الأخبار
مع بدء ترحيل السكان.. تصاعد التحذيرات الدولية من اجتياح رفحمجلس الحرب الإسرائيلي يُقرر المضي في عملية رفحطالع: تفاصيل مقترح وقف إطلاق النار الذي وافقت عليه حماسحماس تُبلغ قطر ومصر موافقتها على مقترحهم لوقف إطلاق النارممثل عشائر المحافظات الجنوبية يحذر من خطورة اجتياح الاحتلال الإسرائيلي لمدينة رفححماس: انتهاء جولة المفاوضات الحالية ووفدنا يغادر القاهرة للتشاور مع قيادة الحركةهنية يكشف أهم شروط حركة حماس للتواصل لاتفاق مع إسرائيلمقتل أربعة جنود إسرائيليين بقصف المقاومة الفلسطينية لمعبر (كرم أبو سالم) العسكريالحكومة الإسرائيلية تغلق مكتب الجزيرة تحت ذريعة أنها "قناة تحريضية"الخزانة الأمريكية : بيانات الاقتصاد تؤكد وجود تباطؤ بالتضخممسؤولون أمريكيون: التوصل إلى اتفاق نهائي بغزة قد يستغرق عدة أيام من المفاوضاتالمستشفى الأوروبي بغزة يجري عملية إنقاذ حياة لطبيب أردنيتحذيرات أممية من "حمام دم" في رفحالمقاومة الفلسطينية تكثف من قصفها لمحور (نتساريم)غارات إسرائيلية مكثفة على عدة مناطق في قطاع غزة
2024/5/7
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

الأزمة السورية نموذج لتفسير العلاقات الدولية بقلم:د. جمال خالد الفاضي

تاريخ النشر : 2015-11-28
الأزمة السورية نموذج تفسير للعلاقات الدولية
د. جمال خالد الفاضي
الباحث في العلاقات الإقليمية والدولية

إن مفهوم العلاقات الدولية مفهوم فضفاض للغاية، فالأحداث الدولية والإقليمية تتضمن سلسلة مستمرة من التفاعلات الصراعية تشمل الحروب والأزمات والتوترات، وأخرى تفاعلات تعاونية سلمية تشمل محاولة إقرار السلم والأمن الدوليين عبر تطبيق مبادئ القانون الدولي، و العمل المشترك بين الدول، و يشارك في صنع وصياغة هذه التفاعلات العديد من الفواعل المتباينة في نوعها وأهدافها ( دول، أفراد، جماعات و تنظيمات فوق قومية، منظمات حكومية و أخرى غير حكومية)، ولكن اليوم ونتيجة ما تشهده الأوضاع في منطقة الشرق الاوسط عموماً وسوريا خصوصاً وانعكاساتها على مستوى الإقليم والمستوى الدولي عبر سيل عارم من الأحداث المتسارعة و المتداخلة على مستويات متباينة، يواجه الباحث في هذا الحقل جملة من الصعوبات في محاولته لفهم و تفسير الأسباب الحقيقية لهذه الظاهرة ، فإلى جانب القضايا العسكرية، هناك قضايا اجتماعية، ثقافية، واقتصادية تتحكم وتوجه السلوكيات الدولية، فتارة تنشئ الدولة علاقات مع منظمات دولية، وفي الوقت ذاته تجد نفسها في ارتباط مع حركات ومنظمات إرهابية تقتحم ساحة الأحداث العالمية. والسؤال الذي يفرض نفسه على الباحثين في العلاقات الدولية: ما هو السبيل لفهم و تفسير الأزمة السورية ومدى انعكاساتها على العلاقات الدولية، في مرحلة بدأت تتشابك فيها مصالح الدول الكبرى؟ وإلى أي مدى يمكن الاعتماد على النظريات كأدوات ذهنية نتمكن من خلالها من التوصل إلى حقيقة الوقائع والأحداث على الجغرافية السورية، و هل النظرية جاءت لتعبر عن الواقع الفعلي نفسه أم أنها مجرد إدراكاتنا الذهنية للواقع و ليس الواقع نفسه؟
نعم، ظهرت هناك العديد من الأعمال البحثية من طرف المفكرين التي تناولت الأزمة السورية بأبعادها المختلفة، ولكن دون أن تقدم لنا تفسيرات لما يحدث في العلاقات الدولية، في شكل نظريات و مفاهيم و نماذج...، حيث أن النظريات تعتبر من أبرز الأدوات الذهنية التي يستخدمها الباحثين في حقل العلاقات الدولية، والتي يمكن الاعتماد عليها لفهم و تفسير ما يحدث في العلاقات الدولية جراء كثير من الأزمات العاصفة بين فواعل النظام الدولي، وهنا على وجه الدقة الأزمة السورية، التي لم يعد من المجدي التعامل معها من منطلق نظام ومعارضة وحقوق إنسان، ولاجئين، وضمن فضاء إقليمي، وإنما أصبحت أزمة دولية تداخلت فيها مصالح دول شكلت لها الأرض السورية فرصة لمحاولة إعادة بنية النظام الدولي أو لمحاولة تصفية حسابات حتماً يدفع فاتورتها الشعب السوري. على الرغم من أن بعض الباحثين والمفكرين يرون أن الطبيعة المركبة للعلاقات الدولية جعلت مهمة إيجاد نظرية معينة وفعالة للعلاقات الدولية وأزماتها المتنوعة "مهمة مستحيلة".

إن فهم نظريات العلاقات الدولية يقول: "ستيف سميث" في كتاب له حول "عولمة السياسة العالمية"، يساعدنا على فهم العالم ومشكلاته، وطبيعة علاقاته ذات الطوابع المختلفة، فهذه النظريات والتي تشكل أدوات للتفكير وللانطلاق نحو تقديم فهم واضح ومتجانس، هي عبارة عن عدسات ميكروسكوبية مختلفة يمكن لنا من خلالها النظر إلى الواقع، أي وببساطة أكثر، فإذا ارتدينا نظارات ذات عدسات حمراء، فإننا سنرى العالم أحمر اللون، وإذا ارتدينا نظارات ذات عدسات زرقاء أو خضراء، فإننا سنرى العالم أيضاً بألوان زرقاء وخضراء. لذلك فإن مختلف نظريات العلاقات الدولية من واقعية و وليبرالية ، وغيرها من نظريات ذات طبيعة تفسيرية، هي أدوات وطرق تحليلية يمكن من خلالها فهم الأزمة السورية ذات الطبيعة الدولية من منظورات ووجهات نظر مختلفة. فنظريات العلاقات الدولية ليست أمراً منفصلاً عن مما يمكن وصفه بأزمات ومشاكل يعيشها النظام الدولي بكل أركانه، ولا يمكن اعتبارها إقرار لما هو عليه في الحقيقة، إنما هي محاولة لبناء وتركيب ما نراه.
وفي محاولة لإسقاط نظريات العلاقات الدولية على الازمة السورية، نجد أنها تشكل أحد التطبيقات العملية، فطريقة فهمنا لها سيكون خاضع لمعطيات البعد النظري والتفسيري للنظرية وبشكل مغاير من نظرية إلى أخرى.
فالنظرية الواقعية، وهي تعالج ما يحدث في سوريا وابعاد التداخلات الدولية الحاصلة هناك، تراه صراع على القوة، وأن القوى العظمى تتنافس فيما بينها على رسم خريطة التغيير في سوريا، وهذا ما نراه من حالات الشد والجذب بين روسيا التي أقدمت على التدخل المباشر في الأزمة وحلفائها إيران والصين، ويرفضون أي معطيات تغيير داخل سوريا تؤثر على السيادة الوطنية للدولة السورية، وبين الولايات المتحدة وحلفائها الأوربيين والخليجيين، والأتراك الذين يسعون للتدخل للتغير السياسي في سوريا.

أما أصحاب النظرية الليبرالية، فهم ينظرون إلى سوريا من خلال محاولة بناء نوع من التوافق القائم على المعايير والقواعد والقوانين الدولية، التي يمكن من خلالها توفير نوع من التعاون بين الاطراف المفترضة للصراع بهدف حل الأزمة عبر محاولات لقاءات دورية لوزراء الخارجية وعقد مؤتمرات للأطراف المتصارعة من أجل التوصل إلى حل.
وكذلك فإن التعاطي مع الازمة السورية من منظور أخلاقي وقيمي، فإنه سينظر للأزمة بصورة مختلفة تماماً، وسيتم طرح كثير من التساؤلات حول هذه الأزمة، هل من الواجب أن يتم التدخل؟ أم كيف ومتى يجب أن يكون التدخل؟ وفي صالح من يكون التدخل؟ هل هي أزمة داخلية يجب على الاطراف البقاء بعيداً عنها أم أنها أزمة تستدعي التدخل المباشر تحت بند حقوق الإنسان؟. و في الواقع، إن سجل الخلافات الدولية حول سورية تمثل سجالاً بين وجهات نظر مختلفة من النظام العالمي، وقضايا السيادة وحقوق الإنسان القانون الدولي والمسؤولية الدولية، واستخدام القوة، والمسؤولية عن استخدام القوة بدلاً من السماح لصراع ما بأن "يخمد من تلقاء نفسه".
وفي الخلاصة القول، إن الأزمة السورية بكل معطياتها وأبعادها تشكل عامل مهم وأساسي في كيفية صياغة قدرتنا على فهم وتفسير نظريات العلاقات الدولية، في وقت أصبحت فيه الحاجة ملحة لإدراكنا أننا أمام أطراف تسعى لتحقيق مصالح بلدانها على حساب المصلحة الوطنية والقومية السورية والعربية، وهو ما يقودنا من جديد للبحث عن إجابة السؤال في مرة قادمة: أين نحن العرب من ذلك؟، وأين نسير تجاه واقع مرير تشهده الأراضي العربية، نحن أخر من سيكون المساهم في تشكيله؟
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف