
حقائق حول ” قانون التغذية القسرية”
نضال الفطافطة :
الإضراب المفتوح عن الطعام أو ما يعرف بـ “معركة الأمعاء الخاوية”، هي امتناع المعتقل عن تناول كافة أصناف وأشكال المواد الغذائية الموجودة في متناول الأسرى باستثناء الماء وقليل من الملح، وهي خطوة نادراً ما يلجأ إليها الأسرى؛ إذ أنها تعتبر الخطوة الأخطر والأقسى التي يلجأ إليها المعتقلون لما يترتب عليها من مخاطر جسيمة – جسدية ونفسية- على الأسرى وصلت في بعض الأحيان إلى استشهاد عدد منهم، بدءا بالشهيد عبد القادر أبو الفحم الذي استشهد بتاريخ 11/7/1970، خلال إضراب سجن عسقلان، ووهو بذلك أول شهداء الحركة الأسيرة خلال الإضراب عن الطعام، ومروراً بالشهيد راسم حلاوة وعلي الجعفري واللذين استشهدا بتاريخ 24/7/1980 خلال إضراب سجن نفحة، والشهيد محمود فريتخ الذي استشهد على أثر إضراب سجن جنيد عام 1984، والشهيد حسين نمر عبيدات والذي استشهد بتاريخ 14/10/1992 في إضراب سجن عسقلان.
إقرار قانون التغذية القسرية..
أقر الكنيست (البرلمان الإسرائيلي) يوم 30 يوليو/ تموز الماضي مشروع قانون التغذية القسرية للأسرى الفلسطينيين المضربين عن الطعام “حال تعرض حياتهم للخطر”.
الهدف من وراء القانون يظهر جليا بتصريحات القائمين عليه، ولا يترك مجالا للشك على انه وضع خصيصًا لكسر معنويّات واحتجاج الأسرى الفلسطينيين المضربين عن الطعام، وذلك من خلال استخدام القوّة من قبل الدولة أو موكَّليها، والمسّ باستقلاليّة المضرب عن الطعام، دون إذنه ورغم اعتراضه، وهي ممارسات تتناقض جذريًا مع اتفاقية مناهضة التعذيب (CAT).
وكان هذا المقترح قدم في اعقاب الإضراب عن الطعام الذي أعلنه السجناء الامنيون في اسرائيل عام 2012 والذي استمر لفترات طويلة. وقد بلغت حياة بعض السجناء آنذاك حد الخطر بسبب طول فترة الإضراب عن الطعام احتجاجا على اعتقالهم أو على الاعتقال الإداري دون محاكمة وبدون توجيه اي اتهام لهم، ولاقت موجه الإضرابات هذه آنذاك صدى واسعا لدى الرأي العام ووسائل الإعلام، فضلا عن الصورة السيئة التي اكتسبها القادة السياسيون الإسرائيليون ومسؤولي السجون آنذاك.
و بعد تحول مشروع التغذية القسرية الى قانون، فإنه سيتيح اطعام السجناء رغما عنهم مع مراعاة بعض المتطلبات والقيود. على سبيل المثال، فإن قرار تقديم الطعام او العلاج لمريض رغما عن اراداته يجب أن يتم بقرار من رئيس المحكمة المركزية أو نائبه، ولا يحق لأي مسؤول في مصلحة السجون ان يتخذ مثل هذا القرار بنفسه. كما يحق للسجين التمثيل في مثل هذه الحالة بواسطة محام خاص به أو باللجوء الى خدمات المحامي العام عند النظر في امره امام المحكمة.
يشار الى ان المحكمة لا يمكنها اصدار امر بتقديم الطعام بالقوة للمضربين عن تناوله، ولكن يمكنها اتاحة المجال امام القيام بذلك بأن تصرح بغياب الموانع عن القيام بذلك وترك الامر بيد مصلحة السجون التي ينبغي ان تعود قبل ذلك الى الطبيب في مثل هذه الحالة، للحصول على تصريح يمكنها من اللجوء الى هذا الأسلوب مع سجين بعينه.
المحاكم، وفقا لمشروع القانون، لا يمكنها السماح بإطعام السجين عنوة إلا إذا كانت حياته في خطر، وإذا كان هناك ما يكفي من الدلائل التي تشير الى الخطورة المترتبة على الاستمرار في الإضراب عن الطعام للسجين المذكور. وسيكون على المحكمة أن تأخذ في الاعتبار حالة السجين وأثر العلاج القسري عليه فضلا عن متطلبات مصلحة السجون الإسرائيلية واعتبارات الأمن القومي والعام.
طرق التغذية القسرية ..
وينص القانون على طريقتين للتغذية القسرية للسجين المضرب عن الطعام حين يتعثر تناول الطعام عن طريق الفم بالطرق المعتادة. عندها وبعد الرجوع الى الطبيب، يمكن اللجوء الى استخدام التغذية عبر الوريد او بواسطة استخدام أنبوب التغذية الذي يتم إدخاله عبر الفم حتى يصل الى المعدة. وينص مشروع القانون، على إن المحكمة مخولة عند اتخاذ قرارها، بالتدخل ايضاً في حال كان هذا يؤثر على نفسية السجين.
وزارة الامن الداخلي الإسرائيلية تبرر هذا القانون بانها لا تريد أن يموت السجناء نتيجة الإضراب عن الطعام وستعمل على تطبيقه في حال استنفاذ جميع البدائل الأخرى، و الاختيار ما بين موت الأسير أو تغذيته قسريا منعا لموته
اتحاد الأطباء الإسرائيلي يعارض القانون بشدة. ويقول الدكتور ليونيد ايدلمان رئيس اتحاد الأطباء في إسرائيل: “التقينا حول هذا الموضوع مع ممثلين عن وزارة العدل وعرضنا موقفنا امامهم بشكل واضح وهو نفس موقف اتحاد الأطباء العالمي. يجب حظر التغذية القسرية لأنها شكل من أشكال التعذيب والإهانة. اننا نعارض ذلك بكل الوسائل”.
تم تعديل بند رئيسي في القانون والمتمثل بتنفيذ التغذية القسرية فقط عندما تتهدد حياة الأسير المضرب عن الطعام بالخطر، كذلك لن يقوم الطبيب الاسرائيلي بالتغذية القسرية دون موافقته الشخصية، وللأسرى المضربين الحق في التعبير عن موقفهم أمام قاض اسرائيلي.
القانون يضع عدة شروط للقيام بهذا الإجراء حيث تتم التغذية بموجب أمر قضائي، وأن يقوم بهذه العملية طبيب.
قانون التغذية القسرية والقوانين الدولية…
تطبيق قانون التغذية القسرية يشكل خرقا للمواثيق الدولية، ومخالفة واضحة لإعلاني مالطا وطوكيو لعام 2006، وتعارض اللجنة الدولية للصليب الأحمر نظام الإطعام القسري، مشددة على ضرورة احترام خيارات المحتجزين، والحفاظ على كرامتهم الإنسانية، والذي يتفق مع موقف الجمعية الطبية العالمية في إعلاني مالطا وطوكيو عام 2006.
التغذية القسرية أو التهديد بها يعتبر أحد أنواع المعاملة القاسية والحاطة بالكرامة التي حظرتها اتفاقية مناهضة التعذيب، وجرمها القانون الجنائي الدولي، كما تمثل انتهاكاً لا يمكن تبريره لحرية المعتقلين الشخصية، وحقهم في سلامة جسدهم، وحقهم في الإضراب والاحتجاج. وقد ذهب إلى نفس الخلاصة كل من مقرر الأمم المتحدة الخاص بمناهضة التعذيب، ومقرر الأمم المتحدة الخاص بالحق في الصحة واللجنة الدولية للصليب الأحمر، مطالبين إسرائيل بعدم سن قانون التغذية القسرية
ومن الجدير بالذكر أن الأطباء العاملون في السجون الإسرائيلية لا يتبعون نقابة الأطباء الإسرائيليين، ولكن يتبعون فقط وزارة الصحة الإسرائيلية، والتي تعتبر أحد أبرز الداعمين لقانون التغذية القسرية. وبالتالي، فإن ما أعلنته نقابة الأطباء لا يمثل موقف أطباء السجون الإسرائيلية، بل أن متابعة المركز لأحوال المعتقلين الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية، ترجح تورط أطباء السجون في الكثير من الجرائم والمخالفات.
بالنهاية لو كانت السلطات الاسرائيلية قلقة فعلاً على صحّة الأسرى المضربين عن الطعام، كما تدعي، فإن الأجدر بها التوقّف عن الإهمال الصارخ للحاجات الطبيّة للأسرى الفلسطينيين في إسرائيل وتحسين احول اعتقالهم وتحقيق مطالبهم الانسانية . علما ان عددا من الأسرى الفلسطينيين – منهم محمد تاج، اكرم ريخاوي، ضرار أبو سيسي وكثيرون غيرهم، أضربوا عن الطعام بسبب الإهمال الطبي لحالاتهم ، و علينا بكل وضوح ان لا ننخدع بموقف نقابة الاطباء الإسرائيليين الرافضين تطبيق التغذية القسرية لأن النقابة ذاتها تسكت طيلة الوقت عن قيام أطباء في مصلحة السجون بتعذيب وسوء معاملة الأسرى الفلسطينيين، ولم يسبق أن قامت بردعهم عن ذلك او اتخذت اي مواقف قانونية بحقهم.
أ.نضال الفطافطة
منسقة إعلامية
نضال الفطافطة :
الإضراب المفتوح عن الطعام أو ما يعرف بـ “معركة الأمعاء الخاوية”، هي امتناع المعتقل عن تناول كافة أصناف وأشكال المواد الغذائية الموجودة في متناول الأسرى باستثناء الماء وقليل من الملح، وهي خطوة نادراً ما يلجأ إليها الأسرى؛ إذ أنها تعتبر الخطوة الأخطر والأقسى التي يلجأ إليها المعتقلون لما يترتب عليها من مخاطر جسيمة – جسدية ونفسية- على الأسرى وصلت في بعض الأحيان إلى استشهاد عدد منهم، بدءا بالشهيد عبد القادر أبو الفحم الذي استشهد بتاريخ 11/7/1970، خلال إضراب سجن عسقلان، ووهو بذلك أول شهداء الحركة الأسيرة خلال الإضراب عن الطعام، ومروراً بالشهيد راسم حلاوة وعلي الجعفري واللذين استشهدا بتاريخ 24/7/1980 خلال إضراب سجن نفحة، والشهيد محمود فريتخ الذي استشهد على أثر إضراب سجن جنيد عام 1984، والشهيد حسين نمر عبيدات والذي استشهد بتاريخ 14/10/1992 في إضراب سجن عسقلان.
إقرار قانون التغذية القسرية..
أقر الكنيست (البرلمان الإسرائيلي) يوم 30 يوليو/ تموز الماضي مشروع قانون التغذية القسرية للأسرى الفلسطينيين المضربين عن الطعام “حال تعرض حياتهم للخطر”.
الهدف من وراء القانون يظهر جليا بتصريحات القائمين عليه، ولا يترك مجالا للشك على انه وضع خصيصًا لكسر معنويّات واحتجاج الأسرى الفلسطينيين المضربين عن الطعام، وذلك من خلال استخدام القوّة من قبل الدولة أو موكَّليها، والمسّ باستقلاليّة المضرب عن الطعام، دون إذنه ورغم اعتراضه، وهي ممارسات تتناقض جذريًا مع اتفاقية مناهضة التعذيب (CAT).
وكان هذا المقترح قدم في اعقاب الإضراب عن الطعام الذي أعلنه السجناء الامنيون في اسرائيل عام 2012 والذي استمر لفترات طويلة. وقد بلغت حياة بعض السجناء آنذاك حد الخطر بسبب طول فترة الإضراب عن الطعام احتجاجا على اعتقالهم أو على الاعتقال الإداري دون محاكمة وبدون توجيه اي اتهام لهم، ولاقت موجه الإضرابات هذه آنذاك صدى واسعا لدى الرأي العام ووسائل الإعلام، فضلا عن الصورة السيئة التي اكتسبها القادة السياسيون الإسرائيليون ومسؤولي السجون آنذاك.
و بعد تحول مشروع التغذية القسرية الى قانون، فإنه سيتيح اطعام السجناء رغما عنهم مع مراعاة بعض المتطلبات والقيود. على سبيل المثال، فإن قرار تقديم الطعام او العلاج لمريض رغما عن اراداته يجب أن يتم بقرار من رئيس المحكمة المركزية أو نائبه، ولا يحق لأي مسؤول في مصلحة السجون ان يتخذ مثل هذا القرار بنفسه. كما يحق للسجين التمثيل في مثل هذه الحالة بواسطة محام خاص به أو باللجوء الى خدمات المحامي العام عند النظر في امره امام المحكمة.
يشار الى ان المحكمة لا يمكنها اصدار امر بتقديم الطعام بالقوة للمضربين عن تناوله، ولكن يمكنها اتاحة المجال امام القيام بذلك بأن تصرح بغياب الموانع عن القيام بذلك وترك الامر بيد مصلحة السجون التي ينبغي ان تعود قبل ذلك الى الطبيب في مثل هذه الحالة، للحصول على تصريح يمكنها من اللجوء الى هذا الأسلوب مع سجين بعينه.
المحاكم، وفقا لمشروع القانون، لا يمكنها السماح بإطعام السجين عنوة إلا إذا كانت حياته في خطر، وإذا كان هناك ما يكفي من الدلائل التي تشير الى الخطورة المترتبة على الاستمرار في الإضراب عن الطعام للسجين المذكور. وسيكون على المحكمة أن تأخذ في الاعتبار حالة السجين وأثر العلاج القسري عليه فضلا عن متطلبات مصلحة السجون الإسرائيلية واعتبارات الأمن القومي والعام.
طرق التغذية القسرية ..
وينص القانون على طريقتين للتغذية القسرية للسجين المضرب عن الطعام حين يتعثر تناول الطعام عن طريق الفم بالطرق المعتادة. عندها وبعد الرجوع الى الطبيب، يمكن اللجوء الى استخدام التغذية عبر الوريد او بواسطة استخدام أنبوب التغذية الذي يتم إدخاله عبر الفم حتى يصل الى المعدة. وينص مشروع القانون، على إن المحكمة مخولة عند اتخاذ قرارها، بالتدخل ايضاً في حال كان هذا يؤثر على نفسية السجين.
وزارة الامن الداخلي الإسرائيلية تبرر هذا القانون بانها لا تريد أن يموت السجناء نتيجة الإضراب عن الطعام وستعمل على تطبيقه في حال استنفاذ جميع البدائل الأخرى، و الاختيار ما بين موت الأسير أو تغذيته قسريا منعا لموته
اتحاد الأطباء الإسرائيلي يعارض القانون بشدة. ويقول الدكتور ليونيد ايدلمان رئيس اتحاد الأطباء في إسرائيل: “التقينا حول هذا الموضوع مع ممثلين عن وزارة العدل وعرضنا موقفنا امامهم بشكل واضح وهو نفس موقف اتحاد الأطباء العالمي. يجب حظر التغذية القسرية لأنها شكل من أشكال التعذيب والإهانة. اننا نعارض ذلك بكل الوسائل”.
تم تعديل بند رئيسي في القانون والمتمثل بتنفيذ التغذية القسرية فقط عندما تتهدد حياة الأسير المضرب عن الطعام بالخطر، كذلك لن يقوم الطبيب الاسرائيلي بالتغذية القسرية دون موافقته الشخصية، وللأسرى المضربين الحق في التعبير عن موقفهم أمام قاض اسرائيلي.
القانون يضع عدة شروط للقيام بهذا الإجراء حيث تتم التغذية بموجب أمر قضائي، وأن يقوم بهذه العملية طبيب.
قانون التغذية القسرية والقوانين الدولية…
تطبيق قانون التغذية القسرية يشكل خرقا للمواثيق الدولية، ومخالفة واضحة لإعلاني مالطا وطوكيو لعام 2006، وتعارض اللجنة الدولية للصليب الأحمر نظام الإطعام القسري، مشددة على ضرورة احترام خيارات المحتجزين، والحفاظ على كرامتهم الإنسانية، والذي يتفق مع موقف الجمعية الطبية العالمية في إعلاني مالطا وطوكيو عام 2006.
التغذية القسرية أو التهديد بها يعتبر أحد أنواع المعاملة القاسية والحاطة بالكرامة التي حظرتها اتفاقية مناهضة التعذيب، وجرمها القانون الجنائي الدولي، كما تمثل انتهاكاً لا يمكن تبريره لحرية المعتقلين الشخصية، وحقهم في سلامة جسدهم، وحقهم في الإضراب والاحتجاج. وقد ذهب إلى نفس الخلاصة كل من مقرر الأمم المتحدة الخاص بمناهضة التعذيب، ومقرر الأمم المتحدة الخاص بالحق في الصحة واللجنة الدولية للصليب الأحمر، مطالبين إسرائيل بعدم سن قانون التغذية القسرية
ومن الجدير بالذكر أن الأطباء العاملون في السجون الإسرائيلية لا يتبعون نقابة الأطباء الإسرائيليين، ولكن يتبعون فقط وزارة الصحة الإسرائيلية، والتي تعتبر أحد أبرز الداعمين لقانون التغذية القسرية. وبالتالي، فإن ما أعلنته نقابة الأطباء لا يمثل موقف أطباء السجون الإسرائيلية، بل أن متابعة المركز لأحوال المعتقلين الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية، ترجح تورط أطباء السجون في الكثير من الجرائم والمخالفات.
بالنهاية لو كانت السلطات الاسرائيلية قلقة فعلاً على صحّة الأسرى المضربين عن الطعام، كما تدعي، فإن الأجدر بها التوقّف عن الإهمال الصارخ للحاجات الطبيّة للأسرى الفلسطينيين في إسرائيل وتحسين احول اعتقالهم وتحقيق مطالبهم الانسانية . علما ان عددا من الأسرى الفلسطينيين – منهم محمد تاج، اكرم ريخاوي، ضرار أبو سيسي وكثيرون غيرهم، أضربوا عن الطعام بسبب الإهمال الطبي لحالاتهم ، و علينا بكل وضوح ان لا ننخدع بموقف نقابة الاطباء الإسرائيليين الرافضين تطبيق التغذية القسرية لأن النقابة ذاتها تسكت طيلة الوقت عن قيام أطباء في مصلحة السجون بتعذيب وسوء معاملة الأسرى الفلسطينيين، ولم يسبق أن قامت بردعهم عن ذلك او اتخذت اي مواقف قانونية بحقهم.
أ.نضال الفطافطة
منسقة إعلامية