
لم أعرف أن في داخلها خزان غضب الا حين انفجرت في وجهي ..!!
كل بنات جيلي كانت لهن أعراس وليالي وسهرات وزفات الا أنا .. تزوجت عالسكت .. مثل الأرملة ..الله يرحمو جدك !!
ضحكت .. ليش .. سيدي كان بخيل ... ؟؟
لا ..!! قال سيدك .. حلف بالطلاق على ستك .. كيف بدو يعمل عرس وأهل بور سعيد بينقتلوا والغارات فوق رؤوسهم ..! كيف احنا نفرح ونرقص وأهل بور سعيد بفتشوا عن الجثث تحت الأنقاض .. وبعيشوا في الدمار اللي بعملوه الانجليز والفرنسيين واسرائيل .. احنا في حداد ..!!
وحسب ما وصفت أمي جدي.. كان ملتصقاً بالراديو ليل نهار .. والمؤشر يشير على اذاعة القاهرة ، ودقات ساعة جامعة القاهرة التي تدل على اقتراب نشرة الأخبار هي نبضه والتوقيت الذي يفرض منع التجول في البيت ، ( ولا نفس ولا حس ابوي بسمع الأخبار ) .. وعندما ضُربت اذاعة القاهرة .. انتقل البث فوراً الى دمشق .. وأعلن المذيع ( اذاعة القاهرة من دمشق ) أخذ جدك يرقص .. ويقول هيك لازم يكونوا العرب .. !!
كان هذا جزء من حوار عشته وأنا صغيرة مع أمي التي ما زالت تتذكره أيام العدوان الثلاثي ،و كيف صرخ جدي بوجه جدتي التي حاولت التمرد معلنة أن من حق ابنتها أن تفرح مثل باقي الصبايا ، لكن جدي كان مصراً على الرفض ورضخت جدتي خوفاً من جنون جدي الذي كان سيطلقها لو زادت عيار العناد .. وبدون موسيقى واغاني وزفة تزوجت أمي .. وما أن ارادت الجارة أن تغني لها وهي طالعة من باب البيت حتى حدق بها جدي بغضب ، فقطمت وسكتت .. الزمان 5 تشرين ثاني عام 1956 ..
بعد أن كبرت أصبحت افهم كلام جدتي وعمق العلاقة الوجدانية بين جدي وبين المواقف السياسية الثورية في تلك الفترة ، كان هناك بريق الوفاء والتضامن والحس الوطني النقي ، كان رد الفعل الثائر على كل حدث عربي ضد الاستعمار سواء في الجزائر أو اليمن أو سوريا أو تونس قوياً مجدولاً بخيوط الكرامة والتصدي والمظاهرات .. ولم يكن المواطن العربي هنا بمعزل عن الأحداث ، بل كلما اتسع الحكم العسكري وانتفخ صدره غروراً كان المواطن العربي يرمي قلبه المكسور ويزرع قلباً جديداً باللون الأخضر حيث يجد في التفاؤل الثوري درباً له .
كلما كانت تمر صورة عبد الناصر أمام جدتي على شاشة التلفزيون أو تراها في صحيفة ..كانت تكلم صورة جدي المعلقة على الحائط ( منيح اللي متت قبل ما يموت عبد الناصر كان فقعت .. وتنسى أن جدي مات قبل عبد الناصر بخمس سنوات ) .
أحياناً يسحبك الحدث ، نهضت ذاكرتي من نومها وأخذت ترسل الاشارات والصور، الذاكرة لا تستطيع النسيان ولا تستطيع قلب الصفحات، تجرك الى البئر لكي تصرخ حتى لو البئر لا يرد عليك أو يخفي الصدى لأنك قد تصرخ عبثاً ، وما أكثر الصور العبثية في حياتنا !! والماضي لا يستطيع الانفصال عن الحاضر انهما تؤام سيامي للمشاعر التاريخية .
كيف لنا الصمت على حفل زفاف فادي ابن محمد دحلان .. القيادي الفتحاوي السابق الذي سطر في عز ظلام وظلم الاحتلال ، في مدارات الحزن والشهداء ، في مستنقعات الفقر والبطالة ، في ظل الهروب والشتات واللجوء الى الدول الغربية في الأجواء الغاضبة المشحونة بالتساؤلات ورائحة شواء الفساد .. في ازدهار مواسم المستوطنين ودق خطواتهم في القدس وفي كل مكان يُفرخ استيطان ، في حصار غزة ومعاناة الصامدين الى متى .. لا نعرف ..؟؟ يقوم القائد الفتحاوي السابق ( محمد دحلان ) بعرس اسطوري أشبه بألف ليلة وليلة .. بتكلفة 3 مليون دولار .. ليس كلام وسائل الاعلام فقط ، بل أكد على هذا المبلغ صاحب الفندق الفخم الذي نزل به ضيوف العرس ، المبلغ شمل اقامة 400 ضيف ، حيث تم حجز غرف لهم وأجنحة لمدة أسبوع ، مع سيارات فخمة للتنقل ، وفستان العروس المرصع بالجواهر .. الخ .
ليس حسداً ، يستطيع أي مليونير أن يقيم فرحاً فخماً ومميزاً .. وأثرياء العالم أقاموا أفرحاً تحت الماء وفوق الماء بملايين الدولارات .. ولكن السؤال المرصع بمليون آه .. آه .. كيف يمكن لقائد سياسي فلسطيني أن يملك هذا المبلع حتى لو حاول حمل الورقة والقلم والجمع والطرح والقسمة ؟؟ هذا المبلغ سُرق من جيب الشعب ومن حق الشعب أن يحاكم دحلان وغيره .. من حقه أن يسأله من أين لك هذا ؟؟
لا يمكن لقائد يحترم شعبه أن يتصرف بأسلوب ماري أنطوانيت ، التي تساءلت بغباء لماذا لا يأكلوا البسكوت ..؟؟ هي لم تعلم شيئاً عن معد الغاضبين الخاوية والفقر المدقع والجوع القاتل والكافر ..!! لقد كانت ليالي دحلان الفخمة ، المضيئة برقص فيفي عبده والمطربين ، والوجوه التي تحاول صنع شبكة غزل لدحلان وتتغذى على موائد الجوع الفلسطيني ، لقد أكد محمد دحلان لكل ضيف ( ممنوع التصوير ) لكن ارقام البذخ كانت أقوى من كل كاميرات العالم ، هل خاف من الكاميرات التي تفضح وتوثق الحقائق .
في غزة كان الزواج الجماعي جزءاً من خطة تحمي الشاب المقبل على الزواج من الديون والمساهمة في نفقات حفلات الزفاف ، ونجحت الفكرة بجمالها وتضامنها .
جدي قبل ستة عقود رفض من بعيد ، من قلب مدينة الناصرة أن يفرح وأهل بور سعيد يُقتلون وتتدمر مدينتهم ..!! تضامن فلسطيني عربي .. ومحمد دحلان قائد فلسطيني يحاشر لكي ينال القيادة ويتوقع المرحلة القادمة أن تكون بصمته موجودة ، يصرف 3 مليون دولار في حفل زفاف .. في الوقت الذي يُقتل فيه كل يوم شابا في القدس أو في باقي مدن وقرى الضفة الغربية ، يحمل لقب شهيد وتزين جثته بالورود والرياحين ، ثم لا يبقى الا اسمه العابر وحسرة ، جمرة في قلب امه وأهله ، حتى اصبح الاستشهاد مثار جدل .. ففي حين أسماء أبناء القادة محاطة بالغياب والمناصب والعيش الرغيد .. يسقط أبناء الشعب .
القيادة ليست زعامة ، ربطات عنق ومطارات وسجاجيد حمراء ، القيادة حزم ومواقف وطنية وتحدي وعناد ، عندما يشعر الشعب أن هذا القائد خُلق كي ينوب عنه في التصدي والمواجهة والقدرة على منحه الكرامة والكبرياء والأمن والأمان ، منحه العيش المحترم والبيئة التي تهتم به وبحقوقه ووجوده .
الفجوة تتسع بين الشعب والقيادة .. اسمعوا ضعوا آذانكم على الجدران .. هل نردد امامكم أغنية المطرب الذي يقول :
( يا أهل لله.. يا لي فوق
ما تردوا على اللي تحت )
من سيحاكم محمد دحلان ؟ من سيسأله من أين لك هذا ؟ المصيبة أن المواطن لم يعد يعيش في قمقم الخوف ..!! المواطن الفلسطيني يتكلم ويسأل وهو محاط بالمعرفة والأخبار وتفاصيل التفاصيل من الجهات الأربعة .
كل بنات جيلي كانت لهن أعراس وليالي وسهرات وزفات الا أنا .. تزوجت عالسكت .. مثل الأرملة ..الله يرحمو جدك !!
ضحكت .. ليش .. سيدي كان بخيل ... ؟؟
لا ..!! قال سيدك .. حلف بالطلاق على ستك .. كيف بدو يعمل عرس وأهل بور سعيد بينقتلوا والغارات فوق رؤوسهم ..! كيف احنا نفرح ونرقص وأهل بور سعيد بفتشوا عن الجثث تحت الأنقاض .. وبعيشوا في الدمار اللي بعملوه الانجليز والفرنسيين واسرائيل .. احنا في حداد ..!!
وحسب ما وصفت أمي جدي.. كان ملتصقاً بالراديو ليل نهار .. والمؤشر يشير على اذاعة القاهرة ، ودقات ساعة جامعة القاهرة التي تدل على اقتراب نشرة الأخبار هي نبضه والتوقيت الذي يفرض منع التجول في البيت ، ( ولا نفس ولا حس ابوي بسمع الأخبار ) .. وعندما ضُربت اذاعة القاهرة .. انتقل البث فوراً الى دمشق .. وأعلن المذيع ( اذاعة القاهرة من دمشق ) أخذ جدك يرقص .. ويقول هيك لازم يكونوا العرب .. !!
كان هذا جزء من حوار عشته وأنا صغيرة مع أمي التي ما زالت تتذكره أيام العدوان الثلاثي ،و كيف صرخ جدي بوجه جدتي التي حاولت التمرد معلنة أن من حق ابنتها أن تفرح مثل باقي الصبايا ، لكن جدي كان مصراً على الرفض ورضخت جدتي خوفاً من جنون جدي الذي كان سيطلقها لو زادت عيار العناد .. وبدون موسيقى واغاني وزفة تزوجت أمي .. وما أن ارادت الجارة أن تغني لها وهي طالعة من باب البيت حتى حدق بها جدي بغضب ، فقطمت وسكتت .. الزمان 5 تشرين ثاني عام 1956 ..
بعد أن كبرت أصبحت افهم كلام جدتي وعمق العلاقة الوجدانية بين جدي وبين المواقف السياسية الثورية في تلك الفترة ، كان هناك بريق الوفاء والتضامن والحس الوطني النقي ، كان رد الفعل الثائر على كل حدث عربي ضد الاستعمار سواء في الجزائر أو اليمن أو سوريا أو تونس قوياً مجدولاً بخيوط الكرامة والتصدي والمظاهرات .. ولم يكن المواطن العربي هنا بمعزل عن الأحداث ، بل كلما اتسع الحكم العسكري وانتفخ صدره غروراً كان المواطن العربي يرمي قلبه المكسور ويزرع قلباً جديداً باللون الأخضر حيث يجد في التفاؤل الثوري درباً له .
كلما كانت تمر صورة عبد الناصر أمام جدتي على شاشة التلفزيون أو تراها في صحيفة ..كانت تكلم صورة جدي المعلقة على الحائط ( منيح اللي متت قبل ما يموت عبد الناصر كان فقعت .. وتنسى أن جدي مات قبل عبد الناصر بخمس سنوات ) .
أحياناً يسحبك الحدث ، نهضت ذاكرتي من نومها وأخذت ترسل الاشارات والصور، الذاكرة لا تستطيع النسيان ولا تستطيع قلب الصفحات، تجرك الى البئر لكي تصرخ حتى لو البئر لا يرد عليك أو يخفي الصدى لأنك قد تصرخ عبثاً ، وما أكثر الصور العبثية في حياتنا !! والماضي لا يستطيع الانفصال عن الحاضر انهما تؤام سيامي للمشاعر التاريخية .
كيف لنا الصمت على حفل زفاف فادي ابن محمد دحلان .. القيادي الفتحاوي السابق الذي سطر في عز ظلام وظلم الاحتلال ، في مدارات الحزن والشهداء ، في مستنقعات الفقر والبطالة ، في ظل الهروب والشتات واللجوء الى الدول الغربية في الأجواء الغاضبة المشحونة بالتساؤلات ورائحة شواء الفساد .. في ازدهار مواسم المستوطنين ودق خطواتهم في القدس وفي كل مكان يُفرخ استيطان ، في حصار غزة ومعاناة الصامدين الى متى .. لا نعرف ..؟؟ يقوم القائد الفتحاوي السابق ( محمد دحلان ) بعرس اسطوري أشبه بألف ليلة وليلة .. بتكلفة 3 مليون دولار .. ليس كلام وسائل الاعلام فقط ، بل أكد على هذا المبلغ صاحب الفندق الفخم الذي نزل به ضيوف العرس ، المبلغ شمل اقامة 400 ضيف ، حيث تم حجز غرف لهم وأجنحة لمدة أسبوع ، مع سيارات فخمة للتنقل ، وفستان العروس المرصع بالجواهر .. الخ .
ليس حسداً ، يستطيع أي مليونير أن يقيم فرحاً فخماً ومميزاً .. وأثرياء العالم أقاموا أفرحاً تحت الماء وفوق الماء بملايين الدولارات .. ولكن السؤال المرصع بمليون آه .. آه .. كيف يمكن لقائد سياسي فلسطيني أن يملك هذا المبلع حتى لو حاول حمل الورقة والقلم والجمع والطرح والقسمة ؟؟ هذا المبلغ سُرق من جيب الشعب ومن حق الشعب أن يحاكم دحلان وغيره .. من حقه أن يسأله من أين لك هذا ؟؟
لا يمكن لقائد يحترم شعبه أن يتصرف بأسلوب ماري أنطوانيت ، التي تساءلت بغباء لماذا لا يأكلوا البسكوت ..؟؟ هي لم تعلم شيئاً عن معد الغاضبين الخاوية والفقر المدقع والجوع القاتل والكافر ..!! لقد كانت ليالي دحلان الفخمة ، المضيئة برقص فيفي عبده والمطربين ، والوجوه التي تحاول صنع شبكة غزل لدحلان وتتغذى على موائد الجوع الفلسطيني ، لقد أكد محمد دحلان لكل ضيف ( ممنوع التصوير ) لكن ارقام البذخ كانت أقوى من كل كاميرات العالم ، هل خاف من الكاميرات التي تفضح وتوثق الحقائق .
في غزة كان الزواج الجماعي جزءاً من خطة تحمي الشاب المقبل على الزواج من الديون والمساهمة في نفقات حفلات الزفاف ، ونجحت الفكرة بجمالها وتضامنها .
جدي قبل ستة عقود رفض من بعيد ، من قلب مدينة الناصرة أن يفرح وأهل بور سعيد يُقتلون وتتدمر مدينتهم ..!! تضامن فلسطيني عربي .. ومحمد دحلان قائد فلسطيني يحاشر لكي ينال القيادة ويتوقع المرحلة القادمة أن تكون بصمته موجودة ، يصرف 3 مليون دولار في حفل زفاف .. في الوقت الذي يُقتل فيه كل يوم شابا في القدس أو في باقي مدن وقرى الضفة الغربية ، يحمل لقب شهيد وتزين جثته بالورود والرياحين ، ثم لا يبقى الا اسمه العابر وحسرة ، جمرة في قلب امه وأهله ، حتى اصبح الاستشهاد مثار جدل .. ففي حين أسماء أبناء القادة محاطة بالغياب والمناصب والعيش الرغيد .. يسقط أبناء الشعب .
القيادة ليست زعامة ، ربطات عنق ومطارات وسجاجيد حمراء ، القيادة حزم ومواقف وطنية وتحدي وعناد ، عندما يشعر الشعب أن هذا القائد خُلق كي ينوب عنه في التصدي والمواجهة والقدرة على منحه الكرامة والكبرياء والأمن والأمان ، منحه العيش المحترم والبيئة التي تهتم به وبحقوقه ووجوده .
الفجوة تتسع بين الشعب والقيادة .. اسمعوا ضعوا آذانكم على الجدران .. هل نردد امامكم أغنية المطرب الذي يقول :
( يا أهل لله.. يا لي فوق
ما تردوا على اللي تحت )
من سيحاكم محمد دحلان ؟ من سيسأله من أين لك هذا ؟ المصيبة أن المواطن لم يعد يعيش في قمقم الخوف ..!! المواطن الفلسطيني يتكلم ويسأل وهو محاط بالمعرفة والأخبار وتفاصيل التفاصيل من الجهات الأربعة .