الأخبار
ارتفاع درجات الحرارة يفاقم معاناة النازحين في غزة ويزيد من البؤس اليوميالأمم المتحدة: إزالة الركام من قطاع غزة قد تستغرق 14 عاماًتصاعد الاحتجاجات الطلابية في الجامعات الأميركية ضد الحرب الإسرائيلية على غزةتفاصيل المقترح المصري الجديد بشأن صفقة التبادل ووقف إطلاق النار بغزةإعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزة
2024/4/27
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

حاول أن تفهم بقلم:فهمي هويدي

تاريخ النشر : 2015-10-05
حاول أن تفهم بقلم:فهمي هويدي
حين تستثني بعض الهيئات في مصر من الخضوع للقانون دون أي تفسير أو تبرير، فإن ذلك يفتح الباب للتأويل والبلبلة التي تهز الثقة وتسوغ إساءة الظن.

أتحدث عن قرار رئيس الوزراء الذي نشرته الجريدة الرسمية يوم الخميس الماضي (الأول من أكتوبر) باستثناء سبع هيئات تابعة للقوات المسلحة والشرطة من الالتزام بالقانون الذي يفرض عليها إعادة فوائضها للموازنة العامة.

والهيئات كلها خدمية واقتصادية تتراوح بين جهاز الخدمات العامة وصندوق تمويل المتاحف العسكرية، مرورا بمشروعات أراضي الداخلية والقوات المسلحة وصندوق إسكان أفراد القوات المسلحة.

 أعني أنها أنشطة مدنية بالكامل، لا علاقة لها بالتسليح ولا بأسرار الأمن القومي.
وهى الاعتبارات التي ذكرت في تسويغ الوضع الخاص لموازنة القوات المسلحة،
وتم تقديرها والقبول بها رغم أن ذلك الوضع ليس معمولا به في الدول الديمقراطية التي تناقش فيها تفاصيل تلك الموازنة في اللجان المختصة بالأمن القومي في البرلمانات المنتخبة.

لو أن قرار رئيس الوزراء تضمن أي إشارة للأسباب التي دعت إلى استثناء تلك الجهات السبع لكان ذلك مفهوما وربما كان مقنعا ومقبولا.
 لكن الخبر ألقى علينا وترك لكل واحد منا حرية فك غموضه على طريقة «حاول أن تفهم».

وللمساعدة أبلغنا بأن الاستثناء تم بطلب من وزير المالية.
وهو ما بدا أمرا مستغربا، لأن وزير المالية يفترض أن يسعى إلى زيادة حصيلة موارد الموازنة العامة وليس إنقاصها بحرمانها من الفوائض المالية لبعض الجهات.

وإذ جاء القرار خلوا من أي تفسير باستثناء الإشارة غير المقنعة إلى طلب وزير المالية فإننا إعمالا لمبدأ الشفافية واحتراما لحق الناس في المعرفة لا نستطيع أن نحجب عدة أسئلة يثيرها تمييز الجهات المذكورة وإعفاءها من الخضوع للقانون.

ذلك أن إعفاءها من توريد فوائضها المالية إلى الخزانة العامة يستدعي سؤالا عن أوجه إنفاقها في هذه الحالة.
وما إذا كان ذلك يستهدف تحقيق مصلحة عامة أو خاصة.
كأن تضاف مثلا إلى صناديق العاملين في تلك الجهات.

أعني هل ستطلق أيدي تلك الجهات في إنفاق تلك الفوائض أم أنها ستخضع لرقابة ومراجعة الجهاز المركزي للمحاسبات المعني بالتدقيق في سلامة التصرفات المالية لمختلف مؤسسات الدولة وأجهزتها.

 إذ حين تظل مثل هذه الأسئلة معلقة بغير إجابة واضحة فمن شأن ذلك أن يفتح الباب واسعا لمختلف الممارسات التي تغري بمخالفة القانون باعتبار أن إنفاقها لا يخضع للرقابة والحساب.

ثم ان ذلك الوضع قد يشجع هيئات أخرى في الدولة على المطالبة بالمعاملة بالمثل، طالما أنه ليست هناك أسباب خاصة استدعت قصر الاستثناء على الهيئات السبع، التي لا يميزها سوى انها تابعة لوزارتين مهمتين وحساسيتين في الدولة.

لا يقولن أحد إن ما ندعو إليه ينال من هيبة واحترام القوات المسلحة والشرطة.
وليس بوسع أحد أن يدعي أن المجتمع ضنًّ على الرجال الشجعان العاملين في هذين المجالين بحقهم في التقدير والتكريم والتعويض.

لكن ذلك كله في جانب واستثناء الهيئات الاقتصادية والخدمية التابعة للوزارتين من الالتزام بالقانون في جانب آخر.

وإذا وضعنا في الاعتبار أن الأنشطة الاقتصادية التي تمارسها تلك الهيئات واسعة النطاق ومتعددة المجالات، فإن إعمال تلك الخطوة يعني أن جزءا مهما من النشاط الاقتصادي يظل بعيدا عن رقابة أجهزة الدولة دون أن يفهم أحد مبررا لذلك.

لا نريد أن نستعيد الحجج التي تساق لإبراز أهمية إخضاع الانفاق العام لرقابة الدولة والمجتمع،
أو تلك التي تشرح أهمية اطلاع دافعي الضرائب على مصير ما يتم جبايته منهم.
كما اننا لسنا بحاجة للتنبيه إلى الأهمية الكبرى التي يمثلها خضوع الجميع للقانون على قدم المساواة.

مع ذلك فيبدو أننا صرنا بحاجة للتذكير بتلك البديهيات التي تعد من مسلمات المجتمعات العصرية، المدنية والديمقراطية.

في الوقت ذاته فإننا بحاجة أيضا إلى وضع حد لذلك النزوع إلى الاستثناء الذي صارت بعض الجهات تتطلع إليه باعتباره تعبيرا عن التميّز والأهمية.
كأن الأهمية تستمد من الاستثناء من القانون وليس من الخضوع له.
وكأن القانون وضع ليسري على الضعفاء وقليلي الحيلة دون غيرهم.

لقد سبقني زميلنا الأستاذ سليمان جودة فيما نشرته له صحيفة «المصري اليوم» (عدد ٢/١٠) إلى التنبيه إلى الشذوذ في القرار، الذي وصفه بأنه «شديد الخطورة» ودعا فيما كتبه وزير المالية إلى إطلاع الرأي العام على مبررات الاستثناء لكي يقتنع المجتمع بأن ثمة مصلحة عامة وراءه. وأنا أضم صوتي إليه.
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف