
خواطر بريئة
نظرة على الوضع المأساوي في قطاع غزة
بقلم: عيسى الداهوك
أعتقد أن الكثير قد توقف عن الكتابة في الأمور السياسية، لأن السياسة ( خاصة في فلسطين ) كانت .. ولا زالت تجعل الحليم حيران.
ترددت كثيراً في كتابة هذا الموضوع، ولكن .. ما دفعني إلى كتابة هذه الكلمات مواقف عديدة عشتها، وجميعها تصب في اتجاه واحد .. ألا وهو: ما وصلت إليه الأوضاع في قطاع غزة.
فعندما يأتي موظف كبير، وصاحب مركز مرموق ( وحساس )، عندما يأتي ليشتري شيئاً ويطلب من صاحب المحل ( أن يقسط له المبلغ )، مع أن قيمة المشتريات ليست بالمبلغ الكبير، فهي لا تتجاوز مائة وخمسون ديناراً، فتعجبت من الأمر، ولكنه قال: لا تتعجب.. فالوضع أسوأ مما تتصور، فأنا كباقي الموظفين لا أتقاضى راتب منذ سنوات !!!
وموقف آخر: عندما طلب أحد المواطنين من صديق له أن يُحضر له مَنْ يبني غرفة أو غرفتين في منزله، فجاءه ( ستة من معلمي البناء ) وليسوا عمالاً فقط، وبالاستفسار قالوا: إنهم لم عملوا شيئاً منذ شهور مضت ويريدون أن يقسموا ما بعثه الله من رزق فيما بينهم مهما كانت قيمته. وعندما أراد أن يكمل البناء من تشطيب وبلاط وخلافه تكرر نفس المشهد.
وموقف ثالث: عندما يأتي إليك أحد مقاولي تمديد شبكات المياه في العمارات ليطلب منك سلفة، وهو الذي كان لا يجد الوقت ليلبي حاجات زبائنه، فأصبح يستدين من الناس .. فكيف يكون حال عُمَّالَه.
وغيرها من المواقف التي يواجهها المواطنون يومياً، فمثلاً: هؤلاء خريجو جامعات ويعملون – إن وجدوا العمل – براتب شهري بين ( 600 – 800 ) شيكل شهرياً، وهذا دكتور صيدلي يعمل بالساعة، وآخر محامي، وغيره مهندس أو طبيب ... وعشرات الآلاف من خريجي الجامعات لا يجدون وظائف أو حتى أعمال في غير مجالهم.
وبالنظر إلى كل ذلك يتوارد السؤال: لماذا وصلنا إلى هذا الحد ؟
وكيف يمكن أن نقضي على هذه المآسي ؟
أما لماذا وصلنا إلى هذا المستوى من المأساة ؟ فإن الإجابة تكمن في بداية المأساة، وهي عندما فُرِضَ على قطاع غزة هذا الحصار الظالم، حتى أصبح الجميع .. جميع فئات الشعب تعاني من هذا الحصار، والذي يتبين أن مَن فرضه يعلم تماماً كيف يشل شريان الحياة في القطاع، فلم يمنع منتجاته من الدخول للقطاع، ولكنه فرض الحصار على مواد البناء.
فمنع مواد البناء أوقفت حركة العمران ومعها جميع ملحقات البناء من طوب، وتشطيب، وبلاط، وتمديد شبكات كهرباء ومياه، ونجارة، وشبابيك، وغيرها من الملحقات. كل هذه مهن قد توقفت أصبح أصحابها بحاجة إلى مساعدات.
وبالعودة إلى السؤال: كيف بدأ الحصار؟ والإجابة ببساطة إن الحصار لم يكن وليد حدث معين، فكان على مدار العقود الماضية يُفرَض علينا حصاراً ثم يُرفَع، ثم يعود ويرفع وهكذا.
ولكن هذا الحصار المفروض، وهو الأطول والأشد، بعد ما يُسَميه البعض ( بالحسم، وآخرون بالانقسام، وغيرهم بالانقلاب ). ونحن لا تعنينا المسميات، فكلها أدت إلى نفس النتيجة.
إذاً .. وما دام الوضع كذلك، فتكون الإجابة على السؤال الثاني: كيف يمكن أن نقضي على مآسي قطاع غزة ؟
فإذا كنا نريد الإجابة من علماء الدين فإنهم يقولون: " واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا".
وإذا كنا نريد الإجابة من حركة فتح، فيقولون: الوحدة الوطنية هي أساس بناء الوطن.
وإذا كنا نريدها من الجبهة الشعبية، فيقولون: المرحلة تقتضي تحالف جميع قوى الشعب من القاعدة إلى القمة.
وهكذا جميع التنظيمات والمنظمات والحركات، فإن جميع الإجابات تصب في اتجاه واحد.
والإجابة ببساطة: يمكن القضاء على هذه المآسي بإنهاء .. والقضاء على الوضع الحالي من انقسام بين شقي الوطن، والسير نحو المصالحة الوطنية الجادة والحقيقية.
فلا حكومة توافق أو وفاق قد نجحت، ولا اجتماعات أسفرت عن نتيجة، والسبب ( مع وضوحه ) فهو غير مقنع لأبناء الشعب.
فبمجرد الانتهاء من أي اجتماع يخرج تصريح من هنا يكيل الاتهامات للطرف الآخر، وتصريح من هناك يُحَمِّل الطرف الآخر نتيجة عدم التوافق والاتفاق.
إذاً .. ما هو الحل ؟؟؟
الحل يكمن في أن تصحو الضمائر النائمة، وتضع جميع الخلافات السياسية .. والأيدلوجية .. والفلسفية .. وغيرها من المسميات، أن تضعها جانباً، وتصل إلى حل يحفظ كرامة الوطن والمواطن، لتنتهي مشكلة الكهرباء، والماء، والبناء، والصحة، والتعليم، والعمل، والرواتب، وغيرها من مآسي الشعب الفلسطيني في قطاع غزة.
فهل يمكن أن نرى قطاع غزة وقد انتهت مآسييه .. ندعو الله أن يُعَجِلَ في ذلك.
نظرة على الوضع المأساوي في قطاع غزة
بقلم: عيسى الداهوك
أعتقد أن الكثير قد توقف عن الكتابة في الأمور السياسية، لأن السياسة ( خاصة في فلسطين ) كانت .. ولا زالت تجعل الحليم حيران.
ترددت كثيراً في كتابة هذا الموضوع، ولكن .. ما دفعني إلى كتابة هذه الكلمات مواقف عديدة عشتها، وجميعها تصب في اتجاه واحد .. ألا وهو: ما وصلت إليه الأوضاع في قطاع غزة.
فعندما يأتي موظف كبير، وصاحب مركز مرموق ( وحساس )، عندما يأتي ليشتري شيئاً ويطلب من صاحب المحل ( أن يقسط له المبلغ )، مع أن قيمة المشتريات ليست بالمبلغ الكبير، فهي لا تتجاوز مائة وخمسون ديناراً، فتعجبت من الأمر، ولكنه قال: لا تتعجب.. فالوضع أسوأ مما تتصور، فأنا كباقي الموظفين لا أتقاضى راتب منذ سنوات !!!
وموقف آخر: عندما طلب أحد المواطنين من صديق له أن يُحضر له مَنْ يبني غرفة أو غرفتين في منزله، فجاءه ( ستة من معلمي البناء ) وليسوا عمالاً فقط، وبالاستفسار قالوا: إنهم لم عملوا شيئاً منذ شهور مضت ويريدون أن يقسموا ما بعثه الله من رزق فيما بينهم مهما كانت قيمته. وعندما أراد أن يكمل البناء من تشطيب وبلاط وخلافه تكرر نفس المشهد.
وموقف ثالث: عندما يأتي إليك أحد مقاولي تمديد شبكات المياه في العمارات ليطلب منك سلفة، وهو الذي كان لا يجد الوقت ليلبي حاجات زبائنه، فأصبح يستدين من الناس .. فكيف يكون حال عُمَّالَه.
وغيرها من المواقف التي يواجهها المواطنون يومياً، فمثلاً: هؤلاء خريجو جامعات ويعملون – إن وجدوا العمل – براتب شهري بين ( 600 – 800 ) شيكل شهرياً، وهذا دكتور صيدلي يعمل بالساعة، وآخر محامي، وغيره مهندس أو طبيب ... وعشرات الآلاف من خريجي الجامعات لا يجدون وظائف أو حتى أعمال في غير مجالهم.
وبالنظر إلى كل ذلك يتوارد السؤال: لماذا وصلنا إلى هذا الحد ؟
وكيف يمكن أن نقضي على هذه المآسي ؟
أما لماذا وصلنا إلى هذا المستوى من المأساة ؟ فإن الإجابة تكمن في بداية المأساة، وهي عندما فُرِضَ على قطاع غزة هذا الحصار الظالم، حتى أصبح الجميع .. جميع فئات الشعب تعاني من هذا الحصار، والذي يتبين أن مَن فرضه يعلم تماماً كيف يشل شريان الحياة في القطاع، فلم يمنع منتجاته من الدخول للقطاع، ولكنه فرض الحصار على مواد البناء.
فمنع مواد البناء أوقفت حركة العمران ومعها جميع ملحقات البناء من طوب، وتشطيب، وبلاط، وتمديد شبكات كهرباء ومياه، ونجارة، وشبابيك، وغيرها من الملحقات. كل هذه مهن قد توقفت أصبح أصحابها بحاجة إلى مساعدات.
وبالعودة إلى السؤال: كيف بدأ الحصار؟ والإجابة ببساطة إن الحصار لم يكن وليد حدث معين، فكان على مدار العقود الماضية يُفرَض علينا حصاراً ثم يُرفَع، ثم يعود ويرفع وهكذا.
ولكن هذا الحصار المفروض، وهو الأطول والأشد، بعد ما يُسَميه البعض ( بالحسم، وآخرون بالانقسام، وغيرهم بالانقلاب ). ونحن لا تعنينا المسميات، فكلها أدت إلى نفس النتيجة.
إذاً .. وما دام الوضع كذلك، فتكون الإجابة على السؤال الثاني: كيف يمكن أن نقضي على مآسي قطاع غزة ؟
فإذا كنا نريد الإجابة من علماء الدين فإنهم يقولون: " واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا".
وإذا كنا نريد الإجابة من حركة فتح، فيقولون: الوحدة الوطنية هي أساس بناء الوطن.
وإذا كنا نريدها من الجبهة الشعبية، فيقولون: المرحلة تقتضي تحالف جميع قوى الشعب من القاعدة إلى القمة.
وهكذا جميع التنظيمات والمنظمات والحركات، فإن جميع الإجابات تصب في اتجاه واحد.
والإجابة ببساطة: يمكن القضاء على هذه المآسي بإنهاء .. والقضاء على الوضع الحالي من انقسام بين شقي الوطن، والسير نحو المصالحة الوطنية الجادة والحقيقية.
فلا حكومة توافق أو وفاق قد نجحت، ولا اجتماعات أسفرت عن نتيجة، والسبب ( مع وضوحه ) فهو غير مقنع لأبناء الشعب.
فبمجرد الانتهاء من أي اجتماع يخرج تصريح من هنا يكيل الاتهامات للطرف الآخر، وتصريح من هناك يُحَمِّل الطرف الآخر نتيجة عدم التوافق والاتفاق.
إذاً .. ما هو الحل ؟؟؟
الحل يكمن في أن تصحو الضمائر النائمة، وتضع جميع الخلافات السياسية .. والأيدلوجية .. والفلسفية .. وغيرها من المسميات، أن تضعها جانباً، وتصل إلى حل يحفظ كرامة الوطن والمواطن، لتنتهي مشكلة الكهرباء، والماء، والبناء، والصحة، والتعليم، والعمل، والرواتب، وغيرها من مآسي الشعب الفلسطيني في قطاع غزة.
فهل يمكن أن نرى قطاع غزة وقد انتهت مآسييه .. ندعو الله أن يُعَجِلَ في ذلك.