الأخبار
إسرائيل تقر مشروع قانون يمنع توظيف المعلمين الذين درسوا في جامعات فلسطينيةمستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى بحماية مشددة من قوات الاحتلالعائلات أسرى الاحتلال تطالب الوفد بتسريع إنجاز الصفقة خلال هذا الأسبوعنعيم قاسم: لن نكون جزءاً من شرعنة الاحتلال في لبنان ولن نقبل بالتطبيعفتوح: تهجير عشرات العائلات من عرب المليحات امتداد مباشر لسياسة التطهير العرقي والتهجيرالنيابة والشرطة تباشر إجراءاتهما القانونية في واقعة مقتل شابة في مدينة يطاالغرفة المشتركة لفصائل المقاومة: ياسر أبو شباب وعصابته خارجون عن الصف الوطني ودمهم مهدور(القناة 12) الإسرائيلية: (كابينت) يصادق على إدخال المساعدات لجميع أنحاء قطاع غزةالحوثيون يعلنون استهداف مطار "بن غوريون" بصاروخ باليستي فرط صوتيشاهد: خامنئي يظهر علنا لأول مرة منذ الحرب الإسرائيلية على إيرانمؤسسة هند رجب: الحكومة الإسرائيلية تخصص موارد كبيرة لإيقاف عملناالرئيس اللبناني: لن يكون في جنوب البلاد قوة مسلحة غير الجيشإعلام إسرائيلي: عملية (عربات جدعون) مُنيت بفشل ذريع"الأغذية العالمي" يدعو لفتح مزيد من الطرق الآمنة في قطاع غزةالاحتلال يعلن اعتراض صاروخ من اليمن بعد دويّ صفارات إنذار
2025/7/6
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

نحو التطوير الإستراتيجي لمنظومة الفساد(2) درجات الفساد، بقلم: مصطفى عبيد

تاريخ النشر : 2015-08-12
نحو التطوير الإستراتيجي لمنظومة الفساد (2)
درجات الفساد

بقلم: مصطفى عبيد
11 أغسطس، 2015

بالرغم من أن انتشار الفساد الإداري في المؤسسات العامة أو حتى الخاصة في المجتمعات النامية حتى أصبحت مسألة روتينية اعتيادية يشارك فيها ويغذيها جزء كبير من الأفراد في تلك المجتمعات وتسبب الأرق والإحباط للغالبية العظمى من المواطنين الشرفاء فيه، ذلك الإحباط الذي قد يساهم في إضعاف منظومة الاقتصاد والإنتاج بكافة الأشكال وبطريقة تسبب خسائر تقدر بأضعاف ما يتم خسارته نتيجة الفساد نفسه، إلاّ أن التحرك الجماهيري الذي قد يصل إلى حد الثورة ضد الفساد لا يظهر إلاّ إذا توفرت سمة خفية تتواجد في الفساد القائم فعلاً، سمة تجعلهم أكثر رغبة في إنهاء الفساد واجتثاثه من المجتمع، فهي مؤثرة في نفس المواطنين للدرجة التي تصبح وكأنها هي القشة التي قسمت ظهر البعير، ألا وهي الخروج عن حجم الفساد المألوف والمقبول اقتصادياً واجتماعياً بالمقادير والدرجات التي تتناسب مع موقع وحجم كل فاسد في المجتمع!

فالمواطن البسيط ينظر لمظومة الفساد وكأنها منظومة اقتصادية اجتماعية دقيقة ومنظمة ويجب أن تكون منصفة لكل فئات وشرائح الفاسدين، وهو يؤمن بأن الناس درجات وأنه لا يجب أن يتعدى طموح الفاسد حجمه الطبيعي أو درجته على السلم الوظيفي في المجتمع الإداري، فشرطي المرور، مثلاً، له تسعيرة، محددة بسقف أعلى، لتمرير مخالفة الوقوف في الممنوع والمواطن قد يقبل بدفعها طوعاً لأنه يشعر به وبحاجته، بشرط أن لا تتعدى تلك التسعيرة السقف المحدد لها، وهكذا لكل فئة أو درجة من الفاسدين، هناك دوما حداً أعلى مسموح به يتناسب مع درجات كل منهم ومواقعهم الوظيفية، فكلما ارتفعت درجة الفاسد يحق له المزيد، ولا يجوز، بنظر المواطن البسيط، أن يتعدى الفساد الحدود العليا لكل درجة أو مستوى إداري.

والحل الأمثل لتطوير منظومة الفساد والحفاظ عليها من المخاطر التي تهدد وجودها ولضمان استدامتها في المجتمع دون إثارة الرأي العام، الذي يسمح بوجود الفساد بحسب درجات معينة وحدود عليا تتناسب مع حجم كل فاسد، هي أن يتم إعادة هندسة وتخطيط منظومة الفساد لتكون منصفة وعادلة من منظور اجتماعي اقتصادي، وتتناغم وتتوافق مع ما يؤمن به المواطن البسيط حسابياً، بحيث يتم التعميم على الفاسدين، سراً، بعدم تخطي حدود الفساد المسموحة والمعقولة، ليس حرصاً على المال العام وإنما حرصاً على استمرارية منظومة الفساد برمتها وعدم إثارة الرأي العام ضدها ومن ثم الإقدام على اجتثاثها، وهناك أمثلة كثيرة على تخطي الحدود العليا لدرجات الفساد لكل الدرجات، كأن يتم توريث منصب الإدارة لابن المدير، بخاصة إذا كان سنه صغير نسبياً مقارنة مع غيره من المستحقين، أو حتى الطامحين، لتلك المناصب، فهذا أمر مُثير وقد لا تُحمد عقباه في مثل تلك المجتمعات التي تتغاضى عن الفساد عندما يكون وفق درجات محددة ومعقولة ومقبولة اجتماعياً، أو على أقل تقدير غير ظاهر للعيان!

ولكي تكتمل أركان هذه المقالة، المعنونة بطريقة صحفية استفزازية جاذبة، والقابلة للانتشار ربما بشكل أكبر مما لو كانت بعنوان مختلف وطريقة سرد أكثر تعبيراً عن مضمونها، فإنه يقتضي الإنصاف أن نهمس للمواطن البسيط وللحكومات والسلطات والقادة الشرفاء الذين ارهقتهم منظومة الفساد في مجتمعاتهم ولم يجدوا حلاً جذرياً لها أو طريقة مضمونة لاجتثاثها، أنه يمكن التغلب عليها من خلال الوصفة السحرية التي تؤدي لخلخلة وإفساد عدالتها الاقتصادية الاجتماعية المحافظة على وجودها، وهي أن يتم سن وإقرار وتطبيق القوانين واللوائح بطريقة معاكسة لتلك العدالة، بحيث تمكّن تلك القوانين موظف أي درجة إدارية من الحصول على مكافأة مالية وإدارية عندما يساهم في كشف جريمة فساد معينة في موقع عمله، إضافة لتوفير الحماية القانونية له، كما ينبغي أن تكون تلك المكافأة أكبر من التي يمكن أن يحصل عليها موظف في درجة أعلى منه عند كشفه لنفس الجريمة، الأمر الذي يؤدي بالنهاية إلى تجييش كل الموظفين ليكونوا ضد الفساد بشكل أو بآخر من بداية السلم الوظيفي في أية مؤسسة حفاظاً على المال العام الذي سيكون لهم نصيباً فيه وفق هذه الوصفة.

يبقى أن نتوقع لهذه الوصفة أن تعيد تصحيح ثقافة المجتمع بأكمله، والذي ظل يتغاضى عن الفساد طالما أنه مُنصف من منظور اقتصادي اجتماعي، كما أنها ستجعله يعيد النظر في احترامه وتقديره لصغار الموظفين والمرؤوسين من ذوي التسعيرة المحددة بالسقف الأعلى، والذين سيمتلكون عندئذٍ زمام الأمور ويصبحون سبّاقين لكشف أية جرائم فساد قبل غيرهم من زملائهم أو رؤسائهم من المستويات الإدارية الأعلى، ومن ثم يكسبون احترام المجتمع إضافة لكسبهم المال الحلال الذي سيفوق الحد الأعلى المقرر لهم في حالة تغاضيهم عن تلك الجرائم، ويتم اجتثاث منظومة الفساد من جذورها تدريجياً وتأخذ العدالة مجراها ولكن هذه المرة من منظور اقتصادي اجتماعي وقانوني وأخلاقي بحق الدولة والموظف والمجتمع برمته.
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف