الأخبار
كم تبلغ تكلفة إعادة إعمار قطاع غزة؟تركيا تُوقف جميع التعاملات التجارية مع إسرائيلغزة: عطاء فلسطين تنفذ سلسلة مشاريع إغاثية طارئة للمتضررين من العدوانحمدان: إذا أقدم الاحتلال على عملية رفح فسنُوقف التفاوض.. والاتصال مع الضيف والسنوار متواصلأكثر من ألف معتقل في احتجاجات الجامعات الأميركية ضدّ الحرب على غزةرئيس كولومبيا يُعلن قطع العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيلبلينكن: نريد الآن هدنة بغزة.. وعلى حماس أن تقبل العرض الجيد جداًتركيا تقرر الانضمام لدعوى الإبادة الجماعية ضد إسرائيلالكشف عن نص العرض المقدم للتوصل لهدوء مستدام في قطاع غزةنتنياهو: قواتنا ستدخل رفح بصفقة أو بدونهاوفد حماس يغادر القاهرة للعودة برد مكتوب على المقترح الجديد لوقف إطلاق الناربلينكن: أمام حماس مقترح سخي جداً وآمل أن تتخذ القرار الصحيح سريعاًتضامناً مع فلسطين.. احتجاجات الجامعات الأميركية تتسع وسط مخاوف إلغاء مراسم التخرجتل أبيب تستعد لإصدار الجنائية الدولية أوامر اعتقال ضد مسؤولين إسرائيليين كبارإعلام إسرائيلي: 30 جندياً في الاحتياط يرفضون الاستعداد لاجتياح رفح
2024/5/3
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

جوقة الصمت الرشيق بقلم : محمود حسونة

تاريخ النشر : 2015-06-30
جوقة الصمت الرشيق بقلم : محمود حسونة
كثر الصخب ٌ، والنمٌّ ، والثرثرة ، وشغبٌ أرعن على جموع رعناء ، لا ينفع ولا يغني ولا يسمن رشدٌ وقت الشدة ولا وقت الرخاء ، ولا يزيد الضوء حين العتم !!
( كثر النمُّ وإن بالصمت ما بين بني الإنسان هل لاحظت نمّا ً بين أبناء الحمير؟!! ) ( مظفر النواب )

جموع تعشق الثرثرة ، تلهي نفسها وآخرين بالهمز واللمز والنمّ ، وجموع أخرى تلازم الصخب وتستأنس به !! يبحلقون في مطربين ومطربات ، لا يجيدون إلا الصراخ والولولة من الحبيب وعليه ، أو ينحشرون في جلسات السياسيين المعربدين ، فيتلاكمون بالكلمات والأيدي ، صخب وضجيج يزيد الأوجاع في الأبدان ، ويفلس الروح من بهائها وحيويتها !! وأبدا إلى التفاهة أناس لا يطيقون الصمت أو التأمل ، ولا يتحملون الهدوء ولو للحظات ، يتابعون موسيقى المخاضات العسيرة ، وعالم افتراس الحيوان بدهشة وانجذاب ، و الأفلام ( الهوليودية ) الهائجة مع الإثارة و المطاردات المجنونة ، ونشر ظاهرة تبسيط القتل وإطلاق الرصاص بزخات !!! وصراعات الحلبة المجنونة من ركل ، ورفس ، في رياضة غاب عنها الذوق الرفيع ، والتحدي الشريف ، في جلسات أكلٍ نهمٍ بلا إحساس بالزمان ولا المكان ، إلى أن تسحبهم الغفوة في نوم مريع بلا هدوء !!!
أناس لا يطيقون الصمت الرشيق ، أو القراءة والتأمل ، لا يتحملون الانسياب والهدوء المتزن الرقيق ، لموسيقى الطبيعة العظيمة ، مع جوقة العصافير ، توزّع الفرح والغبطة علينا في مواجهة الضنك والتعب ، حشود عصافير تحتاج إلى خيال عينيكَ ، لتطير بك إلى النومَ اللطيف الطويل حتى الينابيع .
الصمت أستاذ التأمل والأمل ، عندما يعصف اليأس بالعقل والروح والوطن وتشتد الحلكة .
ليت الصمت لا يخدشه غير النسيم ، والغيم السابح غير المسموع ، والطيور الغفيرة المسافرة عن أمزجتنا الصعبة ، الصمت الأليف الأنيس من غير دخيل ، من أجل الألفة وإيجاد الحلول الحقيقة للأوجاع الماكرة . الصمت زهرة تطلع من خراب الثرثرة والضجيج الهالك ، موسيقى تتسرب من أعماقك الملبدة بلا عازفين ، ترى ملاكا فقط ، ينشد بالناي لوجع الأمل والحياة والغيوم والحرية ، ينشد للقلب وللجراح لتكون ضيفا في فضاء الكون الفسيح في عهدة النجوم والغيوم ، من هناك تواكب النجوم في سهرها واحتفائها ، تراقب الناس ساخرا ، في ركضها اللاهث خلف أوجاعها اللامتناهية !! فقط الصمت يشعرك بأنس الطبيعة ، يمتعك بدفء البرد ، يغيثك في صولة النفاق والرياء وخُبث النميمة وقذارتها .
هل حاولت أن تصمت وتتأمل ، وتسرح نظرك نحو الأفق البعيد الممتد ؟؟!! لتستكشف الجمال الذي يحيط بك في كل الاتجاهات ، لتعيش الهيام بحواس مفتوحة على آخرها ، تسمع هفيف النسيم ، وتستنشق عبير الماء ،وتلامس غيمة ، فتسكب الأمل والفرحة في وعاء النفس ، فينبثق النور من عينيك ، ويرشح من مسام جلدك بهيا لامعا خافتا وهادئا ، ويزهر الوعي في ربيع القلب وماء الدم الذي يسبح في جداول جسدك ، وتكون لديك رغبة للتحليق مع الطيور المسافرة إلى أحلامها .
مع الصمت ، يمكنك أن تكون في حضرة ما تشاء ، مع القمر وغيومه ، والسماء بفسحتها ونجومها ، والأحبة الذين غابوا ويتوهج جمر القلب على فراقهم ، اختر ما تشاء ، لكن في مساحة الصمت والتأمل ، أترغب في مواكبة المراكب ، بحثا عن الأحبة في العتمة المطلقة ، يمكنك أن تواكبها في سهرها بحثا عن الأمل الذي يكاد أن يجف ، و النجاة من عاصفة تلمع في المدى ، والضباب الكثيف البهيم الذي يشوه تفاصيل الجمال في وطن مرتهن ، تنقّل مع الباحثين المتألمين من زحمة وضغط الأوجاع ، أرسل معهم ولهم رسائل معبأة بوهج الحنين والشوق اللاسع لفراقهم ، وقل لهم : بالله عليكم أن تنثروا زهر الليمون واللوز فوق الأسيجة التي يرتد صدها فولاذا وأسلاكا شائكة ، علّها تستحي وتخجل من حمقها وحنقها !!
أكرر ، توقف لصق النافذة ، ولامس بعينيك الأفق الفسيح الرحيب ، تقيأ ما في صدرك ، كرّس بعض وقتك للهو مع الغيوم العابرة ، كأن تقول لها ، لا تحزني أيتها الغيوم من الصيف اللئيم المقيم ، لا تطيلي الغيبة عن أزهارنا ، فنحن نتشوق لرؤيتك قريبا جدا في الربيع القريب القادم ، بالله عليك كوني في ضيافة من يشبهونا ، حتى لا يتمكن العطش من فراخهم ، سنبقى على أمل العودة والحرية والخلاص برفقتك ، نحن في انتظارك ، اخترعي الأمل لنا ولهم مرة تلو أخرى ، كوني صديقة لهم ، إياك أن تغضبي من جنوننا وعبثنا وتعلني الخصام .
انهض واصعد من تحت الركام ، انشد للأمل والحياة والزهور العطشى ، وارفض الوجع المختبئ ، الذي يشعل النار في حنايا النفس المطمئنة ، فكك الأوجاع ، لا تستسلم لضعفها وغطرستها المتنكرة كالثعالب ، لن يتمكن العطش من خيالك ولن ينطفئ الشعاع المتّقد ، سيظل الأمل يخترع نفسه بنفسه .
قضيتنا هي الصمت ضد الثرثار الماكر، المنتقم المفتن .
( هنالك أناس يتكلمون كثيرا مع أنهم لا يقولون شيئا ! )

بقلم : محمود حسونة ( أبو فيصل )
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف