الأخبار
الاحتلال يستدعي 15 محامياً للتحقيق لمشاركتهم في انتخابات النقابةفلسطين تقدم أول سفير لها لدى "الكاريكوم"البايرن يتلقى ضربة قوية.. الكشف عن حجم إصابة موسيالا ومدة غيابهصحيفة: إيران ضربت خمس منشآت عسكرية إسرائيلية بشكل مباشر خلال الحربريال مدريد يكمل المربع الذهبي لكأس العالم للأنديةفقه التفاوض الإسرائيليّ: من أسطرة السياسة إلى الابتزاز المقدس"الإعلامي الحكومي" بغزة: مؤسسة غزة الإنسانية متورطة في مخطط تهجير جماعي لسكان قطاع غزة(حماس): يجب أن يكون ضمانات حقيقية من الإدارة الأميركية والوسطاء لسريان وقف النارارتفاع حصيلة الشهداء في قطاع غزة إلى 57.418إسرائيل تقر مشروع قانون يمنع توظيف المعلمين الذين درسوا في جامعات فلسطينيةمستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى بحماية مشددة من قوات الاحتلالعائلات أسرى الاحتلال تطالب الوفد بتسريع إنجاز الصفقة خلال هذا الأسبوعنعيم قاسم: لن نكون جزءاً من شرعنة الاحتلال في لبنان ولن نقبل بالتطبيعفتوح: تهجير عشرات العائلات من عرب المليحات امتداد مباشر لسياسة التطهير العرقي والتهجيرالنيابة والشرطة تباشر إجراءاتهما القانونية في واقعة مقتل شابة في مدينة يطا
2025/7/6
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

الانزلاق التركي بقلم:د. عز الدين أبو صفية

تاريخ النشر : 2015-08-13
الانزلاق التركي بقلم:د. عز الدين أبو صفية
الانزلاق التركي:

لم تعد الدولة التركية مركز جذب سياسي وسياحي بعد أن أدت سياسة أردوغان وحزبه (العدالة والتنمية) إلى الزج بتركيا في أتون الصراعات الداخلية في الشرق الأوسط محولةً إياه إلى شرق أسود نتيجة للسياسة الخرقاء التي تتبعها الحكومة التركية المراهقة سياسياً حيث أدت هذه السياسة إلى تهشم سياستها الخارجية وعلاقاتها الدولية مع كثير من الدول العربية نتيجة انزلاقها في تحالفات تآمرية ثبت ويثبت حتى الآن فشلها، فهي لم تترك مجالاً تآمرياً ضد الدول العربية المركزية إلا وخاضته وتظهر نفسها بأنها الحريص الأكبر على الإسلام والحركات الإسلامية المدموغة بالإرهاب والتي تُجند ضد الدول العربية المركزية والتي ينظر إليها بأنها تشكل خطراً قائماً أو محتملاً على الكيان الصهيوني (إسرائيل)، وتهدف تركيا من وراء ذلك ليس مساعدة تلك الحركات في دعمها ضد أنظمة الدول العربية المستهدفة بل لتمكينها من السيطرة على سدة الحكم فيها حتى تتمكن من تحقيق هدفين:

·        الهدف الأول: تحقيق الانفراد والهيمنة في المنطقة وأن تصبح محور أيّ عملية سياسية تمكنها من لعب دوراً سياسياً مؤثراً يعزز من مكانتها الإقليمية،  ولذلك:

 أ- كان موقفها الداعم لحركة الإخوان المسلمين في جمهورية مصر العربية ضد نظام الحكم فيها ووقفت موقفاً عدائياً من نظام الحكم ولم يقتصر ذلك الموقف على السرية بل أخذ مواقفاً علنية يجهر بها الصف الأول من السياسيين في تركيا مما أدى إلى شبه قطيعة بين تركيا ومصر وكان من مظاهر تلك القطيعة تجميد كثيراً من الاتفاقيات بين الدولتين إن كانت اقتصادية أو ثقافية أو حتى تجارية وسياحية.

ب- موقفها المتطابق مع السياسة والأهداف الأمريكية بإنهاء وجود النظام السياسي السوري وتمكين قوى سياسية وعسكرية وإسلامية مصطنعة تمكينها من الوصول لسدة الحكم في سوريا وتطابق ذلك مع الموقف الإسرائيلي – بهدف إنهاء النظام السوري وتفتيت الجيش العربي السوري الأول بما يخدم المصالح الأمنية لإسرائيل والتي نسجت علاقات شبه إستراتيجية مع القوى المعارضة للنظام فقدمت لهم الدعم المادي والعسكري والطبي ولاستخباراتي بل شاركتهم في حربهم ضد النظام من خلال الغارات الجوية للطيران الحربي الإسرائيلي على مواقع الجيش السوري وعلى الوحدات التي تتقدم على الجبهات الجنوبية في الجولان السوري بهدف تخفيف الضغط عن قوات المعارضة التي فتحت لجرحاهم جميع مستشفيات الشمال الإسرائيلي للعلاج، وغير ذلك من الدعم الإسرائيلي لهم من تزويدهم بالسلاح وحتى من المتطوعين للقتال معهم وإدخالهم مع أسلحة ثقيلة وذخائر مدفوع ثمنها من دولة قطر وذلك عبر بوابات الحدود السورية الإسرائيلية.

ج- فتح البوابات الحدودية التركية السورية وتسهيل تدفق المجلوبين من أوروبا ودول عربية أخرى للقتال ضد النظام السوري من خلال داعش والنصرة والجيش الحر وعشرات المسميات لمقاتلي جيوش وهمية بمسميات إسلامية، كما يسمح بإدخال كميات هائلة ومتنوعة من السلاح الثقيل لكافة التيارات المتعسكرة في سوريا تحت ذريعة مقاتلة النظام السوري وقد يكون الدعم الأكبر كان يوجه إلى تنظيم داعش والذي يلقى الدعم غير المحدود من قبل النظام التركي بهدف تكوين جبهة قوية سنية ضد المد الشيعي الإيراني المنفلت من عقاله تجاه العراق وسوريا ولبنان ومن ثم إلى جنوب الوطن العربي (الجزيرة العربية)، وأيضاً استخدام تنظيم داعش ووقت الحاجة لضرب المعارضة التركية بكافة أطيافها، وهذا ما حدث ويحدث الآن حيث يشن الجيش التركي الأردوغاني حرباً شعواء على حزب العمال جنوب شرق تركيا ذات الأغلبية الكردية والمعارضة لسياسة الحكومة التركية التي تتخذ من إعلانها الحرب على داعش غطاءً لإكمال وتثبيت مخططها القديم الحديث بعدم السماح للأكراد بإقامة كياناً سياسياً لهم على الأراضي التركية أو حتى على الأراضي العراقية أو السورية، لذا دعت الأكراد السوريين الوطنيين للتخلى عن النظام السوري حتى يسلموا من الحرب الدائرة في الجنوب التركي والموجه أصلاً ليس ضد داعش بل لكل معارضي النظام التركي، لا سيما وأن النظام التركي يواجه معارضة شاملة من أكراد وسنة وأتراك وتنشط هذه المعارضة في الداخل التركي وفي مدنه الرئيسية وتستخدم ضد المعارضين وسائل قمع كبيرة متهمة مخابرات الدول التي عملت تركيا ضدها (كمصر والعراق وإيران وسوريا) بالنشاط في الساحة التركية ودعم المعارضة بكل الوسائل التي تمكنها من التأثير على الحكومة والسياسة التركية.

د- أدت السياسة التركية الخرقاء إلى انزلاق تركيا في مستنقع الصراعات المتصاعدة في بلاد الشام ( سوريا والعراق ولبنان) وقد أدى هذا الانزلاق إلى التدخل المباشر في الصراع الداخلي السوري أو بالأحرى في منطقة الحظر الروسي مما دفع بروسيا توجيه رسائل تهديد مباشرة لتركيا عبر الرئيس بوتن عند استدعائه للسفير التركي في روسيا وطلب منه إخبار قادته عن الموقف الذي قد تتخذه روسيا والذي قد يؤثر على بقاء تركيا كدولة مستقلة إذا ما تجاوزت الخطوط الحمر في سوريا، كذلك تهديدات أخرى على لسان كبار القادة العسكريين الروس وخاصة قائد وحدات الإنزال الذي تحدث عن جاهزيته لتنفيذ الأوامر فور صدورها له بالعمل داخل الساحات والمساحات الجغرافية التي تحددها قيادته له، إضافة إلى ذلك التحركات البحرية للبوارج الروسية وتأهبها لأيّ سيناريو محتمل في المنطقة.

كل ذلك أربك تفكير ومخططات أردوغان وأصبح يتخبط سياسياً وانطلق إلى مربع جديد وهو مربع عدم السيطرة على التطورات السياسية والأمنية في المنطقة والتي بدء تظهر بوادره من خلال عدم الاستقرار الداخلي وعلى حدودها الجنوبية بالكامل لذا اتجهت لما كانت تحاول تجنبه وهو الطلب المباشر وبشكل غير معلن من الولايات المتحدة الأمريكية لمساعدتها لحمايتها من أيّ تداعيات غير واقعة في الحسبان، وعلى الفور قامت الولايات المتحدة بنشر عشرات المقاتلات من F16  في قاعدة انجرلك على الأراضي التركية وسمحت بعمليات عسكرية أمريكية تنطلق منها ضد سوريا (تحت ذريعة ضرب تنظيم داعش ومنع تمدده).

ومن هنا يمكننا القول بأن تركيا قد انزلقت بشكل كامل إلى الرمال السورية المتحركة فأصبحت تتخبط في سياستها وانتقلت من حالة الأمل الكبير في تنفيذ هدفها الأول إلى حالة حماية نفسها وحدودها ووجودها من تطورات الصراع الذي بدء يأخذ شكل صراع تجاوز حدود الإقليمية بدخول روسيا وأمريكا بشكل شبه مباشر على خط الصراع.

·        الهدف الثاني:  السعي إلى تشكيل تحالف سني من كل من (السعودية وحركة الإخوان المسلمين وجميع القوى الإسلامية بمختلف مسمياتها والعاملة في كافة الساحات في الوطن العربي والإسلامي بما فيها حركة حماس)، وقد أخذ هذا التوجه عدة أشكال تمثلت في:

أ‌-     عدم جدية تركيا في ضرب داعش حليفها الأساسي في المنطقة واستخدامه فزاعة وقوة مواجهة ضد التمدد الشيعي (أو ضد الشيعة بشكل عام) فأطلقت يداه في كل من دول الخليج من خلال التفجيرات الانتحارية في مساجد الشيعة لتأجيج الصراع السني الشيعي لحشد الطاقات السنية ضد التمدد الشيعي المنفلت العقال إلى جنوب السعودية والمتمثل في التمرد الشيعي الحوثي في اليمن، وقد دفع ذلك بالسعودية لتشكيل تحالفاً لضرب ذلك التمرد من خلال ما أعلن عن بدء عمليات عاصفة الحزم محاولةً تشكيل تحالف ضم إليها معظم دول الخليج وعملت على جذب مصر لهذا التحالف العسكري وإن كانت مصر قد شاركت في ضرب بعض الوحدات العسكرية الحوثية إلا أنها وبعد أن ظهر للعيان أن الهدف السعودي لم ينحصر في إعادة الشرعية لليمن فقط بل هو بداية تشكيل تحالف عسكري قوي ضد التمدد الشيعي ويضم تركيا إليه والتي على خلاف سياسي عميق مع مصر أخذت الأخيرة موقفاً متراخياً من ذلك التحالف الذي لا يهدف لحماية الأراضي السعودية والخليجية بل تجاوزه إلى تحقيق رغبات وأهداف تركية وأمريكية.

ب‌-فشل تركيا في الاستمرار بجذب حركة حماس (من خلال المساعدات المالية والسياسية لها) إلى التحالف السني المنوي تشكيله، وقد تجلى ذلك في موقف حركة حماس عند دعوة رئيس الحركة السيد خالد مشعل من قبل الملك السعودي لزيارة السعودية وفشل الأخير في إقناعه بالانضمام لهذا التحالف المنوي تشكيله ضد المد الشيعي الإيراني في المنطقة وعندما فشلت الزيارة وحتى تستر السعودية عورة فشل مباحاثاتها مع مشعل أعلنت أن زيارته لم تكن زيارة رسمية وإنما هي لأداء مناسك العمرة.

وأيضاً في إطار السعي التركي السعودي لتشكيل ذلك التحالف استدعت السعودية رئيس حركة الإخوان المسلمين في اليمن لذات الهدف ولكن لم تسفر اللقاءات معه عن أية نتائج معتبراً أن الصراع داخل اليمن هو صراع داخلي بين قوى سياسية معارضة لنظام الحكم وأنهم كحركة إخوان مسلمين في اليمن هم ضمن النسيج الاجتماعي السياسي اليمني وأنهم ليسوا بصدد فتح صراعات سنية شيعية وأنهم يعملون على إخمادها وليس تأجيجها.

هنا انتهى الموقف وأصبحت تركيا تتخبط في المستنقع الذي انزلقت إليه وبدأت تستشعر الخطر المحدق بها والمتمثل في جوانب عدة أهمها:

1-  هزيمة حزب العدالة والتنمية الأردوغاني في الانتخابات التركية الحديثة أدى إلى تراجعه وتوقف جميع مشاريعه السياسية والتوسعية ومخططاته ضد سوريا.

2-  تصاعد نشاطات القوى المعارضة للحزب والحكومة التركية والتصادم معها من خلال المظاهرات المعبرة عن حالة الرفض لاستمرارها في الحكم وكذلك تصاعد الصراع مع الأكراد الأتراك واستخدام القوة المفرطة معهم ومع المعارضين الآخرين.

3-  انقلاب الموقف الداعشي وتحوله ضد النظام التركي بعد إقدام الأخير على إغلاق الحدود والبوابات الحدودية المفتوحة أمام إدخال المتطوعين والسلاح والمال لداعش وقد زاد ذلك من تخبط السياسة التركية في المنطقة وأدى ذلك بدفعها بعشرات المدرعات والفرق العسكرية إلى الحدود مع سوريا وبدء تكريس جهودها السياسية والأمنية لإيجاد منطقة في الشمال السوري محظور على الطيران السوري دخولها بهدف تشكيل حماية لقوى المعارضة السورية لتمكينها من تشكيل منطقة فاصلة بينها وبين النظام السوري وحلفائه من الأكراد الوطنيين السوريين، والقوات الداعشية الخارجة حالياً عن بيت الطاعة التركي.

4-  نشاط مخابرات العديد من الدول في الساحة الداخلية التركية ولعبها على وتر القلاقل الأمنية لزعزعة أردوغان وحزبه وحكومته وتنشط الآن في هذه الساحة جميع أجهزة مخابرات الدول التي ليست فقط على خلاف معها في الإقليم بل تجاوز ذلك إلى ما بعد حدود الإقليمية.

لذا فإن تركيا في وضع سياسي وأمني لا تحسد عليه وأن أيّ تطور عسكري خارج عن حدود الإقليمية قد يؤدي إلى تقسيمها وإنهاء نظامها السياسي الهش في ظل فشل الحزب الإسلامي الحاكم في جميع سياساته الاقتصادية والتنموية والأمنية والأخلاقية ومحاربة الفساد وأيضاً التآمرية خاصة بعد انكشاف عورة علاقاته الإستراتيجية التآمرية مع كل من الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل، والمكروهين من الوسط العربي بشكل عام.

د. عز الدين أبو صفية

13/8/2015

 
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف