
الكلمة أصدق أم السيف؟
السيف أصدق أنباءً من الكتبِ
*** في حدّه الحدُّ بين الجدّ واللعب
بيض الصفائح لا سود الصحائف في
*** متونهنّ جلاء الشكّ والرّيَبِ !
مطلع قصيدة قالها (أبو تمّام) أستاذ الشعراء في عصره ـ العصر العباسي الأول ـ مادحا (المعتصم بالله) بعد فتحه (عمّورية) من بلاد الروم.. ولكن أيُّ كتبٍ هي التي قصدها في قصيدته وأيّ صحف؟ أم أيُّ أنباءٍ تلك التي يكون السيف أصدق إنباءً فيها من تلك الكتب؟ إنها أنباء المنجمين الذين ذكروا للمعتصم أنه لن ينتصر على عدوه إلا إذا كان اللقاء معه عند نضج التين والعنب! فخالفهم اتّباعاً لمنهج الإسلام الذي ينهى عن تصديق الكهان والمنجمين.. ولم ينتظر حتى ينضج التين والعنب، ولكن شمّر للقتال مبادراً! وكانت النتيجة أن حقق النصر العظيم؛ خلافاً لما جاء به كلام المنجمين وكتبهم.. وإذ يقول الشاعر مشيراً لذلك: تسعون ألفاً كآساد الشّرى نضجت
*** جلودهم قبل نضج التين والعنبِ!
إذن فالسيف أصدق من كاذب الكلام وزيف الكتب.. حقيقة لا شك فيها! فما مكان السيف من الكلمة الصادقة: وحياً من الله تعالى أو شعراً صدوقاً أو مقالةً بيّنة الإشارة والدلالة؟ بلا شك أتها الأصدق والأسبق ممهدةً الطريق لعمل السيف متى كانت الحاجة لهذا العمل.. وكم كلمة قالها القائد في جنده قبل خوض المعركة فكانت سبباً في تحقيق النصر، وما أكثر الأمثلة على ذلك! وكم كلمة قالها شاعر في قصيدة فأشعلت الحرب وأشرعت الحِراب.. أو حوّلت حكماً لحاكم من النقيض إلى النقيض: من العهد بالأمان والعفو لمن أمّنه إلى نقض العهد وفرض العقاب! ولا نتجاوز الحقيقة لو قلنا إنّ الكلمة هي سلاح الحرب الباردة، وإنها لسلاح ذو حدّين؛ يستخدم في طريق الخير كما في طريق الشرّ، تماماً كسلاح السيف يستخدم خيراً أو شرّاً.. فإذا استخدم أحدهما لإحقاق الحق والعدل وإعلاء كلمة الله تعالى كان خيراً، وإذا استخدم عدواناً وتسلّطاً واغتصاباً للحق وإقراراً للباطل؛ كان شرًّا نعوذ بالله منه في كلامنا والمسار، ونبتغي الحق وندور معه حيثما دار!
هذا ونسمع ونعيد قول شاعرنا الفالوحي(أحمد فرح): إنّ ألفي قذيفةٍ من كلامٍ* لا تساوي قذيفةً من حديدِ! ومعناه أنّ السيف ـ كرمز للقوة ـ هو الأفضل والأصدق من الكلمة! نعم، وذلك إذا كثر الكلام بغير فعل يدعمه ويصدّقه.. وإنما الكلمة تقال وبها يرسم المنهج وتُعدّ الخطة؛ ليتبعها التنفيذ، وإلا كانت فراغاً وهراءً، وهي وقلتها سواءً! ولهذه الكلمة شروط منها: أن تعتمد الحقيقة والصدق وتستند إلى الحق، كما أن تكون بليغة مؤثّرة.. ككلمة(طارق بن زياد) فاتح الأندلس بعدما أحرق السفن لئلا يترك فرصة لجنوده للهرب والهزيمة؛" العدوّ من أمامكم والبحر من خلفكم، وليس لكم والله إلا الصدق والصبر!" وختاماً أقول: تبقى الكلمة الرشيدة في كل ثوب من أثوابها الجميلة، ما بقي للإنسان سمعٌ ولسان هي الوسيلة المثلى السابقة لكلّ عملٍ ذي أثر.. تحديدا للموقف والقرار.. أو النقد وتصحيح المسار.. هي الضوء الأخضر لبدء المسير، وهي الأذان لبدء العمل بلا تأخير.. فبعد كل التجارب والممارساتً وما ينجم عن ذلك من أخطاء وتصحيحات.. يرتفع جرس الكلمة دائماً؛ ليعلن النتيجة وليضع خطوط العمل لبدء المسير على طريق مرحلة جديدة..
السيف أصدق أنباءً من الكتبِ
*** في حدّه الحدُّ بين الجدّ واللعب
بيض الصفائح لا سود الصحائف في
*** متونهنّ جلاء الشكّ والرّيَبِ !
مطلع قصيدة قالها (أبو تمّام) أستاذ الشعراء في عصره ـ العصر العباسي الأول ـ مادحا (المعتصم بالله) بعد فتحه (عمّورية) من بلاد الروم.. ولكن أيُّ كتبٍ هي التي قصدها في قصيدته وأيّ صحف؟ أم أيُّ أنباءٍ تلك التي يكون السيف أصدق إنباءً فيها من تلك الكتب؟ إنها أنباء المنجمين الذين ذكروا للمعتصم أنه لن ينتصر على عدوه إلا إذا كان اللقاء معه عند نضج التين والعنب! فخالفهم اتّباعاً لمنهج الإسلام الذي ينهى عن تصديق الكهان والمنجمين.. ولم ينتظر حتى ينضج التين والعنب، ولكن شمّر للقتال مبادراً! وكانت النتيجة أن حقق النصر العظيم؛ خلافاً لما جاء به كلام المنجمين وكتبهم.. وإذ يقول الشاعر مشيراً لذلك: تسعون ألفاً كآساد الشّرى نضجت
*** جلودهم قبل نضج التين والعنبِ!
إذن فالسيف أصدق من كاذب الكلام وزيف الكتب.. حقيقة لا شك فيها! فما مكان السيف من الكلمة الصادقة: وحياً من الله تعالى أو شعراً صدوقاً أو مقالةً بيّنة الإشارة والدلالة؟ بلا شك أتها الأصدق والأسبق ممهدةً الطريق لعمل السيف متى كانت الحاجة لهذا العمل.. وكم كلمة قالها القائد في جنده قبل خوض المعركة فكانت سبباً في تحقيق النصر، وما أكثر الأمثلة على ذلك! وكم كلمة قالها شاعر في قصيدة فأشعلت الحرب وأشرعت الحِراب.. أو حوّلت حكماً لحاكم من النقيض إلى النقيض: من العهد بالأمان والعفو لمن أمّنه إلى نقض العهد وفرض العقاب! ولا نتجاوز الحقيقة لو قلنا إنّ الكلمة هي سلاح الحرب الباردة، وإنها لسلاح ذو حدّين؛ يستخدم في طريق الخير كما في طريق الشرّ، تماماً كسلاح السيف يستخدم خيراً أو شرّاً.. فإذا استخدم أحدهما لإحقاق الحق والعدل وإعلاء كلمة الله تعالى كان خيراً، وإذا استخدم عدواناً وتسلّطاً واغتصاباً للحق وإقراراً للباطل؛ كان شرًّا نعوذ بالله منه في كلامنا والمسار، ونبتغي الحق وندور معه حيثما دار!
هذا ونسمع ونعيد قول شاعرنا الفالوحي(أحمد فرح): إنّ ألفي قذيفةٍ من كلامٍ* لا تساوي قذيفةً من حديدِ! ومعناه أنّ السيف ـ كرمز للقوة ـ هو الأفضل والأصدق من الكلمة! نعم، وذلك إذا كثر الكلام بغير فعل يدعمه ويصدّقه.. وإنما الكلمة تقال وبها يرسم المنهج وتُعدّ الخطة؛ ليتبعها التنفيذ، وإلا كانت فراغاً وهراءً، وهي وقلتها سواءً! ولهذه الكلمة شروط منها: أن تعتمد الحقيقة والصدق وتستند إلى الحق، كما أن تكون بليغة مؤثّرة.. ككلمة(طارق بن زياد) فاتح الأندلس بعدما أحرق السفن لئلا يترك فرصة لجنوده للهرب والهزيمة؛" العدوّ من أمامكم والبحر من خلفكم، وليس لكم والله إلا الصدق والصبر!" وختاماً أقول: تبقى الكلمة الرشيدة في كل ثوب من أثوابها الجميلة، ما بقي للإنسان سمعٌ ولسان هي الوسيلة المثلى السابقة لكلّ عملٍ ذي أثر.. تحديدا للموقف والقرار.. أو النقد وتصحيح المسار.. هي الضوء الأخضر لبدء المسير، وهي الأذان لبدء العمل بلا تأخير.. فبعد كل التجارب والممارساتً وما ينجم عن ذلك من أخطاء وتصحيحات.. يرتفع جرس الكلمة دائماً؛ ليعلن النتيجة وليضع خطوط العمل لبدء المسير على طريق مرحلة جديدة..