
كنت أعتقد أن الكتابة عن شئ أعرفه هو أمر سهل جدًا، ولا يحتاج إلى الكثير من التفكير؛ لأن الألفاظ التعبيرية ستنساب منك كسريان الماء في الوادي الجاف، إلا أن ما ظننته يسيرًا كان أصعب من أى شئ آخر أعلمه أو أُجيده، عندما قررت الكتابة عن أشخاص أعرفهم، وقتها فقط علمت أني لم أكن أعرف شيئًا عن الكتابة، أو عن هؤلاء الأشخاص.
لربما ما جعلني بهذه الحالة، الناس أنفسهم لا عدم استطاعتي الكتابة، فطبيعة الناس غير مفهومة حقًا، نظن أننا نعلم أشخاصًا لسنواتٍ طويلة، لنكتشف فجأةً أننا أمام أغراب لا نُجيد التعامل معاهم وعلينا أن نبذل أقصى ما في وسعنا لكى نفهم ما يجول في أذهانهم، وما تُخفيه ضمائرهم، إنها رحلة مرهقة، متعبة، مكلفة، مرهقة ذهنيًا، متعبة جسديًا، ومكلفة صحيًا، فهى تأخذ منك كل شئ تقريبًا، ولا تُعطيك سوى صدمات، صدمة تلو الأخرى.
كيف عرفناهم؟ كيف ارتبطنا بهم؟ كيف توهمنا أنهم معنا قلبًا وقالبًا؟ كيف انسقنا وراء مشاعرنا دون تفكير في مواقف حدثت، كان من الضروري الوقوف أمامها كثيرًا لكى نعلم حقيقة ما نواجهه؟ أسئلة كثيرة لا همَّ لها سوى اعتصار ذهنك، دون فائدة؛ لأنك لن تجد الإجابة الشافية الكافية عن ماهية أى شخص عرفته مطلقًا، كل ما في استطاعتك وقتها أنك ستنفجر غضبًا على نفسك التي ضيعت كل هذا الوقت معهم، على روحك التي تعلقت بهم وهم لا يستحقون هذا التعلق، على عقلك الذي شغلته كثيرًا بأمورهم ولم تُلقِ بالاً أن تُعطيه فرصة واحدة لكى يُفكر في تصرفاتهم معك، فتدرك في نهاية الأمر حقيقتهم التي عَميت عليك.
الكتابة عن شخص تعرفه أشبه بالدخول في حقل ملغوم، فلا أنت قادر على التوغل فيه ولا أنت قادر على الرجوع بظهرك إلى نقطة البداية، فتظل عالقًا في مكانك غير مستوعب لطبيعة ما يحدث، فاقد القدرة على التعبير عن ما يجول في خاطرك، تتصارع بداخلك الكثير من الهواجس تجعلك في حالة استيقاظ مستمرة؛ لأنك لو أغمضت عيناك ولو للحظات سيمر الشريط أمامك كئيبًا، مُريعًا، وستكره معه نفسك مرارًا وتكرارًا وستلومها على غبائها، وتظل تلعن اليوم الذي عرفتهم فيه، وفي نهاية المطاف لن تُعلمك التجربة، نعم ستبتعد عنهم، لكنك لن تستطع الابتعاد عن الناس جميعًا، وستتكرر الأحداث بشكلٍ متوالي، كأنها حدثت البارحة فقط، سيناريو غريب – لكن – فليقل لي أيًا شخص أنه لم يحدث معه، فمن الواضح أن تعذيب النفس بتجاهلنا حقيقة أى شخص نحبه هى عادة درجنا عليها، وسنظل نحيا بها، طالما أن الآخرين يرتدون أقنعة روحية وظاهرية مزيفة، وطالما نحن نتعمد أن نعشق ملامحهم بهذه الأقنعة.
يسرا محمد سلامة
لربما ما جعلني بهذه الحالة، الناس أنفسهم لا عدم استطاعتي الكتابة، فطبيعة الناس غير مفهومة حقًا، نظن أننا نعلم أشخاصًا لسنواتٍ طويلة، لنكتشف فجأةً أننا أمام أغراب لا نُجيد التعامل معاهم وعلينا أن نبذل أقصى ما في وسعنا لكى نفهم ما يجول في أذهانهم، وما تُخفيه ضمائرهم، إنها رحلة مرهقة، متعبة، مكلفة، مرهقة ذهنيًا، متعبة جسديًا، ومكلفة صحيًا، فهى تأخذ منك كل شئ تقريبًا، ولا تُعطيك سوى صدمات، صدمة تلو الأخرى.
كيف عرفناهم؟ كيف ارتبطنا بهم؟ كيف توهمنا أنهم معنا قلبًا وقالبًا؟ كيف انسقنا وراء مشاعرنا دون تفكير في مواقف حدثت، كان من الضروري الوقوف أمامها كثيرًا لكى نعلم حقيقة ما نواجهه؟ أسئلة كثيرة لا همَّ لها سوى اعتصار ذهنك، دون فائدة؛ لأنك لن تجد الإجابة الشافية الكافية عن ماهية أى شخص عرفته مطلقًا، كل ما في استطاعتك وقتها أنك ستنفجر غضبًا على نفسك التي ضيعت كل هذا الوقت معهم، على روحك التي تعلقت بهم وهم لا يستحقون هذا التعلق، على عقلك الذي شغلته كثيرًا بأمورهم ولم تُلقِ بالاً أن تُعطيه فرصة واحدة لكى يُفكر في تصرفاتهم معك، فتدرك في نهاية الأمر حقيقتهم التي عَميت عليك.
الكتابة عن شخص تعرفه أشبه بالدخول في حقل ملغوم، فلا أنت قادر على التوغل فيه ولا أنت قادر على الرجوع بظهرك إلى نقطة البداية، فتظل عالقًا في مكانك غير مستوعب لطبيعة ما يحدث، فاقد القدرة على التعبير عن ما يجول في خاطرك، تتصارع بداخلك الكثير من الهواجس تجعلك في حالة استيقاظ مستمرة؛ لأنك لو أغمضت عيناك ولو للحظات سيمر الشريط أمامك كئيبًا، مُريعًا، وستكره معه نفسك مرارًا وتكرارًا وستلومها على غبائها، وتظل تلعن اليوم الذي عرفتهم فيه، وفي نهاية المطاف لن تُعلمك التجربة، نعم ستبتعد عنهم، لكنك لن تستطع الابتعاد عن الناس جميعًا، وستتكرر الأحداث بشكلٍ متوالي، كأنها حدثت البارحة فقط، سيناريو غريب – لكن – فليقل لي أيًا شخص أنه لم يحدث معه، فمن الواضح أن تعذيب النفس بتجاهلنا حقيقة أى شخص نحبه هى عادة درجنا عليها، وسنظل نحيا بها، طالما أن الآخرين يرتدون أقنعة روحية وظاهرية مزيفة، وطالما نحن نتعمد أن نعشق ملامحهم بهذه الأقنعة.
يسرا محمد سلامة