الأخبار
(حماس): قدمنا رداً إيجابياً وجاهزون للدخول فوراً في مفاوضات حول آلية التنفيذلماذا على حماس أن توافق لا أن تناور؟(أونروا): الناس يسقطون مغشياً عليهم في غزة من شدة الجوعفلسفة المصلحةقناة إسرائيلية: جدال كبير بين نتنياهو وقيادة الجيش حول استمرار العمليات العسكرية في غزةغزة: 138 شهيداً و452 جريحاً غالبيتهم من طالبي المساعدات في آخر 24 ساعة(رويترز): مصرفان عالميان يرفضان فتح حسابات لـ"مؤسسة غزة الإنسانية"كاتس: الجيش الإسرائيلي يعد خطة لضمان ألا تتمكن إيران من العودة لتهديدناترقُّب لرد حماس.. وإعلام إسرائيلي: ترامب قد يعلن الاثنين التوصل لاتفاق بغزة(فتح) ترد على تصريحات وزير الصناعة الإسرائيلي الداعية لتفكيك السلطة الفلسطينية30 عائلة تنزح قسراً من تجمع عرب المليحات شمال أريحا بفعل اعتداءات الاحتلال ومستوطنيهمقتل جنديين إسرائيليين وإصابة اثنين آخرين بجروح خطيرة في معارك قطاع غزة20 شهيداً في غارات للاحتلال على مواصي خانيونس وحي الصبرة بمدينة غزةغوتيريش: آخر شرايين البقاء على قيد الحياة بغزة تكاد تنقطعترامب وبوتين يبحثان الحرب في أوكرانيا والتطورات بالشرق الأوسط
2025/7/5
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

أسئلة في الصحافة الثقافية بقلم:عمار جمهور

تاريخ النشر : 2015-08-06
أسئلة في الصحافة الثقافية بقلم:عمار جمهور
عمار جمهور

أسئلة في الصحافة الثقافية

أدوات الإعلامي هي ذاتها، لا تتغير من حقل لآخر، إلا أن الاهتمامات الإعلامية والصحفية تختلف من إعلامي لآخر، وتبقى الأدوات ذاتها يستخدمها وقت ما يشاء لسبر غور القضايا المجتمعية، والثقافية، والسياسية، والاقتصادية، والرياضية. وتعتبر تجربة الصحافة الثقافية الفلسطينية تجربة معقولة، بالرغم من كونها باهتة وسطحية في بعض الأحيان.

ويلعب الذوق العام دورًا جوهريًّا في فرض طبيعة التغطية الإعلامية ومضمونها، في ظل غياب توجه سياساتي ناظم وموجه لماهية التغطية المطلوبة، فالاهتمام الشعبي الجارف يتجه نحو القضايا السياسية، التي تشكل أجندة الرأي العام وتتحكم باتجاهاته، نتيجة لعدد من العوامل المرتبطة بالاحتلال والانقسام وإشكاليات المرحلة السياسية ككل.

فرض الواقع السياسي ذاته على الإعلامي الفلسطيني للأسباب المذكورة وغيرها، ولكن ذلك لم يمنع ظهور إعلام  ثقافي فلسطيني، معتمدًا في ذلك على أدب المقاومة، وما ارتبط بها من ثقافة خاصة وفنون ارتبطت بها شكلاً ومضمونًا، فيما لعب الإعلام الحزبي دورًا رياديًّا في توثيق هذه الفنون وحمايتها، بالإضافة إلى أدب السجون الذي كان له حضوره وتجلياته الثقافية والإعلامية. وقد لعب الإعلام، كما الثقافة بكل محتوياتها، دورًا رياديًّا ملتزمًا تجاه الوطن والقضية، ونشأ في سياق الحركة الوطنية وواكب نجاحاتها وإخفاقاتها. 

وفي واقعنا الحالي، تعاني الصحافة الثقافية، كغيرها من المجالات الإعلامية الأخرى، من مشاكل عدة، أبرزها غياب السياسة الثقافية الواضحة في نوعية النشاطات الثقافة التي نريد، وافتقارها للرؤية المنشودة، فقد يكون من الأهمية بمكان إعادة إحياء أدب السجون والحفاظ عليه وتمجيده، أو التوجه نحو تشييد المسارح ودور السينما في كافة المدن الفلسطينية، وغيرها من الاهتمامات. ولكن السؤال الجوهري يتمحور حول شكل الثقافة ومضمونها الأسمى فلسطينيًّا، فهل المطلوب الآن دعم الثقافة كموروث والإنجاز الثقافي، أم الاكتفاء بالحفاظ على المقتنيات الثقافية الحضارية؟ هل نريد منتجًا ثقافيًّا يدر ربحًا ماديًّا، أم معرفة فكرية وحضارية؟ فما هو مبرر غياب الرؤية والفلسفة التوجيهية والسياساتية لماهية التميز الثقافي الفلسطيني المنشود مستقبلاً؟ -إن وجد المبرر أصلاً-، ومن هو الموجه والمسؤول عن ذلك؟

التساؤلات مشروعة وقد تكون محقة، فالبرغم من وجود تجارب نجاح فردية على صعيد الشعر، والرواية، والفن، والموسيقى.. إلخ، إلا أن التجربة الثقافية الفلسطينية تفتقد النجاح الجماعي في ظل الانهزام السياسي والركود الاقتصادي وانهيار المنظومة القيمية وتآكلها. ولعله من الضروري الآن فتح نقاش مجتمعي عريض بشأن الأسئلة المطروحة قبل الولوج إلى مناقشة دور الإعلام الثقافي ومهمته، لأن المعضلة الأساسية تتمثل في عدم الإدراك الواعي لطبيعة هذه المرحلة التي اختلط فيها النضال ومحاولة الانعتاق من الاحتلال، بالبناء المؤسساتي والتوجه الديمقراطي نحو الدولة. وما دامت هذه الورطة الفكرية تتأرجح بين داعمين ورافضين، وانعكاساتها ستبقى جلية على الصحافة الثقافية، التي تعتبر بالأساس انعكاسًا لما يدور في المجتمع من مخاض عسير. 

تحتاج الصحافة الثقافية لمراجعة وتقييم على المستوى الجمعي شكلاً ومضمونًا، في ظل عدم حسم القضية الأم المرتبطة بالثقافة ذاتها والهوية الوطنية والثقافية، وبالرغم من كونها تلعب دورًا ناقدًا وموجهاً، إلا أنه لا يمكن تحميلها مسؤولية ما لا سلطة لها عليه، فالثقافة ذاتها التي أعاد النظام المجتمعي تشكيلها وتكوينها في سياقات متشابكة ومعقدة، صارت عبارة عن إفرازات مرحلية مرتبطة بطوبغرافيا المكان، حيث تنتج المعرفة مكانيًّا وليس فكريًّا، بسبب التركيز على إنتاج الثقافة وليس جوهرها.

الصحافة الثقافية يجب أن يكون لها دور موجه بعيد عن النفاق الإعلامي والمجاملة المجتمعية التي قد تؤثر على الثقافة ذاتها، التي باتت لا تحتمل كثيرًا من المراءاة والمغالاة، وبالرغم من  واجبها في تحدي الاستعلائية الفكرية، التي فرضت توجهاتها بعيدًا عن روح المجتمع الأصيلة، وقدمت عملاً على آخر لمجرد ارتباطه بشخص وليس بفكرة، فامتلاك المعرفة كمنظومة شاملة في نفي وجود الفعل الثقافي الحداثي في المجتمع الفلسطيني، وقطع الطريق على أية محاولة قد تحتاج إلى مؤازرة ومساندة لكي تنضج.

تلتزم الصحافة الثقافية بتغطيتها للأحداث والنشاطات والفعاليات الإبداعية تجاه المجتمع وقضاياه وهمومه ومعاناته وآماله وطموحاته الثقافية والقيمية، كما أنها تلتزم تجاه المواطنين لتقديم  الأفضل والأجود، وأن تتصدى للرديء وتحدّ من إمكانية وصوله للجمهور العريض الذي بات يمتلك ذائقة حسية للتمييز بين ما يُقرأ وما لا يُقرأ، وما يُشاهد وما يجب ألا يُشاهد. والمثقف كذلك ملتزم أيضا، وتقع على عاتقه مسؤولية اجتماعية وأخلاقية تجاه جمهوره، كما الوسيلة الإعلامية، التي تساهم في تكوين الذائقة الجمالية، عبر انتقائه لما يقدم للجمهور في ظل تزايد الكم المعلوماتي بفعل الشبكة العنكبوتية، وما ارتبط بها من مواقع التواصل الاجتماعي، بالإضافة إلى التزامه كمثقف عضوي تجاه قضايا شعبه وهموم قضيته.

الدور النقدي يهدف بالضرورة إلى تطوير التجربة وصقلها، وتسليط الضوء على عوامل النجاح، وتقديم الأعمال المبدعة للناس ودفن الرديء، ووضع حد للقبح الثقافي، وكسر التكلس الفكري، وبناء أرضية صلبة لخلق حوار ثقافي مستند على فعل ثقافي له أبعاده ودلالاته.

من الأهمية بمكان إيجاد البيئة المناسبة والمواتية لاحتضان التجارب الثقافية في محاولة لخلق إعلام ثقافي جدي له مهمته وأدواره الريادية في ظل ضبابية الرؤيا وغياب الحوار المجتمعي الجاد بشأن تعريف الثقافة ذاتها شكلاً ومضمونًا، وما يترتب على طبيعة هذا النقاش من انعكاسات على الهوية الثقافية والوطنية الجمعاء، ناهيك عن غياب مؤشر سياساتي واضح من قبل الأحزاب السياسية ومؤسسات المجتمع المدني والحكومة بكافة مؤسساتها -إلا ما ندر- بشأن طبيعية وشكل التوجهات الثقافية المنشودة. 
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف