الأخبار
إعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيين
2024/4/25
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

حوار ليبيا والكوكتيل القابل للاشتعال بقلم:أ. فرج محمد صوان

تاريخ النشر : 2014-11-10
حوار ليبيا والكوكتيل القابل للاشتعال  بقلم:أ. فرج محمد صوان
حوار ليبيا والكوكتيل القابل للاشتعال

في الثلاث السنوات الأخيرة منذ استيلاء الثوار فرحين على العاصمة الليبية طرابلس، والبلاد تعيش أزمة تلو أخرى، ‏ولكنها بطريقة ما حافظت على الوقوف على قدميها. لكنها تغرق الآن، مثقلة بالكثير من الفصائل والبنادق وعدد قليل ‏جدا من المؤسسات لإصلاح الاخطاء الناجمة عن فوضى دكتاتورية معمر القذافي. وما يزيد الامر سوءا يوجد في ليبيا ‏الان حكومتين وبرلمانين: انتخب أحدهم في شهر يونيو، ولكن الآخر رفض الحل والتسليم لارادة الشعب. هناك ايضا ‏مجموعات من الميليشيات المتنافرة والقوى الإقليمية المتنوعة تدعم كل جهة:
بالنسبة لأولئك الليبيين الذين يشتكون من أن القوى الغربية جعلت بلادهم تنزلق في الفوضى، فقد أدت الضربات الجوية ‏العربية سرا على جانب واحد في معركة ميليشيا طرابلس وغضب المسؤولين الأميركيين منها لبعض الارتياح. وقد ‏تسائل أحد الداعمين الأثرياء من الجانب الآخر عن الضجة الكبيرة مستغربا عن هذه الضجة الكبيرة وقال إنه لا يبدو ‏أن الأمريكيين يهتمون بالحالة التي تمر بها ليبيا.‏
مع ذلك لم تؤثر الضربات الجوية على نتيجة المعركة التي شلت العاصمة الليبية لأكثر من خمسة أسابيع. انتهت ‏الحرب في طرابلس يوم 23 أغسطس، عندما حُصدت الجائزة، مطار طرابلس الدولي (أو ما تبقى منه). كان ‏المنتصرون هم الذين استهدفوا من قبل الطائرات الحربية: تحالف الميليشيات، وأهمها وحدات من مدينة مصراتة ‏الساحلية المزدهرة، والتي انضمت للإسلاميين، والأمازيغ (البربر) ومقاتلين آخرين من عدة بلدات صغيرة في غرب ‏ليبيا. لقد هَزموا ميليشيات الزنتان الذين سيطروا على المطار منذ سقوط القذافي في عام 2011. ‏
لقد كانت خسارة الزنتان للموقع الاستراتيجي المهم ضربة كبيرة: وقد تباهى زعيم ميليشيا بارز مرة بأن المطار ‏‏"يساوي ألف وزارة". لقد انقلب ما كان يعتبر توازنا دقيقا للسلطة في طرابلس مما زاد من احتمال وقوع المزيد من ‏العنف في المستقبل. وكما كتب احد افراد مليشيات الزنتان على الفيسبوك "لقد خُسرت المعركة لكن الحرب بدأت للتو".‏
وترتبط تلك الحرب بصراع ليبي على السلطة أوسع كثيرا من تلخيصه في رواية مضللة عن الاسلاميين ومعارضيهم. ‏إن المناصب هي السبب الرئيسي وراء الصراع السياسي وأعمال العنف التي تدفع لمزيد من القتال، الأمر الذي يعمّق ‏الشرخ في النسيج الاجتماعي. في الحقيقة، انه تدافع بين جماعات مصالح متنافسة متجذرة في الديناميات الجهوية ‏والاقتصادية والاجتماعية اكثر من كونه صراع ايديولوجي، والكل ينسج خيوطه الخاصة: فالمصراتيين لديهم أقوى ‏الميليشيات في البلاد، ويزعمون هم وحلفائهم أنهم يواجهون ثورة مضادة مدبرة من قبل رموز النظام السابق؛ أما ‏الزنتان، المتحالفة مع الجماعات ذات الميول الليبرالية والقبائل، يعلنون أنهم يقاتلون ضد سيطرة الإسلاميين.‏
ويدعم العناصر من الجانبين رعاة إقليميين ومعارضين للإسلام السياسي، . لقد ‏كان منافسي الخليج الاثنين من أبرز الدول العربية التي ساعدت في الاطاحة بالقذافي، وإرسال الطائرات المقاتلة ‏كجزء من الحملة التي قادها حلف الاطلسي ولكنهما أيضا دعما فصائلًا مختلفة على الأرض.
استنكر البرلمان الليبي الجديد الذي انتخب في اقتراع يونيو الماضي الذي تلاشى فيه الإسلاميين بشدة، أولئك الذين ‏استولولوا على مطار طرابلس. فمن مدينة طبرق بشرق البلاد، حيث ينعقد البرلمان لأن الوضع في طرابلس وبنغازي ‏المدينة الثانية في ليبيا خطر جدا، أعلن البرلمان تحالف ميليشيات فجر ليبيا "منظمة إرهابية"، وفي نفس الوقت أدانت ‏مليشيات فجر ليبيا البرلمان بالدعوة للتدخل الأجنبي، وحفزت سلفه المؤتمر الوطني للانعقاد وتشكيل حكومة "إنقاذ ‏وطني" بدلا عنه. إلا أن من يقف وراء عملية فجر ليبيا هم أنفسهم من عطلوا عمل المؤتمر الوطني وعرقلوا عمل ‏الحكومات المتعاقبة ومنعوا السير قدماً نحو بناء مؤسسات الدولة.‏
ويأتي القرار في معركة المطار بعد مماطلة الجنرال خليفة حفتر المتحالف مع الزنتان في الحرب التي أعلنها ضد ‏الإسلاميين في شرق ليبيا، على الرغم من الدعم المصري والإماراتي. لقد أصبحت الحكومة التعيسة هشة على نحو ‏متزايد، ومعظم أعضائها خارج طرابلس، وسبعة منهم قالوا في أغسطس انهم استقالوا. ويخشى كثير من الليبيين ‏سيناريو لعبة التنافس بين السلطة التشريعية المنتخبة، والمعترف بها دوليا والمدعومة من قوات الجنرال حفتر ‏والميليشيات القبلية في شرق البلاد، على الكرة مع المؤتمر الذي أعيد إحيائه في العاصمة بدعم من ميليشيات مصراتة ‏وحلفائهم.‏
انضمت بريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا للولايات المتحدة في التعبير عن القلق إزاء الضربات الجوية. وقال مبعوث ‏الأمم المتحدة برناردينو ليون "إن التدخل الأجنبي لن يساعد ليبيا على الخروج من الفوضى"، وفي 27 أغسطس أقر ‏مجلس الأمن الدولي قرارا يعزز الحظر على الأسلحة الموجودة في ليبيا وربما يؤدي إلى فرض عقوبات ضد قادة ‏فجر ليبيا وغيرهم.‏
نفي المسؤولين المصريين تورطهم في الغارات الجوية ولم يعلق الإماراتيين. ولكن الاثنين، جنبا إلى جنب مع الحلفاء ‏العرب كالسعودية والجزائر، لا يخفون قلقهم من أن ليبيا على شفا دولة فاشلة، ويمكن أن تصبح ملاذا للجهاديين في ‏المنطقة. الليبيون الذين نادوا بضرورة التدخل الأجنبي يقولون انهم سعداء بأن أحدهم تصرف ويأملون أنهم سيفعلون ‏مرة أخرى.‏
واستنادا الى حصيلة الغارات على طرابلس، فسيحتاج الأمرلأكثر بكثير من عدد قليل من القنابل لترجيح كفة الميزان. ‏فبعد أن طالت مدة الحرب الضروس الدائرة في شمال شرق ليبيا، وفي مدينة بنغازي تحديدا، وتمكن اللواء خليفة حفتر ‏من التقدم في عمق الأراضي التي يسيطر عليها الإسلاميون والميليشيات المتطرفة الأخرى من أنصار الشريعة وتنظيم ‏القاعدة ومجموعات التهريب، لجأت الدوائر الإعلامية وقيادات من الإسلاميين الليبيين إلى اتهام القوات المسلحة ‏المصرية بالمشاركة في قصف مواقع تابعة للمسلحين الإسلاميين في مدن شرق ليبيا مثل درنة وبنغازي وغيرهما.‏
وتعود أزمة اتهامات الجيش المصري بالمشاركة في عمليات القتال ضد المجموعات الإرهابية التي تهدد سلامة الحدود ‏المصرية إلى حوالي السنة، عندما بدأ اللواء المتقاعد خليفة حفتر في الهجوم على تلك الميليشيات المسلحة خاصة في ‏مدينة بنغازي شرق ليبيا.‏
وقد أكد عديد الخبراء أن ما لجأت إليه وجوه بارزة من قيادات ما يسمى مجلس شورى الثوار في بنغازي (جماعة ‏إسلامية تتكون من الإخوان المسلمين ومجموعات متشددة) يؤكد أن الخيارات الميدانية لهذه الجماعات قد بدأت تؤول ‏إلى الفشل وأن عزائم هؤلاء قد أثبطت، خاصة بعد أن أعادت القوات المسلحة المصرية انتشارها وسيطرتها على ‏الحدود مع ليبيا وقطع الإمدادات التي تصل إلى المسلحين من دول مجاورة عبر مصر.‏
وقد أكد رئيس الوزراء في حكومة المؤتمر عمر الحاسي أن له أدلة حول مشاركة قوات الطيران المصري في القصف ‏ضد الميليشيات الإسلامية، ولكن القيادات العسكرية والسياسية المصرية أكدت في العديد من المناسبات أن هذه ‏الادعاءات التي تروج لها وجوه إسلامية في ليبيا "عارية تماما عن الصحة وليس لها أية علاقة بالواقع" ولعل أبرز ‏من أكد على هذه النقطة هو الناطق باسم الرئاسة المصرية علاء يوسف. كما أن الرئيس عبد الفتاح السيسي أنهى ‏الشائعات التي ترددت في المدة الماضية حول قيام مصر بتوجيه ضربة جوية إلى مدينة طرابلس الليبية، إلا أن بعض ‏الوكالات الأجنبية تحاول إثارة الصراعات والفتن داخل المنطقة العربية وتسعى لتشويه العلاقة العربية الوثيقة بين ‏مصر وليبيا، التي تحتوي تعاونا وثيقا بين الجيشين المصري الليبي في تأمين كامل الحدود الغربية. وهذا ما أكده ‏خبراء في المجال العسكري، إذ تعتبر مصر أن ليبيا تحتاج إلى حلول سياسية وليست عسكرية رغم أن القضاء على ‏الإرهاب يجب أن يمر عبر المعارك المسلحة.‏
لقد شهدت مدينة بنغازي معارك ضارية وقصفا جويا في عدد من المناطق إثر إعلان قادة عملية الكرامة بقيادة اللواء ‏خليفة حفتر تحرير المدينة من المتشددين ، ولكن هناك اشتباكات وقصف عنيف أيضا في غرب ليبيا بين قوات ما ‏يسمى فجر ليبيا من جهة والجيش الليبي المتحالف مع القبائل من جهة أخرى، الأمر الذي أدى إلى نزوح عدد من ‏المدنيين في مناطق القتال المسلح.‏
إن المشكلة تكمن في الجانبين المتمثلين بالحكومة وبرلمان طبرق من جهة، والإسلاميين وجماعة فجر ليبيا من جهة ‏أخرى، إذ يشعر كل منهما بأنه في موقع أقوى من الآخر عسكرياً. وعلى الرغم أن الإسلاميين وفجر ليبيا كسبوا ‏مواقع على الأرض في غرب ليبيا فان الجانب الآخر الممثل عن طبرق، يشعر بأن شرعيته تعطيه القوة ويسيطر على ‏ثاني المدن الليبية بنغازي ومعظم شرق البلاد.‏
تعاني ليبيا الآن صراعاً مسلحا دمويا في أكثر من مدينة، لاسيما طرابلس وبنغازي، بين كتائب مسلحة تتقاتل لبسط ‏السيطرة، إلى جانب أزمة سياسية بين تيار محسوب على الليبراليين وآخر محسوب على الإسلام السياسي زادت حدته ‏مؤخراً، ما أفضى إلى إعادة البرلمان السابق (المؤتمر الوطني) إلى العمل وإعلان حكومة من جانب واحد في ‏طرابلس، موازية لحكومة منبثقة عن مجلس النواب المنتخب الذي يجتمع في طبرق، ومعترف بها دوليا على نطاق ‏واسع.‏
كما أن تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) في ليبيا الذي أعلن ولائه للبغدادي لا يقتصر وجوده على مدينة درنة فقط، ‏ولكنه يوجد أيضا في كل من طرابلس وبنغازي، وهذا يعقد ويفاقم المشكلة ويزيد من شدة الخطر على أمن واستقرار ‏ليبيا.‏
وبعد أن اختار الشعب الليبي طريقه من خلال صناديق الاقتراع، واختار مجلسًا للنواب هو السلطة الشرعية في البلاد، ‏وانبثقت منه حكومة تمثل جميع الليبيين، ومعترف بها من الدول الصديقة والشقيقة نجد أن هناك أطرافًا تحاول ‏الاستيلاء على السلطة في وقت تمر فيه البلاد بمرحلة مفصلية. ‏
وفي خطوة لتعميق الشرخ بين الفرقاء الليبيين اصدرت المحكمة العليا حكما من شأنه إلغاء شرعية البرلمان إلا أن ‏البرلمان رفض الحكم وقال إنه صدر تحت تهديد السلاح وأن المحكمة ليس لها الحق في التدخل في النصوص ‏الدستورية نفسها وإنما اختصاصها يتلخص في النظر في القوانين وعدم مخالفتها للدستور.‏
وقد تحفظ المجتمع الدولي في ردة فعله حول حكم المحكمة الدستورية فقد أصدر الاتحاد الاوروبي بيانا عاماً جاء به ‏انه يدعم الشعب الليبي، ولم يتطرق بوضوح لقرار المحكمة مع أن الدافع للبيان هو قرار المحكمة، أما ‫‏الأمم المتحدة ‏بينت بأنها تدرس قرار المحكمة، والجامعة العربية عاجزة كعادتها والاتحاد الأفريقي وكأن الأمر لا يعنيه. أما مصر ‏ودول الجوار فقد أعلنوا أنهم يدرسون إصدار بيان بالخصوص. والتزمت الولايات المتحدة الأمريكية الصمت رغم أنها ‏كانت دوما أول من ينطق، وكذلك فرنسا وبريطانيا، ولم يصدر أي تعليق من ‫‏دول الـبريكس (برازيل روسيا الهند ‏الصين وجنوب افريقيا).‏
‏‫‏التصريحين اليتيمين الواضحين، صدرا من وزير الخارجية الإيطالي ومن رئيس بعثة الأمم المتحدة لليبيا، وكلاهما لم ‏يتم أي تعقيب عليهما من الجهتين اللتين يتبعانها، ممّا يعطي الإنطباع بأنهما تحدثا بشكل فردي وليسا ردّين رسميّين. ‏والأرجح أن هذا التحفظ لأجل أن لا يُعتبر أي تصريح تدخلا رسمياً قد يستخدمه أي طرف ليبي ضد الطرف الآخر، ‏فيُزج بالجهة المصرّحة لتجد نفسها طرفا في الصراع الليبي، الأمر الذي ستتبعه عواقب، يصعب التكهّن بها، على تلك ‏الجهة.‏
يقول آخرون أن المحكمة أصدرت الحكم تحت فوهات البنادق و حصار المليشيات المسلحة لبيت العدالة و مؤسسة ‏الدولة القانونية التي يجب ان تكون في منئى عن الصراعات السياسية و الخصومات المسلحة! ‏
استنكر البعض الصمت الغريب بعد هذا الحكم من قبل الامم المتحدة و الولايات المتحدة الأمريكية واعتبروه دليلا ‏واضحاً على أنهم شركاء في هذه المنتوجات و الأحكام الباطلة كوسيلة ضغط على مجلس النواب و حكومة الثني ‏للرضوخ و الجلوس مع مليشيات فجر ليبيا و عصابات مصراتة و الاخوان. وتسائل آخرين الى أين ستصل ليبيا ؟ ‏فشبح التقسيم أصبح يلوح بوضوح كأنه الحل لأزمة ليبيا فهل هذا هو هدف المجتمع الدولي أم إنه يريد لها حرب أهلية ‏لصوملتها! أو هي العودة الى المربع الاول و حكم المليشيات التي لا تقيم عدلا ولا تبني وطنا!‏
ليس هذا بيت القصيد والمهم الآن أن هناك محاولات أممية للوصول إلى حل سياسي بين الأطراف المتصارعة في ليبيا ‏حيث قال المبعوث الخاص للأمم المتحدة برنادينو ليون إلى ليبيا إنه يسعى إلى اتفاق سياسي يؤدي إلى حل للأزمة ‏اللبيبة، وليس مجـرد إقامة حـوار بين الفرقـاء حيث توقع ليون الوصول إلى اتفاق خلال أسابيع، وأوضح أنه يعمل مع ‏كل الفرقاء من خلال اتفاق سياسي، وليس مجرد حوار من أجل الحوار. ولفت ليون الانتباه إلى أن الميلشيات المسلحة ‏موجودة على الأرض، ولابد من الاتفاق معها، وهذا يحتاج إلى مساعدة كل الأطراف. كما شدد الأمين العام لجامعة ‏الدولة العربية نبيل العربي على أن الاتفاق السياسي الذي يسعى إليه مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة، سيراعي ‏شرعية مجلس النواب الليبي والحكومة المعينة منه.‏
قد كان متوقعا لمشاركة الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون في أحد الاجتماعات أن تُمكّن ليون في الدخول في ‏صلب الحوار والتفاوض، غير أن الجيش الليبي بقيادة حفتر أطلق هجومه فوراً بعد زيارة بان كي مون لطرابلس، مما ‏سبب في خلط الأوراق مجددا وأوجد قناعة لدى ليون بأن أياً من الطرفين غير مستعد للتفاوض.‏
ولم يخف ليون شكوكه بأن باريس منحازة إلى طبرق، إلا أن باريس متخوفة من تحول ليبيا إلى معقل إرهابي، ‏خصوصاً بعد أن نقل تنظيم القاعدة في المغرب العربي مركزه إلى ليبيا البلد الغني وال1ي إن سيطر عليه المتطرفون ‏فستتاح لهم حينها مصادر لتمويل الإرهاب. كما لفت المبعوث الأممي ليون الانتباه إلى أن تشديد المجتمع الدولي على ‏مسألة الشرعية وتجاهله الأمر الواقع على الأرض، أوجدا نوعاً من الغرور لدى البرلمان والحكومة.‏
