تحديداً؟! ولا أحد من المسلمين يعلم أين بدأت رحلة الاسراء؟! ولا أحد يعلم أين انتهت؟! ولا أحد من المفسرين يجزم فيما اذا حصلت رحلة المعراج مباشرة بعد الاسراء أم كانت رحلة منفردة؟! ولا أحد من المفسرين يجزم في مسألة كون الإسراء رحلة حقيقية ام رؤيا ام حلم؟! لكن كل المسلمين نشأوا وتعلموا أن بيت المقدس هو حق إسلامي خالص!!! ، بمعنى أن الحقائق تصبح أساطير ، فيما الأساطير هي حقائق علمية دامغة؟!! ، بينما أنبياء اليهود الذين عاشوا بالعشرات في بيت المقدس هم غاصبين ووهميين؟!!
كذلك لا بد أن نسأل أنفسنا : إذا كانت القدس بهذه القداسة لدينا كمسلمين ، فلماذا لم يتخذها أحد من الخلفاء والسلاطين المسلمين ولو لمرة واحدة خلال التاريخ الاسلامي عاصمة لمُلكه!!؟ ( )
ولماذا إختار علي بن ابي طالب الكوفة عاصمة لخلافته دون القدس؟
ولماذا حوّل بنو أُمية عاصمة مُلكهم الى دمشق وليس إلى القدس؟
ولماذا إختار بنو العباس بغداد عاصمة لحكمهم وأهملوا القدس؟
ولماذا حوّل سلاطين الاخشيد والسلاجقة والفاطميين والأيوبيين والمماليك، مقر حكمهم الى القاهرة وليس القدس؟ ولماذا نقل السلاطين العثمانيون مركز حُكمهم إلى الأناضول وليس القدس؟
ولماذا فَضّل الهاشميون مدينة عمان على القدس عندما خضعت الأخيرة لسيطرتهم بعد قيام المملكة الأردنية؟ في حين أن اليهود هم الشعب الوحيد الذي إتخذ بيت المقدس عاصمة لملكه منذ دخلوها في العصور الغابرة...!؟ فهل نتوقف عن القتال لتعرف شعوبنا مرة حياة السلام ؟؟؟
سامح الله المشايخ والفقهاء الذين ضللوا الناس...؟؟؟
ونقول : لو صَحَّ أن تُعصَرَ هذه المقالة لتقاطرَ من خلالها قَذفٌ فاحشٌ ، وفُسوقٌ كبير . ولو أن كاتباً راهَنَ على سبيلِ المِزاحِ ، أنه يستطيع كتابةَ مقالٍ لا يَرِدُ فيه صوابٌ قَطّ ، لما نجح في ذلك نجاحَ المأفون الدكتور مصطفى راشد ..! ( )
وأكتفي بهذه الردود الكافية الشافية ، أوالجامعة المانعة . ويوسف زيدان لا يحق له أن يتكلم في أمور تتعلق بالمقدسات ، فضلا عن أنه بوق لليهود كما بينت الردود السابقة ، وأنه يذهب لفلسطين المحتلة ليدربوه على ما يجب عليه فعله ، بحجة إلقاء محاضرات ، والاسترزاق ؟! أقول هذا الكلام لأنني أعلم أنه كان مشاركا في ندوة أدبية في إحدى الجامعات التي كنت أعمل بها ، وعندما ذهب السائق لإحضاره للندوة وجده السائق في حالة مزرية من السكر ..!! فجاء به ولم يُسمح له بالمشاركة في الندوة . ..
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف