في زمن طغت فيه الماديات والمصالح على العلاقات بين البشر حتى نحو أقرب الناس كالوالدين والأشقاء فلا زال هناك من يؤمن بالإنسانية كمحدد لعلاقاته مع الآخرين وبصلة الرحم التي يقطعها الكثير مع سبق الإصرار والترصد !!.. فمن خلال زياراتي القصيرة للقدس والمسجد الأقصى تنجلي العلاقات في أبهى صورها ربما لأن الجميع ذاهب لثالث الحرمين لأداء الصلاة في رحاب المسجد .. لقد كان من أجمل ما رأيت خلال زيارتي الأخيرة للمسجد الأقصى إصرار سيدة عجوز جاوزت عقدها الثامن ولا تستطيع السير إلا على الكرسي المتحرك مع ووكر ..وكانت برفقة ابنها الأستاذ احمد بركة الذي جاوز الستين عاما !! كان شوق الحاجة أم احمد للمسجد والصلاة فيه بعد غياب دام سنوات طويلة كفيلا بأن تطلب من ابنها البار أن ينتقل بها في جميع أرجاء المسجد والصلاة في كل ركن تقريبا .. كان يسير بكل همة ونشاط وعندما ذهبوا للصلاة في المسجد المرواني نصحه الشباب بأن تصلي الحاجة عند المدخل لصعوبة النزول والصعود لأنها على كرسي متحرك لوجود الدرج !! نصيحة الشباب لم تثن الحاجة عن رغبتها في الدخول والصلاة.. انصاع الابن البار لرغبة والدته وطلب مساعدة احد الرجال الذي رحب من فوره..و أدى كل من الأم والابن الصلاة في المرواني وساعدهم مجموعة من الشباب في الخروج .. كان لسان الأم يلهج بالدعاء لأحمد ولأبنائها وبناتها في غزة .. لم يبدأ المشهد من هنا إنما عند نزولنا من الحافلة عند باب الأسباط لحظة نزول الحاجة أم احمد ومساعدة الأخت سناء قرمش والسيد سعد أبو علبة حتى وصولهم لباحات المسجد الأقصى .. هنا تتجلى الإنسانية بصورة رائعة مساعدة كل محتاج دون انتظار أي مردود أو مكافأة .. فكما أن انتشار الماديات قضى على جزء كبير من إنسانيتنا إلا أن هناك من يحتفظ برونق الإنسانية الأصيل من حب ومساعدة للآخرين . بارك الله في الابن البار وفي الأخت سناء والأخوة في الارتباط الفلسطيني أبو أكرم الأخرس وابو حسن أبو حطب وأبو إسلام أبو غزة وكل من يقدم المساعدة للحجيج المقدسي ..