الآن ونحن على أبواب إنجاز آخر مراحل خريطة طريق استكمال النظام الرسمى للدولة والانتهاء من صياغة الدستور ‏والاستفتاء عليه، وجد الشعب نفسه أمام مجلسين بحكومتين يقودا الدولة إلى حافة الهاوية، بات علينا الإعداد بعناية ‏للمرحلة الأخيرة التى يسلم فيها الشعب أمره إلى ممثلين ينوبون عنه فى العمل على حسن سير المنظومة الرسمية، ‏لإعادة الاستقرار والازدهار وجنى ثمار الكفاح الذى عملت عناصر داخلية وخارجية، ومازالت وستظل، تسعى إلى ‏تحويله إلى فوضى عارمة من أجل هدم الصرح الشامخ الذى تؤهل له سلامة عملية إعادة تنظيم الصفوف ليضع ليبيا ‏فى الموضع اللائق بها داخليا وعلى المستويين الإقليمى والدولى.‏
ويقينى أن الإصلاح المطلوب ليس سياسيا ولا اقتصاديا ولا أمنيا، بل هو فى الأساس وبالضرورة إصلاح مجتمعى، ‏يقوم بتنظيف وتوظيف القاعدة الاجتماعية والثقافية، التى تعبر بصدق عن جوهر أسمى ما وصل إليه تطور تعامل ‏الشعوب، وما يتماشى مع تاريخ شعب صامد أمام غزوات ثقافات سقيمة حاولت إجباره على الخروج من جلده لإيقاف ‏مسيرته البناءة والرائدة، من أجل إعادة تنظيم المجتمع لطور جديد تنتقل إليه الحياة البشرية من تعامل مع المادة ليزيد ‏من صلاحيتها لإشباع حاجاته المختلفة.‏
ومن هنا أصبحنا فى حاجة ماسة إلى حوار جاد وهادئ ومتعمق بين مختلف التيارات الفكرية وبخاصة التشكيلات ‏الحزبية التى نشأت فى ظل نظام غير مستند إلى تلك الأسس، فتاهت بين صراعات ترتبت عليها ردود أفعال متسرعة ‏لأحداث عشوائية، وتسترت جميعا وراء رفع شعارات الثورة لاكتساب شرعية الوجود، وكرست معظم جهودها لتلميع ‏أسماء أشخاص، وليس لتعميق فهم وخدمة مكونات شعبية متفاوتة المصالح الجماهيرية فى ظل اتفاق جماعى لا ‏يتزعزع حول مصالح عامة لدولة المستقبل. ‏
ولا جدوى من حوار يهمل قضية العلاقات الدولية التى تعالج حاليا من زوايا محدودة ووفق مفاهيم مغلوطة للدعم ‏اللوجستي والعسكري، كما يجب وضع قواعد بناء دور ريادى مع الأقاليم المحيطة بنا: العربى وما يحيط به فى أفريقيا ‏وأوروبا، والاتفاق على متطلبات التعامل مع المشاكل التى أنهكت العالم العربى، ليس فقط من ناحية تعزيز الأمن ‏القومى الليبي، بل وأيضا من متطلبات إعادة التماسك والتكامل العربى.‏
من المتوقع أن تطلق الجزائر حواراً بين الأطراف الليبية تعد له من خلال اتصالات مكثفة وتحضير جيد قد يكون بديلاً ‏أو مكملاً لجهود ليون إذا لم يصل الأخير إلى نتيجة. ‏
إن الحوار مهم ولكن لا ينبغي أن يكون مع جهات مسلحة تزعزع الاستقرار وترفض الشرعية، ويجب أن يكون ‏الحوار على أساس شرعية المجلس في طبرق مع الأطراف القابلة لهذا الأمر، كما أن الحل في ليبيا لا يمكنه أن يكون ‏على الأرض ولكن يجب أن يكون حلاً دولياً يراهن على تفاهم دولي إقليمي إضافة إلى مواقف حازمة من الليبيين ‏أنفسهم.‏
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف