الأخبار
(حماس): قدمنا رداً إيجابياً وجاهزون للدخول فوراً في مفاوضات حول آلية التنفيذلماذا على حماس أن توافق لا أن تناور؟(أونروا): الناس يسقطون مغشياً عليهم في غزة من شدة الجوعفلسفة المصلحةقناة إسرائيلية: جدال كبير بين نتنياهو وقيادة الجيش حول استمرار العمليات العسكرية في غزةغزة: 138 شهيداً و452 جريحاً غالبيتهم من طالبي المساعدات في آخر 24 ساعة(رويترز): مصرفان عالميان يرفضان فتح حسابات لـ"مؤسسة غزة الإنسانية"كاتس: الجيش الإسرائيلي يعد خطة لضمان ألا تتمكن إيران من العودة لتهديدناترقُّب لرد حماس.. وإعلام إسرائيلي: ترامب قد يعلن الاثنين التوصل لاتفاق بغزة(فتح) ترد على تصريحات وزير الصناعة الإسرائيلي الداعية لتفكيك السلطة الفلسطينية30 عائلة تنزح قسراً من تجمع عرب المليحات شمال أريحا بفعل اعتداءات الاحتلال ومستوطنيهمقتل جنديين إسرائيليين وإصابة اثنين آخرين بجروح خطيرة في معارك قطاع غزة20 شهيداً في غارات للاحتلال على مواصي خانيونس وحي الصبرة بمدينة غزةغوتيريش: آخر شرايين البقاء على قيد الحياة بغزة تكاد تنقطعترامب وبوتين يبحثان الحرب في أوكرانيا والتطورات بالشرق الأوسط
2025/7/5
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

المصالحة مع الذات بقلم:د. حنا عيسى

تاريخ النشر : 2015-08-04
المصالحة مع الذات بقلم:د. حنا عيسى
المصالحة مع الذات

بقلم:د. حنا عيسى – استاذ القانون الدولي
==========================

رغم تعدد التعاريف السائدة في الوقت الحاضر لمفهوم المصالحة الوطنية، إلا انه مفهومٌ حديثٌ بدأ استخدامه وتطبيقه مع نهاية الربع الأخير من القرن العشرين ولاسيما في بعض دول أميركا الجنوبية، وأقطار المنظومة الاشتراكية سابقاً، وبعض البلدان الإفريقية، والتي بدأت تشهد في تلك الفترة انتقالاً بأسلوب الحكم من المجتمع المغلق إلى المجتمع المدني الديمقراطي، إذ قدّر (صموئيل هانتنغتون) صاحب نظرية صراع الحضارات هذا الانتقال بأنه شمل أكثر من 40 دولة، وترافق ذلك مع نهاية الاستعمار الذي ساد تلك الدول، وانطلاق عجلة الإصلاح وترسيخ مفهوم المواطنة، وتفعيل دور المؤسسات القضائية وسيادة القانون، والسعي للنهوض بتلك الدول في ظل التعددية الحزبية ودثر آثار التصلب، فالمصالحة درجةٌ ساميةٌ في نضج الدولة وتشير إلى الوعي السائد بين أفرادها، وتدل على اكتمال رشد الدولة ومؤسساتها والتطور الثقافي والسياسي واستقامة ممارساتها.  

المصالحة لغةً هي مصدر صَالَحَ بمعنى سَادَ الوِئَامُ بَعْدَ الْمُصَالَحَةِ، الْمُسَالَمَةُ، الْمُصَافَاةُ وَإِزَالَةُ كُلِّ أَسْبَابِ الخِصَامِ: واصطلاحاً هي عملية جعل طرفين في نزاع يقبلون حلا يرضي كليهما ويكون الوسيط بينهما طرفا ثالثا ليس طرفا في النزاع . ويكون الاتفاق عن محض الإرادة إذ أن عملية المصالحة بخلاف التحكيم لا تلزم المتنازعين على قبول الحل المقترح .
                                    
فالمصالحة الوطنية هي عملية التوافق الوطنيّ، تنشأ على أساسها علاقة بين الأطراف السياسية والمجتمعية، وتقوم على قيم التسامح، وإزالة آثار صراعات الماضي، من خلال آليات محددة واضحة وفق مجموعة من الإجراءات تهدف للوصول إلى نقطة الالتقاء، او هي صيغة تفاهم بين أبناء الوطن الواحد للوصول إلى برنامج متفق عليه لإنقاذ الوطن من أزمته ووضعه على الطريق الصحيح. والمصالحة بالمعنى الشامل فهي توافق وطني يستهدف تقريب وجهات النظر المختلفة، وسدّ الفجوات بين الأطراف المتخاصمة أو المتحاربة، وتصحيح ما ترتب عليها من أخطاء وانتهاكات وجرائم، مع إيجاد الحلول المقبولة، وذلك لمعالجة تلك القضايا المختلف حولها بمنهجية المسالمة والحوار، بدلاً من منهجية العنف وإلغاء الآخر، والنظر بتفاؤل إلى المستقبل والتسامح مع الماضي، وترسيخ التشاركية.

والمصالحة الوطنية، التي تتردد أصداؤها في كل مكان، ما هي إلا جملة قصيرة صغيرة، تتركب من كلمتين، هذه الجملة تحلم أن تتحول إلى فعل يومي يمارسه الجميع دون استثناء، جملة كبيرة في معناها وتنظر إلى أفق غير محدود، ولكن قبل أن تتحول هذه الجملة إلى واقع معاش، لابد من العروج إلى مفهوم التصالح مع الذات، فأنت لا تستطيع أن تتصالح مع الآخرين، إن لم تستطع التصالح مع ذاتك أولاً بمعنى أن تحب نفسك كما أنت، وتتقبل شكلك كما هو عليه، أقوالك تعكس أفكارك، وأفعالك تمتد إلى سلوكك في التعامل مع الآخرين أمثالك.
أي أن تكون أنت كما أراد لك الله أن تكون، على حرية الآخرين لا تتعدى، من مذاهبهم لا تسخر. شتماً لا تشتم من يختلف معك في الرأي، قولك ينسجم مع فعلك، حيث الدين لله والوطن للجميع،إن وصلت إلى هذه الحالة من التصالح والذات، ستجد نفسك قادراً على التصالح مع الآخرين، حتى لو قمت بإيذائهم أو العكس، موقناً أن الهداية والمحبة والتراحم من الله سبحانه تعالى، والأخطاء منك وحدك.

والمصالحة مع الذات فتعني تقريب وجهات النظر المتباينة وتضييق الفجوة بينها وكما يختلف البشر فيما بينهم تختلف النفس مع ذاتها... والاختلاف مع الذات نوعان: نوع متعمد مقصود ونوع لاإرادي وغير مقصود يؤرق صاحبه ويدخله في صراع مع نفسه قد ينتهي، أو قد ينتهي العمر قبل أن يحسم. أما النوع المقصود فهو شائع وطبيعي إذ كثيرا ما يخفي المرء قناعاته ويسلك حسب ما يريد الآخرون كي لا يتعرض للعقاب الاجتماعي والإقصاء عن الجمهور.

أما النوع غير المقصود فهو الذي يجعل صاحبه يتأرجح بين القناعات لعدم وجود دليل بحسمها وهذا النوع منتشر بين الباحثين عن الحقيقة في الأمور المعنوية التي لا تخضع للفحص المخبري وأهمها تلك التي تتعلق بثنائيات شائكة كالوجود والعدم والعدالة والظلم والسعادة والشقاء. وقد دأبت الشعوب منذ فجر التاريخ على البحث عن إجابات لأسئلة ليس لها إجابات وبرز أرسطو في الحضارة الإغريقية بنظرية إخضاع الأمور للمنطق والاستدلال العقلي للتوصل إلى إجابات. بيد أن المنطق شيء والعلم شيء آخر فكما يقود منطق إلى وجود إله للأرض وآخر للسماء وآخر للمطر وآخر للريح، يقود منطق آخر إلى الوحدانية وهكذا يستمر المناطقة في الجدل دون حسم.

 

 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف