الأخبار
17 شهيداً في مجزرتين بحق قوات الشرطة شرق مدينة غزةمدير مستشفى كمال عدوان يحذر من مجاعة واسعة بشمال غزة"الإعلامي الحكومي" ينشر تحديثًا لإحصائيات حرب الإبادة الإسرائيلية على غزةغالانت يتلقى عبارات قاسية في واشنطن تجاه إسرائيلإعلام الاحتلال: خلافات حادة بين الجيش والموساد حول صفقة الأسرىالإمارات تواصل دعمها الإنساني للشعب الفلسطيني وتستقبل الدفعة الـ14 من الأطفال الجرحى ومرضى السرطانسرايا القدس تستهدف تجمعاً لجنود الاحتلال بمحيط مستشفى الشفاءقرار تجنيد يهود (الحريديم) يشعل أزمة بإسرائيلطالع التشكيل الوزاري الجديد لحكومة محمد مصطفىمحمد مصطفى يقدم برنامج عمل حكومته للرئيس عباسماذا قال نتنياهو عن مصير قيادة حماس بغزة؟"قطاع غزة على شفا مجاعة من صنع الإنسان" مؤسسة بريطانية تطالب بإنقاذ غزةأخر تطورات العملية العسكرية بمستشفى الشفاء .. الاحتلال ينفذ إعدامات ميدانية لـ 200 فلسطينيما هي الخطة التي تعمل عليها حكومة الاحتلال لاجتياح رفح؟علماء فلك يحددون موعد عيد الفطر لعام 2024
2024/3/29
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

سقوط ليبيا بقلم:أ. فرج محمد صوان

تاريخ النشر : 2014-10-22
سقوط ليبيا بقلم:أ. فرج محمد صوان
من أغنى دولة في افريقيا أيام القذافي إلى دولة فاشلة بعد تدخل الناتو

سقوط ليبيا

يصادف هذا الأسبوع الذكرى السنوية الثالثة لاغتيال الرئيس الليبي السابق معمر القذافي المدعوم من الغرب، وسقوط واحدة من أعظم دول أفريقيا.
في عام 1969 ورث العقيد القذافي واحدة من أفقر الدول في أفريقيا؛ ومع ذلك، وبحلول الوقت الذي تم اغتيال القذافي فيه كانت ليبيا قد تحولت إلى أغنى دولة في افريقيا حيث كان الناتج المحلي الإجمالي للفرد ومتوسط العمر المتوقع هما الاعلى في القارة الأفريقية، وكان عدد قليل من السكان يعيشون تحت خط الفقر بنسبة اقل حتى مما هو عليه في هولندا.
وبعد تدخل حلف الناتو في عام 2011، أصبحت ليبيا دولة فاشلة واقتصادها يتخبط في حالة من الفوضى. وبانزلاق سيطرة الحكومة من أصابعها الى يد مقاتلي الميليشيات توقف إنتاج النفط بالكامل. لقد ابتليت ليبيا منذ تدخل حلف الناتو بالمليشيات المحلية على مختلف أنواعها المختلفة القبلية منها والجهوية، الإسلامية منها والاجرامية لتنقسم مؤخرا كلها وتصطف في جبهتين من الفصائل المتحاربة، لتصبح ليبيا الآن بحكومتين كلاهما برئيس وزراء وبرلمان وجيش.
فمن ناحية، سيطرت في غرب البلاد الميليشيات الاسلامية المتحالفة على العاصمة طرابلس وغيرها من المدن وأقاموا حكومتهم مطاردين البرلمان الذي انتخب في الصيف بعيدا، ومن جهة أخرى توجد في شرق البلاد الحكومة الشرعية المسيطر عليها سياسيون مناهضون للاسلاميين، إلا أنها منفية على بعد 1200 كيلومتر في طبرق ولم يعد لها سيطرة على أي شيء.
لقد خلق سقوط القذافي أسوأ السيناريوهات في البلاد حيث غادرت كل السفارات الغربية، وأصبح جنوب البلاد ملاذا للإرهابيين، والساحل الشمالي مركزا للهجرة غير الشرعية، وأغلقت مصر والجزائر وتونس جميع حدودها مع ليبيا؛ ويحدث كل هذا أيضا في ظل انتشار الاغتصاب والاختطاف والاغتيالات والتعذيب على نطاق واسع لتكتمل صورة الدولة الفاشلة حتى النخاع.
لقد ملت أمريكا بشكل واضح من الحكومتين غير الكفؤتين في ليبيا وبدأت تدعم الآن قوة ثالثة من أصول وكالة الاستخبارات المركزية القديمة، الجنرال (خليفة حفتر)، الذي يهدف لتنصيب نفسه كديكتاتور جديد لليبيا. حفتر الذي انشق عن القذافي في الثمانينات وعاش لسنوات في لانغلي بولاية فرجينيا بالقرب من مقر وكالة الاستخبارات المركزية، حيث تم تدريبه من قبل وكالة المخابرات المركزية، شارك في العديد من جهود تغيير النظام الليبي الأمريكية، بما في ذلك المحاولة الفاشلة للإطاحة بالقذافي في عام 1996.
ففي عام 1991 ذكرت صحيفة نيويورك تايمز أن حفتر قد يكون واحدا من "600 جندي ليبي تدربوا على يد مسؤولين في الاستخبارات الأمريكية على حرب العصابات والتخريب بالاضافة لمهارات أخرى، لتتناسب تماما مع حرص إدارة ريغان على الاطاحة بالعقيد القذافي" في ذلك الوقت.
وتقوم قوات حفتر بالتنافس حاليا مع جماعة أنصار الشريعة من أجل السيطرة على ثاني أكبر المدن الليبية بنغازي مع العلم بأن أنصار الشريعة تم تسليحها من قبل أمريكا خلال حملة حلف شمال الأطلسي ضد العقيد القذافي. وهذا مثال آخر على النتائج العكسية لدعم الارهابيين من قبل الولايات المتحدة حيث اتهمت أمريكا مؤخرا أنصار الشريعة بالاغتيال الوحشي للسفير الأميركي ستيفنز. يستقبل حفتر حاليا دعم لوجستي وجوي من الولايات المتحدة لان جماعته ترى ليبيا دولة علمانية في معظمها ومنفتحة على الممولين المضاربين، ورأس المال الغربيين.
ربما كانت أكبر جريمة للقذافي في نظر الناتو هي رغبته في وضع مصالح العمل المحلية فوق رؤوس الأموال الأجنبية وسعيه حقا لإنشاء ولايات متحدة أفريقية قوية. في الواقع، في أغسطس 2011، جمد الرئيس أوباما 30 بليون دولار من مصرف ليبيا المركزي، والتي كان قد خصصها القذافي لإنشاء صندوق النقد الافريقي والبنك الأفريقي المركزي.
من الواضح ان هدف الغرب في عام 2011 لم يكن مساعدة الشعب الليبي، الذي كان بالفعل يتمتع بأعلى مستوى معيشة في أفريقيا، ولكن للاطاحة بالقذافي وتثبيت نظام عميل والسيطرة على الموارد الطبيعية في ليبيا.
لقد روج القذافي لأكثر من 40 عاما للديمقراطية الاقتصادية واستخدم الثروة النفطية المؤممة لدعم برامج الرعاية الاجتماعية لجميع الليبيين، واثناء حكم القذافي كان يتمتع الليبيين ليس فقط بالرعاية الصحية المجانية والتعليم المجاني ولكن أيضا الكهرباء الشبه مجاني والقروض الغير ربحية أو بفوائد رمزية. الآن بفضل تدخل حلف الناتو أوشك قطاع الرعاية الصحية على الانهيار والآلاف من العاملين في مجال الصحة من الفلبينيين فروا من البلاد، وأغلقت مؤسسات التعليم العالي في شرق البلاد ، وعم الظلام طرابلس بسبب انقطاع الكهرباء التي كانت يوما مزدهرة ...
عانت النساء في ليبيا كثيرا من حملة قصف حلف شمال الاطلسي على البلاد؛ فعلى عكس العديد من الدول العربية الأخرى، كانت للنساء في ليبيا زمن القذافي الحق في التعليم، والعمل، والطلاق، وحق التملك ولها دخلها الخاص ولقد أشاد مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بدور القذافي في الترويج لحقوق المرأة وتشجيعها. فعندما استولى العقيد القذافي على السلطة في عام 1969، لم يكن إلا القليل من النساء يدرسن بالجامعة، واليوم أكثر من نصف الطلاب الجامعيين في ليبيا هم من النساء؛ كما كان من أوائل القوانين التي أصدرها القذافي في عام 1970 هي قانون الأجر المتساوي للعمل.
في الوقت الحاضر يضيق النظام الليبي "الديمقراطي" الجديد الخناق على حقوق المرأة حيث ترتبط القبائل الحاكمة الجديدة بالتقاليد القديمة بقوة كما ان الطبيعة الفوضوية للسياسة الليبية ما بعد القذافي سمحت بتسلط القوى الإسلامية المتطرفة والتي ترى المساواة بين الجنسين انحرافا غربيا.
قبل ثلاث سنوات أعلن حلف شمال الأطلسي أن المهمة في ليبيا كانت "واحدة من أكثر العمليات نجاحا في تاريخ الناتو"، ولكن الحقيقة هي أن التدخلات الغربية لم تنتج سوى الاخفاقات الهائلة في ليبيا والعراق وسوريا. وكي لا ننسى، فإن هذه الدول الثلاث كانت قبل التدخل العسكري الغربي من أكثر الدول علمانية وحداثة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وبحقوق ومستويات معيشة أعلى للفرد والمرأة على المستوى الإقليمي.
وقد ترك عقد من الحملات العسكرية الفاشلة في الشرق الأوسط الشعب الأمريكي غارقا في تريليونات الدولارات من الديون، ومع ذلك فقد استفادت مجموعة واحدة فقط كثيرا من الحروب المكلفة والقاتلة وهي مجموعة الصناعات العسكرية الأميركية؛ فبناء قواعد عسكرية جديدة يعني مليارات الدولارات للنخبة العسكرية الأمريكية، وكما أشار بلوم ويل بلوم Will Blum أن الولايات المتحدة أنشأت قواعد جديدة في أعقاب غزو العراق في كل من الكويت والبحرين وقطر والإمارات العربية المتحدة وسلطنة عمان والمملكة العربية السعودية. وبعد قصف أفغانستان تبني الولايات المتحدة الآن قواعد عسكرية في باكستان، وكازاخستان وأوزبكستان وطاجيكستان. أما بعد التدخل العسكري الأخير في ليبيا، أنشأت الولايات المتحدة قواعد عسكرية جديدة في سيشيليا وكينيا وجنوب السودان والنيجر وبوركينا فاسو.
وبالنظر إلى أن ليبيا تقع في قمة التقاطع الاستراتيجي لأفريقيا والشرق الأوسط والدول الأوروبية، فإن التحكم الغربي في ليبيا كان دائما وسيلة فعالة وبشكل ملحوظ لبسط السيطرة على هذه الأقاليم الثلاث وما وراءها.
ربما كان التدخل العسكري للناتو نجاحا باهرا لنخبة الشركات العسكرية وشركات النفط الأمريكية ولكن بالنسبة للمواطن الليبي العادي فإن الحملة العسكرية ستجل في التاريخ على اعتبارها واحدا من أكبر إخفاقات القرن الواحد والعشرين.
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف