الأخبار
إعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيين
2024/4/25
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

سباحة فى ديوان " بحر الرؤى " للشاعر أحمد على الهويس بقلم: رفعت المرصفى

تاريخ النشر : 2016-01-05
سباحة فى ديوان " بحر الرؤى " للشاعر السورى أحمد على الهويس - يقوم بها فى مصر : رفعت المرصفى
---------------------------------
دائماً ما أقول بأن القصيدة البيتية هى المدرسة الحقيقية والأساسية للشعر العربى وعلى كل شاعر جاد أن يتخرج من هذه المدرسة أولا حتى يفتح لنفسه آفاقا أرحب وأعمق فى عالم الشاعرية الجميل ، فالشعر هو لغة العاطفة وهو التعبير الجميل عن أرق وأدق مشاعر الإنسان وهو النغم الشجى فى سمعه قديمه وحديثه على حد سواء ، والشعر هو الحلم الهامس فى شفاه الزمن وهو النشيد العذب فى ثغر الحياة ، وهذا ما وجدته وأنا أسبح بين شواطئ وجزر هذا الديوان " بحر الرؤى " للشاعر السورى الشقيق أحمد على الهويس الذى يقع فى ثمانين صفحة من القطع المتوسط والصادر عن دار الثريا للنشر بمدينة حلب السورية .
هذا الديوان ينتمى شكلا إلى القصيدة البيتية ومذهبا إلى المدرسة الرومانسية إذن فهو منذ البداية يعلن عن كلاسيكيته الواضحة ورومانسيته الجميلة والتى تبدو عن عنوانه " بحر الرؤى " كذلك من لوحة غلافه التى جاءت مباشرة معبرة عن جماليات الطبيعة فى مشهد من أجمل مشاهدها على الإطلاق .
فالشعر الرومانسى يغذيه التيار العاطفى بالطابع الذاتى والوجدانى وبالمشاعر الرقيقة الحالمة وهو الشعر الذى هام بالطبيعة وعاش فى أحضانها وترنم بجمالها الحر المنطلق وهو الشعر الذى ترك النفس على سجيتها وعانق الفطرة فى أجل معانيها ، فهذا شوقى يقول:
" جاذبتنى ثوبها العصى وقالت أنتم الناس أيها الشعراء "
وهذا شكرى يقول :
" ألا ياطائر الفردوس إن الشعر وجدان "
هذه كانت مقدمة بسيطة أزعم أنها قبل الولوج فى عالم أحمد على الهويس الشعرى وأرى أنه من المناسب أيضاً أن أستعير من الشاعر والناقد الكبير عبد المنعم عواد يوسف مقولة نقدية تقول : بأن القصيدة ثلاث الأولى تقتحمك والثانية تقتحمها والثالثة موصدة "
وديوان " بحر الرؤى " بكامله يقع تحت القصيدة الأولى التى تقتحمك ، فقصائده تفصح عن نفسها منذ البداية لغة ومضمونا فتدخل إلى عقل وقلب قارئها فى سلاسة ويسر وهذه سمة رئيسية من سمات الشعر الكلاسيكى الذى يعتمد على الإبهار الفنى واللغوى ولا تجد فيه صعوبة فى التلقى .
وعلى سبيل المثال فى قصيدة " بحر الرؤى " ص 76 حيث يقول فيها :
تيهى فما خلق الإله سواك الحسن عرشك والهوى دنياك
الله أودعك الجمال أمانة فتواضعى حمدا لما أعطاكى
البدر أربكه الحياة تأدبا لما رنت لجماله عيناك
أبحرت فى ليل السرى بمواجعى وتبعت ظلا قادما ليراك
قولى أحبك مرة وتمنعى لأعيش عمرى بانتظار لقاك
يا قُبلة الفجر الندى على الذرا هذا الأسير مكبلا بحماك
إن ترحميه يعش بقية عمره كالزاهدين على خطا النُساك
إذن فالقصيدة منذ بدايتها تقتحم المتلقى فى سلاسة ويسر بجوها الرومانسى وألفاظها المجنحة وصورها الموحية الدافئة ، فكلمات البدر والحياء والجمال والعيون والإبحار والسرى والبوح .. الخ كلها كلمات تشى بروح رومانسية سامية .
والرومانسية لا تتضح فقط فى القصائد العاطفية والغزلية فقط فى ديوان " بحر الرؤى " لشاعرنا السورى الشقيق أحمد على الهويس وإنما تخطتها إلى القصائد الوطنية الوصفية ومنها قصيدة " عروس البحر " ص 23 التى يتحدث فيها شاعرنا الرقيق عن مدينة طرطوس الجميلة فيأتى حديثه وكأنه إلى حبيبة أو معشوقة يغازلها بكلمات عذبة رقيقة مقدماً بذلك لوحة تشكيلية رائعة كما أشار إلى ذلك الشاعر السورى الكبير أحمد دوغان عضو اتحاد الكتاب العرب فى مقدمة هذا الديوان .
ولنقرأ من قصيدة " عروس البحر " ص 23 حيث يقول :
يا عروس البحر يا همس الرؤى
يا رياض الأنس يا أخت الجبل
أنت يا طرطوس يا بوح المدى
وحديث الروح فى وهج القبل
حين غنى البحر أسرار الهوى
وانثنت طرطوس حسنا مُكتمل
رقص المجد على " أروداها "
واستضاف البدر فى الليل زحل
هزه الشوق هياما فارتمى
نحو عينيك قتيـلا وارتحــل
ثم أغفى فوق خديــك على
بحة الناى وأشعار الغزل
إلى أن يقول :
من ربى الشهباء أحلى قبلة
ريحها المسك ورياها العسل
لك يا طرطوس نجوى عاشق
قال فى عينيك شعرا واغتزل
فكلمات عروس البحر وهمس الرؤى ومنبع الحسن وحديث الروح ووهج القبل وغناء البحر وأسرار الهوى والحسن المكتمل واستضافة البدر وبحة الناى ونجوى العاشق .. الخ كلها كلمات وصور رومانسية ساقها شاعرنا الصديق أحمد على الهويس وهو يتحدث عن مدينة طرطوس الحبيبة ، والمعشوقة فى عيون أحمد على الهويس قد تكون أحيانا الحبيبة كما فى غزليات هذا الديوان وهى كثيرة وقد تكون الأم كما فى قصيدة " ينبوع الحنان " ص 56 ، وقد تكون الابنة كما فى قصيدتى : " إلىعتاب ص 16 ، والعفراء ص 39 ، وقد يكون الوطن المعشوق متمثلا فى قصيدة " عروس البحر التى تحدثنا عنها سابقا وقوافل النور ص 61 ، إذن فنحن فى بحر الرؤى شطآنه الحب وأمواجه العشق المتدفق للجميع .
ولنقرأ ما يقول فى قصيدة ينبوع الحنان الذى كتبها فى مناسبة عيد الأم حيث يقول مخاطباً أمه :
فى يوم عيدك تزهر الأيام
يحلو الزمان وترقص الأحلام
والورد عانق فى الصباح ظلاله
فغفت على بوح الندى الأكمام
إلى أن يقول :
الله خصك فى الكتاب بآية
حارت بقدس جلالها الأفهام
والجنة الخضراء تحتك أزلفت
ودخولها لولا رضاك حرام
يا يوم عيد الأم دمت مباركا
لك فى القلوب مواجد وغرام
يا يوم عيد الأم هذى أدمعى
غاض الكلام وجفت الأقـلام
ويبدو هنا أيضا المعجم الرومانسى واضحاً فى كلمات تزهر الأيام وترقص الأحلام وعناق الورود – ظلال الصباح وبوح الندى والأكمام ..الخ كما فى القصيدة فى مجملها لوحة وفائية جميلة إلى الأم الحبيبة التى كرمها الله تعالى فى كتابه الكريم وكرمها أيضا رسول الله  فى السنة النبوية المطهرة .
إذن يبدو من النماذج الشعرية التى سقناها أن شاعرنا الصديق متأثراً بالاتجاه الرومانسى شكلا ومضموناً فهو يستخدم المعجم الرومانسى بألفاظه المجنحة وعباراته الوجدانية الرشيقة .
أيضاً اتفق مع الشاعر السورى الكبير أحمد دوغان الذى قال فى تقديمه الموجز لهذا الديوان أن شاعرنا أحمد على الهويس فى ديوانه " بحر الرؤى " قد أعطى تجربته الشعرية أبعاداً وطنية وقومية واجتماعية وغزلية وإنه فى بحر الرؤى كموج ينتقل من شاطئ إلى آخر بإيقاع موسيقى ينبع من داخل وخارج النص مع قافية تشاركه همساً وصخباً .
وهذا يشدنا إلى القصائد القومية والوطنية التى جاءت فى هذا الديوان وهى عشر قصائد تقريباً من إجمالى قصائد الديوان البالغة تسع وعشرون قصيدة أى أكثر من ثلث قصائد هذا الديوان جاءت قصائد وطنية وقومية وهذا بالطبع يعكس الحس القومى العميق الذى يتمتع به شاعرنا الشقيق ومن أجمل القصائد الوطنية والقومية بالذات إن لم تكن أجمل قصائد الديوان على الإطلاق قصيدة فرسان النصر ص 19 التى جاءت معبرة عن نصر أكتوبر العظيم تشرين 1973 والتى أتت فغسلت عار الهزيمة يونيو حزيران 1967 : حيث يقول فى هذه القصيدة واصفا فرسان النصر :
مروا على الليل والأيام تعرفهم والليل يعشقهم والنجم والشهبُ
فاهتزت الأرض من أطرافها وربت وانبتت ثورة تغلى وتلتهب
وأرسل الله فى خيل مسومة كتائب النصر فانحلت بها الكُرب
وهب " طارق " مزدانا ببردته ومر " خالد " فى اليرموك يرتقبُ
إلى أن يقول :
قم يا صلاح وطهر أرض قبلتنا " فالقدس " ثائرة واللد والنقبُ
الله أكبر يا تشرين رددها "بلال " من قبره فانشقت الحجب
دمشق يا نبضة بالروح خالدة وخمرة فى شغاف القلب تنسكب
هذه القصيدة كما قدمت من أجل قصائد هذا الديوان لعب الصدق فيها دوراً رائعاً فجاءت الكلمات والصور معاركا ملتهبة واستنفاراً دائما لروح النصر والجهاد والتحرير .
فهبة طارق بن زياد ومرور خالد بن الوليد فى معركة اليرموك واستنفار صلاح الدين لكى يحرر أولى القبلتين وثالث الحرمين وتكبيرة بلال بن رواحة فىقبره كل هذا جاء استنفاراً للهمم وتذكيرا بقادة الإسلام العظام الذين سطروا بدمائهم أنصع صفحات البطولة والجهاد الإسلامى الذى ساهم بشكل مباشر فى تثبيت أركان الدولة الإسلامية على امتداد تاريخها الطويل .
وهذا كله حسُ إسلامى قومى يحمد لشاعرنا الشقيق أحمد على الهويس .
ننتقل إلى قصيدة تعتبر هى الوحيدة الخارجة على السياق العام للديوان وهى قصيدة " أتحبنى " ص 26 وهذه القصيدة تخرج عن السياق الرومانسى العام للديوان فى أمرين :
الأول : إنها أتت على لسان امرأة دون سائر قصائد الديوان .
والأمر الثانى : إنها جاءت نزارية الطرح حيث تأثر شاعرنا فيها كثيراً بالشاعر السورى الكبير نزار قبانى – كاشفا فى سياق قصيدته عن صور جسدية ومفاتن أنثوية أضرت بعض الشئ بهذا الديوان الذى اختار الرومانسية طريقا له .
وبالتالى فهى تمثل استثناء بالنسبة لبقية الديوان الذى يخيم عليه أجواء الرومانسية العذبة بصورها المجنحة وألفاظها الشفافة .
وأعتقد أن هذا التأثر بالنزارية فى هذه المرحلة مقبولاً خصوصاً إذاعلمنا أن ديوان بحر الرؤى هو الديوان الأول لشاعرنا أحمد على الهويس .
ولنقرأ بعض ما يقول فى قصيدة أتحبنى ص 26 :
إنى أتيتك رغم كل مرارتى ونسيت ظلمك أيها المُتمادى
وأنا الأسيرة فى ذراعك ضُمنى حتى تذوب بنشوة الأجساد
فاقطف شفاها كالسلاف توهجت حمرا وقد مزجت ببعض سواد
أطفئ لظاها بالرضاب فإنها كالجمر يومض صامتاً برمادِ
ونهودى العطشى شددت وثاقها فتمردت فى سجنها بعناد
وكأنها البركان يقذف ناره نحو المدى بلهيبه الوقاد
فافتح ذراعك كى تضم مفاتنى وافسح بصدرك واحة لرقادى
فكلمات نشوة الأجساد والشفاة التى توهجت وإطفاء اظى الشفاة والنهود العطشى وضم المفاتن ، والرقاد بالصدر وغيرها تعابير نزارية أعتقد بأنها بعيدة كل البعد عن التناول الرومانسى العفيف للديوان .
نأتى أخيراً لبعض المآخذ البسيطة التى سنورد بعضها على سبيل التذكير حتى يمكن تلافيها فيما بعد ..
فمثلا فى البيت الأخير من قصيدة " لا تعزليه " ص 52 حيث يقول :
يا من له روحى هدية عاشق صلى الفؤاد إلى رضاه وسلم
أعتقد بأن الصرة والتسليم لا تكون إلا لرسول الله e وكان الأولى به أن ينأى بهذه المعانى الروحية الطيبة عن تناوله الغزلى الرومانسى أيضا فى البيت قبل الأخير من قصيدة " ينبوع الحنان " ص 57 حيث يقول :
يا يوم عيد الأم دمت مباركاً لك فى القلب مواجد وغرام
وكان الأولى أن يقول :
لك فى القلوب مواجد وغرام حتى يستقيم له الوزن والمعنى معا وأعتقد أن هذا الخطأ ربما يكون خطأ طباعياً .
كما أن تكرار لفظة يا يوم عيد الأم فى بيتين متتاليين جاء غير جميل .
أيضاً من الأخطاء الطباعية البسيطة فى ص 54 السطر الخامس كلمة " اسطاعوا " والصحيح " استطاعوا " أيضا فى قصيدة " لا تعزلينى " ص 73 حيث يقول فى بيتها الرابع :
لا تعزلينى إذا بكيت فمرغما لا تعزلينى إذا فقدت رشادى
أولاً تكرار كلمة لا تعزلينى فى سطرين متتاليين بدا غير جميل ، كما أن هناك خطأ موسيقى متشابه فى شطرى البيت مصدره عدم إشباع الياء الأخيرة من كلمة لا تعزلينى فجاء بكلمة إذا جتى يستقيم له الوزن على البحر الكامل ولكن لو أنه قال :
لا تعزلينى إن بكيت فمرغماً لا تعزلينى إن فقدت رشادى
لاستقام له الوزن والمعنى معا مع إشباع الياء الأخيرة من كلمة لا تعزلينى فى شطرى البيت .
وأعتقد أن هذه كلها هنات بسيطة لا تؤثر فى صلب العمل الإبداعى لشاعرنا الجميل أحمد على الهويس ..
أرجو أن أكون قد قدمت رؤية نقدية أولى حول ديوان " بحر الرؤى " للشاعر السورى الشقيق أحمد على الهويس ، فليتفق معى من يتفق أو يختلف معى من يختلف المهم فى النهاية ألا يفسد اختلافنا للود بيننا قضية .

مع خالص تقديرى
رفعت عبدالوهاب المرصفى
شاعر وناقد أدبى - عضو اتحاد كتاب مصر
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف