
إسرائيل وسياسة بيع اﻷوهام
بقلم : جمال ربيع أبو نحل
دأبت حكومات الاحتلال الإسرائيلي على بث اﻷوهام وخاصة رغبتها بالسلام والتسوية .
بث اﻷوهام أو بيع اﻷوهام ، هو أحد ركائز السياسة الخارجية الإسرائيلية ، حيث تقدم نفسها للعالم بأنها تعانى من الكراهية ، وأن وجودها في خطر شديد ، وأن المحيط العربي والإسلامي يعمل ليل نهار ليفتك بها ويشطبها من الوجود ، وخلال مواسم تسويق اﻷوهام ، باتت أكبر قوة نووية في الشرق الأوسط ، وأصبحت تتربع على عرش أكبر ترسانة نووية بعد الدول النووية العظمى .
واحتلت إسرائيل مساحات شاسعة من اﻷراضى ، خلال عدة حروب شنتها ، وقامت بارتكاب المئات من المذابح والمجازر الوحشية ، واعتقلت عشرات اﻵﻻف من الفلسطينيين و العرب ، وغيرت معالم اﻷراضى التي احتلتها ، وفي أحيان كثيرة طمست معالمها التاريخية ، وقامت بسرقة اﻷراضى ، وبناء المستوطنات ، وعزلت المدينة المقدسة ، ومارست سياسة التطهير العرقي ، والتمييز العنصري ضد المواطنين الفلسطينيين ، وهجرت الملايين من الفلسطينيين .
كل الدلائل والقرائن تؤكد بأن إسرائيل ﻻ تبيع إلا أوهاماً ، حول رغبتها في السلام والاستعداد لعقد اتفاقيات تسوية ، دائمة أو مؤقتة مع الفلسطينيين ، ولقد روجت حكومة الاحتلال بعد العدوان اﻷخير ، أوهاماً بأنها ستوافق على إعادة بناء مطار غزة ، والسماح ببناء ميناء بحري يربط القطاع المحاصر بالخارج ، والموافقة على رسوا محطة توليد كهرباء تركية عائمة تمد القطاع بالكهرباء ، وسترفع الحصار ، وربما ستقبل بتحويل غزة ، من جحيم لا يطاق إلى سنغافورة الشرق الأوسط ، و بدأ البعض يتعامل مع هذه الوعود الإسرائيلية وكأنها واقع ﻻ محالة ، بينما حذرت قوى وجهات فلسطينية من خطورة الخطوة ، واعتبرتها مقدمة لسلخ قطاع غزة عن الوطن .
هـــذا التخوف مشروع ، حيث أن قطاع غـــزة والذي لا تتعدي مساحته 1.4% من مساحة فلسطين التاريخية ، و الذي يعتبر أكبر سجن بشري عرفته البشرية في العصر الحديث ، ويعاني القطاع من فقر كامل في الموارد الأساسية والحياتية ، وخاصة المياه ، وندرة اﻷراضى ، وتفشى الفقر والبطالة والحصار والإغلاق والعدوان الإسرائيلي .
أما المطار فلقد كان في القطاع قبل ذلك ودمرته إسرائيل بين عشية وضحاها ، وأما الميناء فهو أضغاث أحلام ، فلن تسمح إسرائيل بإقامته ، لما يشكل ذلك من قاعدة رئيسية لبناء الدولة ، والتحرر من التبعية للاقتصاد الإسرائيلي ، وأما ما ستقبل به إسرائيل من رفع للحصار ، فهو سيأتي في سياق جديد ظاهره إنهاء الحصار ، ولكن حقيقته إعادة إنتاج الحصار بمباركة وقبول فلسطيني ، يعفى المحتل من مسؤولياته المباشرة عن القطاع ، فإسرائيل توقع اتفاقاً بيد وتنسفه باليد الأخرى .
فجرائم الاحتلال والتي يطول حصرها ، وكان من أبرزها ، اختطاف وحرق الطفل محمد أبو خضير حتى الموت ، الصيف الماضي ، والتي كانت الشرارة ﻹندﻻع المواجهات ، واستغلتها إسرائيل ذريعة لشن عدوان على قطاع غزة في صيف 2014 ، وقيام عصابات المستوطنين الإجرامية بحرق عائلة الرضيع على دوابشة ، ستقسط هي وغيرها أي اتفاق تهدئة أو هدنة ، وستدفع كافة القوى الفلسطينية ، إما الإذعان لعنجهية الاحتلال وعصابات المستوطنين الفاشية ، أو الانخراط في جوﻻت ومواجهات أخرى .
ويكمن الحل في استعادة الوحدة الوطنية ، وإعادة بنائها على أسس راسخة وثابتة ، تضع مصالح الشعب الفلسطيني ، فوق جميع اعتبارات الفصائل ، ومصالح اﻷفراد ، ضمن إستراتيجية تتبنى تعزيز صمود المواطن في الوطن المحتل ، وإيلاء اهتمام أكبر بمعاناة الفلسطينيين في المنافي ، وإطلاق الحريات العامة وعدم تقييدها ، وإعادة بناء المؤسسات على أسس ديمقراطية ، والتداول السلمي للسلطة ، ونبذ سياسة التفرد والاحتكار ، ومكافحة ومحاربة الفقر والبطالة ، إستراتيجية تزاوج بين اﻹرادة والإدارة في إدارة مقدرات الشعب الفلسطيني في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي ، إرادة وطنية تعمل على إنهاء الاحتلال وتمكين الشعب من ممارسة كافة الحقوق المشروعة في الحرية والعودة والدولة ، وإلى مراجعة شاملة لتجارب الماضي ، وليس النوم في العسل ، والعيش في اﻷوهام .
بقلم : جمال ربيع أبو نحل
دأبت حكومات الاحتلال الإسرائيلي على بث اﻷوهام وخاصة رغبتها بالسلام والتسوية .
بث اﻷوهام أو بيع اﻷوهام ، هو أحد ركائز السياسة الخارجية الإسرائيلية ، حيث تقدم نفسها للعالم بأنها تعانى من الكراهية ، وأن وجودها في خطر شديد ، وأن المحيط العربي والإسلامي يعمل ليل نهار ليفتك بها ويشطبها من الوجود ، وخلال مواسم تسويق اﻷوهام ، باتت أكبر قوة نووية في الشرق الأوسط ، وأصبحت تتربع على عرش أكبر ترسانة نووية بعد الدول النووية العظمى .
واحتلت إسرائيل مساحات شاسعة من اﻷراضى ، خلال عدة حروب شنتها ، وقامت بارتكاب المئات من المذابح والمجازر الوحشية ، واعتقلت عشرات اﻵﻻف من الفلسطينيين و العرب ، وغيرت معالم اﻷراضى التي احتلتها ، وفي أحيان كثيرة طمست معالمها التاريخية ، وقامت بسرقة اﻷراضى ، وبناء المستوطنات ، وعزلت المدينة المقدسة ، ومارست سياسة التطهير العرقي ، والتمييز العنصري ضد المواطنين الفلسطينيين ، وهجرت الملايين من الفلسطينيين .
كل الدلائل والقرائن تؤكد بأن إسرائيل ﻻ تبيع إلا أوهاماً ، حول رغبتها في السلام والاستعداد لعقد اتفاقيات تسوية ، دائمة أو مؤقتة مع الفلسطينيين ، ولقد روجت حكومة الاحتلال بعد العدوان اﻷخير ، أوهاماً بأنها ستوافق على إعادة بناء مطار غزة ، والسماح ببناء ميناء بحري يربط القطاع المحاصر بالخارج ، والموافقة على رسوا محطة توليد كهرباء تركية عائمة تمد القطاع بالكهرباء ، وسترفع الحصار ، وربما ستقبل بتحويل غزة ، من جحيم لا يطاق إلى سنغافورة الشرق الأوسط ، و بدأ البعض يتعامل مع هذه الوعود الإسرائيلية وكأنها واقع ﻻ محالة ، بينما حذرت قوى وجهات فلسطينية من خطورة الخطوة ، واعتبرتها مقدمة لسلخ قطاع غزة عن الوطن .
هـــذا التخوف مشروع ، حيث أن قطاع غـــزة والذي لا تتعدي مساحته 1.4% من مساحة فلسطين التاريخية ، و الذي يعتبر أكبر سجن بشري عرفته البشرية في العصر الحديث ، ويعاني القطاع من فقر كامل في الموارد الأساسية والحياتية ، وخاصة المياه ، وندرة اﻷراضى ، وتفشى الفقر والبطالة والحصار والإغلاق والعدوان الإسرائيلي .
أما المطار فلقد كان في القطاع قبل ذلك ودمرته إسرائيل بين عشية وضحاها ، وأما الميناء فهو أضغاث أحلام ، فلن تسمح إسرائيل بإقامته ، لما يشكل ذلك من قاعدة رئيسية لبناء الدولة ، والتحرر من التبعية للاقتصاد الإسرائيلي ، وأما ما ستقبل به إسرائيل من رفع للحصار ، فهو سيأتي في سياق جديد ظاهره إنهاء الحصار ، ولكن حقيقته إعادة إنتاج الحصار بمباركة وقبول فلسطيني ، يعفى المحتل من مسؤولياته المباشرة عن القطاع ، فإسرائيل توقع اتفاقاً بيد وتنسفه باليد الأخرى .
فجرائم الاحتلال والتي يطول حصرها ، وكان من أبرزها ، اختطاف وحرق الطفل محمد أبو خضير حتى الموت ، الصيف الماضي ، والتي كانت الشرارة ﻹندﻻع المواجهات ، واستغلتها إسرائيل ذريعة لشن عدوان على قطاع غزة في صيف 2014 ، وقيام عصابات المستوطنين الإجرامية بحرق عائلة الرضيع على دوابشة ، ستقسط هي وغيرها أي اتفاق تهدئة أو هدنة ، وستدفع كافة القوى الفلسطينية ، إما الإذعان لعنجهية الاحتلال وعصابات المستوطنين الفاشية ، أو الانخراط في جوﻻت ومواجهات أخرى .
ويكمن الحل في استعادة الوحدة الوطنية ، وإعادة بنائها على أسس راسخة وثابتة ، تضع مصالح الشعب الفلسطيني ، فوق جميع اعتبارات الفصائل ، ومصالح اﻷفراد ، ضمن إستراتيجية تتبنى تعزيز صمود المواطن في الوطن المحتل ، وإيلاء اهتمام أكبر بمعاناة الفلسطينيين في المنافي ، وإطلاق الحريات العامة وعدم تقييدها ، وإعادة بناء المؤسسات على أسس ديمقراطية ، والتداول السلمي للسلطة ، ونبذ سياسة التفرد والاحتكار ، ومكافحة ومحاربة الفقر والبطالة ، إستراتيجية تزاوج بين اﻹرادة والإدارة في إدارة مقدرات الشعب الفلسطيني في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي ، إرادة وطنية تعمل على إنهاء الاحتلال وتمكين الشعب من ممارسة كافة الحقوق المشروعة في الحرية والعودة والدولة ، وإلى مراجعة شاملة لتجارب الماضي ، وليس النوم في العسل ، والعيش في اﻷوهام .