الأخبار
2024/5/15
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

بطل الجبل - في أثر أبو علي إياد بقلم : طارق عسراوي

تاريخ النشر : 2015-07-28
بطل الجبل - في أثر أبو علي إياد بقلم : طارق عسراوي
بطل الجبل - في أثر أبو علي إياد . 

قلم : طارق عسراوي

ربما ضحك كثيرا حين سمع لقبه  للمرة الأولى " عمروش  "، فقد كان اللقب مدعاة ابتسامة الشهيد وليد أحمد شريم الذي سيتكئ بعصاه المميزة الساحرة على غرّة الأسطورة، و يروّض كبوتها صاعدا جبل البطولة الأخير مضرجا بجرح صهيلِ الخيل المشتاقة لدرب قلعة " قلقاليا" في طرف السهل الساحلي، تلك القلعة الكنعانية التي تزينت و تعطرت بزهر الجوافة  في انتظار الحبيب الذي لم يعد، و من يومها صارت يافا أبعدُ من ملحها و قطّع  الجدار دروب قلقيلية في انتظار عودة الشهيد كما وعد الرفاق ..!  

من مشفى الهلال الأحمر الفلسطيني في مزّة الشام سار موكب الشهيد أبو علي إياد إلى مسجد فلسطين في مخيم اليرموك في العام ١٩٧١ ، و حملت الأكتاف نعشا ضم حزن البلاد و رافقته الحناجر بالهتاف و بالدموع.

كان مشهدا أسطوريا يليق بوداع بطل الجبل ، و يفتح السؤال أبواب الأسطورة على الإحتمال، أين جثمان الشهيد ؟! 

كان العمروش غائبا عن جنازته كما غابت عصاه، الا ان الدمع كان حاضرا في حناجر البرق الغاضبة من فجيعة الاغتيال، و قيل أنّ الصدى هرّب من جنبات الهتاف الحار نسمات تموزيّة نُسبت فيما بعد للياسمين ، كانت تشبه ابتسامته التي اعتادها الرفاق منه، اذا ما ذكر أحد المؤبنين لقب الشهيد !

أما أصل اللقب " عمروش "  أظنهُ فعل اضافة للأسطورة و تشبيها بالعقيد عميروش صاحب النظام الثوري الجزائري ، و قد يحمل اللقبُ دلالاته الخاصة ، فالدلالة القاطعة لا يقبلها رجال الجبال ..

دُوّنَ رسمياً، أن أبو علي إياد استشهد في ٢٧/٧/١٩٧١ ، ولكن الأسطورة تأبى النهايات المتوقعة ، و لا تقبل المعتاد في سرد الحكاية ، فقبل أيامٍ قال لي صديقي أن مسكوناً بأحداث الأسطورة روى أنه إلتقى بطل الجبل بعد جنازته بعام أو اثنين و كان جالسا دون عكازته  !!

قُلتُ : أين ذلك و كيفَ  ؟

فقال : لقد خلط العمروش الحقيقة بالخيال ! 

هو الذي لم تقبل خطاه السير بعيدا عن خط النار،  و آثرت عيناه إبقاء البلاد في مدى رؤياها ، عصاه التي استعاض بها عن ساقه اليسرى، و ربما أضافت الألسنة اللاحقة ما يخصها للحكاية حتى صارت حكايته جمعيّة تتعدا حدود الذات المفردة ! 

اليوم ، في الذكرى الرابعة و الأربعين على حدوث جنازة بطل الجبل ، أقرأُ آخرُ ما كتب الأسطوريّ في رسالته للرفاق من الجبال ممتلأً بكبرياء صنوبر الأحراش ، و طالّا على شال البلاد القريبةِ  ، و ما سيغدو شعارا ثوريا تحمله الأجيال من بعده ، فهو الذي قال : نموت واقفين و لن نركع .
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف