الأخبار
وفد حماس يغادر القاهرة للعودة برد مكتوب على المقترح الجديد لوقف إطلاق الناربلينكن: أمام حماس مقترح سخي جداً وآمل أن تتخذ القرار الصحيح سريعاًتضامناً مع فلسطين.. احتجاجات الجامعات الأميركية تتسع وسط مخاوف إلغاء مراسم التخرجتل أبيب تستعد لإصدار الجنائية الدولية أوامر اعتقال ضد مسؤولين إسرائيليين كبارإعلام إسرائيلي: 30 جندياً في الاحتياط يرفضون الاستعداد لاجتياح رفحقناة كان: القيادة الإسرائيلية منقسمة بشأن مستقبل الحرب في غزةارتفاع درجات الحرارة يفاقم معاناة النازحين في غزة ويزيد من البؤس اليوميالأمم المتحدة: إزالة الركام من قطاع غزة قد تستغرق 14 عاماًتصاعد الاحتجاجات الطلابية في الجامعات الأميركية ضد الحرب الإسرائيلية على غزةتفاصيل المقترح المصري الجديد بشأن صفقة التبادل ووقف إطلاق النار بغزةإعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيا
2024/4/30
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

حارة استاريا 2: رواية بقلم د: فتحي عبد العزيز محمد

تاريخ النشر : 2016-02-13
حارة استاريا 2: رواية بقلم د: فتحي عبد العزيز محمد
حارة استاريا
2
كانت الحارة متسعة قليلا توجد علي جانبيها بقايا آثار بوابة يبدو من خشبها أنها كانت يوما ما بوابة حصينة ومنيعة وكان الجزء العلوي الواصل بين الحائطين مازال قائما في مكانه وإن هده البلي وعملت فيه يد الزمن عملها . عندما تجاوزنا البوابة أنا وأمي كان حذائي قد بدأ في معاكستي فالأرض ليست ملساء هي قطع طينية تصلبت وتنحدر باتجاه بوابات الدور علي الجانبين ,إن لم اتماسك قد أنجرف إلي إحداها , أفهمتني امي أن قد وصلنا .

عرفت فيما بعد جغرافية المكان الحارة الرئيسية تقود إلي حارات متداخلة تبدو ملتويه في حركة ثعبانية تتقارب فيها البيوت من بعضها وأغلبها من طابق واحد يعلوه مايسمي مقاعد تستخدم في ليالي الصيف سكنا لجوها المعتدل في مواجهة الفراغ الزراعي الممتد قبالة البلدة وأماكن للجلوس في أيام الشتاء نهارا للتمتع بدفء الشمس .وتعلو المقاعد وأسطح المنازل أكوام من عيدان الذرة الجافة أوعيدان شجر القطن البنية اللون المعروفة باسم الحطب الهندي, كانت تستخدم كوقود لأفران الخبز أو علها كانت تستخدم أيضا كغطاء يقي الدور من أمطار الشتاء .

انعطفنا مع أول حارة شمالا, وفيها يقيم أغلب أفراد عائلة الصباغ عائلة أمي. كانت الحارة مغلقة ببيت كبير في مواجهة الداخل هو بيت عم والدتي الجد عبد الفتاح الصباغ لكننا قبل الوصول إليه وإلي يسار الحارة دخلنا باب منزل جدي فهمي الصباغ, كان جالسا علي أريكة خشبية مغطاة بقطعة من الصوف كبيرة مزركشة. ما أن رآنا حتي نهض وقد تهللت أساريره ليسلم علي أمي وهي تنحني علي يده تقبلها وسارع باحتضاني وأخذت بدوري يده أقبلها : ـ كيف حالك يا أم فؤاد ؟ وأنت يا فؤاد , حمدا لله علي سلامتكما, تعالي هنا
يافؤاد.
أجلسني جدي بجواره بينما دخلت أمي لتسلم علي جدتي وبعض النسوة اللواتي قمن لملاقاتها .
كنت أتتبع أمي , وأود أن أقوم إلي جوارها لكن جدي أخرج من جيبه بعضا من الحبيبات المسكرة ووضعها في يدي .. دائما أذكر هذه اللحظات بحب فقد كان دوما حنونا معي .
ـ هل تعرف إن غدا فرح خالك حامد؟
أومأت بأن نعم .
ـ ستتعرف الليلة علي كل العائلة عائلة الصباغ.
بالفعل كان لقب العائلة محيرا لي فلم يكن أحد ممن عرفتهم في سنوات تاليه يعمل بالصباغة بل معظمهم كان يعمل بالتجارة خاصة تجارة الأقمشة, أذكر منهم إثنين رأيتهما في سوق البلدة الذي أبهرني منذ أول مرة شاهدته ـ وانا أتجول برفقة أمي ـ الأول هو من أبناء عم أمي يدعي أبو العز والثاني يدعي أحمد . كان الأول ممتلئ الجسم بدا لي عملاقا ضخما عندما غادر مقعده يقيس أمتار القماش بمقياس خشبي قبل قطعها للزبائن الذين تكدسوا حوله محاولا تلبية مايحتاجون إليه من بضاعته التي تراصت علي جانبيه وخلفه بشكل أنيق. أما أحمد كان علي العكس منه نحيفا طويل القامة يبدو عليلا فقد كان يسعل من حين إلي آخر . تقول أمي عنه :
ـ أفسده السهر .
لماذا كان يسهر .. لم أعرف حينها . عرفت فيما بعد من جدي أن أحمد كان يدخن بشراهة وأحيانا يشرب.
ـ وهل يضيره الماء.
ضحك جدي طويلا وكنا في شتاء عام 1956 نجلس أمام المقعد أو مايشبه الطابق الثاني تجاورني أمي وجدتي وأخي ابن العامين نتلذذ بشمس الشتاء .
أحمر وجه جدي من كثرة الضحك ثم توقف ليحكي لأمي :
ـ تعرفين يا ألفت, أنا طول عمري جاد, وإلي حد ما كان عبد الفتاح كذلك. في ليلة أراد أحمد ان نرافقه إلي حانة استاريا الخواجة اليوناني لم تدركينه كان محله في نهاية السوق كنا مازلنا عزابا ألح علينا كثيرا وقد أغرانا بأن تكون المشروبات علي نفقته, وبالفعل ذهبنا إلي هناك كانت الليلة مقمرة وشربنا الجعة بكميات كبيرة أدارت أدمغتنا...
ثم عاد إلي الضحك حتي دمعت عيناه ليواصل حديثه الذي تابعته بشغف وقد لمعت عيناه ببريق الذكريات
ـ كانت ليلة عجيبة القمر يرسل ظلال الدور علي الأرض, وكلما شاهدنا ظلا كنا نقول لبعض هذه مياه وأصرخ اقفز ياعبد الفتاح وظللنا نقفز كل الظلال .. وصلنا إلي الحارة بعد أخذ منا التعب كل مأخذ فصرخـت أمام بيته, منك لله ياخواجه استاريا. العجيب أن الخواجة كان في نافذة بيته, تساءل عبد الفتاح كيف سبقنا هذا العفريت..يبدو أننا مررنا بكل حواري البلد,منك لله ياستاريا ...تعالت ضحكات الرجل وهو يقول نراكم غدا ياحبيبي ..ومن يومها امتنعت عن الذهاب إليه أنا وعبد الفتاح إلا أحمد.
ـ وأين استاريا الآن.
ـ زمانه مات من سنين , في يوم من الأيام باع داره وسافر إلي بلده . كان يبكي وهو يغادرنا لكنه اضطر للسفر بعد أن توفيت زوجته.
لا أعرف لماذا أحببت اليونانيين عندما انتقلنا إلي الاسماعيلية حيث عمل أبي الجديد. وشاهدتهم أثناء جولاتي المسائية مع صديقي المقرب مصطفي عثمان في حي الإفرنج أرقي أحياء المدينة.. بيوتهم جميلة محاطة بأشجار الياسمين التي أعشق رائحة زهورها .. أزياؤهم راقية وأشكالهم جميلة رجالا ونساء..... كانوا يخرجون للتنزه مساءا يتفقدون جديد المحال التجارية أو يسيرون لمجرد السير كانت الفتيات إغريقيات من عالم الأساطير انبثقن فوق أرض الشرق شعور ينسكب منها الذهب وضحكات لها رنته يطرب لها القلب... تكاد تسكرني ضحكاتهم فيخالجني إحساس بإني سأري الخواجة ستاريا صاحب الحان يتهادي بينهم كما رسمته كلمات جدي.
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف