الديوان العاري كتاب محمد قميحة الشاعر والانسان بقلم:محمد درويش

الديوان العاري كتاب محمد قميحة الشاعر والانسان

بقلم الاعلامي الشاعر محمد درويش

الديوان العاري عنوان المجموعة الشعرية الاولى للشاعر محمد قميحة من جنوب لبنان..

 فقد أعلن الشاعر حبه وكتب :

..البحر له بر

يأوي اليه أوان الود

ويرحل في الجزر

والقلب له سر

يكشف في وقت الحشر

فالعشق لذيذ في الستر

كالقابض بين يديه على جمر

حبك كان ويبقى يا وطني

...يا قبلة شوق للرب

أعلن حبي ..ودمي دربي

وعلى ظهري صليب

من خشب الارز الخالد

حفرت عليه أسماء الله الواحد

ووشمت جبيني ((الحرية للانسان))

ورحت أطوف على العالم

أغني مجدك يا لبنان ..

والاهداء من الشاعر بكل أوراقه في الديوان  الى مريم ..

وفي ديوان محمد قميحة الكثير من الصور والمعاني والافكار والتطلعات والاحلام  والوقائع لكنه شاعر مختلف بوضوحه القاتل حتى انه  يلامس الجرح ويضع اصبعه على القلب وفيه و ومنه يستل الحقيقة كسيف من نور ..

في كل ما يكتبه او يلقيه يكون الشاعر  محمد قميحة هو نفسه لا أثر لغريب أو لصديق فيه لا بصمة لشاعر فيه في الماضي أو الحاضر انه نتاج نفسه ..

كلما استمعت لشعره أو قرأت نصوصه أشعر بالانتماء الى الانسان الى كل من له علاقة بالقلب والمعاناة والجرح والقضية

..لم يترك قميحة قضية الا وحكى فيها أو حاكاها بل حاك لها قميصه الشعري وقدم على المنبر  في الحركة الثقافية في صور كل ما هو شعر أو يشبه الواقع..

جميل هو شعره حتى ان للجمال عنده مقاييس منها في الأول والآخر:  انه يكتب بقلم الدم ودمع الوجدان ما يليق بالقصيدة التي تكتب في العام 2015 او تعود الى ما قبل العام 2000

 انه يعايش ويعيش ويقوى على الشعر ومعه وفيه بلغة لم نعرفها من قبل ..

مبروك له هذه الاطلالة وهذا الطموح في البساطة والعمق معا" ..

سياسي عتيق وشاعر مرهف..ووجدان مشتعل هذا أقل ما يقال في  حضرة الشاعر الجنوبي محمد قميحة

ابن عصره وضمير مرحلته المتوهج ...

ويقول الشاعر اللبناني العربي المعروف محمد علي شمس الدين في مقدمة الديوان : ...في قصائد قميحة القصيرة التي هي كنقدات طائر يعري لنا الشاعر قميحة شؤونا" وشجونا" في الحياة والوطن كانت مغطاة بغشاء من المألوف والاعتيادي فالشعر في جانب من جوانبه كشف للمستور وتعرية للمألوف ..

في الديوان كتاب اول لقصائد كتبت قبل العام 2000

 ويعود ريع الكتاب لمساعدة طلاب محتاجين من أبناء قرية الشاعر قميحة.

وللشاعر كتاب تحت الطبع بعنوان النقد الادبي الواقعي في لبنان جذوره رواده وقضاياه ..

ومن عناوين القصائد نلمس أن ثمة مشوار طويل مع الشاعر يمضي فيه الى أمكنة وأزمنة ومواقف وفي العناوين..:

نشيد الفينيق وصباح الخير يا وطني أعلن حبي صلاة قانا المارد السيف الغاز مدريد عاصفة الصحراء خرز أزرق البغل الطرطور اللوتو اقرأ التاء الى نخلة ليلى والذئب رابعة العدوية مريم اعلان القيامة أنثى أبي الطريق الباص الكلب شيكاغو لحم وعجين عهد ارنون وصية رجل مات ..

اما في الكتاب  الثاني فله عناوين  منها :

..انا لغة ماذا تعرف عن لبنان صور صيدا بيروت حرة حجر رسالة شكر الى شارون

نجمة غزة لعبة من نارانا العراق ماذا يفعل زرياب راعي البقر علي بابا الأوباش شكرا" لكم الاصل والفصل الكرسي عيناتا البيك خيمة صوفية رواية فلاحأ جحا الواوي لماذا يا صبي؟عباس والذئب قمر ليلان خضراء العسل وردة شكرا" قطر حكاية العبيد عاشوراء صانع الأحلام

ومن قصيدة  مدينة صور التاريخية التي زينت الديوان  للشاعر محمد قميحة  نقتطف :

أول شجرة حناء في هذا الشرق

رأت صورتها عارية في الماء

وجه قمر ..والشعر مساء

نسران يشعان على قامتها الخضراء

والسرة مرجان

جسد من طين سبحان الطيان

يحرق بالنار

يعوي كذئب فلاة

لا يلوي على شيء

ممنوع أن يعرف طعم الملح

أن يرقص في الضوء

لأن البحر اذا ضاق الطين

ولو مرة

يسرق سر الشهوة

وهات على شهوات

قال العرافون:  ومن يمنع بحرا"

لو هاج عن الطوفان ؟

قالت صور:  أنا

وهذا الماء يكون بساط الريح

أرز الرب عصا"

اضرب فيها الموج  اذا هاج 

ألبس جلد الثور

أطعمه البحر اذا جاع

وأطير الى قرطاج

أنسج كيس الاحلام

بأساطير الشام

عن حب ادونيس وعشتار

وحول مجزرة قانا كتب الشاعر محمد قميحة قصيدة رائعة منها :

...نار

قانا نار

احفر اسمك غرسا"

في جسد الاشجار

يحترق الورق الثمرالطير

وتبقى أيدي الاطفال

كرايات الثار

قانا خمر

قانا دم

قانا لا جدار ..

بين الماء وبين الصحراء

قانا صراخ للآتي

قانا حد

بين العار وبين الغار ..

والشاعر صريح في تناوله لأي معنى من معانيه سواء تعلق ذلك المعنى بالوطن كقوله مشيرا" الى سريان دم الثورة والحياة في عناصر الجنوب ..كيف يجري الدم في الحطب

.واشارة الى العدو في قصيدة ارنون:

 سقطت نجمة داود وقامت زهرة..

.أ و تعلق المعنى بالذات وسائر شؤون الحياة

..قالت ليلى ذئب انت

 كل ما شئت

 فأناة شاة ...

وما يقوله  محمد قميحة يدخل التاريخ.: .

هذا فم يبصق دما" في وجه أنان

هذا لسان يروي تاريخ ملوك العرب الخصيان

هذا هديان

شكرا" شارون

سيبقى اسمك حيا" في ذاكرة الجرذان .

.

.............والشاعر قميحة يصف حاله بقوله:

 ..وكان عاريا"

وصار لعبة من نار

اسمها الحرية ...

الأوباش أكثرهم ذئاب

وبعضهم دواب

تمشي بطونهم أمامهم كأنها جراب

والويل لو مشوا

قنابل  صوتية

وعار أسود فاحم

كأنه المازوت يدفع القطار للأمام

وعندما يمر في حضرتكم أحدهم يلقي السلام

لا تحسنوا الخطاب فهو أين حل يكثر الذباب

....يعيش في الوراء

 يردد الأقوال ...والأمثال

 مثل ببغاء..

....وبعد باختصار بسيط ان الشاعر محمد قميحة صوت جديد في الشعر المقاوم تارة لما هو شأن  عام وتارة أخرى لما هو خاص وفي الوسط قلب ينبض بشاعرية أخاذة ومتألقة وناعمة .

محمد درويش

اعلامي وشاعر / الجنوب