الأخبار
غزة: عطاء فلسطين تنفذ سلسلة مشاريع إغاثية طارئة للمتضررين من العدوانحمدان: إذا أقدم الاحتلال على عملية رفح فسنُوقف التفاوض.. والاتصال مع الضيف والسنوار متواصلأكثر من ألف معتقل في احتجاجات الجامعات الأميركية ضدّ الحرب على غزةرئيس كولومبيا يُعلن قطع العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيلبلينكن: نريد الآن هدنة بغزة.. وعلى حماس أن تقبل العرض الجيد جداًتركيا تقرر الانضمام لدعوى الإبادة الجماعية ضد إسرائيلالكشف عن نص العرض المقدم للتوصل لهدوء مستدام في قطاع غزةنتنياهو: قواتنا ستدخل رفح بصفقة أو بدونهاوفد حماس يغادر القاهرة للعودة برد مكتوب على المقترح الجديد لوقف إطلاق الناربلينكن: أمام حماس مقترح سخي جداً وآمل أن تتخذ القرار الصحيح سريعاًتضامناً مع فلسطين.. احتجاجات الجامعات الأميركية تتسع وسط مخاوف إلغاء مراسم التخرجتل أبيب تستعد لإصدار الجنائية الدولية أوامر اعتقال ضد مسؤولين إسرائيليين كبارإعلام إسرائيلي: 30 جندياً في الاحتياط يرفضون الاستعداد لاجتياح رفحقناة كان: القيادة الإسرائيلية منقسمة بشأن مستقبل الحرب في غزةارتفاع درجات الحرارة يفاقم معاناة النازحين في غزة ويزيد من البؤس اليومي
2024/5/2
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

الحلقة السابعة مشوار حياتي.. (سيرة قلم فلسطيني)بقلم:رفيق أحمد علي

تاريخ النشر : 2015-04-20
الحلقة السابعة مشوار حياتي.. (سيرة قلم فلسطيني)بقلم:رفيق أحمد علي
الحلقة السابعة
مشوار حياتي..
(سيرة قلم فلسطيني)
[الجزء الأول] 1948ـ 1970
ــــــــــــــ
ذكريات بعيدة: 2ـ [في مخيم خان يونس]
بين الكثبان الرملية تنحصر أو تمتد أحياناً مساحات ذات قيعان أو أرضية صًلبة نوعاً ما، تسمّى بالفصحى القديمة (الخِبت) أو الكديد وتعرف عند العامة ب(الدَّقعة)، وأرض الحصوة التي آل بنا المطاف إليها هي من هذا النوع الذي ينتشر فوقه الحصى الدقيق (الفسيفساء) التي تساعد على دكّ الأرض وتصلُّبها؛ ولعلها سميت بالحصوة لهذا السبب! وهي تمتد من أواخر بنيان مدينة خان يونس غرباً إلى مدى نصف الكيلومتر أو يزيد قليلاً، حيث تقع الكثبان الرملية المتماوجة حِقافاً حتى شاطئ البحر: يقول امرؤ القيس: فلما أجزنا ساحة الحيِّ وانتحى ** بنا بطن خٍبتٍ ذي حقافٍ عقنقلِ.. كما تمتد مثل ذلك جهتي الشمال والجنوب.. وقد أقيم عليها مخيّم خان يونس للاجئين.. وكانت خيمتنا وخيمة أبناء عمومتنا تقعان عند أول اتصال هذه المنطقة بالبنيان القديم للمدينة.. وكان يجاورنا في هذا السكن عائلات من شتى قرى فلسطين ومدنها الجنوبية المنكوبة: المجدل وأسدود وبئر السبع ويافا واللد والرملة ويبنا وصرفند وبشّيت وبيت دراس وكرتيا وكوكبة والسوافير ونجد وسمسم وبرير وبرقة وعراق سويدان والجية وحليقات وبرقة والسطرية وغيرها.. أذكر أني شاهدت والدي وهو يقيم حاجزاً رملياً حول خيمتنا له فجوة من جهة الجنوب؛ ليكون بمثابة السور للبناء.. كما قُسّمت الخيمة من الداخل بواسطة سواتر قماشية أظنها البطاطين؛ لتؤلف أربع حجَر: إحداها لنا والثانية لأسرة العم محمود والثالثة لأسرة العم عبدالله والرابعة للجدة وأبنائها العُزّاب الثلاثة: عبد القادر وصدقي وطلال مع أختهم الأصغر(رقية) . وإني لأذكر تلك الخيمة الكبيرة التي تشبه الجمل ذا السنامين، وكان قسمنا منها يقع في جزئها الشمالي محاطاً بالسور الرملي الذي أقامه الوالد، وكم كنا نلهو حوله ونصعده أنا وأخي مصطفى ثم نقفز من فوقه سعيدين غير مدركين لما أحاط بنا من هولٍ وغربة أو ينتظرنا من مرّ العيش!
هذا وعند أول الشارع المؤدي إلى وسط المدينة شرقاً، كان والدنا يقيم دكاناً كلها من الزنكو(ألواح الحديد) المعروفة وهي التي كان قد أسسها في رفح بعد انتهاء عمله بالوكالة.. وكان يبيع فيها البضائع البسيطة التي يحتاج إليها المخيم، ويجني الربح القليل الذي نستطيع أن نقيم به أودنا مع ما نتسلم من مخصصات تموينيية! ولم تهمل وكالة الإغاثة جانب التعليم لنا؛ حيث أقامت جوار المخيم خيمة كبيرة كانت بمثابة مدرسة أولية التحق بها والدنا بدايةً كمدرّس، إلا أنه لم يصبر على ذلك سوى أيامٍ قليلة؛ إذ لم تنتظم الوكالة بعد لتصرف معاشاً نقدياً للمدرس، بل كان الأجر عبارة عن حزمة من البصل مع حفنة من السمك المصبّر المسمّى بالأكيردا، كما كان يُذكر على مسمعي بعدما كبرت؛ لذا أعرض الوالد عن هذه المهنة المتعبة بغير أجرٍ لائق والتزم دكانه.. إلا أنه ظل يتمناها بعد ذلك حتى لبّسني إياها بمجرد حصولي على الشهادة الثانوية(التوجيهي)، وإن كان لذلك سببه المادي كما سيجيء.. وكان العم صدقي يصحبني وأخي أحياناً كي نلعب في ساحة تلك المدرسة الخيمية بعدما تفرغ ظهراً من التلاميذ، بينما يجلس هو ومعه كتابه ليذاكر في ركنٍ منها! فكنا نمرح ونصنع طائرات الورق حولها، أو نبني بيوت الرمل.. وكنت في الخامسة من العمر لم أنتظم تلميذاً بعد.. وكان أخي مصطفى في الثالثة من عمره، وكم كنا نسرّ للريح وهي تهفهف وتمرّ صافرةً من النوافذ السفلى للخيمة؛ لتترك على بيوت الرمل التي يتخللها الحصى أشكالاً مختلفة من الرسوم! ونسرّ أكثر لطائرات الورق ونحن نشدها بالخيوط بينما تميل يميناً وشمالاً في الفضاء الطلق.. وقد لا نشعر صغاراً بضنك الحياة من حولنا؛ خصوصاً أننا لم ندرك حياة الرخاء والعز في قريتنا السليبة، وقد أدركها السيد الوالد ومن في سنه .. وكان يكتب الشعر الموزون أحياناً؛ فراح يصوّر حياة الذل والعنت وشظف العيش التي أصبح يعيشها اللاجئ الفلسطيني قائلاً:
سئمت من الحياة لأنّ فيها**يعيش الحرُّ في بؤسٍ شديدِ
ويرقى للمعالي من تدانى ** وأنزل نفسه نزل العبيدِ
ويهرب من جيوبي كلُّ قرشٍ ** وليس بناتجٍ يأتي جديدِ
ويأتي الطفل يبكي كلّ يومٍ ** ويطلب نصف قرشٍ أو مجيدي
فليس ينال مني بعد لأيٍ *** سوى المتليك من صنع الحديدِ!
×××××
ومن أشدّ ما لقينا من سكنانا تحت تلك الخيمة ذات ليلة من ليالي الشتاء القارس عام 1951 ، حيث هبت العواصف ونزلت الأمطار الغزيرة التي كادت تغرقنا بل تجرف معها الخيمة الكبيرة! وما ظنّك بخيمة تحت المطر الغزير والعصف المرير، وقد قامت وسط الرمال على دعامتين راحتا تترجّحان كأنهما شراعان لسفينة وسط مياه مائجة وعواصف هائجة.. وكانت دكان الوالد في منطقة أكثر علوّا من موقع الخيمة؛ فأوينا إليها حمايةً من الغرق وشدة البرد! وفي اليوم الثاني استأجر الوالد غرفة بسيطة من أملاك أحد مواطني خان يونس يكنى أبو عطا حمدان بأجر وقدره أربعون قرشاً في الشهر. وظلت الخيمة الكبيرة تقاوم الرياح العاتية دون جدوى؛ حتى تطايرت أشلاؤها، وتشبث من تشبث من بقية العائلة بحطامها، أو أعادوا نصبها من جديد بعدما هدأت العواصف وأقلعت الأمطار!
ــــــــــــــــــــــــــــ يتبع
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف