الأخبار
إعلام إسرائيلي: 30 جندياً في الاحتياط يرفضون الاستعداد لاجتياح رفحقناة كان: القيادة الإسرائيلية منقسمة بشأن مستقبل الحرب في غزةارتفاع درجات الحرارة يفاقم معاناة النازحين في غزة ويزيد من البؤس اليوميالأمم المتحدة: إزالة الركام من قطاع غزة قد تستغرق 14 عاماًتصاعد الاحتجاجات الطلابية في الجامعات الأميركية ضد الحرب الإسرائيلية على غزةتفاصيل المقترح المصري الجديد بشأن صفقة التبادل ووقف إطلاق النار بغزةإعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقها
2024/4/29
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

واقعنا السياسي والتبرير بالمؤامرة!بقلم: أ. عبد الله العقاد

تاريخ النشر : 2014-12-22
واقعنا السياسي والتبرير بالمؤامرة!بقلم: أ. عبد الله العقاد
لربما كانت سرعة التغيرات، وفاعلية المتغيرات التي تفرض نفسها على مسرح الأحداث في منطقتنا، وما نجم عن تلك المتغيرات من تقلبات وتحولات في المواقف السياسية؛ مدعاة ألجأت إلى نظرية التبرير بالمؤامرة.

تلك النظرية التي سيطرت على العقلية العربية، وكانت الموجه في التعامل مع كل الأحداث والمتغيرات السياسية أضرت بالمنطقة طوال النصف الأخير من القرن الماضي، ولاسيما بعد كل انتكاسة، وفشل في مواجهة الواقع، وإهدار الفرص بلا أي ثمن.

فإن استعارة التبرير مفهومًا نفسيًّا اجتماعيًّا وإقحامه في فلك السياسة يأتي غالبًا لتقبل الواقع المؤلم والتعايش معه، دون استشعار المسئولية الفعلية عن أي من الإخفاقات والانتكاسات والنكبات التي حلت وتحل بدارنا.

ولعل اتساع مجالات العمل السياسي، وتعدد العوامل التي يتشكل منها الموقف السياسي، وإدراك المتغيرات المؤثرة في مخرجات الحالة السياسية، وكثرتها وتنوعها، والوقوف على دقة التفاصيل بكل تعقيداتها، وما تنتجه من تفاعلات حية لما قد يتشكل منه الموقف السياسي الذي قد لا يظهر منه إلا أثره (ويبقى المؤثر غائرًا في قلب الحدث، أو متواريًا في الدهاليز السياسية، أو مخفيًّا في الأروقة الدبلوماسية)، وكثرة الظواهر والأحداث السياسية التي تبدو لنا لتوها، ولكنها في الحقيقة تكون قد مرت بمراحل كثيرة قبل ظهورها على السطح الإعلامي؛ كل هذا وغيره من الحقائق الواجب العلم بها لفهم الموقف السياسي قد غاب عن كثيرين، فاضطروا إلى تفسير كل ما خفي عنهم إدراكه بالمؤامرة، والمؤامرة في حقيقتها بمعنى "إخفاء ما يخطط به المُتآمِر على من تقع عليه المؤامرة"، مع أن كل الأمور من البديهيات الأولية التي يتشكل منها الوعي السياسي، وأن منها ما هو مقرر أساسي من مقررات العمل السياسي الاحترافي.

فإن السياسة في مجملها فن لا يجيده إلا المهرة الأقوياء الصرحاء؛ لأن الإقرار بالإخفاق والفشل مسلك الأقوياء الذين لا يقدسون موقفًا سياسيًّا، مهما بلغت أهميته، ويتفاعلون مع الواقع السياسي بكل تجلياته، فالسياسة في جوهرها فن الممكن في التفاعل مع الواقع وتوجيهه وفق ما يخدم المصالح العامة.

وإن دفع الواقع السيئ لا يكون إلا بفرض واقع جديد يخدم مصالحك، ولكن الوقائع لا تصنع إلا بالقوة المتنوعة والنوعية التي يحسن استخدامها، لذلك تجد السياسي الوطني يحرص على مراكمة القوة المتنوعة بأسلوب نوعي، وأنه يستفرغ في ذلك الجهد كله، ويبذل مبلغ الاستطاعة، وهو يدرك أن امتلاك القوة الرادعة (رباط الخيل) أفضل في تحقيق المصالح، وبه يتحقق المقصد منها (ترهبون به عدو الله وعدوكم)، وأن "أسوأ سيناريوهات القوة استخدامها".

أما سياسة الهروب من المواجهة بالتبرير بالمؤامرة فهي إغماض عن الواقع، يُوصل إلى حالة إنكار الواقع والتنكر لأحكامه.

فـالتبرير بمعناه العام (اللغوي والاصطلاحي) هو التسويغ كما ذُكر في القاموس المحيط: "سوّغ: أي أجاز لنفسه..."، وفي لسان العرب: "سوّغته: أي جوّزته"؛ فهو عملية ستر للواقع وللحقيقة بستار تقبله النفس، وتستسيغه دون أي ردة فعل، أو تأنيب من ضمير، فيختلق بها الإنسان المبررات لما يأتيه من سلوك أو ما يراوده من أفكار وآراء؛ لكي تحل محل الأسباب الحقيقية.

ولكنَّ التبرير أسلوبًا دفاعيًّا حين يُحْسَن استخدامه وتوجيهه يصبح فعالًا وهامًّا؛ لما يخلقه من حالة توازن نفسي داخلي، بحيث يعقبه تقويم جدي وحقيقي وسريع وصادق يخلص إلى نتائج واضحة وصريحة، تجعلك ترى الواقع على حقيقته، وتدرك الانحراف وتحدد مقداره عن السواء.

فبذلك يكون التبرير فقط قنطرة عبور سريعة، تتوازن فيها النفس لتقوم بما يجب عليها عمله من تقويم سليمٍ مستوفٍ لأركانه وشروطه، بعيدًا عن ضغط الواقع وظروفه القاهرة.

أما حين يستمر آليةً بهدف الخداع والتغرير بالذات فهو بذلك لا يختلف عن الكذب، غير أن التبرير يكذب فيه الإنسان على نفسه فيخدعها، في حين يكون الكذب بأن يكذب الإنسان على الناس ويخدعهم؛ لهذا من يوم لجأنا إلى هذا الستار الهش التبرير (خداع الذات) فيما نواجهه من تحديات ويواجهنا من نوازل تزداد الأمور عندنا تعقيدًا.

غير أن أقطارًا من أمتنا واجهت الحقيقة وتعاطت مع متطلباتها، وسلكت مسالكها والتزمت بمستلزمات الواقع دون القفز عنه أو الهروب منه، فهي الآن تُنازع بقوة لمكانٍ لها بين الأمم وتحت الشمس، وأذكر منها: تركيا، وماليزيا، وقطر، حتى إيران التي أصبحت اليوم لاعبًا هامًّا في المنطقة وشريكًا دوليًّا في قضايا الاقليم.

ولعل الربيع العربي كان فرصة حقيقية لانطلاق قطار التغيير ليتثبت واقع تفرضه إرادة الجماهير العربية والشعوب المسلمة، بعد غيابها القصري الذي طال أمده، ولكن التباس قراءة المشهد السياسي كرَّس حالة من العبثية في التعامل مع القضايا الداخلية والخارجية؛ فاجتاحت الارتدادات العكسية مسار الربيع في أغلب أقطاره لينقلب خريفًا قاتمًا.

وللوقوف على حقيقة الواقع بكل ما فيها يجب أن نتساءل: من قال: "إن عدونا (المستعمر الغربي) قد غرب عن أرضنا، أو رفع يده عن مقدراتنا، أو أنه حرر إرادتنا، أو أن عداءه خافٍ عنا أو مخفيًّا عنا"؛ حتى نقول: "إن مخططاته مؤامرات"؟!، أليس كل ذلك واضحًا للعيان، في كل تفاصيل حياتنا من أصغر شيءٍ إلى أكبره؟!

ثم لماذا تجدنا بعد كل قاصمة نتعلل بالابتلاء، وننسى الذنب (فبما كسبت أيديكم)، ونحتج بالقَدَر ونتجاهل القُدْرة والاختيار، ونهرب إلى التاريخ لا للاعتبار ولكن للتغني والفخار؟!

ألهذا تستمر حالة التيه السياسي، وانعدام الرؤية السوية؛ فتجد بعد كل فاجعة تفجعنا بالأوطان والأهلين من يبرر بـالمؤامرة؟!

أي مؤامرة وعدونا الصهيوني بات يكشف على الملأ وبلا مواربة ولا مدارة في مؤتمرات عامة تقديراته السنوية التي تقدمها أجهزته الأمنية والاستخبارية؟!، أليس كل هذا لأنه يعلم أننا أمة "اقرأ" لا تقرأ، وإن قرأت لا تفهم، وإن فهمت لا تعمل؟!، ألم يقل هذا مؤسس كيانهم ديفيد بن غوريون وهو يصف العرب؟!

لماذا تجد _يا للأسف!_ أكثر من يعتلون اليوم صروح السياسة في عالمنا العربي إلا من رحم ربي إما جاهلًا غافلًا أو خائنًا عميلًا، سواء بسواء؟!

نعم، إنهم ليسوا سياسيين، وإن كانوا يمارسون لعب الأدوار السياسية، ولكن في تساوق وانسجام كامل مع المخططات الوافدة إلينا من أعدائنا، فالسياسة عندهم فقط منصب للارتزاق، يرعون بها في مصالح الأمة، ولا يرعون مصالحها، تراهم مهرولين في تقاطر وراء نزواتهم وشهواتهم، لهذا ضُيعت مصالحنا، وأهدرت كرامتنا، وضعُفت جبهتنا، وتجرأ علينا عدونا.
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف