
الدنيا حرّ!
تحسين يقين
أهو المناخ؟
عندما يستعرض العلماء المناخ في التاريخ فإنهم لا يستغربون!
كيف كان الناس يحتمون من الحرارة؟ وكيف صاروا؟
كانت لهم أساليبهم في تبريد الهواء عن طريق المشربيات والفتحات، لإحداث حراك، لعله تيار هوائي، تلك كانت أساليب قديمة، حتى جاء أساليب حديثة، حركت الهواء عنوة، وبردته عنوة، من خلال المراوح والمكيفات.
ولكن رغم الحداثة المتطورة، ما زال الجيل القديم يميل للأساليب القديمة!
قديما وحديثا، كل بما وهب من أجل التبريد، كل وبيئته وإمكانياته، وإبداعاته، لدرجة أن المحدثين اليوم يحاولون الاستفادة من المنجزات القديمة في التعامل مع المناخ.
المناخ هو هو، لكن الناس يقيسون بالسنوات ربما، والعلماء يقيسون بعشرات أو مئات السنين.
والناس كذلك، في حرارتهم، يحتاجون للتبريد، معنويا أيضا خصوصا أن تاريخ البشرية ما هو –بصورة من الصور- إلا تاريخ نزاع، فكيف كان البشر يبردون أنفسهم والآخرين!؟
عانينا مؤخرا من نزاعات اجتماعية دموية، لها صفة القبلية، وقد جاءت في ظل النزاعات الطائفية والمذهبية التي غزتنا.
وتتعمق المأساة حين ننظر إلى تلك النزاعات الحارة في سياقنا الوطني، لاستمرار تعرضنا للاحتلال الكولينيالي.
حرارة بشرية في ظل حرارة الجو!
هل تحالفت الطبيعة مع الناس؟ الأفراد والعائلات والقبائل والطوائف والأمم!؟
ليس هذا هو السؤال؟
السؤال الأخلاقي: كيف ننهي النزاعات؟ أو نخففها؟ أو على الأقل ننهي العنف المصاحب لها، وهو الذي يسطو على أماننا جميعا، أصدقاء وأقرباء وأعداء؟
نحن بحاجة إلى مبردات!
القديمة والجديدة، أي كل ما يمكنه أن يجلب الاعتدال.
- الدنيا حرّ!
- هكذا ينطقها المصريون الذين عشنا بينهم سنوات. أما أهل الشام فيقولون حم، وما بين الراء والميم، تاريخ من تطور اللهجات واللغات القريبة من الجذر الواحد أو البعيدة.
- الدنيا حر!
الدنيا حر ... الدنيا حر.. أنا عايزة أخرج أتهوى؟
تتهوي فين؟
عايزة مانجا عايزة فراولة عايزة أشرب حاجة حلوة
تيجيبيها منين؟
من الفكهاني..من محل عصير فتحوا علشاني أشرب وأجيبلكم كباية..
تلك كلمات الفنانة ليلى نظمي، وكم كنا نحبها في السبعينيات والثمانينيات أطفالا وشباب.!
- لكن لماذا تذكر هذه الأغنية؟ هل من دلالة لها علاقة بالتبريد؟
- نعم، أولا، لا بد من الاعتراف أن الدنيا حرّ، وأنه من حقنا الخروج من المكان من أجل الهواء، والبحث عن طرق للتبرد منها شرب "حاجة سقعة"، وإحضار كأس للحبايب...
- .............؟
- هي مسؤولية نقل التبريد للآخرين.
الدنيا حرّ، ومن الضروري ليس توصيف وتشخيص حرارة الجو وقياسها، بل الفعل هو المطلوب.
الخروج من الصندوق ضروري!
مجموع النزاعات، ومحصلتها نزاعات كبرى، تجعل الحياة صعبة لا تطاق.
حل النزاعات، للخروج من هذه الحرارة، تعني أن نعلن عن شعورنا ومشاعرنا الرافضة، والبحث عن مبردات وما يتلوها من إطفاء لمنابع النيران.
الإرادة هي الأساس، فكيف إذا أراد آخرون غير ذلك، وجعلوا إشعال النيران الاجتماعية والسياسية والدولية شغلا ومصلحة ينتفعون منها؟!
الدنيا حرّ؟
هل هناك شك في ذلك؟
والبيت هو الملاذ.
والأوطان كذلك.
والسلام هو من يجعل للبيوت والأوطان معانيها؛ فكيف يمكن لأهل بيت أن يبيتوا هانئين وجيرانهم في نزاع! وما ينطبق على البيوت ينطبق على البلاد.
تلك هي المسؤولية والوعي، فإشعال نار هنا يعني إمكانية انتقال النار إلى هناك!
السلام الاجتماعي والوطني والدولي سيكون متجليا إن كنا معا، بوعي إنساني ووطني، وبإرادة عليا.
ما يحدث في نزاعاتنا الصغيرة ضمن نزاعنا الكبير تفاصيل وخطوط عريضة، أما المهم والاستراتيجي فيها فهو المبادئ!
- مبادئ؟
- نعم، وهي من تضمن المصالح لا الأسلحة.
مبادئ القوانين الإنسانية في العقود الاجتماعية والقانون الدولي الإنساني هي المفاتيح وهي الطريق، وهي تراث إنساني، هو نتاج رحلة الإنسان الدامية، وهي عظته من التاريخ.
إذن، فإن إرادة البشر ووعيهم هو المبدأ الأساس. وهو ما يمكن أن يتجلى اجتماعيا وسياسا ودوليا.
"إنما الأعمال بالنيات"، و"صفي النية ونام في البرية"، نحن أمام امتحان في النوايا، فإن ضمنا الحسن فيها، فإننا سنستأنف الحسن إلى آخره.
انشغالنا بالتفاصيل يضيع المبادئ.
وردود الفعل النزقة تخرب إرادة الأفعال النبيلة.
هل هناك أمل؟ هل ما زال هناك متسع؟
نعم، فتح صفحة جديدة أو كما قال الشاعر حافظ إبراهيم:
من اليوم تعارفنا ونطوي ما جرى منا
فلا كان ولا صار ولا قلتم ولا قلنا
وإن كان ولا بد من العتب فبالحسنى
فقد قيل لنا عنكم كما قيل لكم عنا
كفى ما كان من هجر فقد ذقتم و قد ذقنا
فما أحسن أن نرجع إلى الوصل كما كنا
نعم، ما أجمل أن نعود إلى راحة البال. لقد تعلمنا تلك الكلمات ونحن أطفال، ليتنا نتعلمها اليوم، فنفتح صفحة جديدة بيضاء..
هناك أمل، نحتفظ به، ونبشّر به..حتى نطفئ النيران في كل مكان..بكل الأساليب الإنسانية المغرقة في القدم، وما يجد من جديد..
نحن وأسرنا وأوطاننا والإنسانية نستحق ذلك، بل نحن بحاجة لذلك إن أردنا الحياة!
[email protected]
تحسين يقين
أهو المناخ؟
عندما يستعرض العلماء المناخ في التاريخ فإنهم لا يستغربون!
كيف كان الناس يحتمون من الحرارة؟ وكيف صاروا؟
كانت لهم أساليبهم في تبريد الهواء عن طريق المشربيات والفتحات، لإحداث حراك، لعله تيار هوائي، تلك كانت أساليب قديمة، حتى جاء أساليب حديثة، حركت الهواء عنوة، وبردته عنوة، من خلال المراوح والمكيفات.
ولكن رغم الحداثة المتطورة، ما زال الجيل القديم يميل للأساليب القديمة!
قديما وحديثا، كل بما وهب من أجل التبريد، كل وبيئته وإمكانياته، وإبداعاته، لدرجة أن المحدثين اليوم يحاولون الاستفادة من المنجزات القديمة في التعامل مع المناخ.
المناخ هو هو، لكن الناس يقيسون بالسنوات ربما، والعلماء يقيسون بعشرات أو مئات السنين.
والناس كذلك، في حرارتهم، يحتاجون للتبريد، معنويا أيضا خصوصا أن تاريخ البشرية ما هو –بصورة من الصور- إلا تاريخ نزاع، فكيف كان البشر يبردون أنفسهم والآخرين!؟
عانينا مؤخرا من نزاعات اجتماعية دموية، لها صفة القبلية، وقد جاءت في ظل النزاعات الطائفية والمذهبية التي غزتنا.
وتتعمق المأساة حين ننظر إلى تلك النزاعات الحارة في سياقنا الوطني، لاستمرار تعرضنا للاحتلال الكولينيالي.
حرارة بشرية في ظل حرارة الجو!
هل تحالفت الطبيعة مع الناس؟ الأفراد والعائلات والقبائل والطوائف والأمم!؟
ليس هذا هو السؤال؟
السؤال الأخلاقي: كيف ننهي النزاعات؟ أو نخففها؟ أو على الأقل ننهي العنف المصاحب لها، وهو الذي يسطو على أماننا جميعا، أصدقاء وأقرباء وأعداء؟
نحن بحاجة إلى مبردات!
القديمة والجديدة، أي كل ما يمكنه أن يجلب الاعتدال.
- الدنيا حرّ!
- هكذا ينطقها المصريون الذين عشنا بينهم سنوات. أما أهل الشام فيقولون حم، وما بين الراء والميم، تاريخ من تطور اللهجات واللغات القريبة من الجذر الواحد أو البعيدة.
- الدنيا حر!
الدنيا حر ... الدنيا حر.. أنا عايزة أخرج أتهوى؟
تتهوي فين؟
عايزة مانجا عايزة فراولة عايزة أشرب حاجة حلوة
تيجيبيها منين؟
من الفكهاني..من محل عصير فتحوا علشاني أشرب وأجيبلكم كباية..
تلك كلمات الفنانة ليلى نظمي، وكم كنا نحبها في السبعينيات والثمانينيات أطفالا وشباب.!
- لكن لماذا تذكر هذه الأغنية؟ هل من دلالة لها علاقة بالتبريد؟
- نعم، أولا، لا بد من الاعتراف أن الدنيا حرّ، وأنه من حقنا الخروج من المكان من أجل الهواء، والبحث عن طرق للتبرد منها شرب "حاجة سقعة"، وإحضار كأس للحبايب...
- .............؟
- هي مسؤولية نقل التبريد للآخرين.
الدنيا حرّ، ومن الضروري ليس توصيف وتشخيص حرارة الجو وقياسها، بل الفعل هو المطلوب.
الخروج من الصندوق ضروري!
مجموع النزاعات، ومحصلتها نزاعات كبرى، تجعل الحياة صعبة لا تطاق.
حل النزاعات، للخروج من هذه الحرارة، تعني أن نعلن عن شعورنا ومشاعرنا الرافضة، والبحث عن مبردات وما يتلوها من إطفاء لمنابع النيران.
الإرادة هي الأساس، فكيف إذا أراد آخرون غير ذلك، وجعلوا إشعال النيران الاجتماعية والسياسية والدولية شغلا ومصلحة ينتفعون منها؟!
الدنيا حرّ؟
هل هناك شك في ذلك؟
والبيت هو الملاذ.
والأوطان كذلك.
والسلام هو من يجعل للبيوت والأوطان معانيها؛ فكيف يمكن لأهل بيت أن يبيتوا هانئين وجيرانهم في نزاع! وما ينطبق على البيوت ينطبق على البلاد.
تلك هي المسؤولية والوعي، فإشعال نار هنا يعني إمكانية انتقال النار إلى هناك!
السلام الاجتماعي والوطني والدولي سيكون متجليا إن كنا معا، بوعي إنساني ووطني، وبإرادة عليا.
ما يحدث في نزاعاتنا الصغيرة ضمن نزاعنا الكبير تفاصيل وخطوط عريضة، أما المهم والاستراتيجي فيها فهو المبادئ!
- مبادئ؟
- نعم، وهي من تضمن المصالح لا الأسلحة.
مبادئ القوانين الإنسانية في العقود الاجتماعية والقانون الدولي الإنساني هي المفاتيح وهي الطريق، وهي تراث إنساني، هو نتاج رحلة الإنسان الدامية، وهي عظته من التاريخ.
إذن، فإن إرادة البشر ووعيهم هو المبدأ الأساس. وهو ما يمكن أن يتجلى اجتماعيا وسياسا ودوليا.
"إنما الأعمال بالنيات"، و"صفي النية ونام في البرية"، نحن أمام امتحان في النوايا، فإن ضمنا الحسن فيها، فإننا سنستأنف الحسن إلى آخره.
انشغالنا بالتفاصيل يضيع المبادئ.
وردود الفعل النزقة تخرب إرادة الأفعال النبيلة.
هل هناك أمل؟ هل ما زال هناك متسع؟
نعم، فتح صفحة جديدة أو كما قال الشاعر حافظ إبراهيم:
من اليوم تعارفنا ونطوي ما جرى منا
فلا كان ولا صار ولا قلتم ولا قلنا
وإن كان ولا بد من العتب فبالحسنى
فقد قيل لنا عنكم كما قيل لكم عنا
كفى ما كان من هجر فقد ذقتم و قد ذقنا
فما أحسن أن نرجع إلى الوصل كما كنا
نعم، ما أجمل أن نعود إلى راحة البال. لقد تعلمنا تلك الكلمات ونحن أطفال، ليتنا نتعلمها اليوم، فنفتح صفحة جديدة بيضاء..
هناك أمل، نحتفظ به، ونبشّر به..حتى نطفئ النيران في كل مكان..بكل الأساليب الإنسانية المغرقة في القدم، وما يجد من جديد..
نحن وأسرنا وأوطاننا والإنسانية نستحق ذلك، بل نحن بحاجة لذلك إن أردنا الحياة!
[email protected]