الأخبار
ارتفاع درجات الحرارة يفاقم معاناة النازحين في غزة ويزيد من البؤس اليوميالأمم المتحدة: إزالة الركام من قطاع غزة قد تستغرق 14 عاماًتصاعد الاحتجاجات الطلابية في الجامعات الأميركية ضد الحرب الإسرائيلية على غزةتفاصيل المقترح المصري الجديد بشأن صفقة التبادل ووقف إطلاق النار بغزةإعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزة
2024/4/28
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

رحيل الأسد بقلم: د. عدوان عدوان

تاريخ النشر : 2015-05-23
رحيل الأسد.     كتب : د. عدوان عدوان 

رحل اليوم عن عالمنا المفكر الأردني الدكتور ناصر الدين الأسد عن عمر يناهز 93 عاما ، الدكتور الأسد لم يكن شخصية عادية ، فلهو صاحب مهابة مقترنة باسمه ، فالجلوس في حضرته أشبه برؤية أسد عن قرب ، وأذكر حالة الرعب المهول التي كانت تنتاب زملائي وهم مسندون على الكراسي في حضرته الجليلة ، يحسب للأسد من ضمن ما يحسب له رده العلمي على تشكيك طه حسين في الشعر الجاهلي في كتابه " مصادر الشعر الجاهلي" الذي كنا نطلق عليه "إنجيل الأسد".
الدكتور المفكر الأسد كان علّامة في الأدب القديم ، وربما هو آخر قطعة أو معزوفة كلاسيكية هاربة من الأصمعيات والمفضليات وطبقات فحول الشعراء ، فالأسد الذي يحفظ الشعر ويتمثل به ، بل الذي ينام ويصحو به يحفظ كذلك الأقوال والنصوص النثرية بحرفيتها.
الأسد كان يتمنى أن يكون شاعرا وله دواوين ، أقول كان يتمنى أن يكون شاعرا ولم يكن له نصيب من ذلك مع أنه يقرض الشعر ، وقد قرأت له ديوانا كاملا ولم أعثر إلا على أبيات قليلة فيها من جماليات الشعر ما فيها ، ولمّا أنشدتها على مسامعه أهداني ديوانا آخر من دواوينه ، وقد هاج الأسد وماج عندما وصف الدكتور نهاد الموسى شعره بشعر العلماء ، لكن الأسد بصراحة كان شاعرا في حياته فهو يتغنى بالشعر الجيد الجميل ويهلل له كما يهلل المصريون لأم كلثوم ، وكان شاعرا في أسلوبه ، وفي تنظيم أموره وفي رومانسيته وفي حنينه للماضي وعشقه للحياة رغم اشتعال رأسه شيبا ، أهدى الله الأسد ذاكرة ناصعة حافظة ، فكان يعرف الأبيات الناقصة والمزادة وفي أي الكتب تكمن ، أهدى له جاها ووجاهة وعلما ولم يمنحه من ملكة الشعر إلا أصغرها مقارنة بملكاته وسرعة بديهته وجلده وذاكرته وسموه ، الأسد صاحب الذاكرة القوية ،غبت عنه مدة طويلة وعندما عدت تبسم لي ، فقلت: له أتذكرني؟ قال :أو مثلك ينسى أيها العدواني ؟
من غرابات الأسد ، وللأسود غرابات أنه كان يحفظ شواهد النحو عن ظهر قلب ، لكنه لم يكن يحب شعر النحاة وتمحكاتهم ، وويل للنحوي إذا وقع تحت لبدته فسيرهقه أسئلة وتلويعا !
لن أتحدث عن المناصب العليا التي تقلدها الأسد في الدولة من رئاسة الجامعة إلى الوزارة ، وللأسود ممالك وحياض ، لكنه مرة أسرّ لنا فقال : أنا لا أحب أن يناديني الناس بالعين ولا بسيادة الوزير ولا بأي لقب إلا بلقب دكتور؛ لأن لقب دكتور ليس منحة إنما هو شهادة يتحصلها الإنسان من تعبه وعلمه وجده وكده وضياع عمره. 
لقد رحل الأسد الشامخ ورحلت معه ابتسامته ورحل معه علم يتسع لأمة عظيمة ممتدة في التاريخ ، ظل الأسد يقرأ سبع ساعات يوميا حتى بلغ التسعين وزاد الله عليها ثلاثا ، ينهل من منهل التاريخ العربي العظيم ، ولا شك أننا نحن طلابه سنشعر اليوم باليتم الأبوي والثقافي ، وعلينا أن نقاتل مثل أبطال العرب القدامى الذين تمثلهم الأسد في مجازاته وتغنى بأشعارهم وهم يجوبون البلاد على ظهور خيلهم عرضا وطولا- حتى نتهالك ونسقط على الأرض بلا أنفاس ، ولا شك أن الموت غيب شخصا عظيما وقائدا من قادة الثقافة العربية وسيفا من سيوف المتنبي والحمداني والمعري وحصانا شموخا أنوفا من أحصنة شعراء المعلقات وشعراء المقطوعات الشعرية الجميلة .
ترثيك أيها الضيغم أشعارك وأمجادك وكتبك وحكاياتك وأقوالك ومكتبتك ويرثيك طلابك الذين أحبوك وأجلّوك وتنازعوا على مرافقتك ونهل علمك ، وأرثيك أنا يا سيدي ؛ لأن لك في قلبي وقعا أبويا حنونا ، وأرثي زئيرك الذي بلغ المحيط والخليجا ، فسلاما.
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف