الأخبار
الخزانة الأمريكية : بيانات الاقتصاد تؤكد وجود تباطؤ بالتضخممسؤولون أمريكيون: التوصل إلى اتفاق نهائي بغزة قد يستغرق عدة أيام من المفاوضاتالمستشفى الأوروبي بغزة يجري عملية إنقاذ حياة لطبيب أردنيتحذيرات أممية من "حمام دم" في رفحالمقاومة الفلسطينية تكثف من قصفها لمحور (نتساريم)غارات إسرائيلية مكثفة على عدة مناطق في قطاع غزةحماس تتمسك بوقف إطلاق النار وضغوط أميركية على نتنياهو للمشاركة بالمفاوضاتمسؤول ملف الأسرى الإسرائيليين السابق: حماس جادة بالتوصل لاتفاق وإسرائيل لا تريدإعلام إسرائيلي: نتنياهو يصدر بيانات ضد إبرام الصفقة تحت مسمى مسؤول دبلوماسيحماس: ذاهبون إلى القاهرة بروح إيجابية للتوصل إلى اتفاقإعلام إسرائيلي: جيشنا انهار في 7 أكتوبر رغم تدريباته لمنع هجوم مماثلكم تبلغ تكلفة إعادة إعمار قطاع غزة؟تركيا تُوقف جميع التعاملات التجارية مع إسرائيلغزة: عطاء فلسطين تنفذ سلسلة مشاريع إغاثية طارئة للمتضررين من العدوانحمدان: إذا أقدم الاحتلال على عملية رفح فسنُوقف التفاوض.. والاتصال مع الضيف والسنوار متواصل
2024/5/5
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

العلمانية، خصوصية فرنسية؟ ترجمة : سناء الرزاوي

تاريخ النشر : 2015-01-27
مقال مترجم عن موقع مجلة "علوم انسانية" scienceshumaines.com

لماذا، في فرنسا، تُولّد العلمانية جدلا عاطفيا؟ رغم أن تحديد مكانة وصلاحيات الاديان ليس مشكلا فرنسيا فحسب، وإن كانت فرنسا رائدة في هذا الميدان.

ففي سنة 2005، احتفلت فرنسا بمائة سنة على ميلاد أحد أبرز قوانينها : قانون الفصل بين الكنائس والدولة، المصادق عليه يوم 9 ديسمبر 1905. كان من الممكن الاعتقاد أن مائوية العلمانية هذه - فالأمر يتعلق بها، رغم أن هذا المصطلح لا وجود له في نص القانون - تعني الاحتفال بأحد أهم الأماكن المرموقة في ذاكرة جمهوريتنا. فقد تم دفن الصراعات القديمة التي مزقت الوطن، بين معادي وأنصار الكاثوليكية، أو، حتى في المعسكر العلماني، بين المفكرين الأحرار الراديكاليين ( مناصري القضاء على الشعور الديني)، أنصار "الكونكورد" (يعارضون طبقة رجال الدين أكثر من الدين نفسه)، والليبراليين، أمثال جون جوريس وأريستيد بريان اللذين طالبا بمجرد حياد للدولة !

العلمانية، التي تم إقرارها في الدستور منذ 1946، كان يُنظر إليها وحتى للخمس عشرة سنة الأخيرة كمكتسب أساسي، يمثل صراعات حقبة أخرى، بل وتفوح منها رائحة مداد وطباشير جنود الجمهورية؛ مفهوم قديم نوع ما وتقريبا بالٍ.

إلا أنها فجأة، في مطلع القرن 21، تتحول من ذاكرة تُخلّد في هدوء إلى تحفة مهددة. فمنذ 1989، بدأ تاريخها يصحو مع ظهور فتيات صغيرات محجبات داخل إعداديات منظومتنا التعليمية المقدسة للغاية.

والتتمة معروفة، في جو من الامتعاض العام من المدرسة، التي صارت فريسة لتصاعد اللاتحضر، وتضاعفت "قضايا" الحجاب الاسلامي، إلى أن قرر رئيس الجمهورية، سنة 2003، تشكيل لجنة للتفكير في مبدأ العلمانية داخل المجتمع الفرنسي، لجنة أدارها برنار ستازي، وقدمت تقريرها في ديسمبر 2003 لتفتح الباب لقانون سنة 2004 حول حظر العلامات الدينية البارزة بالمدرسة [..].

فمنذ بضع سنوات إذن، صارت العلمانية بفرنسا جدالا وطنيا يلهب العواطف، ويجتاح الساحة الإعلامية مؤديا إلى انفجار في الإصدارات حول الموضوع...لدرجة أن جيراننا الأروبيين، وحتى الأبعد في ما وراء الأطلنطي أو في بلاد الشمس المشرقة [ اليابان] صاروا يتساءلون : كيف لقطعة ثوب أن تهز أركان جمهورية كفرنسا، بلد حقوق الإنسان؟ هل العلمانية، كما يدعي البعض، خصوصية حصريا فرنسية، وتُعد من رموز هذا البلد تماما ك[جبن] الكاممبيرأو نبيذ البورغون؟

للإجابة عن هذا التساؤ، أعاد فلاسفة، مؤرخون، علماء اجتماع، رجال قانون وآخرون، أعادوا فتح الملف. وكان لهذا الجدل الفضل في تجديدن بالنسبة لفرنسا، وتعليم، بالنسبة لبلدان أخرى، عدد من الأبحاث حول طريقة كل بلد ديمقراطي في إدارة علاقاته بالمؤسسات الدينية. فخلال مباحثات [ جرت بمدينة] أوكسير، والتي نُظمت من طرف مؤسسة أوندورسي في نوفمبر 2004، حضر باحثون من أنكلترا، المانيا، إيطاليا، تركيا، اليابان، المكسيك...فحتى لو اكتفينا بأروبا ذات التقاليد المسيحية، لبدا، كما وضحه جون بول ويلايم، أن تعبير العلمانية لا يمكن تصريفه للمفرد.

فتصور مفهوم العلمانية اتخذ أشكالا متعددة، والحلول المتبناة من طزف كل بلد غالبا ما أملاها تاريخها. إلا أنه، ولدى الكل، كان المبدأ محط نقاش عندما توجب، مع الإرساء التدريجي للأنظمة الديمقراطية، توجّب الحد من صلاحيات الطوائف الدينية والكنائس ومشاركتها، بل وتدخلها في الحياة المُواطِنة والبعض المؤسسات كالمدرسة.

في بحث ظهر غير بعيد (عن الفصل بين الكنائس والمدرسة، 2004)، يوضح بونوا ميلي كيف ظهرت في انكلترا فكرة استقلالية السلطات الدينية والسياسية، في القرن 17، بتأثير كتابات جون لوك. وكيف شغلت الفكرة ، بين القرنين 18 و20، أروبا بأسرها.ففيما يخص التعليم مثلا "إن خضوع عقول المعلمين والتلاميذ للسلطة الكهنوتية مان يُنظر إليه في كل مكانعلى أنه العائق الرئيسي لبناء أنظمة تعليم عصرية". من جهتها، رأت الكنائس- الكاثوليكية، الانغليكانية، البروتستانتية- القانون الفرنسي للفصل بين الكنائس والدولة لسنة 1905 كتهديد لصلاحياتها.

هي إذن "استثناء فرنسي"، هذه العلمانية؟ فتحديث علم التأريخ ينفي هذه الفرضية. بالمقابل، وكما بينه ب.ميلي، لا يمكن أن ننكر عن فرنسا "أسبقية لا تناقش" بل ونموذجية في تطبيق العلمانية. "هذه الميدالية العلمانية لها وجه آخر، يقول الكاتب، فقد أيّدت مفهوما ملغزا للمدرسة العلمانية الفرنسية".

كما يوضح جون بوبيرو، الذي ساهم كثيرا في إعادة قراءة تاريخ هذه المسألة، فالعلمانية، إن لم تكن تفردا فغنها تبقى شغفا فرنسيا (العلمانية 1905-2005ن بين العقل والعاطفة، طبعة 2004 ).رغم أن إنجازمؤسسي الجمهورية الثالثة- من قوانين المدرسة العلمانية إلى الفصل سنة 1905- أُريد له أن يكون سلميا، مُحترِِما لحرية الضمير والمعتقد، فإن تصورا ل "علمانية النضال"، كضمان وحيد للقيم الكونية ولتقدم العقل قد ترسخ في الذاكرة الجماعية. فقد اُعتُبرت دعامة للهوية الوطنية الفرنسية، موحية بتهديد الدين للحريات الفردية والنظام الجمهوري؛ والعلمانية بهذه الصورة تجد صعوبة في أن تتطلع للقرن ال21. حيث اهتز الاعتقاد بحقيقة صادرة عن تقدم العلم -وهي التي ينبع منها مجمل الفكر العلماني؛ وحيث يعاني الفكر الكوني من أزمة, مع ظهور طرق مغايرة للإيمان، وكما قال ألبير باستونيي، صارت ثقافة الاختلاف خاصية ضرورية لمجتمعاتنا المختلطة أكثر فأكثر. انتهى
ترجمة : سناء الرزاوي
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف