الأخبار
ارتفاع درجات الحرارة يفاقم معاناة النازحين في غزة ويزيد من البؤس اليوميالأمم المتحدة: إزالة الركام من قطاع غزة قد تستغرق 14 عاماًتصاعد الاحتجاجات الطلابية في الجامعات الأميركية ضد الحرب الإسرائيلية على غزةتفاصيل المقترح المصري الجديد بشأن صفقة التبادل ووقف إطلاق النار بغزةإعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزة
2024/4/27
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

موقد النار لن يطفئها بقلم:تحسين يقين

تاريخ النشر : 2014-11-23
موقد النار لن يطفئها بقلم:تحسين يقين
موقد النار لن يطفئها

تحسين يقين

هو موسم جمع النرجس للأطفال في جبال القدس الغربية، بداية اخضرار الأرض، والريح الشرقية صباحا ومساء، شتاء جديد هبط مبكرا هذا العام، فلم ننجز ما تبقى لنا من أعمال زراعية، فلنا أن نحب المطر، ولنا أن ننتهي من أعمالنا، حتى إذا أمطرت استمتعنا أكثر.
ليس لنا إذن إلا معانقة الريح، نركض نجري في الأرض، هذا ما يشغل الفلاح والمزارع، ولكن تشغلنا هذه الرياح التي تعصف بنا، فنج أنفسنا نفكّر، ونبحث عما فينا من مشاعر وأفعال، فنلجأ إلى الجماعة، إلى الأهل والناس، فنشعر أننا معا، نفكر في واقعنا وخلاصنا.
أحن إلى قطف "الرنجس"، والبحث عن أولى زهرات الحنون، والزوزو، لكن الانشغال بالأرض الزراعية سلبني هذه الرغبة الطفولية، أما الانشغال بالهم الأكبر فجعلني أقضي نهاري مفكّرا بالمصير؛ لمن نهيئ الأرض؟ ولمن نبني ونعمّر؟ وهل سنستطيع التركيز في العمل؟
الأرض لنا، وأزهار النرجس، والسماء بغيومها وأزرقها، حتى الريح الشرقية التي "تنشفنا" هي لنا أيضا، نحبها ونحنّ إليها.
كان من الممكن أن يكون الحديث حول زهرة النرجس، كيف نفسّر ألونها؟ وكيف هي طقوس جمعها؟ ووضعها؟ وشمّها؟ كان من الممكن أن نطيل الحديث عن "الرنجس"؛ فليس أجمل من رائحته، لكن هناك من يسلبنا هذه المشاعر والرغبات البسيطة، فماذا نفعل؟
كل كلمة تقال هي مسؤولية كبرى، فليس من السهل أن نجلس لنحسم الأمور، وإني لأعجب كيف يقول القائلون ما يقولونه دون حساب؟ دون أن يتخيلوا الآثار المترتبة على بطولات الكلام السهل؟
نحن كما نربي الشجر، ونحبه بانتظار حصاده، نربي الأطفال للإثمار، فليس موقد النار هو من يطفئها، ولا الآمن منها، لكن المتأذي منها، هو  من يطفئها بالماء والتراب..
من جرّب حرق الأعشاب ومخلفات الشجر في الأرض الخلاء، يعرف معنى النار، ومعنى السيطرة عليها، ذلك أن الاستهانة بقبس منها قد يحرق جبلا أو سهلا. لذلك ليس من السهل اللعب بالنار.
من يلعب بالنار بدون استعداد كاف، يمكنه حرق نفسه قبل الآخرين.
وربما علينا منع المغامرات غير المدروسة.
كل كلمة تقال يجب أن يحسب قائلها مسؤولية المعنى والمضمون، هل نحن معا؟ وهل نحن مخططون لما نتوقعه ونهدف إليه؟ إذا لم نكن معا، وإذا لم نخطط بما نريده، فالأفضل اللجوء إلى "تربية الأمل"؟
لنصغي إلى أصواتنا معا، ولنفكّر في واقعنا ومستقبلنا، لا أن نفعل مجرد الفعل الانفعالي؛ فالمنفعلون لا يطفئون النيران، بل يزيدوا من لهبيها.
أثق بأبناء شعبنا وبنات شعبنا، في تفكيرهم المسؤول، وأقدر اختياراهم لأنهم يعرفون مستحقات ذلك.
هو موسم جمع النرجس للأطفال في جبال القدس الغربية، وموسم آخر من دفع الناس نحو أتون نيران المغامرين، الذين يقاتلون بدماء الآخرين من أبناء جلدتهم؛ وإلا من المسؤول عن هذا الجنون غير الذي أشعله عن قصد!
لم تعصف الأخطار بفلسطين كما تفعل اليوم، والسبب أننا لم نعد قادرين على  أن نكون معا، ولا أن نحدد أفعالنا مكتفين بإعادة إنتاج ردود الفعل، وربما غير قادرين تماما على الاتفاق على فعل ما، في ظل نفينا لبعضنا واستسهال الاتهام، فما زلنا في كل حرب تشن على وجودنا، نعيد شن حرب أخرى على أنفسنا.
كل كلمة تعني الفعل، وهذا يعني أن نحسب حسابا لما نقوله، فإذا لم نكن مدركين لتجليات حديثنا وعواقبه، فمن الأفضل ترك الحديث لمن يمتلك الرؤيا؛ فللحكمة دوما مكانها السيادي، وهي التي تستحق قيادتنا.
من جهات الأرض أم من عمق الأرض أم من السماء؟
من التاريخ والثقافة والشعور؟
من أين نأتي بالحكمة، في ظل الجنون؟
لقد أحكمت المستوطنات تطويقها للقدس، بتكامل مع الحواجز العسكرية، بأكثر ما في الأسورة من شبه، والسبب أن تطويق القدس بالحواجز والمراكز الاحتلالية والمستوطنات إنما يعني تهويد المدينة؛ فماذا يعني ذلك على الأرض غير هذا الاشتباك الداخلي؟ من يتحمل المسؤولية؟
سيطول الحديث عن الموقف الأخلاقي عما يدور، لكن أليس من الأجدى على كل من يستطيع التأثير على المشهد هنا، أن يتقدم باقتراح لإطفاء النار!
كل الأطراف والدول، والمؤسسة الأممية، وحكماء العالم والمنطقة، مطلوب منهم التقدم لإطفاء الحريق، لا التسابق في وصف الأفعال!
أو تعالوا، جميعا لنتحمل المسؤولية معا في إطفاء النيران بماء الحلول المقترحة أخلاقيا وعلى رأسها: إنهاء الاحتلال، بدلا من الطلب منا بالكفّ عن الإلحاح على إنهاء الاحتلال!
الاحتلال سبب لكل جنون هنا على هذه الأرض، وهو الذي يسلبنا حق التمتع بالزهر، وهو الذي يسلبنا أجمل ما في الحياة: الحرية والأمان.
ما زال للحكمة مكان هنا وزمان؛ وكيف لا يكون وهي من تطفئ النيران، في ظل هروب مشعل الحرائق، بدلا من قيامه بواجبه الإنساني والسياسي؛ ذلك أن أية عملية سلمية تحتاج دوما لنوايا حسنة!
نار ونار، ودم على دم، وحزن وغضب، لماذا هذا كله يحدث؟
أليس هناك من حكيم في هذا العالم من يقود الفلسطينيين والإسرائيليين نحو السلام؟
أليس هناك من يكون صريحا فيحدد مسؤولية كل طرف، ويؤكد على أن قوة المنطق هي من تجب أن تسود لا منطق القوة!
كل كلمة تقال من دول العالم يجب أن تكون مسؤولة وعادلة وصادقة، تسعى لإطفاء النيران، موضوعية، تنحاز للبشر لا لقيادات لا تحسن القيادة.
لا أظن حكيما، ولا مدنيا هنا يرغب بإشعال النار من جديد، لكن لا أظن أن هناك فلسطينيا يقبل ببقاء الاحتلال، الذي يسطو على كل شيء بدءا بالأرض وانتهاء بزهرات النرجس؛ فكيف سنمضي بحياة كهذه لا أفق فيها للحرية وحق تقرير المصير؟ كيف سيمضي ذلك كله بدون انفعال؟
للغضب أسبابه، إذن لنبحث من يثيره؟
كان جميلا لو انضممت للأطفال في رحلتهم في جبال القدس الغربية، لأجمع معهم النرجس البريّ؛ وكم كنت متشوقا لشم رائحته؛ لكن لعلّ أطفال الجبال الذين اعتدت سرد حكاياتنا مع النرجس عرفوا ما بي من شوق، فمنحوني بضعة زهرات أقبلت عليها بشغف مقدرا الهدية، تلك التي عدت بها سالما غانما.
كان جميلا لو كنا نعيش كباقي البشر بدون احتلال وبدون صراع مجنون...
كان يا ما كان، وكان ما لم نطلبه، ولا تمنينا أن يكون، لكن صار وأصبح وأمسى وظل..
تلك قصة طويلة لشعب عريق، عانى طويلا من الاحتلال، فصار لزاما أن يتم إنصافه. عيب وعار ألا ينتهي الاحتلال.
القدس أخت دمشق وبغداد والقاهرة والرباط، الحاضرة العربية الحاضرة بعمق رغم هذا السلب الذي يعتري وجودها، مدينة أسيرة شاحبة، ذات حزن نبيل، ولكن جناح يمامة تطير تمنح الزائر الأمل. هذا ما نحتاجه في رحلتنا التي لا بدّ أن نصل فيها إلى الخلاص.
إذا كان من تقسيم قديم، ليتم إنجازه، أو ليتم الإعلان الشجاع عن العيش المشترك في دولة واحدة تكون للجميع.
إلا يتم ذلك، فإنه من الكارثة أن يتم سفك دماء البشر، لا بدّ من حلول تمنع الدم.
قمة المأساة أن يستمر هذا الجنون.
 ومدينة السلام أو أو زهرة المدائن، مدينة الصلاة كما غنت لها فيروز من 5 عقود، تخلو من أي معنى للسلام بعد أن جعلها الاحتلال الإسرائيلي ثكنة عسكرية، وما زال الاحتلال يخنقها يوميا ليقطع ما تبقى من زهر المدينة، فأي صلاة سيصليها المؤمن وهو مسلوب الطمأنينة، كما ينبغي لطمأنينة المصلي أن تكون!
لكل من بفمه كلمة، أن يحسب حسابا للضمير، فيكون اهتمامه بخلاص أهله، هو ذات الاهتمام بخلاص البشر-الشعب!
لا تفكير بخلاص فردي، وإن يكن، فليس صاحبه مؤهلا لقيادة شعب؛ فالخلاص واحدا للجميع، ومفتاحه إنهاء الاحتلال.
هل هناك من مفاتيح أخرى؟

[email protected]
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف