الأداء الفلسطيني فارغ وخيالي بقلم : حماد صبح
يتصف الأداء الفلسطيني الرسمي بصفتين أساسيتين حاكمتين له في كل مجالاته . الأولى : تركيزه على الخارج لا الداخل ، والثانية : الوعود بتحسن كل شيء مستقبلا ، قريبا أو بعيدا حسب نوعية الموعود به . في الصفة الأولى تركز السلطة أو منظمة التحرير أو "دولة فلسطين " ، لا يهم المسمى ، كل نشاطها السياسي على الخارج . تجري وراء مبادرات لا تزيد عن كونها فقاعات تختفي عند أول عقبة تواجهها . ونكتفي بأحدثها وهي المبادرة الفرنسية باقتراح حل للصراع الفلسطيني الإسرائيلي بإشراف مجلس الأمن ينهي الاحتلال في منظور زمني محدد . هللت السلطة للاقتراح وناطت به أكبر الآمال ، واعترضت أميركا عليه ومعها إسرائيل ، فاختفى . وانبعث بعده مباشرة سراب غريب مفاجىء ، هو سراب مبادرة نيوزيلندية ! وأبدت السلطة شيئا من الفرح بالسراب النيوزيلندي، وزار رياض المالكي وزير الخارجي الفلسطيني نيوزيلندا لتشجيع مبادرتها . وكان فرح السلطة بوهم المبادرة النيوزيلندية أقوى الأدلة على بؤس تعلقها بأوهام مجيء الحل والفرج من الخارج . ماذا تملك نيوزيلندا من مؤهلات اقتراح حل وهي الدولة الصغيرة المنعزلة عن أي تأثير في الأحداث الدولية ؟ وكيف ستنجح في ما فشلت فيه فرنسا ؟ كل ما حرك سراب مبادرة منها أنها عضو مؤقت في مجلس الأمن حاليا . ويبدو أن هذا كان كافيا لتأمل منها السلطة مبادرة لملء الفراغ في لعبة البحث عن الحلول في الخارج . وبعد موت الحديث عن المبادرة النيوزيلندية بدأ الحديث عن مبادرة قبرصية عقب زيارة نتنياهو لقبرص ، ثم خفض سقفها إلى اقتراح قبرصي بأن يلقي كل من عباس ونتنياهو خطابا أمام مؤسسات الاتحاد الأوروبي في بروكسل . يعني خطاب علاقات عامة يتحدث فيه كل واحد منهما عن رغبته في السلام وأن المفاوضات هي الوسيلة الوحيدة للحل . ولا نريد أن نتحدث عن المجال الثاني الخارجي الذي تتحرك فيه السلطة ، وهو مجال إدانة جرائم إسرائيل في المحاكم والمحافل الدولية المختصة مثل محكمة الجنايات الدولية والمجلس العالمي لحقوق الإنسان ، فالنتائج المعدومة وعدم جدية السلطة في هذا المجال أوضح من كل شرح وتفصيل . ومن مظاهر الأداء الخارجي الفلسطيني الفارغ كثرة سفريات المسئولين في السلطة للخارج دون أي نتيجة لتلك السفريات تفيد القضية ولو أصغر فائدة . هي في الحقيقة سياحات ونزهات مكلفة لميزانية السلطة ، وكان يجب أن تصرف في وجوه محلية تنفع البلاد والعباد ، وما أحوجهما إليها . في الدول الحقيقية تحدد ميزانية لسفريات المسئولين الخارجية التي لا تكون إلا لمصلحة الدولة وبنتائج محددة . وحدث في ولاية سابقة لنتنياهو أنهم أخبروه بنفاد ميزانية سفرياته على قلة تلك السفريات التي عادت دائما على إسرائيل بأعظم النتائج . وفي الوعود بتحسن الأحوال مستقبلا نجد هذه الصفة هي السائدة في مواجهة المشكلات المتراكمة بكل أنواعها . كل مسئول يبشر الناس بأن الحل لهذه المشكلة أو تلك قادم ، وما عليهم إلا الاستبشار والانتظار ، ويمضي الوقت ، ولا يأتي الحل ، ولا أحد يحاسب المسئول على بشارته أو كذبه ، فيتجرأ ويبشر ثانية بحل نفس المشكلة أو حل مشكلة أخرى جديدة في دائرة مسئوليته . قبل انفجار أزمة الكهرباء الأخيرة في غزة بشر الناس بزيادة ساعات التوصيل ، وبعد البشارة بيومين صدموا بإنقاصها . وهكذا في كل حال وكل مجال . أداء فارغ فاشل وخيالي باطل . ولذلك كثر عندنا المتحدثون ؛ لأن حديثهم لا يكلفهم عبئا أو يجرهم إلى مساءلة أو محاسبة حين لا يصدق أو لا يتحقق . ومن ينظر في صور العاملين في الشأن العام الفلسطيني لا يقع إلا على صور لأناس مفتوحي الأفواه ، وأحيانا يشيرون بأيديهم ، أو بأصابعهم السبابة ، ويستحيل أن يرى صورة مسئول يفتتح مصنعا أو مؤسسة إنتاجية أو مؤسسة تعليمية أو اجتماعية مكتفيا بكلمات قليلة شأن العاملين الجادين الرصناء . ولاتصاف الأداء الفلسطيني الرسمي بالصفتين السابقتين ، ولما لهما من مؤثرات سلبية تدميرية على الأداء الفلسطيني الوطني في مجمله انتهينا إلى هذه الوضعية المشلولة في كل شيء ، سياسة واقتصادا ومجتمعا ، بينما عدونا ينتصر ويزدهر في كل شيء ؛ للفرق المهول الواسع بين الأداء الفلسطيني والأداء الإسرائيلي ، ونوعية النتائج دائما حسب نوعية أداء العاملين . الأوطان والمجتمعات تبني من داخلها ، وتوظف المؤثرات الخارجية لتعزيز بنائها الداخلي ، ولا يمكن توظيف تلك المؤثرات ولو بقدر ضئيل من الفاعلية والنجاح ما دام الداخل متصدعا مهلهلا مثلما هي حال الداخل الفلسطيني .
يتصف الأداء الفلسطيني الرسمي بصفتين أساسيتين حاكمتين له في كل مجالاته . الأولى : تركيزه على الخارج لا الداخل ، والثانية : الوعود بتحسن كل شيء مستقبلا ، قريبا أو بعيدا حسب نوعية الموعود به . في الصفة الأولى تركز السلطة أو منظمة التحرير أو "دولة فلسطين " ، لا يهم المسمى ، كل نشاطها السياسي على الخارج . تجري وراء مبادرات لا تزيد عن كونها فقاعات تختفي عند أول عقبة تواجهها . ونكتفي بأحدثها وهي المبادرة الفرنسية باقتراح حل للصراع الفلسطيني الإسرائيلي بإشراف مجلس الأمن ينهي الاحتلال في منظور زمني محدد . هللت السلطة للاقتراح وناطت به أكبر الآمال ، واعترضت أميركا عليه ومعها إسرائيل ، فاختفى . وانبعث بعده مباشرة سراب غريب مفاجىء ، هو سراب مبادرة نيوزيلندية ! وأبدت السلطة شيئا من الفرح بالسراب النيوزيلندي، وزار رياض المالكي وزير الخارجي الفلسطيني نيوزيلندا لتشجيع مبادرتها . وكان فرح السلطة بوهم المبادرة النيوزيلندية أقوى الأدلة على بؤس تعلقها بأوهام مجيء الحل والفرج من الخارج . ماذا تملك نيوزيلندا من مؤهلات اقتراح حل وهي الدولة الصغيرة المنعزلة عن أي تأثير في الأحداث الدولية ؟ وكيف ستنجح في ما فشلت فيه فرنسا ؟ كل ما حرك سراب مبادرة منها أنها عضو مؤقت في مجلس الأمن حاليا . ويبدو أن هذا كان كافيا لتأمل منها السلطة مبادرة لملء الفراغ في لعبة البحث عن الحلول في الخارج . وبعد موت الحديث عن المبادرة النيوزيلندية بدأ الحديث عن مبادرة قبرصية عقب زيارة نتنياهو لقبرص ، ثم خفض سقفها إلى اقتراح قبرصي بأن يلقي كل من عباس ونتنياهو خطابا أمام مؤسسات الاتحاد الأوروبي في بروكسل . يعني خطاب علاقات عامة يتحدث فيه كل واحد منهما عن رغبته في السلام وأن المفاوضات هي الوسيلة الوحيدة للحل . ولا نريد أن نتحدث عن المجال الثاني الخارجي الذي تتحرك فيه السلطة ، وهو مجال إدانة جرائم إسرائيل في المحاكم والمحافل الدولية المختصة مثل محكمة الجنايات الدولية والمجلس العالمي لحقوق الإنسان ، فالنتائج المعدومة وعدم جدية السلطة في هذا المجال أوضح من كل شرح وتفصيل . ومن مظاهر الأداء الخارجي الفلسطيني الفارغ كثرة سفريات المسئولين في السلطة للخارج دون أي نتيجة لتلك السفريات تفيد القضية ولو أصغر فائدة . هي في الحقيقة سياحات ونزهات مكلفة لميزانية السلطة ، وكان يجب أن تصرف في وجوه محلية تنفع البلاد والعباد ، وما أحوجهما إليها . في الدول الحقيقية تحدد ميزانية لسفريات المسئولين الخارجية التي لا تكون إلا لمصلحة الدولة وبنتائج محددة . وحدث في ولاية سابقة لنتنياهو أنهم أخبروه بنفاد ميزانية سفرياته على قلة تلك السفريات التي عادت دائما على إسرائيل بأعظم النتائج . وفي الوعود بتحسن الأحوال مستقبلا نجد هذه الصفة هي السائدة في مواجهة المشكلات المتراكمة بكل أنواعها . كل مسئول يبشر الناس بأن الحل لهذه المشكلة أو تلك قادم ، وما عليهم إلا الاستبشار والانتظار ، ويمضي الوقت ، ولا يأتي الحل ، ولا أحد يحاسب المسئول على بشارته أو كذبه ، فيتجرأ ويبشر ثانية بحل نفس المشكلة أو حل مشكلة أخرى جديدة في دائرة مسئوليته . قبل انفجار أزمة الكهرباء الأخيرة في غزة بشر الناس بزيادة ساعات التوصيل ، وبعد البشارة بيومين صدموا بإنقاصها . وهكذا في كل حال وكل مجال . أداء فارغ فاشل وخيالي باطل . ولذلك كثر عندنا المتحدثون ؛ لأن حديثهم لا يكلفهم عبئا أو يجرهم إلى مساءلة أو محاسبة حين لا يصدق أو لا يتحقق . ومن ينظر في صور العاملين في الشأن العام الفلسطيني لا يقع إلا على صور لأناس مفتوحي الأفواه ، وأحيانا يشيرون بأيديهم ، أو بأصابعهم السبابة ، ويستحيل أن يرى صورة مسئول يفتتح مصنعا أو مؤسسة إنتاجية أو مؤسسة تعليمية أو اجتماعية مكتفيا بكلمات قليلة شأن العاملين الجادين الرصناء . ولاتصاف الأداء الفلسطيني الرسمي بالصفتين السابقتين ، ولما لهما من مؤثرات سلبية تدميرية على الأداء الفلسطيني الوطني في مجمله انتهينا إلى هذه الوضعية المشلولة في كل شيء ، سياسة واقتصادا ومجتمعا ، بينما عدونا ينتصر ويزدهر في كل شيء ؛ للفرق المهول الواسع بين الأداء الفلسطيني والأداء الإسرائيلي ، ونوعية النتائج دائما حسب نوعية أداء العاملين . الأوطان والمجتمعات تبني من داخلها ، وتوظف المؤثرات الخارجية لتعزيز بنائها الداخلي ، ولا يمكن توظيف تلك المؤثرات ولو بقدر ضئيل من الفاعلية والنجاح ما دام الداخل متصدعا مهلهلا مثلما هي حال الداخل الفلسطيني .