الأخبار
كم تبلغ تكلفة إعادة إعمار قطاع غزة؟تركيا تُوقف جميع التعاملات التجارية مع إسرائيلغزة: عطاء فلسطين تنفذ سلسلة مشاريع إغاثية طارئة للمتضررين من العدوانحمدان: إذا أقدم الاحتلال على عملية رفح فسنُوقف التفاوض.. والاتصال مع الضيف والسنوار متواصلأكثر من ألف معتقل في احتجاجات الجامعات الأميركية ضدّ الحرب على غزةرئيس كولومبيا يُعلن قطع العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيلبلينكن: نريد الآن هدنة بغزة.. وعلى حماس أن تقبل العرض الجيد جداًتركيا تقرر الانضمام لدعوى الإبادة الجماعية ضد إسرائيلالكشف عن نص العرض المقدم للتوصل لهدوء مستدام في قطاع غزةنتنياهو: قواتنا ستدخل رفح بصفقة أو بدونهاوفد حماس يغادر القاهرة للعودة برد مكتوب على المقترح الجديد لوقف إطلاق الناربلينكن: أمام حماس مقترح سخي جداً وآمل أن تتخذ القرار الصحيح سريعاًتضامناً مع فلسطين.. احتجاجات الجامعات الأميركية تتسع وسط مخاوف إلغاء مراسم التخرجتل أبيب تستعد لإصدار الجنائية الدولية أوامر اعتقال ضد مسؤولين إسرائيليين كبارإعلام إسرائيلي: 30 جندياً في الاحتياط يرفضون الاستعداد لاجتياح رفح
2024/5/3
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

الحرب الأخيرة على غزة .. نصر أم هزيمة ؟ بقلم:د. محمد جودة

تاريخ النشر : 2015-01-26
الحرب الأخيرة على غزة .. نصر أم هزيمة ؟ بقلم:د. محمد جودة
الحرب الأخيرة على غزة .. نصر أم هزيمة ؟

يبدو المشهد السياسي على الساحة الفلسطينية لكثير من المراقبين مضطربا ومربكا, فالآمال فى فك الحصار وفتح المعابر وإنشاء المطار أو المنفذ البحرى والتى تصاعدت أثناء الحرب الأخيرة على غزة قد تبخرت, ولم تزد الحرب سكان القطاع الا حصارا وبؤسا. والمصالحة الفلسطينية التى بدا خلال الحرب, وبعد تشكيل الوفد المفاوض الموحد, أنها باتت قاب قوسين أو أدنى لم تكن يوما ابعد عن التحقق مما هى عليه الآن. والتغيرات العربية والإقليمية التى شهدتها المنطقة فى السنوات الماضية, أوصدت فى وجه الفلسطينيين أبواب المساعدة والأمل, وجعلتهم يقفون وحيدين فى مواجهة اشرس قوة عدوانية على وجه الأرض. 
المنحازون لمعسكر المقاومة يصورن ما أنجزته المقاومة فى ساحة القتال على أنه انتصار كبير وخطوة هامة على طريق التحرير, والمصطفون فى الجهة المقابلة, ونتيجة لما لحق بالقطاع من الدمار الهائل, وما قدمه سكانه من تضحيات كبيرة, يصفونه بالمغامرة العبثية المتهورة, والتى لا تخدم الا مصالح فصيل بعينه, على حساب آلام الشعب وعذاباته.
لو نظرنا الى نتائج الحرب الأخيرة على غزة فى صيف 2014, بمعزل عن السياق التاريخى للصراع مع الكيان الصهيونى, فلربما بدت الصورة وكأنها جولة جديدة فى صراع عبثى بين أعتى قوى الشر والجبروت على وجه الأرض, وبين شعب ضعيف بائس مقهور لا يملك قوت يومه ويطمح مع ذلك فى أن يخرج من هذا الصراع منتصرا.  ولكن اذا ما وضع الأمر فى سياقه التاريخى فإن الصورة ستبدو مختلفة.  فالكيان الصهيونى الذى يرتبط بقاؤه واستمراره على قدرته على الإحتفاظ بالتفوق الكامل والهائل على الدول العربية المحيطة فى كل المجالات, وبالذات المجال العسكري, وعلى قدرته المطلقة على ادارة الحروب الخاطفة فى ارض الخصم, وتحقيق انتصارات سريعة وساحقة على كل من تسول له نفسه مهاجمته أو الوقوف فى وجهه, يبدو وكأنه قد فقد كثيرا من هذه القدرات. فالإنتصارات الساحقة والمذلة التى حققها على الأنظمة العربية فى الأعوام 1948 و 1956 و1967 لم تتكرر بعدها أبدا حيث شهدت حرب أكتوبر 1973 بداية التراجع والإنكسار الصهيونيين وما أن حل القرن الحادى والعشرون إلا وبدأ مسلسل الهزائم واحدة تلو الأخرى. وفى الوقت الذى دلت فيه الإنسحابات المخزية للجيش الصهيونى من جنوب لبنان عام 2000 ومن غزة عام 2005 على انكماش رقعة الكيان الجغرافية وعدم قدرته على الإحتفاظ بكامل الأراضى التى احتلها لسنوات طويلة, فإن الحروب التى تلتها عام 2006 فى لبنان والأعوام 2008/2009 و2012 قد تميزت جميعها بعدم قدرته حتى على حماية الأرض التى يحتلها والتى يسميها دولته, بما شكله ذلك من ضربة قوية لنظرية الأمن الصهيونى فى أحد دعاماتها الهامة. أما حرب 2014 فبالإضافة الى ضرب العمق الصهيونى في مساحة غير مسبوقة, مما أدى الى شل حركة الكيان بشكل شبه كامل, فإنها حملت معها مفاجأة جديدة ضربت وبشكل أكبر دعامة أخرى من دعامات نظرية الأمن الصهيونية, حيث دارت المعارك البرية الرئيسية, والتى فقد فيها الجيش الصهيونى خيرة جنوده, داخل حدود الكيان الصهيونى فى معسكرات جيشه ومستوطناته, لأول مرة فى تاريخ حروبه . 
وتحت تأثير الحصار والجوع والألم, ربما لا يدرك الكثير من الفلسطينيين, وربما لا يكترث البعض منهم,  لما يعنيه هذا التحول, ولكن القيادة الصهيونية تدرك مغزاه جيدا وتعلم أن تنامى تيار المقاومة قد لا يقتصر تهديده على أمن الكيان فقط, وانما قد يتحول الى خطر حقيقي يهدد وجوده ذاته, وأن هذا التيار اذا سمح له بالتنامى, فإن خسارة الكيان للحرب القادمة ستكون شبه مؤكدة الأمر الذى يخشاه كل سياسي فى الكيان الصهيونى لأن خسارة "اسرائيل للحرب تعنى زوالها كما تنبأ بذلك الزعيم الصهيونى بن جوريون.  لذا فإنه لم يكن مستغربا, بل هو الأمر الطبيعى والمتوقع, أن تكثف القيادة الصهيونية, من محاولاتها لتفتيت المقاومة وضربها, وتعميق الإنقسام فى الشارع الفلسطيني, والحيلولة دون مصالحته ووحدته, وتفتيت الأمة العربية واضعافها والهائها, لحرمان الفلسطينيين من السند والظهير, وضرب كل قوى الممانعة والثورة فى الدول العربية والمحيطة.
جميع المؤشرات تدل على أن الكيان الصهيونى قد دبت فيه أمراض الشيخوخة, وأن احتضاره بات وشيكا, بل ربما أقرب مما يظنه الكثيرون, وأن الفلسطينيين على وشك أن يجنوا ثمار صبرهم وجهادهم على مدى العقود التى مرت منذ هجرتهم من فلسطين وما قبلها , وأنه من العار والخذلان أن تقصر همتنا, ونتخلى عن هدفنا فى تحرير فلسطين, فى الوقت الذى أصبحت ساعة التحرير فيه بادية لمن يرى, وأقرب من أى وقت مضى .  الفلسطينيون فى حاجة الى توحيد جهودهم ومواجهة عدوهم, صفا واحدا كأنهم بنيان مرصوص كما أراد لهم ربهم. ولتحقيق ذلك هم فى حاجة الى استخلاص الدروس والعبر من تجربة الإنقسام المريرة على مدى السنوات السبع العجاف الماضية ليتمكنوا من صياغة برنامج موحد لا يستثنى أحدا, تتكامل فيه جهود ابناء الشعب, مع جهود المجاهدين والسياسيين والدبلوماسيين, وتستثمر فيه الخبرات الفلسطينية الكبيرة التى تراكمت عبر العقود الماضية فى كل هذه المجالات لدى أبناء الشعب الفلسطيني بكافة اتجاهاته وانتماءاته, ففلسطين لا يملكها حزب أو فصيل, بل هى لأبنائها جميعا وأكبر من كل الأحزاب والفصائل.

د. محمد جودة
غزة فى 25/1/2014
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف